أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - آفة الطاعة وأنواعها














المزيد.....

آفة الطاعة وأنواعها


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 03:10
المحور: المجتمع المدني
    


الطاعة، هي إخضاع إرادة «س» لإرادة «ص»، حيث «س» و «ص» تنتميان إلى مجموعة الأعداد البشرية. هذا التعريف شبه الرياضي يتيح لنا التعرف على أربعة أنواع للطاعة حسب قيمة كل من «س» و «ص»، و هذا المقال هو محاولة لتسليط الضوء على كل نوع على حدة.

أولاً، س = 1 ، ص = 1 : هذه طاعة يتم من خلالها إخضاع إرادة فرد لإرادة فرد آخر، ولعل أبرز مثال لهذا النوع هو طاعة الابن لأبيه، أو طاعة الصغير للكبير بشكل عام. لو سألت شخصاً: لماذا قرر الزواج نزولاً عند رغبة أبيه، لا رغبته هو، فأغلب الظن أن يأتيك الجواب على النحو التالي: «لم تكن طاعتي إيّاه من قبيل الخوف، بل من فرط الاحترام»! هذه جملة يكثر استعمالها في المجتمعات المحافظة، وتأتي عادة كتبرير لفعل ينافي إرادة الفاعل، والشخص الذي يلجأ إلى هذه الحجة يفوته أمر مهم، وهو أن كلا الخوف والاحترام، يؤدي إلى النتيجة ذاتها: الطاعة! العقلية المحافظة تحرص على أن تجعل فكرة الاختلاف في الرأي مرادفة لفكرة عدم الاحترام، على الرغم من عدم وجود رابط منطقي بين الفكرتين! منطقيا، الرأي الأخير حول أي موضوع يجب أن يكون للطرف الذي يمسه الموضوع بشكل مباشر، لكن العقلية المحافظة لا تهتم إلا في معرفة أي الطرفين أكبر سنا!

ثانياً، س = 1 ، ص > 1 : هذه طاعة يتم بواسطتها إخضاع إرادة الفرد لإرادة الجماعة، و نجاح الفكر المحافظ مرهون بوجود هذا النوع من الطاعة. العامل الأساسي هنا هو خوف الفرد من أفواه الناس، و هو خوف يؤدي إلى طاعة تضمن تناغم سلوك الفرد مع سلوك الجماعة، رغما عن أنف الفرد ونزولا عند رغبة الجماعة! جرت العادة أن يدرج هذا النوع من الطاعة تحت بند احترام العادات و التقاليد و ثوابت الأمة، لكنه في حقيقة الأمر ليس سوى انصياع مذل لدكتاتورية الأغلبية!

ثالثاً، س > 1 ، ص = 1 : الطاعة في هذه الحالة تتعلق بإخضاع إرادة الجماعة لإرادة فرد واحد، ولعل الشعوب العربية في وقتنا الراهن، هي أكثر الشعوب خبرة بمضمون هذا النوع من الطاعة! المصادر التي يعتمد عليها الدكتاتور العربي لضمان نجاحه في التشبث بالسلطة كثيرة ومتنوعة، لكن فكرة الدين القائمة على إخضاع إرادة المجموع لإرادة الواحد هي بمثابة الإطار الفكري الذي يستمد منه الدكتاتور شرعيته!

رابعاً، س > 1 ، ص > 1 : هذه طاعة ناتجة عن إخضاع إرادة جماعة لإرادة جماعة أخرى، وتاريخ الحروب بين الشعوب والأمم حافل بمظاهر هذا النوع من الطاعة، وهي طاعة تعتمد أسلوب العنف بكل أشكاله، لذا فهي أكثر بدائية من الأنواع السابقة، لكنها مازالت حاضرة بقوة في عصرنا الراهن من خلال مسميات جذابة مثل «الحرب من أجل الإنسانية»، وهي حرب لا تخلو من مفارقة غريبة، فنحن نثني كثيرا على الجندي الذي دفع حياته ثمناً للإنسانية، لكننا نغض الطرف عن عدد الأرواح التي زهقت على يد هذا الجندي قبل أن يلقى حتفه!

أعتقد، وقد أكون مخطئا، أن الأنواع الثلاثة الأخيرة من الطاعة لم تكن لتنجح لولا وجود النوع الأول، ذلك أن كل أنواع العبودية تتضمن فكرة تنازل الفرد عن إرادته، إما خوفا أو احتراما، ولكن قسرا في كلتا الحالتين! الطاعة بكل أنواعها آفة، عدا في حالة واحدة فقط، وهي حالة يتم من خلالها اعتماد اسلوب الإقناع المنطقي للتأثير على إرادة الفرد، فالطاعة الناتجة عن الإذعان لصوت العقل ليست سوى دليل على حكمة الفرد! الحجة المنطقية ليست دائما في مصلحة الأب المتسلط، أو المجتمع المحافظ، أو الدكتاتور المتغطرس، أو الأمة العدوانية، لذا نجد أن اللجوء إلى غريزة الخوف أو فضيلة الاحترام، هو المخرج الوحيد للتحايل على صوت العقل وضمان الطاعة والخنوع!

الطاعة مغروسة في قلب الإنسان العربي، وموضوع خطبة صلاة عيد الأضحى الذي يتكرر في كل سنة يساهم إلى حد كبير في تكريس «فضيلة» الطاعة!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة علم الأنساب
- تشويه المفاهيم الغربية
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - آفة الطاعة وأنواعها