أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - لن -تُسْحَب-!














المزيد.....

لن -تُسْحَب-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2224 - 2008 / 3 / 18 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وزير الخارجية السوري وليد المعلم نجح "إعلامياً"، بعض الشيء، في شدِّ واجتذاب الأنظار والاهتمام إلى القمة العربية التي ستُعْقَد، على الأرجح، في دمشق، يومي 29 و 30 آذار الجاري، إذ قال إنَّ سورية تسعى إلى جعل هذه القمة "منعطفاً" في تاريخ القمم العربية، وإنَّها، أي تلك القمة، ستكون "عربية خالصة"، شكلاً وموضوعاً، وإنَّ الزعماء العرب يمكن أن يقرِّروا "سحب مبادرة السلام العربية"، عملاً بما يشبه "حق المِلْكِيَّة"، وإنَّ هذه المبادرة تضمَّنت من التنازلات العربية ما يكفي، وما عاد متوقَّعاً تقديم مزيدٍ من التنازلات.

"قرار السَحْب" ليس بالمؤكَّد، على ما نَفْهَم من كلام المعلم؛ ولا بدَّ من قول ذلك حتى لا يُقال إنَّ قمة دمشق فشلت؛ لأنَّ الزعماء العرب لم يقرِّروا "سَحْب" مبادرتهم. إذا هُمْ قرَّروا "سحبها" فسأعْتَرِف مع كثيرين بأنَّهم قد نجحوا، هذه المرَّة، في تخييب توقُّعنا وظَنِّنا، وأنَّهم ما زالوا يملكون "قوَّة المفاجأة".

قصارى توقُّعنا هو أن يُلَمِّح الزعماء العرب إلى أنَّ مبادرتهم لن تظلَّ إلى يوم القيامة معروضةً في سوق السياسة الدولية، وكأنَّها بضاعة كاسدة، فـ "استراتيجيتهم" لإقناع العالم بأنَّ العرب طُلاَّب سلام، وبأنَّ إسرائيل لا تريد السلام، ولا ترغب فيه، لم تنتهِ بَعْد صلاحية استعمالها، وإنْ ثَبُت للقاصي والداني أنَّ تجريب هذه "الاستراتيجية"، غير مرَّة، لن يعطي نتائج مختلفة؛ لأنَّ تحريك الماء، غير مرَّة، لن يجعله حليباً. ثمَّ أنَّ "اليقين"، الذي به سيقطعون الشك، على ما قالوا، قبل، ومن أجل، ذهابهم إلى أنابوليس، لم يَكْتَمِل ظهوراً بَعْد.
وهُمْ يخشون، أيضاً، أن يُوَلِّد "تطرُّفهم" هذا، أي "سحبهم" للمبادرة، تطرُّفاً في موقف الطرف الآخر، كأن تَغْتَنِم إدارة الرئيس بوش هذه الفرصة، وتُعْلِن سَحْب كل مبادراتها، التي منها انبثقت "خريطة الطريق"، و"حل الدولتين"، و"لقاء أنابوليس" مع ما أفضى إليه من نتائج، فينشأ "وضع لا سلام ولا مفاوضات سلام"، مع ما ينطوي عليه من تحدِّيات استراتيجية لا قِبَل لهم بها، فشيءٌ من وَهْم السلام يظلُّ خيراً ألف مرَّة من مواجهة حقيقته العارية، أو عواقب إعلان فشله وموته.

إذا قرَّروا "سَحْب" المبادرة، على ضآلة هذا الاحتمال، أو على كِبَر "إذا"، فإنَّ عليهم، أوَّلاً، أن يقنعوا العالم بحيثيات قرارهم، فَهُمْ قالوا من قَبْل، وغير مرَّة، إنَّهم لن يدَّخِروا جهداً في "إقناع" إسرائيل بجدوى وأهمية ومزايا المبادرة؛ وإنَّ من الأهمية بمكان أن يَعْرِف العالم تفاصيل ما قاموا به، توصُّلاً إلى "إقناعها"، وأن يَعْرِف، أيضاً، لماذا فشلوا في "إقناعها" على الرغم من كَثْرة ما تضمَّنته مبادرتهم من "جَزَرٍ" و"إغراء"، أي من "تنازلات"، أهمها، وفي مقدَّمها، التزامهم الجماعي والشامل أن يقيموا السلام، ويُطبِّعوا العلاقة معها بأوجهها كافة، وأنْ يعلنوا انتهاء النزاع معها إلى الأبد، إذا ما لبَّت شروطاً، هي في حقيقتها بعضٌ من الحقوق الفلسطينية والعربية التي لا شكَّ في شرعيتها الدولية.

