|
وفاء سلطان وصدام حسين
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2215 - 2008 / 3 / 9 - 00:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين وفاء سلطان وصدام حسين شبه واحد فقط . فكلاهما رفع غطاء الصرف الصحي ، لتنبعث الروائح الكريهة ، وتخرج الحشرات من البالوعات ، مؤدية الى تلوث في السمع والنظر . صدام رفع الغطاء فخرجت الحشرات الزاحفة والطائرة ، لتمتص دم بعضها ، وتخطف وتقتل وتسلب وتنهب وتحرق وتفجر . وفاء رفعت الغطاء ، وقالت : انكم تكفرون الجميع ، وتقتلون الجميع ، وتخطفون الجميع . لكم الحق في تكفير كل الطوائف ، لكم الحق في اصدار فتاوى ضد كل الأديان . هذا كتاب محرف ، وذاك لم يصلب ، وهذه الطائفة كافرة وتلك الطائفة يحق سبيها وذبحها . هؤلاء لا تبدأوهم السلام ، وأولئك لا تجاوروهم ولا تأكلوا من أكلهم . الدار دار حرب وسلام . من لا يقول أن محمد رسول الله هو كافر وعدو لله . الفضائيات الاسلامية ، تبعق ليل نهار ، منذرة الكفار بالويل والثبور وعظائم الأمور . متولي شعراوي ، اكتسب كل شعبيته من شتمه للمسيحيين . علماء الوهابية والسلفية ، كل أحاديثهم ومقابلاتهم ، عن ضرورة محاربة الأرفاض ، والأرفاض هم اخوتهم في الدين ، وعن تحريف الانجيل المقدس ، وعن الاستهتار بعقائد المسيحيين ، ودعم ، كل ذلك ، بفتاوى طالعة نازلة ، تحض على كره الآخر ومعادته ونبذه وعدم السماح له بالمرور وعدم بدئه بالسلام وعدم مشاركته في أفراحه وأتراحه . كل ذلك جائز للمسلم ، فهو وكيل الله على الأرض ودينه هو الصحيح ، والبقية كلهم كفرة زنادقة عُباد عجل مجوس عُباد نار . وغيرها من الأوصاف التي لا يجد أي غضاضة في اطلاقها بكل أريحية ورحابة صدر . يعقدون المؤتمرات ، ويُهاجمون كل الأديان ، ولكن ، ولكن ، اذا قام أحد ما برسم أو بتلميح بسيط أو كتابة قصة أو مقال ، يُلامس الجدار الفولاذي والذي بنوه حول دينهم ونبيهم وعقائدهم ، فالقيامة تقوم . لأنه لا يحق لكائن حي أن ينقضهم كما ينقضون غيرهم . نقض هذا الدين ممنوع ، بينما التهكم ونقض كل الأديان مسموح ومبارك من قبل أولي الحل والنهي . انه لأمر مضحك ، مع أنه ليس غريبا، أن يتكون لدى الناس الانطباع بأن مستوى حضارتنا في المنطقة العربية يتحسن ، حتى أنهم يُصدقون بأننا نزداد تحضرا باضطراد ، مما يولد شعورا بأن كل شيء على مايرام وليس هناك سبب حقيقي يدعو الى القلق . هذا الاحساس وهذه الأدوات التي أصبحت بين أيدينا ، يدفعان الناس الى نسيان الحقائق وتجاهل الأسئلة التي يتفادون طرحها على أنفسهم وواحد منها ، مثلا، لماذا يفشل التقدم الأخلاقي بالتوازي مع التقدم التقني الذي حصلنا عليه . المكروفون استعملناه من أجل الشتم والتكفير والحض على الارهاب والقتل . كما حدث مع امام جامع الدورة في بغداد والذي أ أخذ يدعو المسيحيين الى دفع الجزية أو الرحيل أو اعلان اسلامهم . االفضائيات استعملناها من أجل زيادة التوتر وزيادة التناحر وزيادة جرعات الحقد الموجه ضد الأديان الأخرى . الأنترنت ، حدث ولا حرج ، الأنترنت ، هو الذي فضح المستور ، واطلق الكره واللؤم المكبوت من عقاله لمهاجمة بقية الأديات والطوائف ورميها بأقذع السبات والشتائم ، وتناول عقائدها بالكثير من الكلمات النابية والسفيهة . الطائرات استعملناها من أجل السفر الى الدول الحضارية ، ونسف حضارتها ، وادخال الرعب والعنف الى مدارسها ومطاراتها ومنازلها . هذا ما جنيناه حقيقة من أدوات الحضارة التي وصلت الينا . ومع كل ذلك ، لم نقدم للبشرية حتى الآن ، الا الدم والنار والجهاد والارهاب والطرق الحديثة في قطع الرؤوس والانواع الجديدة من الأحزمة النازفة الناسفة. البذاءة التي خرج بها كاتب المقال ، وشرح في عنوانها كيف تحيض والدته ، كما كان يراها ، لا قت الاعجاب والاستحسان من قبل شريحة كبيرة من الناس ، ولم تتورع المؤسسة السورية للاتصالات عن غض النظر عن هذه المواقع الأصولية ، والتي هاجمت الطائفة العلوية بكل وقاحة وقلة احترام . وان دل هذا ، فهو يدل على مستوى الانحطاط الخلقي الذي وصلت اليه هذه الأمة ، وعن ضيق صدرها ، وعن المستقبل المظلم الذي ينتظرها ، بسبب عدم قبولها للآخر وعدم تقبلها للنقد . والمبكي ، أن هناك العديد من الذين لم يسمعوا لا الحلقة ولا يعرفوا محتواها . الجزيرة التي اعتذرت عن الاساءة ، لم نسمع منها كلمة شجب او استنكار او ملامة للقتلة الذي خطفوا رئيس أساقفة الموصل للكلدان ، ولعل كونه مسيحي ، يُبرر خطفه وقتل مرافقيه والتفاوض على الفدية . تصوروا لو كان المخطوف هو القرضاوي او نعيم قاسم ، لكانت قامت الدنيا ولم تقعد ، ولكن ، لأنه مسيحي ، صمت الجميع : كتاب ومذيعين ومقدمي برامج وصحف وفضائيات . وبعد كل ذلك تعتبون على السيدة وفاء سلطان .
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القومية العربية + الارهاب الاصولي = العولمة السلبية !!!.
-
عاصمة الثقافة العربية : وفي القلب غصة يا شام وفي المقلة دمعة
...
-
الشباب السوري أقوى من قمعكم وحجبكم
-
حزب البعث بوصفه وباءً سياسياً 2-2
-
البعث هل هو وباء حقاً؟
-
فبربكم كيف تُدار هذه البلاد ؟
-
وأهله لا زالوا يبحثون عنه
-
حرام سوريا في خطر وحليمة عادت لعادتها القديمة
-
السيدة فلورنس غزلان ؟ نشكرك ولكن لسنا من أهل البيت
-
ننعي لكم الطبقة المتوسطة السورية
-
معاناة مواطن سوري
-
عندما تتحول النزوة الى قانون في سوريا
-
لماذا الفكر المسيحي؟ الأصولية السورية المتمثلة في بعض القياد
...
-
نشودة حجب المواقع السورية على يد أبو حجاب للشاعر العربي احمد
...
-
أيها القتلة المجرمون : خطف كاهنين في الموصل
-
في انتظار غودو (رفعت الأسد ) .
-
معرم بالطقم الطلياني فوق الشروال العثماني : لُحى العلمانية ف
...
-
سوريا على خطى مصر في التضييق على المسيحيين
-
السيدة فلافل وحكومة العطري
-
منظمات حقوق الإنسان في سوريا، دفاع عن قضيتين احداهما باطلة .
المزيد.....
-
وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
-
القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا
...
-
وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر
...
-
-نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ
...
-
السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال
...
-
ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد
...
-
مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
-
الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة
...
-
واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
-
مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|