أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - الديك و الشادوف














المزيد.....

الديك و الشادوف


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 2252 - 2008 / 4 / 15 - 10:55
المحور: الادب والفن
    



من مذكرات الكاتب التركي "عزيز نيسين"

ترجمة: أوزجان يشار

يسكن العم حسن بجورانا، وهو يعمل في مجال تنسيق و عناية الحدائق في "بحرية كاظم باشا"، تعرف بـ " ديفانهين" . كان الأهتمام بزراعة الخضروات و تنسيق الحدائق من صلب عمله، كنت اراقبه بفضول الاطفال وهو يعمل في حديقة الدار, حاولت تقليد العم "حسن" في طريقة حرث الحديقة بالشادوف، مما جعله يضطر ليبعد الشادوف بعيداً عني, وكان يضعه فوق عمود طويل مثبتاً على الأرض. ولكن عندما لم يكن أحد يراقبني، كنت أهز العمود حتى يسقط الشادوف و أبدأ بحفر الحديقة.
كان مالك الدار يربي دجاجاً في قفص كبير, يضعه في مؤخرة الحديقة. حركة الدجاج المستمرة والدؤوبة في ذلك النطاق الضيق جعلتني أشعر بالحزن لتلك الحالة.
لذا كنت أفتح لهم باب القفص وأطلق سراحهم. و لكن بمجرد أن يخرج الدجاج، يجري الديك في اتجاهي وينقر وجهي. كان ريشه أحمر وهيئته مهيبة و جميلة جداً وكان ضخماً و جميلاً ولكن لا يعرف شيئاً عن المودة أو الصداقة. كان ينفش ريش الصدر حول عنقه السميك فتتغير ألوانه تحت ضوء الشمس. عندما يهاجمني كنت أركض بسرعة إلى داخل القفص الضيق وأغلق الباب خلفي. و بالرغم أنه لا يستطيع أن يهاجمني وأنا داخل القفص، كان يقفز المرة تلو الاخرى عند باب القفص المغلق، حتماً هذا الديك هو بمثابة أول عدو عرفته.
ثابرت على اطعام الديك من شرائح الخبز التي كانت تعطيني إياها العمة "أيف" عندما أمرجح طفلها الرضيع لكي ينام. المدهش في الأمر أن هذا الديك بعد أن يهاجمني و يطاردني إلى داخل القفص تاركاً جروحاً فوق وجهي مما جاد به منقاره ومخالبه, كان يأكل من شرائح خبز العمة "أيف" التي أطعمه منها بدون أن يبدي اي نوع من امتنان أو صداقة. وبرغم كل هذه المعاناة مع هذا الديك الجاحد, لم يجرؤ أحداً على أن يتركه يخرج من سجن هذا القفص الضيق غيري. ولم يجرؤ أحداً أيضاً أن يطعمه من شرائح الخبز سواي, وكان هذا مصدر اعتزاز وفخر لي.
في إحدى المرات شن علي هجوماً متوحشاً. فبدأ يقضمني ويخربشني بمخالبه بشكلٍ غير معقول ولا مفهوم, وينم على خيانته و نكرانه للجميل لدرجة أني وقعت على الأرض من هول هذا الهجوم في محاولتي اليائسة للهروب من وحشية هذا الديك المرعب.

أسرع "محمد افندي" إبن المالك لينقذني من براثن هذا الديك الهمجي. كان وجهي ملطخاً بالدماء والغبار، ورغم كل ذلك كنت أذهب إلى دورة المياة لأبكي بعد أن سمعت قرارهم بشأن مصير هذا الديك, فقد قرروا أن يذبحوا صديقي اللدود. حاولوا أن يقبضوا على الديك الذي كاد بدوره أن يهرب منهم وينفذ بجلده و ريشه. كان الديك يتعذب في حديقة الدار و أنا أيضاً اتعذب داخل الدار.
ذهبت إلى "العم حسن" واستعطفته ورجوته ووعدت "محمد افندي" :
"لن أذهب إلى الحقل ثانيةً"
"لن أفتح قفص الدجاج ثانيةً ".
"إن كنت كاذب ، أتمنى أن أعاقب إما بالقرآن أو بالحرمان ".
عندما رأوا الدموع في عيناي، لم يقوموا بذبح الديك.
إلا أنني و في يوم ما تسللت إلى الحديقة ثانيةً ، وبدأت أهز العمود حتى يسقط الشادوف، إلا أن الشادوف بدلاً من أن يسقط على الأرض سقط فوقي, وضربني بحافته فوق جبيني مما جعل الدم ينساب من جبيني بغزارة ليغطي كل جسمي. ذهبت إلى داخل الدار، حيث كان كل المتواجدين في المنزل آنذاك من النساء. عندما رأوني ملطخاً بالدماء هكذا بدأ صراخهن. و هذا الصراخ اصابني بالذعر، فبدأت أصرخ أنا أيضاً معهن حتى وضعوا ملحاً وبعض من بقايا التبغ في مكان الجرح الذي ينزف وضمدوه.
لأنني لم أخرج إلى الحديقة بعد ذلك الحادث مرة اخرى ، قالوا لي:" أنظر كيف تبدو وجيهاً و نظيفاً منذ أن ربطنا رأسك".
ولكن حقيقةً الأمر هو أنني لم أذهب للخارج ليس لأني أصبت برأسي إلا أني كنت أخشى أن يذبحوا هذا الديك الذي يشاكسني.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية جاك ديريدا
- نوايا تقمص الشخصيات
- الحمى و الخوخ الأخضر
- فضلات المدن و التعامل معها
- و مضات من حياة ديكنز
- الكأس الأخير
- رهاب الحديث امام الجمهور
- يا سكان الأرض اتحدوا..!
- بيئة العمل و المخاطر المهنية
- ثائر ليبرالي ام مصلح اجتماعي
- الكلور الحارس الغادر
- لحم البشر و آداب المائدة
- الغيرة بين شارلوت وياسمين
- توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب
- المياه محور الصراع القادم
- القرآن وماكينة الخياطة
- ومضات من حياة فولتير
- الطبيب و المقبرة
- بدلة أول عيد و أول يد أنثى
- الملائكة تتكئ على عصا


المزيد.....




- RT العربية توقع اتفاقات تعاون مع وكالتي -بترا- و-عمون- في ال ...
- جامع دجينغاربير.. تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
- حملة ترامب تطالب بوقف عرض فيلم -ذي أبرنتيس- وتتهم صانعيه بال ...
- ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
- فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
- محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح ...
- دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب ...
- كراسنويارسك الروسية تستضيف مهرجان -البطل- الدولي لأفلام الأط ...
- كيت بلانشيت تدعو السينمائيين للاهتمام بقصص اللاجئين -المذهلة ...
- المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ترفض عرضا من وزار ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - الديك و الشادوف