أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل حبه - على هامش الاعتداءات التركية - من منطلق الحرص















المزيد.....

على هامش الاعتداءات التركية - من منطلق الحرص


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 11:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تثير الإعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية القلق لدى الجميع حول أهدافها وعواقبها السلبية على مسار العملية السياسية في العراق، إضافة إلى تأثيرها على الوضع الأمني الهش أصلاً في البلاد. وإذ تثير هذه الاعتداءات مشاعر مبررة في التعبير عن الإدانة لها، وفضح نوايا من يقف ورائها من العسكريين الأتراك ، فإنها في الوقت نفسه تضع على عاتق المسؤولين في إقليم كردستان العراق مهمة ملحة تتحدد في ضرورة القراءة الدقيقة لتطورات الأوضاع في العراق والمنطقة وموقف الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة. كما يلقي على عاتق المسؤولين في الإقليم مراجعة عدد من المواقف والمعالجات سواء على النطاق الفدرالي أم في الإقليم والتي من شأنها أن تعزز الوحدة العراقية وتحد من التدخل الخارجي عموماً في شؤوننا الداخلية. فالمراجعة والقراءة الدقيقة من شأنها أن تلجم حمى المتطرفين الأتراك، وخاصة النخبة العسكرية فيها، والقائمة على الإمعان في تدخلهم العسكري والسياسي في الشؤون العراقية، والبحث عن الذرائع لهذا التدخل منذ ما يزيد على قرابة ثلاثة عقود مضت. فالتدخل في الشأن العراقي بات سياسة رسمية لغالبية دول الجوار، على الرغم من أن التدخل التركي هو الأكثر فضاضة. وانطلاقاً منذلك أصبح من الضروري أن تتوجه كافة الأطراف العراقية المشاركة في الحكم أو خارجها نحو معالجة جدية لهذه الانتهاكات التي تدفع بالأوضاع الأمنية نحو حافات خطيرة.
وتقع معالجة وجود ميليشيات أجنبية مسلحة في إقليم كردستان العراق في صدر المهمات التي يجب أن تعالجها سلطات الإقليم وبالتنسيق مع الحكومة الفدرالية، باعتبارها الطرف الأول المسؤول عن أمن كل البلاد. فلم يعد من المقبول وجود وحدات مسلحة فعّالة لمواطنين ينتمون لدولة أخرى على أراضينا، ويحولونها إلى قاعدة لنشاط عسكري كبير ضد دولة مجاورة، مهما كانت ذرائع هذا النشاط مبررة وعادلة. فهذا الوجود يشكل تهديداً جديداً وإضافياً على الوضع الداخلي في العراق، إضافة إلى أنه يشكل خطراً يهدد كل المكتسبات التي حققها المواطنون العراقيون الكورد خلال السنوات الماضية. ويفرض الوضع الحالي في العراق بتعقيداته الخطيرة وآفاقه الملتبسة على المسؤولين في الإقليم معالجة وجود هذه الميليشيات المسلحة، والتفكير بسحب أسلحتها واستضافتهم كلاجئين سياسيين على الرحب والسعة في بلادنا، دون ممارستهم لأي نشاط عسكري. ويبدو لي أن هناك تردد في اتخاذ قرارات حاسمة على هذا الطريق من قبل المسؤولين في الإقليم انطلاقاً من مشاعر قومية ضيقة، قد تبدو مبررة في ظاهرها للرأي العام هناك، ولكنها مدمرة لواقعنا العراقي الملموس. إن بإمكان سلطات الإقليم أن تتخذ وبسهولة إجراءات حاسمة لتصفية هذا الوجود المسلح بسبب الخبرة الطويلة للأطراف التي تتحمل المسؤولية في الإقليم، وهي التي عاش أفرادها في نفس قواعد حزب العمال الكردستاني التركي الحالية في فترة نشاط الحركة المسلحة المعارضة للنظام المنهار. ولكن التردد المبني على حسابات وأحلام قومية غير واقعية من قبل بعض المسؤولين في الإقليم، كتلك التي كانت في أذهان القوميين العرب أيام زمان، يعرّض الإقليم ومواطنيه إلى انتهاكات من قبل دول الجوار، وبالتحديد تركيا وإيران، وتهديدات مستمرة قد تصل إلى حد إفشال ما تحقق من قيام كيان كردستاني عراقي فدرالي تخشاه كل دول الجوار التي يقطنها مواطنون أكراد.
