أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - العدل والديمقراطية














المزيد.....

العدل والديمقراطية


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 10:48
المحور: المجتمع المدني
    


لنفرض أن خمسة أشخاص خرجوا في رحلة صيد، ثم اختلفوا حول من تقع عليه مسؤولية إعداد الطعام، وبعد جدال طويل، أخرج أحدهم المسدس وأرغم الأربعة الباقين على إعداد الطعام! في هذا المثال، الدكتاتورية هي الطريقة التي تم بواسطتها حل المشكلة، والظلم هو النتيجة، لكن ماذا لو استبدلنا الدكتاتورية بالديموقراطية، فهل سيتحول الظلم إلى عدل؟ كي نجيب عن هذا السؤال بطريقة شافية، سنحتاج إلى إضافة بعض التعديلات على المثال السابق ليصبح على النحو التالي:

هناك خمسة أشخاص خرجوا في رحلة صيد، ثم اختلفوا حول من تقع عليه مسؤولية إعداد الطعام، وللخروج من هذه المشكلة اقترح أحدهم أن يقوم أصغرهم سناً بهذه المهمة، وبعد التصويت على هذا الاقتراح، أسفرت النتيجة عن موافقة الأربعة الكبار ومعارضة الصغير! من خلال هذا المثال البسيط، بإمكاننا أن نطرح سؤالين مختلفين حول القرار الذي تم التصويت عليه:

1- هل القرار ديموقراطي؟

2- هل القرار عادل؟

السؤال الأول يتعلق بالطريقة التي تم بواسطتها اتخاذ القرار، بينما يرتبط السؤال الثاني بالآثار المترتبة على هذا القرار. لاشك في أن القرار كان ديموقراطياً، فالديموقراطية هي حكم الأغلبية، ومع ذلك فهو قرار ظالم، ذلك أن تحديد مسؤولية إعداد الطعام استندت إلى معيار غير موضوعي، فعامل السن لا يخضع لإرادة الفرد، ومن غير المنطقي إلزام الصغير بإعداد الطعام لأنه جاء إلى هذه الحياة متأخرا عن الأربعة الباقين!

في المثال الأول، تحققت دكتاتورية الفرد عن طريق اللجوء إلى العنف، وفي المثال الثاني، تحققت دكتاتورية الجماعة عن طريق اللجوء إلى الديموقراطية، ومن هنا نصل إلى استنتاج مهم، وهو أن الديموقراطية ليست نقيضة للدكتاتورية على طول الخط، فالديموقراطية التي لا يكبح جماحها سوى إرادة الأغلبية ليست سوى وجه آخر من وجوه الديكتاتورية! لاحظ أن الاختلاف بين المثالين يقتصر فقط على هوية الضحية، فتارة تكون الضحية هي الأغلبية، وتارة تكون الأقلية هي الضحية!

الخلط بين مفهوم العدل ومفهوم الديموقراطية يؤدي غالباً إلى خطأ شائع، فكثير هم من يعتقدون أن التوصل إلى قرار بطريقة ديموقراطية يعد كافياً لضمان عدالة هذا القرار! لكن الديموقراطية مثل الدكتاتورية، فكلاهما يعبر عن طريقة معينة في كيفية اتخاذ القرار، أما مضمون القرار ذاته ومدى عدالته فيحددهما الدستور، وعندما لا يحظى الدستور بالقدر الأدنى من الاحترام، فإن مشروعية أي قانون تخضع إلى المزاج الفردي لدكتاتور أو إلى المزاج الجماعي لأغلبية دكتاتورية!

إذا كان النظام الديموقراطي لايؤدي بالضرورة إلى نظام عادل، فكيف نستطيع الجمع بين مفهومي الديموقراطية والعدل بحيث نتمكن من إقامة نظام ديموقراطي عادل؟ العدل يقوم على فكرة المساواة، والمساواة تشير إلى صفة يشترك فيها جميع الأطراف. هذا يعني أننا إذا أردنا ديموقراطية عادلة، ينبغي لنا إخضاع كل قرار يتخذ بطريقة ديموقراطية إلى شرط عدم الإخلال بمبدأ المساواة، أي أن القرار الديموقراطي يجب أن لا ينسف هذه الصفة التي يشترك فيها جميع الأطراف. ما هي هذه الصفة التي يشترك فيها جميع الأطراف؟ ما هي هذه الصفة التي تجمعنا؟ ليست هي الأسرة بطبيعة الحال، فأغلبنا كأفراد ينتمي إلى أسر مختلفة، ولا القبيلة، ولا الدين، ولا حتى الوطن! إن هذه الصفة ببساطة هي الإنسانية، ولو اتخذنا من حقوق الإنسان خطاً أحمر لا تتعداه إرادة الأغلبية، لوفرنا على أنفسنا هذه السلسلة الطويلة من المشاكل الموسمية التي تثار بين الحين والآخر.



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - العدل والديمقراطية