أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي















المزيد.....

في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 686 - 2003 / 12 / 18 - 05:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


استأثرت علاقة المسألة الوطنية بالمسألة الديمقراطية بكتابات كثيرة, ومازال الإشكال قائما فيما يتعلق بأولوية إحداهما على الأخرى, مع العلم أن المسألة الوطنية مازالت تستخدم كحجة في إعاقة التطور الديمقراطي للمجتمع وتأجيله, بما يعنيه من احترام كرامة المواطن وحقوقه الأساسية, أي التعبير عن الرأي والمشاركة في الحكم بصورة مباشرة أو غير مباشرة, والعمل الخلاق المفجر للطاقات الإبداعية, والمساواة أمام القانون, وتوزيع الثروة الوطنية بصورة عادلة, بحيث يتم التصدي للفقر والإفقار, بسبب البطالة من جهة وحرمان المنتجين والكادحين الحقيقيين من خيرات إنتاجهم التي ذهبت للقطاعات الطفيلية المتعيشة على الجسد الاجتماعي من جهة أخرى. مع العلم أن الإنسان المعاصر لا يمكنه العيش لأجل تلبية غرائزه واحتياجاته البيولوجية على أهميتها, بل يحتاج بعد ذلك إلى توفر الظروف التي تمكنه من العمل والإبداع والتشارك الاجتماعي الحر.
والفكر القومي الرسمي, بفرعيه القوموي والقومجي, يدعي حماية الثوابت الوطنية, وينصِّب نفسه مَرجعا للجميع, بما فيهم المعارضة التي تعترف على ما يبدو بهذه المرجعية فيما يتعلق بهذه الثوابت. ولكن الثوابت, إذا افترضنا أنها ثابتة, تحتاج إلى تعريف وتحديد واضحين وواقعيين ليتكوَّن إجماع حولها, وذلك حتى لا تستخدم كفزاعة في وجه الآخرين!.
غير أن قدرة هذا الفكر القومي والركائز التي يستند إليها أضحت أضعف من أن تدافع عن الأوطان إذا لم يحدث تغيير يطال محتوى هذا الفكر بالذات, بحيث يضع الإنسان في الوطن, وليس الوطن المجرد, محورا لسياساته. فالمسألة القومية والوطنية في المنطقة العربية تتراجع, دون أن يحدث تقدم ملموس في القضايا الديمقراطية والتنموية (يمكن مراجعة تقارير الأمم المتحدة الأكثر حيادية, مع العلم أن الواقع الحياتي المعاش فاقع في دلالته).
ويتطابق الخطاب القومي السلطوي والمعارض في نظرته إلى الكثير من القضايا. وإذا أخذنا ما حدث في العراق مؤخرا نجد أن معظم الأصوات القومية من أحزاب المعارضة السورية ارتفعت بصورة حادة لتدعم تمنيات الشعوب العربية وأوهامها بانتصار النظام العراقي على أمريكا. وتتكرر حالة ركوب الموجة الشعبوية من حين لآخر, لتلتقي المعارضة والسلطة أو تتحاذيان, مما يعطي السلطة وقتا لالتقاط أنفاسها, ويمنح المعارضة فرصة لإثبات وجودها.  وهكذا, وفي وقت الأزمات, نرى تماهيا, لهذه الدرجة أو تلك, بين أقطاب الفكر القومي من الأصوات الموالية والمعارضة, بحيث يمكن أن يقال بأنهما وجهان لعملة واحدة. 
ويصعب الحكم على القضايا الوطنية نفسها طالما بقيت الوطنية كرة تتقاذفها الأيدي من كل نوع, بحيث لا يسمح لها الارتطام بالواقع المعاش. وبين اللاعبين نجد الوطني الصادق والبريء وتجار وطنية من كل نوع, في الداخل والخارج, والذين يستغلون مفهوم الوطنية لإخفاء دورهم في تدمير الوطن واستنزافه, واستخدام الشعب كمطية لسياساتهم.
وبينما يستمر التراجع على الصعيد الوطني, وخاصة فيما يتعلق باسترجاع الأراضي المحتلة, لم تتقدم الديمقراطية, ولم يتحقق أي من المصالح العليا للأمة. وتعني الوطنية المتداولة, واقعيا, الإبقاء على مصالح وامتيازات الفئة المسيطرة, لسبب بديهي يتعلق بغياب المواطنين أو تغييبهم شبه الكلي عن مصالحهم في الوطن, واحتكار تمثيلهم في المؤسسات الشكلية. كما لم تفعل السلطة شيئا يذكر لمكافأة المعارضة على مواقفها الوطنية في عدم الاستقواء بالخارج, ولو من باب ذر الرماد في العيون.
كما دعت بعض من هذه القوى المعارضة إلى فتح الجبهات أمام " الحرس الثوري" السوري من أجل تحرير الجولان السوري من العدو الاسرائيلي, ربما من أجل حل مشكلة البطالة بصورة جذرية!. الأرض يجب أن تحرر, مهما طال الزمن, وهذه قضية وطنية لا ريب فيها, ولكن من يحررها ليس المواطن المستعبَد, بل المواطن الإنسان الحر الذي يجب أن ينوجد أولا, وبدون ذلك لايمكن أن تتحرر الأرض. هذا ليس اجتهادا وتحليلا, فالعبرة موجودة في الهزائم الخارجية والانكسارات الداخلية التي منينا بها في العقود الأربعة والنصف السابقة.