إن القراءة الدقيقة والحريصة والبعيدة النظر للمسؤولين في الإقليم تستدعي أول ما تستدعي أعلى أشكال التنسيق مع الحكومة المركزية، باعتبار أن العدوان على الإقليم هو عدوان على العراق كله، وإن التصدي له هو واجب الحكومة المركزية التي يجب أن تعمل بنشاط لإحباط أحلام الرؤوس المتطرفة في تركيا. وهذا يتطلب الظهور بمظهر واحد أمام الرأي العام الدولي من قبل كل المؤسسات الفدرالية، والابتعاد عن مظاهر الغرور والإستعلاء على الحكومة المركزية من قبل إدارة الإقليم، وحديثها عن الوحدة العراقية فقط عند حدوث أية تهديدات تركية. كما ينبغي تجنب التصرف أو التصريحات المتكررة ذات الطابع القومي المنفلق والمتقوقع والتي توحي وكأن الإقليم جغرافية منفصلة عن الكيان العراقي الفدرالي، مستغلين ما تعانيه بغداد الآن من هجمة مركزة إرهابية شرسة. هذا التنسيق الضعيف الجاري الآن بين الإدارة المركزية وإدارة الإقليم يشجع على الانتهاكات المتكررة والإيذاء المستمر لأبناء شعبنا في الإقليم من قبل المتطرفين من وراء الحدود. فالمراقبون في الخارج يتابعون المشهد العراقي عن كثب، ويستغلونه لصالحهم. فالجميع يرى إصرار الحكومة الإقليمية وبشكل منفرد على استثمار النفط خارج الأطر المعمول بها من قبل وزارة النفط المركزية، وخلافاً لما نص عليه الدستور الذي أكد على أن جميع ثروات البلاد هي ملك للشعب العراقي. ويقوم المسؤولون في الإقليم بعقد اتفاقيات مع شركات هزيلة وغير معروفة مما يضعف قدرات العراق على استغلال ثرواته، ودون أن يدققوا في كيفية تصريف النفط المستخرج. إننا لو أفترضنا جدلاً بأن هذه الشركات استطاعت التنقيب عن النفط وإنتاجه، فكيف سيتسنى للإقليم تصدير هذا النفط المستخرج وعن أي طريق؟؟. فسوريا وتركيا وإيران ستغلق منافذها أمام هذا النفط، وبالتالي سيبقى النفط كما هو الآن في باطن الأرض وبدون أية فائدة.
إن تعزيز الوحدة الوطنية يتطلب تأجيل بحث القضايا الخلافية البالغة التعقيد لحين توفر ظروف أفضل من الوضع المحتقن الآن من أجل حلّها. لقد حقق الكورد في العراق بعد انتهاء الكابوس مكتسبات كبيرة رفعت الظلم التاريخي عنهم، وأصبحوا بالفعل شركاء في هذا الوطن، وإحتلوا مناصب هامة في الدولة المركزية، إضافة إلى ما تحقق من الاعتراف لهم بكيان قومي في الإقليم ضمن الدولة العراقية الفدرالية. إلاّ أن النظام السابق ترك لنا سيل من الألغام والتركات الثقيلة التي يتطلب حلّها تدريجياً وليس دفعة واحدة. فلا يمكن حل هذه التركات المتراكمة إلا عبر المزيد من تعميق المسيرة الديمقراطية في البلاد، هذه الديمقراطية التي تبذر بذور الثقة بين العراقيين وأطيافهم وتوفر أرضية من التسامح لحل المشاكل المختلف عليها، وتزيح تدريجياً بقايا المظالم التي وقعت على العراقيين. ولعل أبرز هذه التعقيدات هي مشكلة كركوك التي تحوّلت إلى مصدر توتر قومي وتجاذب خطير بين الأطراف الأثنية والسياسية في البلاد. لقد أصبح من الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى حل ينصف الجميع إلاّ عبر الترّيث والحوار الجاد وتعميق مسيرة إحترام القوانين وإلغاء أي شكل من أشكال التمييز وتعميق الديمقراطية. هذا هو الطريق الذي يوطّد روح التسامح واحترام حقوق الآخرين ونبذ كل أشكال التمييز والتطرف. أما الإصرار على الحل السحري السريع وحل كل المشاكل دفعة واحدة وفي ظل المناوشات القومية، فإنه لا يجلب لنا سوى علاقات متوترة بدون أفق لحلها، واحتقان لا يؤدي إلا إلى زعزعة الأمن الوطني. إن للكرد مصلحة حياتية في إقامة أفضل علاقات الثقة مع أقرانهم العراقيين من كل الأطياف كي يحافظوا على مكتسباتهم التي يتمتعون بها منذ انهيار الديكتاتورية، ولذا فإن عليهم أن يبحثوا، عند حل قضية كركوك الشائكة، عن وسيلة لتحقيق مثل هذه العلاقات إلى جانب رفع الظلم بمن لحق به.