وعليهم، أيضاً، أن يقتنعوا، وأن يقنعوننا معهم، بَعْد "سَحْب" المبادرة، بجدوى أن تستمر "مفاوضات السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، أو أن تبدأ بينها وبين عرب آخرين، ما دام كل هذا الثِقَل العربي في تلك المبادرة لم يُنْتِج ولو نزراً يسيراً من "المرونة التفاوضية والسياسية" لدى إسرائيل، ولم يُغْرِها باغتنام فرصة أنْ تَعْتَرِف بها الدول العربية جميعاً، فهل أصبح ما يُغْري الدولة اليهودية بنبذ خيار السلام مع الدول العربية أقوى كثيراً مِمَّا يُغْريها بقبوله؟!

وأخشى ما أخشاه أن تكون المبادرة قد أقنعت إسرائيل بشيء واحد فحسب هو أنَّ السلام مع العرب، دولةً دولةً، وبالشروط الإسرائيلية، آتٍ لا محالة، فَلِمَ العجلة، والعجلة من الشيطان؟!

المبادرة لن تُسْحَب؛ ولكنَّ إعادة تأكيد الدول العربية، في قمة دمشق، التزامها لها ستُشْحَن، هذه المرَّة، بما يؤكِّد أنَّ منسوب استياء العرب، وتذمُّرهم، وسخطهم، وغضبهم، .. إلخ، قد ازداد ارتفاعاً، وأنَّ العاقبة النهائية والحتمية لذلك ستكون ترسُّخ الشعور العربي بأنَّ إسرائيل لا تريد السلام، وبأنَّ الولايات المتحدة لم تَفْعَل شيئاً لجعلها تريده!

وهي لن تُسْحَب؛ لأنَّ سَحْبها مع بقاء الدول العربية على التزامها السلام (مع إسرائيل) خياراً استراتيجياً لا رجعة عنه سيجعل قمة دمشق "منعطفاُ كوميدياً" في تاريخ القمم العربية.

إنَّنا، ولأسباب عربية في المقام الأوَّل، لا نفضِّل "سَحْبها"، فسحبها سيَخْلق "فراغا سياسيا ـ استراتيجيا" ليس لدى الدول العربية من خيار آخر، يُعْتَدُّ به، وتملأ به هذا الفراغ. نُفضِّل على سحبها، وعلى عواقب سحبها، أن تقرِّر قمة دمشق تأليف وفد عربي مفاوِض، يضم الدول العربية جميعاً، مَنْ توصَّل منها إلى السلام مع إسرائيل ومَنْ لم يتوصَّل بَعْد، وأن يُكلَّف هو حصراً بمهمة التفاوض مع إسرائيل، إذا ما رغبت في ذلك، توصُّلاً إلى سلامٍ لا يختلف من حيث الجوهر والمبدأ عن السلام الذي دعت إليه مبادرة السلام العربية. قرارٌ كهذا إنَّما يُظْهِر، هذه المرَّة، "الجَزَرة" ومعها "العصا"، فالسلام؛ وهذا ما ينبغي لإسرائيل فهمه من قرار تأليف الوفد العربي، إمَّا أن يغدو شاملاً كاملاً، وإمَّا أن يتلاشى ما أُنْجِز منه وتحقَّق، فالسلام هو الكُلُّ المؤلَّف من أجزاء، وليس الجزء الذي فَقَدَ كُلِّهِ.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!
- تخلُّف -السؤال-!
- ظاهرة -تمدُّد الكون-.. في تفسير افتراضي آخر!
- عمرو موسى يستأنف التشاؤم!
- -التجارة- و-السياسة-.. عربياً!
- الطريق إلى تحرير -القطاع-!
- -التهدئة- التي تريدها إسرائيل!
- عملية القدس الغربية.. سؤال ينتظر إجابة!
- لُغْز -الزمن-!
- -الشتاء الساخن-.. نتائج وتوقُّعات!
- عندما تتسلَّح -جرائم الحرب- ب -القانون الدولي-!
- حلٌّ جدير بالاهتمام!
- -ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!
- مادية وجدلية العلاقة بين -الكتلة- و-الفضاء-
- تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!
- الموقع الإلكتروني للجريدة اليومية
- التلويح ب -كوسوفو-!
- مفاوضات أم جعجعة بلا طحين؟!
- مرض يدعى -المظهرية-!
- وَقْفَة تستحق الإشادة والتقدير!


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - لن -تُسْحَب-!