أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أوزجان يشار - الغيرة بين شارلوت وياسمين















المزيد.....

الغيرة بين شارلوت وياسمين


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 09:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



قبضت شرطة نيويورك في احدى عمارات مانهاتن على ضابط من المحاربين القدماء في الحرب العالمية الأولى وهو في الخامسة والتسعين من العمر بتهمة قتل عشيقته وهي في الثامنة والثمانين . وقالت الشرطة أن مشادة وقعت بين القاتل (( اوليفر بار )) وعشيقته (( نورما )) لأنها اتهمته بهجرها من أجل امرأة )) كذا ...

في مثل هذه السن المتقدمة الباردة , الغيرة المرعبة القاتلة وحدها تجعلنا نواجه حقيقة أشد هولا الا نكون متسلطين , ومتملكين , ومستأثرين ,و ألا نثير الشبهات ونخضع للمراقبة ونتدخل بحياة الشريك الآخر .
لقد قامت محاولات وتجارب عديدة لخنق الغيرة , ولكن , في النتيجة , لم يتمكن أحد من اخفاء هذه (( الرعشة السيئة )) في الإنسان و وأدها إلى الأبد .
فالغيرة المتأججة ,كامنة في كل فرد , وهي تسمم وجوده , وقد زال كل أمل بالقضاء عليها كمرض مزمن .
وعلى الرفم من ملايين الصيحات التي تعلو مرددة بشكل جهوري : (( لسنا غيورين )) و (( الغيرة لا تعنينا )) و(( الغيرة وهم )) فلا بد من التأكيد أنهم يكذبون ويحاولون المستحيل , وليس باستطاعة أحد منهم التخلص من هذا الوهم !
فما من أحد قادر اليوم على أن يدعي أنه لا يغار و ما من أحد ينكر أنه يسمم الآخر أو يسمم نفسه .
فمن وحي (( اوليفر )) و (( نورما )) اللذين دفعا الثمن الغيرة غاليا في هذا السن , أحل ضيفا على هذا المنبر وأرجو ألا أكون ضيفا ثقيلا , لأعرض حالتين مختلفتين من الاعترافات عن الغيرة مقطوفتين من دفتري (( شارلوت ...))و (( ياسمين ...)) .

