أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - نعانق الضوء خارج القفص














المزيد.....

نعانق الضوء خارج القفص


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 1913 - 2007 / 5 / 12 - 13:52
المحور: الادب والفن
    



تستمر الحياة خارج القفص الذي بناة الإنسان.. هذا القفص الذي بناه و أسسه, مفاخراً الأزمنة الغابرة و القادمة بما صنعه.. لاهثاً وراء كم هائل من الافتراضات الهشة مثل طيور حبيسة تشتاق للحياة خارج المستعمرة القفص.. نسى هذا الإنسان بأن أروع ما يمكن أن يعاش هو خارج هذا القفص الكبير الذي بناة و أجمل ما هو خارج هذا القفص هو الحياة بلا افتراضات مجنونة..بلا نظريات مؤامرة ..بلا شك مرهق.. ثمة سحر في العبير الذي ينطلق من الورود البرية في الغابات و الأحراش, هذا العبير ليس من مستحضرات جفينشي أو كريستيان ديور .. أنه سحر حقيقي يذكر هذا الإنسان بأن القفص الذي بناة لا يحمل شيئاً من الأصالة أو الرشاقة.
لم أجد مدينة تلعب مع الشمس مثلما وجدت الغابات البرية, أنها تتفنن في محاورتها, في استلال خيوط أشعتها عبر ممراتها الضيقة, و أشجارها العالية, و تبرع في صنع الظلال في زواياها و أركانها.
حوارية دائمة للضوء, للشمس هنا سطوة لا تقاوم.. الشمس التي حكمت معظم ميثولوجيا العالم القديم من فراعنة و آشوريين و بابليين.
حين تحلم الطيور بتجاوز عتبات هذا القفص المظلم, لا يهمها حين تخرج من عتمة هذا السجن أن تفقد إبصارها.. نعم لا يهم فقدان البصر..المهم هو الحياة خارج ظلام هذا القفص , وذلك العبير الذي ينطلق من الورود في الغابات الاستوائية البكر حيث دفء الشمس ومن يدري .. ربما كانت العيون في ظلام القفص تمرن نفسها على معانقة الضوء , من دون أن تذهب حدته بتألق البصر فيها عند اللقاء .
العلاقة بين المبدع, في المجتمعات الإنسانية التي تحكى عنها كتب التاريخ , وبين السلطة , كانت في معظم الوقت , تدبيرات جد محكمة من جانبها , خوفا من أن يهرب الفنان المبدع , بفنه وتفانيه , خطوة خارج هذا القفص. وكل السلطات في حكايات المجتمعات التي تتحدث عنها كتب التاريخ, أهملت في علاقتها بالفنان , بعض الحقائق البديهية حول طبيعة الفن و الإبداع, وتصورت أن الإبداع يمكن أن يعيش ويزدهر في ظل الهراوات والعصي و الإقصاء و التهميش , لكن الإبداع الحقيقي لا ينمو إلا في مناخ ديمقراطي عادل يؤمن بازدهار الحريات , واستقلال المبدع, وتطور الفنون عامة , ولا يمكن أن يتطور وحده بمعزل عن كافة الشؤون الاجتماعية الأخرى من ثقافة و سياسة و علوم, لابد للمبدع من خطوة للخروج من القفص, اتهموا (( فان جوخ )) بالجنون والخبل, لكنه لم يكن مجنونا. أراد أن يعبر فقط عن مفهومه الحقيقي للعشق الجامح, عن إحساسه بطغيان ذلك الدفء الغامر لحبيبته, فقطع أذنيه و أرسلهما مع رسالة إليها علها تدرك بأن الصدق في المشاعر لا يحتاج لشكوك و لا يحتاج لطقوس متطرفة.
اتهموه بالانغماس في الملذات الحسية , وعشق الحياة البوهيمية , لكن (( تولوز لوتريك )) لم يكن بوهيميا . لم يكن يعيش في الشانزلزيه أو ينتمي إلى الطبقات الارستقراطية في المجتمع الفرنسي. كان يعيش صعلوكا مع البائسين في حي من أفقر أحياء مونمارتر , يشارك السمار في المقاهي الليلة حياتهم , ويصنع من سكان الحي في لوحاته أعمالا فنية تتجاوز الزمن , ومرور الأيام والسنين , وتقاوم ذلك العجز المقيت الذي يزحف إلى العروق.
الم يكن ضحية من ضحايا الافتراضات الهشة عندما اعتقد بأن "دينيز" التي رسمها بإخلاص وتفان وتوهم أنها تبادله نفس العاطفة و الحب و لكنها بادرته بالحقيقة قائلة "أيها القزم الدميم لن تحبك امرأة قط,, ولن تمنحك امرأة قلبها أبدا" .. هكذا رشقته بالكلمات كأنها ترشق السكين في قلبه مما عجل برحيله عن القفص باحثاً عن الشمس.

كل فنان مبتكر يبدع في إطار العرف السائد , والتقاليد الأدبية و الفنية المتوارثة .. ويثور عليها .
وكل محاولة, للخروج عن إطار المألوف, المتفق عليه, المتوارث الذي يلهث الجميع بالثناء عليه, هي محاولة للتمرد, يرى بعضهم أنها تستوجب العقاب.

حين شرعنا في رحلتنا , يجذبنا إلى النهر ما في النهر , وإلى البحر ما في البحر , لم يكن باستطاعة كل التدبيرات المحكمة , للطيور الهاربة من القفص , أن تمنعنا من الخروج خارج الحلقة , بعيدا عن كل هذه الدوائر , من دون أن نخشى يوماً معانقة الضوء .

الآن .. ونحن في القارب .. لا نفكر متى بدأت الرحلة, وهل عشنا حقا في هذه المدينة, كل هذا الزمن الطويل.. لا يهمنا الآن, ونحن في القارب, أن نفكر في العقبات التي صادفتنا على الطريق. لم نعد نسأل أنفسنا هل كنا نحلم أم لم نكن. هل أنصفنا الجميع أم لم ننصفهم .
وهل كان من حقنا أن يكون الحلم .. حلمنا الاتساع.. بكل هذه اليقظة, وبكل هذا الطموح. الآن ونحن في القارب نمد أيدينا, ونصيح في الواقفين على الضفة الأخرى من النهر, ولمن في النهر, نحن نريد أن نتصافح معكم أصعدوا..أصعدوا..



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الكثيف يفسد العقل
- أريد أباً
- !! ومن السر ... ما قتل


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - نعانق الضوء خارج القفص