وجاء الموقف من العراق ليزيد الأمر تعقيدا والتباسا. وقد ركبت معظم القوى المعارضة موجة المقاومة دون تمحيص لطبيعة هذه المقاومة, وعدم وجود برنامج وطني مقنع تتبناه. كما اختلطت الأصوات وتعالت تدعو إلى المقاومة وطرد المحتل, دون النظر إلى ما يمكن أن يسببه انسحاب الاحتلال من مخاطر جدية على الداخل العراقي في هذه المرحلة الانتقالية المعقدة. ويحتاج العراقيون لهضم ما حدث أولا, ومن ثم استجماع قواهم والاتفاق حول الأساليب التي يتعاملون بها مع المحتل على أن تطوى مرحلة الاستبداد الكريهة إلى غير رجعة. ولا يمكن التعويل على المقاومة التي تتمثل بعناصر من النظام السابق تحاول استعادة امتيازاتها, أو على تيارات العنف التي رأت في الساحة العراقية مكانا مناسبا لمهرجانات القتل والتفجيرات العمياء.
فما الذي سيفعله صدام حسين ومقاومته وحليفته القاعدة لو انتصروا على أميركا سوى حفر المزيد من المقابر الجماعية لوأد "الأعداء الداخليين" قبل الخارجيين!. وهل أية مقاومة ضد المحتل هي مقاومة وطنية, حتى لو كانت بدون برنامج متفق عليه من الأغلبية, أو فجرت سياراتها المفخخة من يساعد الشعب العراقي, كالمنظمات الإنسانية, أو استهدفت المنشآت الحيوية؟. ألم يخلق الواقع الجديد في العراق ظروفا يمكن من خلالها استنباط مختلف أشكال المقاومة السلمية, والانخراط في تكوينات اجتماعية جديدة يتحول من خلالها الشعب - الرعية إلى مجتمع مدني حديث يمتلك أدواته التعبيرية ويتحمل مسئولياته الوطنية؟. ومهما يكن فإن العراقيين هم الأقدر على تمييز وتحديد أشكال المقاومة الملائمة من أجل تحرير بلدهم.  ويجدر الإنصات إليهم بهدوء, ومساعدتهم في خياراتهم أو تركهم وشأنهم, والكف عن ذرف دموع التماسيح على هذا الشعب!.
وهاهم العراقيون, رغم الصعاب الجمة, يبدؤون بتضميد جراحهم وترميم ما تهدم في بلادهم ونفوسهم, ليتحولوا تدريجيا, من خلال عملهم ونضالهم, إلى مواطنين ذوي خيارات مقاوِمة وغير مقاوِمة, وليس كتلة شعبية هاتفة بحياة القائد الفذ. وقد رأينا كيف انتهى القائد البطل الذي صنعناه على مقاس أوهامنا المريضة. إن أنظمة الخوف لا يمكنها أن تبني أوطانا. وهي المسئولة عن تحطيم قوى المجتمع المنتجة وقيم العمل الاجتماعي, ما يسهِّل على العدو استكمال تدمير الأوطان.
تحاول الأنظمة الشمولية المتبقية التستر على عجزها واستنفادها تاريخيا بمختلف أشكال التلون السياسية, بعدما استنفدت سياسات الحشد الهيستريائي الجماهيري, ولم يعد بمقدورها تسويق الخوف والتخويف سياسة ونهجا, مع أنها تعيش على بقايا ماز رعته من خوف ورعب في أعماق النفوس. وعوضا عن احترام المواطن والاستعداد التام للدفاع عنه وحمايته, كما يتعامل أعداؤنا مع مواطنيهم, تجعل الأنظمة من مواطنيها مشاريع أعداء داخليين, وخاصة عند تمايزهم عن الهلام الجماهيري. أما الحوار العقلاني فيا مرحبا به, رغم تأخره كثيرا, وحبذا لو يعمم في التعامل مع الداخل والخارج. 
ولا يريد أحد مراجعة سياساته والاعتراف بالخاطئ منها, إلا في حالات نادرة. وهذا ينطبق على السلطة والمعارضة بشكل عام. ويسود الاعتقاد الخاطئ بأن نقد الذات, الفردية أو الجماعية, يعتبر تنازلا للآخر, وليس أمرا طبيعيا ومبررا أخلاقيا لنقد الآخر. وهكذا مازال منطق المتاريس المتواجهة والإقصاء سائدا, والخاسر الأكبر هو الأكثر استبعادا, أي المواطن. 



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيدا عن الواقع... ومن أجله
- نقد ذاتي وغيري
- تحية لصديق جديد
- بين ثقافة الاستشهاد و-عقيدة- الانتحار
- مثقفو وشعب... حبيبتي سوريا
- تقاسيم على وتر الخوف
- قلب تاريخي
- لبنان: ذكريات حاضرة
- بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني
- محللون يحللون التحلل والحلول


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي