أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل صالح الزبيدي - الشعر والعلم















المزيد.....

الشعر والعلم


عادل صالح الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2251 - 2008 / 4 / 14 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


توطئة
ما دور الفن وما أهميته في عصر العلم والتكنولوجيا؟ سؤال طالما طرحه المهتمون بالفكر والمعرفة والمتتبعون لتطور الوعي البشري منذ أن بدأ العلم المادي التجريبي يطغي على ساحة الفكر البشري ليصبح منافسا للفلسفة والميتافيزيقيا، المجالين اللذين كان الفن ومازال يحتل القدر الأكبر والمساحة الأوسع منهما.

إن إشكالية العلاقة الفلسفية بين الشعر والعلم بوصفهما شكلين من أشكال الخطاب المعرفي هي إشكالية قديمة قدم كل من هذين الحقلين المعرفيين في تاريخ الوعي البشري عموما ومنذ بداياته المسجلة. ولا تستدعي هذه الإشكالية الإحاطة بعلاقتهما ببعضهما وبطرق افتراقهما والتقائهما فحسب، وإنما تستدعي أيضا الإحاطة بكيفية أداء ومساهمة كل منهما ، سواء في علاقتهما مع بعضهما أو كلا على حدة، في اغناء المعرفة البشرية عموما من جهة واغناء الجانب الذي تختص وظيفة كل منهما به من جهة أخرى. وعلى الرغم من أن كلا من هذين المدخلين إلى التجربة الإنسانية والطريقتين في رؤية العالم والوجود الإنساني حاول فهم العالم والطبيعة والإنسان بطرق وأساليب تختلف عن الآخر، إلا إنهما مع ذلك كانا يقتربان من بعضهما على مدى التاريخ الشعري و الفني عموما بدرجات تتفاوت من عصر إلى آخر ومن حقبة تاريخية إلى أخرى.

إن مجالات التقائهما كانت وما زالت معتركا للأفكار، إما كيفية التقائهما فقد تمخضت عنها ردود فعل ومواقف تذبذبت بين رفض الشاعر أو قبوله للعلم وتطبيقاته التقنية وتأثيرهما معا في حياة الإنسان، ويقع بين هذا وذاك أوجه تعامل الشاعر مع هذه الإشكالية، وهي أوجه يمكن حصرها بالنقاط الآتية: أولا، كيفية تعبيره عن موقفة تجاه الحضارة التي هي إلى حد كبير نتاج العلم ومنجزاته التكنولوجية؛ ثانيا، مدى تأثر الشاعر ونظرته ورؤاه الشعرية بمعطيات وحقائق العلم والنظرة العلمية من الوجود والكون والإنسان، وثالثا، كيفية استخدامه حقائق ونظريات ومكتشفات العلم الحديث في شعرة وتمثله إياها سواء في موضوعاته الشعرية أو في الأساليب والتقنيات الفنية التي يتبعها.

تناولت الدراسات الحديثة في النقد والنظرية الأدبية هذه العلاقة من أوجه عديدة منها أثر العلم الحديث ومكتشفاته ومنجزاته التقنية، سواء على الصعيد الفكري والمعرفي أو على الصعد الحياتية المختلفة، في الحياة البشرية عموما وفي حساسية الشعراء بوجه خاص. ومنها قضية طبيعة الشعر بوصفه نوعا من أنواع المعرفة مما يجعله بطبيعته يتبع طرقا وأساليب يستطيع من خلالها استيعاب وتمثل ما يتوافر له من مضامين أخلاقية وفلسفية ودينية وغيرها أتى بها العلم الحديث وتطبيقاته التكنولوجية. ومنها أيضا موقف الشعراء من الدور الذي لعبه ويلعبه العلم والتكنولوجيا في عالمنا الحديث وما أبدوه من ردة فعل واستجابة لهذا الدور فيما يكتبون من شعر في طرائقهم وأساليبهم وتقنياتهم الفنية والشعرية على مستويات الأداء والتعبير والفكر والمضامين والأساليب وغير ذلك.

