أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عادل حبه - يجب إعادة الاعتبار لضحايا كارثة 8 شباط 1963















المزيد.....

يجب إعادة الاعتبار لضحايا كارثة 8 شباط 1963


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 2188 - 2008 / 2 / 11 - 11:24
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


يستعيد العراقيون وبعد 54 سنة ذكرى نكبة 8 شباط عام 1963، التي آذنت بولوج العراق في مرحلة مظلمة من تاريخه الحديث. وتعود للذاكرة في هذا اليوم الجمعة أيضاً كل مشاهد وصور المآسي التي حلت بهذا البلد الكريم. إنها ردة بكل معانيها السياسية والأخلاقية والفكرية وبكل القيم التي يركن إليها البشر لإرساء قدر من التوازن والاستقرار في مجتمعاتهم. نجحت الردة في اغتصاب الحكم، ولكنها نجحت أكثر عندما أرست قيم وأسس لردة عميقة شاملة في الوعي مازلنا نعاني من آثارها حتى الآن. استطاعت هذه الردة أن تئد ثورة تموز ورموزها وتزيح رموز التنوير والحداثة في العراق، ولكنها لم تستطع أن تمسح من ذاكرة العراقيين تلك الرموز النيرة والنزيهة التي أخذت على عاتقها مهمة دفع عجلة التقدم والبناء في وادي الرافدين إلى الأمام.
ردة شباط كانت مريعة وشاملة، وطرقت أبواب كل مناحي الحياة. ولم يسلم من شرورها حتى من شارك في تدبيرها وأفتى لها وآزرها، سواء بدوافع دينية مزيفة أو لقصر نظر قومي، أو من التزم جانب الصمت أزاء جرائمها. فحزب البعث نفسه مثلاً تحول من سئ إلى الأشد سوءاً مع التحضير لهذه الكارثة وتنفيذها. فقد راح صعاليكه يقتلون أحدهم الآخر ويقصفونه بالطائرات وبمختلف أنواع الأسلحة إلى أن دُحر أقطاب الإنقلاب على يد حلفاء لهم وعلى رأسهم عبد السلام عارف. ولم يكف هؤلاء الصعاليك عن تعطشهم للدماء، فكرروا فعلتهم بعد أن استلمت الحكم زمرة من "فرسان" شباط، شهدنا ممارساتها لاحقاً بعد انقلابهم وثورتهم "البيضاء" المزعومة في عام 1968. لقد وقع حزب البعث بيد مجموعة همجية لا تصفي خصومها ومنافسيها فحسب، بل وتصفّي قادة حزب البعث أيضاً على حد سواء. ورغم فضاعة هذه الكارثة، إلاّ أنها لم تستطع أن تمسح من ذاكرة العراقيين تلك الرموز التي أخذت على عاتقها مهمة تحديث البلاد، ولا أن تقف مانعاً أمام سعي العراقيين لتحقيق حلمهم ببناء دولة القانون وارساء الحريات والسير على طريق التنوير والحداثة. لقد قال العراقيون "لا" لهذه الموجة الهمجية التي عمّت البلاد منذ شباط 1963، وإستمرت حتى عام 2003. ورغم استمرار فلول هذه الموجة الهمجية في ازهاق أرواح العراقيون بعد تهاوي جبروتهم في نيسان عام 2003، إلاّ أن كلمة لا أضحت تخرج بشكل مدوّي من أفواه العراقيين كي يلغوا وإلى الأبد هذا الطاعون القائم على القتل والتمييز العنصري والطائفي، وعلى الفساد وإنتهاك أعراض الناس وكرامتهم.
لم يبادر أي من الاحزاب والجبابرة في القرن الماضي على التعامل مع خصومهم ومنافسيهم بهذه الدرجة من القسوة إلا حزبان، هما الحزب النازي في ألمانيا الذي استخدم الأفران والمحاليل الكيمياوية واحدث اسلحة الابادة كي يزيل أي أثر لخصومه. أما الحزب الثاني الذي يحتكر هذه الصفة، فهو حزب البعث في العراق الذي قام هو الآخر بتصفية خصومه بذات القسوة بحيث لا نعثر اليوم على أي أثر من آثار آلاف الضحايا التي أزهقت أرواحها في تلك الأيام السود التي تلت نجاح هذه الردة المشينة. إن هدف الانقلابيين الرجعي والمتخلف والهمجي بات واضحاً من أول المراسيم التي أصدروها، بدءاً من تجميد قانون النفط المرقم 80 والذي صدر في عهد تموز، والغاء قانون الأحوال الشخصية الذي حرر المرأة العراقية من دائرة العبودية، إلى مرسوم إباحة قتل الناس على الهوية وبدون محاكم أو قضاء، وهي مراسيم تكشف زيف إدعاتهم حول الحرص على الوحدة القومية أو انتصارهم لقيمنا الدينية. هذه المراسيم، من جملة مراسيم كثيرة أخرى، توضح طبيعة هذه الردة الهمجية. ويكفي في هذا الإطار أن نشير إلى أن السجون والمعتقلات والملاعب الرياضية التي حوّلها الانقلابيون إلى معتقلات ضمت، حسب اقرار الانقلابيين أنفسهم، قرابة 180 ألف معتقل. وهذا ما يعادل مواطن من أصل 8 مواطنين عراقيين بالغين. كما يكفي لتبيان المحتوى الرجعي لهذا الانقلاب أن نشير إلى أنهم قاموا باعتقال واغتيال النخبة المتعلمة والمثقفة والخبيرة في عراق تلك الأيام. فقد أعتقل عالم العراق الأول وأول رئيس لجامعة بغداد العالم عبد الجبار عبدالله وأجبروه، إلى جانب المئات من أهل الخبرة والمعرفة، على جمع نفايات السجون والمعتقلات.