ـ 1 ـ
(مقطوفة من دفتر "شارلوت")
أنا غيورة بشكل مخيف , وعشت مع زوجي حالة مشتركة هي نوع من الجنون . كنت أشعر بالغيرة عندما كان يذهب إلى القاء محاضراته , وعندما يخرج ليشتري علبة سكاير , وعندما يتحدث عن فتاة , وعندما يذهب لتناول العشاء عند والديه فقد كان معرضا في كل لحظة لأن يلتقي احداهن , وهذا الأمر كان يرعبني !
و لا أنكر أنه بدوره , كان عنيفا جدا في تصرفاته معي . كنت إذا سمعته يتبادل الكلام مع احداهن , وخصوصا إذا كانت شابة , اقيم الدنيا على رأسه عدة ايام , وأتصرف معه بسخف غير مقبول وأبكي . وأتلفظ بكلمات نابية وقاسية , وأعنفه واستعمل أحيانا لغة سوقية .
ومن المؤسف , أنه هو أيضا كان يعاني تجاهي من الغيرة . فلم يكن يتحمل أن أوجه الكلام لأي انسان , وإذا حصل ذلك اساء معاملتي عند عودتنا إلى البيت وأتهمني بأنني امرأة ساقطة . وقد جعلتني هذه الحالة أشعر بالانطفاء و الذبول .
كنت عندما آتي اليه في مكتبه , اقلب اوراقه و أعبث بمحتويات المكتب ... افتش دفاتره , ولا اتورع احيانا عن استعمال بعض ارقام الهاتف التي كنت اجدها في مفكرته .
فمن يدري , قد يكون رواء أسم جمال أو سهام وغيرهما من الأسماء المشتركة امرأة لا رجل . وكنت أجيانا امثل أدوارا رهيبة اذا ما اعارته احدى الصديقات اهتماما او لفته , وإذا ما رأيت شعرة على سترته أو خرج قبل الوقت بدقائق !
وكان هو يعاملني بالمثل فيعبث برسائلي و أوراقي , وكانت مفكراتي تختفي دون أن أدري سببا لهذا الاختفاء . وكان يحرص على مرافقتي إلى السوق كلما وددت ذلك , و إذا لم يستطيع اصر على أن اتصل به بالهاتف لأبلغه بمكان وجودي .
هذه الغيرة التي كانت ضربا من الجنون , لم تكن مبنية على أساس , ولم يخن احدنا الآخر ابدا .
في السنة الفائتة , غاب لمدة شهر , حيث أمضى عطلة آب بعيدا عني . في غيابي التقيت بأحد الشبان وتعرضت معه إلى مغامرة صغيرة وعندما عاد زوجي من عطلته اعترفت له بما حصل لي , فاعترف هو لي بدوره أنه تبادل الاعجاب مع احدى الفتيات و أنه استحم و أياها عند منتصف الليل , في ضوء القمر , و أنهما شوهدا معا طوال الوقت , ولكنه لم يمارس الحب معها !
وسقط الخبر علي سقوط الصاعقة , وانتهى بيني وبينه كل شيء و لم يعد باستطاعتي أن أمارس الحب معه , تحت تأثير الصدمة . يكفي أنه رآها عارية ! ونمت في داخلي , تحت تأثير الأوقات التي امضاها معها , موجة من الرفض .
و وقعت القطيعة , فلم تقم بيننا اية علاقة لمدة سنة . كنت ارفض دائما أي اتصال . وصار هو حزينا حتى الشفقة . لم يكن باستطاعتي أن أدعه يلمسني . كان ذلك ضربا من المستحيل . وباتت كل حركات التودد التي تصدر عنه لا تحتمل , وكل ما بيننا يقززني ز لم أعد احتمل أي شيء منه : لا الطريقة التي يمشي بها و لا كيف يتكلم , ولا كيف يأكل , و لا كيف يتحرك ويقود سيارته .
العلاقة بالنسبة إلى انتهت . صار باستطاعته ان يفعل ما يشاء مع من يشاء . لم يعد الأمر يهمني ولم ابذل أي جهد كي ارضية وصرت اخرج وحدي وأتأنق وأتجمل بينما كنت معه مهملة وسخيفة . ولم أعد اتحفظ في ما يتعلق بحميمياتي وصرت أتصرف كما لو أنني أعيش وحدي في الشقة . و إذا كنت قد قبلت بأن استمر في مقاسمته المنزل فلأنه كان صعبا علي أن أعيش وحدي !
أما هو فلم يتركني لحظة , وكان يبحث عني في كل مكان و يحاول أن يضاجعني كل ليلة . والتزمت الصمت معه . لم أعد أوجه اليه أيه كلمة .
... وانتهى الأمر بيننا عندما وجدت شخصا آخر بدلا منه فتركته ‍!

ـ2ـ
(مقطوفة من دفتر "ياسمين")

