أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - سدة الهندية














المزيد.....

سدة الهندية


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 05:35
المحور: الادب والفن
    


هذه قصة أو سمها ما شئت عن سيرة انسان مولع بعلم الهندسة وتنظيم الشعوب وزرع الفتن.
كل الذين عرفوه قالوا إنه رجل سراب. كلما حاولتَ الإقتراب منه، ابتعد عنك.
عدو حتى لنفسه. غير واثق من أحد. مزاجي إلى أقصى درجات العزلة. غامض إلى أقصى درجات الحكمة. بدأ متمردا وانتهى متمردا. وحلف اليوم لا يقيد خطوات الغد. وصديق الأمس يمكن أن يكون عدو اليوم.
خسر نفسه ثلاث مرات ثم عاد إليها. وفي كل مرة يقول فيها خصومه أنه انتهى، يفاجئهم من حيث لا يتوقعون. وفي كل مرة يقول فيها أصدقاؤه أنه قد تعب، يفاجئهم إنه حتى لم يبدأ بعد.
مع مهندس الري الإنكليزي الشهير وليم ولكوكس، عمل كمفتش للمساحة في العراق الناشئ آنذاك، ثم سافر بعدها إلى كيمبردج ببريطانيا لأجل الدراسة.
ذهب إلى مصر، وهناك استطاع أن يقنع الكاتب الشهير والمربي الكبير سلامة موسى بترجمة الكتاب المقدس إلى العامية المصرية. وفي مصر مرة أخرى عمل مع ويلكوكس على وضع المخططات الأولى لسدِّ أسوان العظيم، الذي سيعرف فيما بعد باسم السد العالي.
في العراق الملكي عمل مع الجنرال الكردي بكر صدقي كمستشار خاص ثم تحالف مع رئيس الوزراء نوري السعيد ثم تمرد عليه. إشترك مع رشيد عالي الكيلاني في مؤامرته الفاشلة. وبعد مقتل الكيلاني ألقي القبض عليه وأودع السجن في انتظار الإرادة الملكية. لكنه نجح في اختراق القضبان بمساعدة اثنين من أعوانه مفوتا الفرصة على رئيس المحكمة العسكرية العليا أن يستمتع بقراءة مرسوم حكم الإعدام عليه رمياً بالرصاص.
وفي نفس موقع سَدِّ بالاكوباس القديم الذي يعود بناؤه إلى زمن الإسكندر المقدوني الأكبر، إشترك صاحبنا مع وليم ويلكوكس في وضع التصاميم الأولية لمشروع سدَّة الهندية الفذِّ على نهر الفرات الأوسط. وبما أن السد الجديد سيبنى من التراب فقط ومن بعض نفايات الطبيعة المتوفرة في السهول المحيطة بنهر الفرات فإن سدة الهندية تعتبر بشكل أكيد إحياءاً لذلك السد الاسكندري العظيم.
وبوصفه مهندسا فلقد اكتسب شهرة عالية في مجال عمله بما قدم من بحوث قيمة وأنجز من مشاريع ما تزال قائمة حتى اليوم ولاسيما تلك التي لها علاقة بالري في بلاد وادي الرافدين القديمة وبما قدم من أعمال مجيدة غيرت مجرى الحياة في الشرق عامة.
ولد عام 1882 في الهند. أنهى دراسته الثانوية هناك وأكمل دراسته العليا في بريطانيا حيث تحصل على شهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف من كلية روكي للهندسة المدنية. زاول لمدة تزيد على أحد عشر عاما من 1872 إلى 1883 مهنة مهندس ري فاكتسب خبرة عالية في هذا المجال.
اختارته الدولة العثمانية سنة 1882 مستشارا لها تستنير برأيه وخبرته في شؤون الري بعد أن أضطرت إلى إجراء بعض الإصلاحات في امبراطوريتها الشاسعة آنذاك، وأوفدته عام 1884 إلى مصر للإشراف على طرق الري فيها. وبعد أربعة عشر عاما من العمل الجاد صمم مشروع خزان أسوان الكبير وأتم بناءه خلال الفترة من 1898 إلى 1902. بعدها انتقل إلى العراق حيث واجه صعوبات جمة وذلك لإنعدام الخرائط المساحية التي تعتمد عليها مشاريع الري الكبرى. لكن خبرته الواسعة مكنته من اجراء مسح سريع بالتعاون مع المهندس الإنكليزي الأشهر قدم على ضوئه تقريرا مثيرا إلى الدولة العثمانية.
عاد إلى مصر وعاش فيها لمدة تعرف خلالها إلى جماعة الفن والحرية: جورج حنين، كامل التلمساني، أنور كامل، وباقي الأعضاء. وأمضى في تلك الظروف على بيان شعري تحريضي بإسم يحيا الفن المنحط، وصار تروتسكياً فيما بعد.
أحبه سلطان مراكش ووصفه بأنه ثعلب يملك من المواهب ما يجعله مبرزا في كل شئ فقط لو تخلى عن السياسة. وطبعا، هو لم يكن يفهم من السياسة أكثر مما كان يفهمه شاعرنا أبو الطيب المتنبي منها، لكنه دخل الملعب بشكل من الأشكال. والسلطة اعتبرته عدوا بسبعة أرواح، تضربه في الشرق فيظهر لك في الغرب، وتقتله في الشمال ليظهر لك معافى في الجنوب.
رجل سراب، وبلاده رمال ومجاعة وحروب.
داهمته المنية يوم 28 تموز يوليو عام 1932 م. وكان قد تم افتتاح سدة الهندية على نهر الفرات في 12 كانون الأول ديسمبر عام1913م.
فمن تراه عزيزي القارئ يكون؟



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقيهُ
- جِنْ
- صندوك الرمل مسرحية بالمحكية العراقية من فصل واحد
- -جنون- جليلة بكار وفاضل الجعايبي: رؤية جديدة للانسان والشعر ...
- تَحْفرُ الخيولُ قبرَ الفجرِ
- جسر على نهر دجلة أو قراءةٌ في تسنن حسن العلوي (2-2)
- جسر على نهر دجلة أو قراءةٌ في تَسَنُّن حسن العلوي (1-2)
- جنون في كتاب بعد أن كانت مسرحا
- موطني موطني نشيد بين شاعرين
- المرأة والحداثة والتفكيك والجندر في العالم العربي في حوار مع ...
- حتى نارك جنة.. الوطن بين رضا الخياط وشكري بوزيان
- الكلامُ المُسْتَعَادُ
- فن الشعر في ملحمة گلگامش
- Marcella
- ذكرى أبي القاسم
- مفاهيم سبتمبرية جديدة حول الإرهاب والحروب الإستباقية وحقوق ا ...
- د. الطيب البكوش: إن مساعدة الشعب العراقي أعسر تحت الاحتلال، ...
- بين الهندسة والبستان: قصيدة نثر طويلة عن المساءات الخمسة عشر
- غرفة في فندق الراحة أو مديح العذراء كريستينا ستوكهولم السعيد ...
- المفكر التونسي د. فتحي بنسلامة في حوار مع حكمت الحاج


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - سدة الهندية