لقد جرى تناول هذه العلاقة على مر العصور من زاويتين مختلفتين يمكن العودة الى جذورها الأولى في العصور الكلاسيكية. الزاوية الأولى تنطلق من نظرة أفلاطون التي ضمنها كتابه ((الجمهورية)) والتي تفيد بأن ثمة تعارضا جوهريا بين كل من خطاب الشاعر وخطاب الفيلسوف. وقد قادت هذه الفكرة إلى النظر إلى الشعر والعلم على إنهما متعارضان ومتناقضان من حيث أصل وجوهر كل منهما، وبالتالي من حيث أصل وجوهر أوجههما المختلفة التي تتبع ذلك. فالتعارض إذا يتخذ أشكال هذه الأوجه. أي هو تعارض يكون تارة بين العقل والخيال، وتارة أخرى بين الذات والموضوع، وأخرى بين الذهن والحواس، وأخرى بين الحقيقة والجمال...وهكذا. إن نظرة أفلاطون إلى الواقع هي عموما نظرة مناهضة للشعر. فقد كان يرى الشعر، مثلما يرى الفن عموما، على أنه محاكاة للواقع في أحسن أحواله، وفي أسوأ أحواله تشويه لهذا الواقع. يقول أفلاطون منطلقا من مفهومه الشهير في المحاكاة mimēsis الذي هو مركز وجوهر نظريته الشعرية ما يأتي : "إن كل محاكاة شعرية هي ذات أثر مدمر على فهم السامعين، وان معرفة طبيعتها الحقيقية ما هي إلا ترياق لهم". (Republic X, 595).وان الشعر "يغذي ويروي العاطفة" .( Republic III, 398) فالشاعر، شأنه شأن "مؤلفي المآسي وباقي قبيلة المحاكين" هو "خالق مظاهر" ولذلك فانه ، بوصفه محاكيا، "بعيد كل البعد عن الحقيقة" (Republic X, 595, 598). تلك هي نظرة أفلاطون فيما يدعوه "بالخصومة القديمة بين الشعر والفلسفة" ( X, 607 Republic ) وعندما يصنف أفلاطون فروع المعرفة البشرية وفقا لمدى مساهمتها في رقي الإنسان الأخلاقي والسياسي، كان يرى الشعر نشاطا غير عملي وغير مكترث بالحقيقة وبالتالي فهو تافه أو غير ذي قيمة أو ضار. أما العلم، فهو بالنسبة له، رغم أنه يأتي بعد الأخلاق في الأهمية، فانه مهتم بالحقيقة وعليه فهو عظيم القيمة.

هذه الانقسامية وهذا التعارض لدى أفلاطون لا نجدهما عند تلميذه أرسطو، مؤلف كتاب ((فن الشعر)) والذي هو أيضا مؤلف كتب ((الطبيعيات)) و ((ما وراء الطبيعة)) و ((علم النيازك)) وغيرها من المؤلفات في الفلسفة والعلوم الصرفة. وبوصفه تجريبيا أكثر من أستاذه أفلاطون، فقد كان أرسطو أكثر اهتماما بالأشكال المثالية التي تسمو على الواقع، وبالفن بوصفه أسمى من الواقع، وبالشعر بوصفه أكثر فلسفة—أي معرفية—من التاريخ. فوفقا لمفهومه في المحاكاة (الذي كان ردا على المفهوم نفسه عند أفلاطون) فانه يرى في الفن قوة تساعد الطبيعة على تحقيق هدفها من خلال محاكاة الأشكال المتناقضة فيها. من هنا فان الشعر هو محاكاة للانسجام الذي قد يخرج من بين المتناقضات في الطبيعة من خلال تحويل تصارع وتصادم العواطف والانفعالات إلى أشكال متناغمة ومنسجمة . لذلك فالشعر والعلم كلاهما بالنسبة لأرسطو يجمعهما هدف مشترك وهو راحة الروح وسكينتها أو استقرارها.

لقد أدى الموقف الأرسطي المختلف عن موقف أفلاطون إلى اعتبارات تدعو إلى أن العلاقة بين الشعر والعلم هي علاقة توافق، ومنذ العصور الكلاسيكية حتى العصر الحديث نجد هذه العلاقة تتأرجح بين قبول أو رفض أحد هذين الموقفين دون الآخر، أي بين موقف أفلاطون من أن الشعر غير مطابق للواقع وبعيد عن الحقيقة من جهة، وموقف أرسطو القاضي بأن الشعر حقل معرفي يسهم في الوصول إلى الحقيقة، من جهة أخرى.