الغيرة عندي تصل إلى حد الجنون, وغيرتي تقوم على ظاهرتين :
الظاهرة الأولى , مراقبة الشريك الآخر بشكل مستمر ... والظاهرة الثانية , الرغبة في أن اجعله غيورا ... كان متزوجا وقد اقسم لي بأنه لايقيم اية علاقة مع زوجته . لم اصدقه وكان علي أن اتحقق من ذلك ! فكنت اعمد إلى الاتصال به بالهاتف اما بعد منتصف الليل أو في الصباح الباكر كي انغص عليه لذته إذا كان يطارحها الغرام وكان من الطبيعي الا اكشف له عن اسمي . كنت اكتفي بان اطلق اليه همهمة جنسية وهتافا مثيرا وحمحمة , مع انني كنت اعتقد جازمة أن من شأن هذه الحركات والتصرفات أن تسيء إلى علاقتنا وتبعد عني !
و مع علمي الأكيد أن زوجته وحدها هي التي تثير غيرتي كنت اتهمه بأنه يخونني مع امرأة اخرى , ولا مانع لديه من أن يفعل ذلك !
و كنت ادفع احدى صديقاتي لأن تحدثه على الهاتف و أتنصت لأعرف إذا كان سيحاول مغازلتها .
كنت اترصد خروجه عند طرف الشارع قريبا من بيته , عند الساعة السابعة صباحا و أراقبه و ألاحقه وأحصي عليه تصرفاته .
و كنت احيانا اتخفى , اغير شعري , اضع باروكة وأخفي عيتي تحت نظارات سوداء كبيرة وارتدي ثيابا لايعرفها ومن شأنها أن تختفي قامتي الحقيقية , ولو كنت في وضع مادي مريح لكلفت شرطيا خاصا بتعقبه .
و كنت اعمد احيانا إلى سحب رسائله من علبة البريد , وعندما لاأجد فيها ما يثير الشبهة اعيدها إلى مكانها .
كنت أراقبه ليل نهار الاحقه وأبحث عن دليل و كنت مقتنعة بأنني لابد واصلة إلى مثل هذا الدليل !
كان همي أن اجعله غيورا .
أنا لا اعتبر الغيرة دليل حب بل دليل اخلاص .
كانت لدي طريقة خاصة بي . من الصعب جدا اثارة غيرة الشريك الآخر إذا كنا مخلصين له .
أنا هنا لا ابتدع اسباب لعدم الاخلاص , ولكنني اضع نفسي في جلد امرأة غير مخلصة , وأتبني ردود الفعل عندها , أي أنني اعمد إلى اعطاء تفاصيل دقيقة عن كل ما افعل , وهذا يعطي الانطباع بأنني في صدد بناء علاق جديدة .
ذات مساء ظهرت فرحة جدا دون ما سبب معين , ثم اخذت , في عدة عطلات اسبوعية ادعي له بأنني سأذهب لمشاهدة اهلي , بينما ابقى قابعة في بيتي لا اغادره . وكان يجد هذه العاطفة نحو اهلي في غير محلها , خصوصا وأنني لم ارهم منذ سنوات , مما اثار لديه الشك بأنني اعد له مقلبا .
وذات يوم اهدى أخي ساعة يد , فسألني إذا كانت هدية فنفيت وأدعيت له أنني اشتريتها . فظهر له الأمر تافها باعتبار انه يعرف أنني لاأملك فلسا . وفجأة ظن أنني اكذب عليه وأن هناك رجلا قدمها إلي وظهرت غيرته في اللحظة ذاتها , بشكل باهت , ثم ما لبث الأمر أن عاد إلى طبيعته .
كان الرجل الوحيد الذي حولني إلى امرأة غيورة لأنه الوحيد الذي احببته بشغف !



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب
- المياه محور الصراع القادم
- القرآن وماكينة الخياطة
- ومضات من حياة فولتير
- الطبيب و المقبرة
- بدلة أول عيد و أول يد أنثى
- الملائكة تتكئ على عصا
- أسنان البحر
- المحظورات و أول و آخر صفعة
- أوروبا تعزز المعرفة الفيزيائية بين شعوبها
- فوضى الزحف إلى المدن
- صياغة العقول تبدأ من توم وجيري
- طقوس و تنوع الانتحار عبر التاريخ
- براكين عصرية
- قراءة في رواية الطريق الوحيد
- البحث عن مدينة أخرى
- شقيقا روح
- الصناعات البلاستيكية و سلامة البيئة
- إغتيال كوكب الأرض
- نعانق الضوء خارج القفص


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أوزجان يشار - الغيرة بين شارلوت وياسمين