كما ينبغي على المسؤولين في الإقليم أن يدركوا بأن التوتر على الحدود مع تركيا يترك بدون أدنى شك آثاره أيضاً على العلاقات الأثنية في المجتمع العراقي، وتحديداً على العلاقات بين الكورد والتركمان، هذه العلاقات التي تحتاج إلى جهد مضاعف لبنائها على أسس من الثقة والتسامح والعيش المشترك بعيداً عن التراكمات التاريخية المحزنة والمدمرة. وانطلاقاً من ذلك فإن إبعاد المواجهات عن الحدود، سيسحب البساط من تحت من يسعى إلى إقحام الطرف التركي في استغلال قضية العلاقات العرقية في المجتمع العراقي، وبذلك يحد من تدخلهم أو إنجرار بعض العراقيين إلى تقديم خدماتهم غير الجليلة لآخرين في أمر يخص العراقيين وحدهم.
لقد برهنت السنوات المنصرمة الماضية أن بإمكان السياسيين العراقيين الكورد أن يلعبوا دوراً إيجابياً في تقريب وجهات النظر بين الأطراف العراقية بحكم المناصب التي تسنموها بعد الإطاحة بالديكتاتورية. كما يمكن لهذا الدور أن يصبح أكثر إيجابية وتأثيراً إذا ما أعيد قراءة المشهد العراقي والتدقيق فيه، وأن يقدم الإقليم نموذجاً مناسباً في ممارسة ديمقراطية حقيقية واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن ثقافة "القائد الفذ" وثقافة "العشيرة والعائلة" التي لاقت الفشل الذريع في العهد السابق، ومكافحة الفساد العابث في اللإقليم والعراق كله، وإشاعة ثقافة التسامح والعيش المشترك بين العراقيين بمختلف أطيافهم، ونبذ أي مظهر من مظاهر التعصب وضيق الأفق القومي وتأجيجه. كما يمكن لأطراف في الإقليم أن تبدي تأثيراً أيجابياً على سلوك حزب العمال الكردستاني المتطرف الذي لا ينظر إلا إلى البندقية كوسيلة لحل مشاكله مع الحكومة التركية. فالسلاح لم يكن في كل تاريخ الكورد في مختلف بقاع سكناهم وسيلة للحصول على مكاسبهم، ولم يعد السلاح خاصة في الظرف الراهن ذلكالبريق السابق والعصا السحرية لحل المشاكل السياسية. إن الفرصة الآن أكثر مواتية لحزب العمال الكردستاني كي يلعب دوراً في الحد من تأثير العسكر في السياسة التركية وتعميق دور الكورد في الحياة السياسية من خلال الحيز المتوفر حالياً لهذا النشاط، وبذلك يقدمون خدمة كبرى للكورد وإزالة التمييز ضدهم، وللطرف العراقي الكوردي تأثير غير قليل في ذلك.
إن الحرص على عراق ديمقراطي مستقر تتعايش وتزدهر فيه القوميات بتكافل وسلام، يدعو السؤولين في حكومة الإقليم والحكومة المركزية إلى قراءة متفحصة لما يخبأ للعراقيين من مطبات كي يستطيعوا تجاوزها وإنقاذ العراق وأهله من أهوال يراد لهم أن ينجروا إليها.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة واضحة للديكتاتورية العسكرية ولتسييس الدين ورجاله
- اليوم العالمي للغة الأم
- مجلس لنواب الشعب أم كارثة على الشعب والوطن
- يجب إعادة الاعتبار لضحايا كارثة 8 شباط 1963
- -الديمقراطية الإسلامية الإيرانية- في الميزان
- متى يكف بعض المسؤولين العراقيين عن التستر على إنتهاكات حكام ...
- حكومة خبراء لا حكومة محاصصة فاشلة
- لماذا لا تقال الحقيقة للعراقيين؟
- بينظير بهوتو..ضحية الغلو والتطرف الديني
- الأزمة الباكستانية
- -عباس بيزه- و-حسنه ملص- ... و-ضحايا- عائلة الكواز
- أين هي خطة فرض القانون من مناحي الحياة الأخرى؟؟
- في أربعينية فقيدتنا الغالية الدكتورة نزيهة الدليمي
- - السّيد جُندي وسرّحناه -
- العنف أو الإجتياح لا يزيد الطين إلاّ بلّة
- من الذي يسعى الى تقسيم العراق؟
- تراثك باق وذكراك خالدة في قلوب محبيك
- لا إستقرار ولا ديمقراطية في ظل وجود المجاميع المسلحة غير الش ...
- پاڤاروتي..كروان العصر الحديث
- أحمدي نژاد يحلم بأن يملأ الفراغ الأمني في العراق؟


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل حبه - على هامش الاعتداءات التركية - من منطلق الحرص