إن هذا التعارض بين الموقفين الأفلاطوني والأرسطي حيال المشكلة يشير إلى طبيعتها الفلسفية ويدعو إلى النظر في مسائل أساسية تتعلق بها ومن بين هذه المسائل ما يأتي: أولا: إلى أي مدى يمكن اعتبار الشعر والعلم مختلفين أو متشابهين بوصفهما خطابين متمايزين؛ ثانيا: مسألة عد الشعر شكلا من أشكال المعرفة؛ وثالثا: إشكالية المعتقد في الشعر. إن هذه المسائل شديدة الارتباط ببعضها وقد كانت موضع بحث ونقاش مستفيضين في الدراسات التي تناولت العلاقة بين العلم والشعر. ومن بين هذه الدراسات يعد كتاب الناقد البريطاني آي. أي. ريتشاردز ((الشعر والعلم)) (1926) أبعد الدراسات تأثيرا وأكثرها إثارة للجدل. وفيه يحاول ريتشاردز تقديم إجابات عن أسئلة كهذه، والكتاب هو أيضا دفاع عن مكانة الشعر ضد محاولات التقليل من أهميته في عصر يسوده العلم وينحسر فيه دور الشعر أمام هيمنة دور العلم. وترتكز هذه المحاولات حول وجهة النظر التي تقول إن العلم أكثر دقة من الشعر وبالتالي اقدر منه على بلوغ الحقيقة وتقديم حلول لمعضلات الإنسان الأساسية، الروحية والمادية.

إن الرد الذي يقدمه ريتشاردز على هذه الاتهامات ينطلق من تمييزه بين العلم والشعر بوصفهما خطابين مختلفين. فهو يرى أن لغة العلم هي لغة إشارية referential) )في حين إن لغة الشعر هي لغة عاطفية أو انفعالية (emotional ) وعلى أساس هذا التمييز، فان العلم يطرح مقولات حول الإنسان وموقعه في الكون تكون الحقيقة فيها "أمرا يمكن إثباته"، في حين يقدم الشعر "مقولات كاذبة"، وهذه الأخيرة هي "أقوال عاطفية تعتمد حقيقتها أساسا على مقبوليتها في موقف معين".

فالقابلية على الإثبات هذه عند ريتشاردز هي معيار الحقيقة التي يقدمها العلم والتي تخاطب العقل. في حين إن مهمة الشاعر ليست تقديم مقولات تتضمن "الحقيقة" بهذا المعنى. فالشعر يخاطب "اهتمامات" الإنسان ويؤثر في مشاعره ومواقفه. إن تأكيد ريتشاردز على أهمية "المقولات الكاذبة" في الشعر واختلافها عن مقولات العلم ينبع من قلقه حول وظيفة الشعر في العصر الحديث التي يتهددها العلم كما بدا له. وسبب ذلك هو انه في عصر يسوده العلم والنظرة العلمية والمنحى التجريبي أصبح الإنسان يواجه أزمة في المعتقد.

إن أزمة المعتقد هذه نابعة من حقيقة أن معتقدات الإنسان التي كانت دائماً مرتبطة بالشعر بدأت تفقد صحتها أو "مقبوليتها" بفعل العلم وتأثير التفكير العلمي. وان ارتباط أزمة المعتقد بالشعر نابع من ارث طويل من المقولات الكاذبة التي ارتبطت في التراث الشعري ( ومن خلاله) بالمعتقد و لم تعد الآن مقبولة بوصفها حقيقة ليست كالحقيقة التي يقدمها العلم، أي أنها ليست قابلة للإثبات. يقول ريتشاردز ما يأتي:

أن العديد من المقولات الكاذبة— عن الرب، و الكون، والطبيعة البشرية، وعن العلاقات بين عقل وآخر ، وعن الروح، منزلتها ومصيرها—المقولات الكاذبة التي هي مسائل محورية في تنظيم العقل، وضرورية لصلاحه، قد أصبحت على حين غرة بالنسبة للعقول النزيهة والصادقة والمتنورة مقولات من المستحيل الإيمان بها .فبعد أن كان الناس يؤمنون بها على مدى قرون، ذهبت الآن إلى غير رجعة ، والمعرفة التي قضت عليها ليست من النوع الذي يمكن أن يستند إليها تنظيم عقلي معادل لها في الصرامة والثبات .

وإذا ما أراد الشعر الاحتفاظ بمكانته وأهميته ودوره في خضم هذه الأزمة ، فلا بد أن " يحرر نفسه من ذلك النوع من المعتقد الذي يتوافق مع المقولات القابلة للإثبات" ( وهذه بطبيعة الحال هي مقولات العلم كما يراها ريتشارد ) .

قد تولد وجهة نظر ريتشاردز هذه انطباعاً عن ان الشعر ليس شكلاً من أشكال المعرفة، وان الحقيقة— بمعنى القابلية على الإثبات التي يجدها ريتشاردز في العلم — تنحصر في ميدان العلم ولا تخرج عن نطاقه . وربما بسبب من ذلك لم تكن نظرية ريتشاردز والحل الذي وضعه لإشكالية العلاقة بين العلم والشعر لتحضى بقبول نقاد آخرين، فراحوا يحاولون ان يثبتوا إن الشعر شكل من أشكال المعرفة وان بإمكانه تقديم الحقيقة شأنه شأن العلم .

لم تكن علاقة الشاعر بالعلم على مدى تاريخهما بالعلاقة البسيطة، وطالما كان تأثير
العلم على الشعراء كبيرا ، فهم غالباً ما أظهروا اثر العلم ومكتشفاته وتطبيقاته التكنولوجية في شعرهم وعبروا عنها في طرائق تفكيرهم ومواقفهم بأشكال وأساليب مختلفة ومتنوعة، ذلك لأن الشعراء أكثر إحساسا واستجابة للتغيرات التي تطرأ أو تحدث في الأوساط الثقافية وفي المناخ الفكري من غيرهم وخصوصاً عندما يكون لهذه التغييرات أثرها على موقفهم من الإنسان ومكانته في الكون وعلى معنى الحياة والوجود وغير ذلك من المسائل الوجودية المهمة.

يمكن أن نرى ذلك بوضوح في تقسيم معظم الدارسين والنقاد المحدثين مراحل الفكر الغربي إلى ثلاثة حقب رئيسة وهي الحقبة الكلاسيكية وحقبة ما بعد النهضة والحقبة الحديثة . وكل فترة من هذه الفترات الثلاث تطبعها طريقة في التفكير حول الكون والعالم والإنسان. فمنذ العصور الكلاسيكية وحتى عصر النهضة، كان العالم بالنسبة للفلاسفة وعموم الناس على السواء نظاماً عضوياً (organic). إلا انه في القرن السابع عشر، وهو العصر الذي ظهر فيه ما عرف فيما بعد بـ(( العلم الجديد))، لم تعد هذه النظرة إلى العالم والكون والحياة نظرة مقبولة، إذ حل محلها، بتأثير من هذا العلم الجديد، الاعتقاد بأن العالم هم نظام ميكانيكي mechanical) )، أي انه عبارة عن آلة وهو بالتالي نظام يستجيب استجابة آلية ميكانيكية لقوانين الطبيعة . أما في العصر الحديث، فقد حلت النظرة التطورية محل النظرتين السابقتين. وإذا ما نظرنا إلى هذه النظريات الكونية الثلاث في أطار علاقتها بالشعر فإننا سنجدها تتأسس ،كما يعتقد آر. جي. كولنغوود في كتابة (( فكرة الطبيعة)) (1960) ، على مقارنات رئيسة تأخذ كل منها شكلاً ومعنى جديدين في كل حقبة من هذه الحقب الثلاث . "فالعلم الطبيعي عند الإغريق" يقول كولنغوود موضحاً " تأسس على مقارنة بين العالم الأكبر [macrocosm ] –عالم الطبيعة، و بين العالم الأصغر [ microcosm ] عالم الإنسان... والعلم الطبيعي في عصر النهضة كان يستند إلى المقارنة بين الطبيعة بوصفها من صنع الخالق والآلة بوصفها من صنع البشر ... أما علم العصر الحديث فأنه يستند إلى المقارنة بين عمليات العالم الطبيعي كما يدرسها علماء الطبيعة وبين تقلبات الشأن البشري كما يدرسها المؤرخون."

إلا انه في الأوساط الأدبية ثمة اعتقاد سائد مفاده إن السعي في سبيل المعرفة العلمية ينتج نوعاً من أنواع العقل الذي يتميز بالبرود والميكانيكية ويتناقض مع قلب الحياة النابض بالعواطف والمشاعر والانفعالات التي يسعى الأدب، والشعر على الأخص، إلى التعبير عنها، الأمر الذي يطرح مسألة الكيفية التي تعامل بها الشعراء مع العلم ومع استخداماته التكنولوجية في شعرهم . يتناول الناقد بونامي دوبريه هذه الإشكالية في فصليين معنويين بــ ( النزعة العلمية ) من كتابه (( الإناء المكسور )) 1954 . يميز دوبريه ثلاث مراحل للاستجابة الشعرية للعلم، كل مرحلة منها تمثل في الوقت ذاته طريقة أو مقتربا قام الشعراء على وفقها بتحديد شكل استجاباتهم لمعطيات العلم وما يطرحه من نظريات وأفكار. وهذه المراحل هي: التعليمية والوصفية والرمزية . التعليمية عندما يحصل اكتشاف جديد يتصف بالعمومية . والمرحلة الثانية تحصل عندما تصبح الأفكار والمكتشفات الجديدة مألوفة بما يكفي لأن تصبح موضوعاً للشعر الوصفي . في هذه المرحلة يتوقع من المتلقي أن يكون على اطلاع كاف على هذه الأفكار والاكتشافات وعلى الربط فيما بينها وبين حياته . أما المرحلة الثالثة ، الرمزية ، فأنها بالنسبة لدوبريه المرحلة التي تعبر عن الطريقة الصحيحة في "تمثل النزعة العلمية في الشعر". ويواصل دوربريه توضيح ذلك قائلاً : "أن ما نسعى إليه ... ليس نظم المقولات العلمية شعراً ، ولكن تمثل الأفكار العلمية أو الانجازات التكنولوجية في الذهنية العامة مما يمكن الشاعر من استخدامها كرموز وصور شعرية لإغراض تعبيرية وتواصلية وأخيرا أبداعية ."
يمكن القول إذا أن الاستجابة الشعرية للعلم على مر العصور تندرج ضمن هذه التقسيمات الثلاث وان دراسة طرق هذه الاستجابة وأشكالها تظهر أنه في كلتا الحالتين ،أي سواء كان موقف الشاعر أفلاطونيا سلبيا أو أرسطيا ايجابيا، فان تاريخ تطور الشعر يظهر اهتماما متزايدا ووعيا متناميا وكذلك استجابة أكثر فاعلية من قبل الشاعر للقضايا والمشكلات التي يطرحها العلم ويفرزها التطور العلمي والتكنولوجي. وان الشاعر كان يسعى دائما إلى تناول هذه القضايا والمشكلات وتمثلها بطرق مختلفة في شعره وانه كان دائما منفتحا على ما يظهر من أفكار ونظريات علمية جديدة وما يستجد من اختراعات ومكتشفات علمية وتكنولوجية فيجعلها تداعب أفكاره وتلهب خيالاته.




الهوامش:



1 See William K. Wimsatt and Cleanth Brooks, Literary Criticism: A Short History, Vol. I, Classical Criticism (London: Routledge & Keagan Paul, 1957), Chapters 1-4.
2 Ibid., See also Alex Preminger et al., (eds.), Princeton Encyclopedia of Poetry and Poetics (London: Macmillan, 1974), p. 743.
3 I. A. Richards, Poetries and Sciences: A Reissue of Science and Poetry (London: Routledge and Kegan Paul, 1970), p. 59.
4 Ibid., pp. 60-61.
5 Ibid., p. 61
6 R. G. Collingwood, The Idea of Nature (New York: Oxford, 1960), pp. 3-9.
7 Bonamy Dobrée, The Broken Cistern (London: Cohen and West Ltd., 1954), pp. 55-56.



#عادل_صالح_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة البكاء للشاعر الأميركي جيمي سنتياغو باكا
- اذ كنت وحيدا أتجول ..للشاعر الانجليزي وليم ويردزويرث (1770 – ...
- المواطن المجهول
- المجنون تمسك به الدنيا
- حمى البحر
- الرجل البالون
- اليوم ممل جدا للشاعر الأميركي جاك برلوتسكي
- متشحا بالأخضر
- اعادة صياغة - روي فيشر
- من الشعرالانكليزي الساخر
- من الشعر الأسترالي الحدبث
- على هامش المؤتمر العالمي للتعليم العالي في العراق
- من الشعر الأسكتلندي الحديث


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل صالح الزبيدي - الشعر والعلم