كل هذه الردة مرت ولم يدينها اشقاؤنا العرب، بل أنهم كالوا الشتائم للضحايا تماماً كما يفعلوا الآن. ولم يبادر حتى من شارك في هذه الجريمة وفي صحوة ضمير إلى ادانة ما حدث، والاعتذار أو حتى الأدلاء بمعلومات عن مصير الآلاف من الضحايا وأماكن مثواهم وجثامينهم ومنهم الزعيم عبد الكريم قاسم وسلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وآلاف أخرين قتلوا بشكل وحشي وبدون أية إجراءات قضائية. لقد بادر البعض ممن شارك في هذه الجريمة وباستحياء الى فضح جانب من الحقيقة وليس كلها. وقام شركاء لمدبري الانقلاب بعد الإطاحة بهم، إلى نشر كراس هزيل حول الجريمة التي ارتكبت. ولكن أصرّ آخرون على تزيين هذه الجريمة ووصفها بـ "عروس الثورات" كما وصفها صدام حسين ورهطه أثناء فترة حكمه، في حين قام آخرون بنشر ذكرياتهم البائسة عن هذه الجريمة دون انصاف آلاف الضحايا الذين قتلوا دون الحدود الدنيا من الاجرءات القانونية واحترام مشاعر من تبّقى من ذوي الضحايا. ومن المؤسف أن يبادر حتى من أصطف إلى جانب المعارضة وساهم في العملية السياسية بعد الإطاحة بنظام العسف السابق، ومن على شاشات التلفزة أثناء دعايته الانتخابية، إلى التباهي بدوره في تلك الجريمة الشنعاء ولا يقدم اعتذاره للشعب العراقي.
لقد آن الأوان وبعد أن زال الكابوس الذي استمر أربعة عقود عجاف، أن يطالب العراقيون بإعادة الإعتبار لضحايا هذه النكبة الوطنية، والكشف عن تفاصيل الجريمة وآثارها المعنوية والسياسية على العراق. القضية لا تتحدد في الدفاع عن الزعيم عبد الكريم قاسم وزملائه من الضحايا وقادة الحزب الشيوعي ورفاق الحزب وأنصاره، وهم يستحقون بجدارة كل آيات الاستحقاق بإعتبارهم وطنيون وقفوا أمام أشرس هجمة وردّة رجعية واجهت العراق في القرن الماضي. إن القضية تخرج من هذا الإطار لتلقي بظلالها على ما لحق بالعراق من تدهور شمل كل الميادين، وما زرعه هذا الانقلاب من ثقافة الرعب والعنف والبلطجة السياسية ودولة اللاقانون والعسكرة والحروب المدمرة التي مازال العراقيون يحصدون ثمار هذه الثقافة. إننا مطالبون بالكشف عن تفاصيل هذه الجريمة، وأن يدلي من هو صامت من أصحاب الضمير وممن عمل في صفوف البعث آنذاك بتفاصيل مشاهداته ومعلوماته، كي تتم مصالحة شفافة. إن الهدف لايتحدد في السعي للانتقام وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى القضاء، بل الوفاء للضحايا والأمانة لتاريخ بلادنا الدامي. آن الأوان أن تشطب حكومتنا الحالية والمؤسسات التشريعية كل الأحكام الباطلة والمراسيم المزيفة التي صدرت عن الانقلابيين بعد 8 شباط عام 1963، وارجاع الحق إلى أصحابه وإنصاف عوائل المغدورين معنوياً وسياسياً. لا يكفي أن يخصص راتب لعائلة الشهيد عبد الكريم قاسم، فهم لا يحتاجون إلى هذه الدنانير. يجب أن يلغى الحكم الصادر بحقه في دار الأذاعة العراقية في ذلك اليوم الشباطي الأسود، كما يجب أن تلغى كل الإتهامات والأحكام الباطلة ضد قادة الحزب الشيوعي وفي مقدمتهم سلام عادل وكل وطني أصابه الغدر في هذه النكبة الوطنية.
كما يتحتم على المسؤولين في المدن العراقية والعاصمة بغداد أن يزيلوا تسمية 14 رمضان من كل الشوارع والنصب والجوامع. ولا ينبغي على المسؤولين في وزارة التربية أن يبقوا على هذه الناكبة تدرس في دروس التاريخ وبلهجة الثناء والمديح، بل ينبغي إدانة هذا الحدث وتبصير طلبتنا وتلاميذنا بها كي لا يتكرر ذلك من جديد وتحت عناوين من "مقاومة مزعومة" أو "حزب عودة" مهلهل بائس أو "دين مزيف". إن ما يؤسف له أن يدور ممثلي الشعب في مجلس النواب حول علم ونسر منتوف الريش كشعار للبلاد يرتبطان بكل مآسي العراق ومحنه وبؤسه متجاهلين مشاعر أغلبية العراقيين، ويتجاهلون بشكل غريب علم الجمهورية الأول وإسم الجمهورية العراقية الذين يرتبطان بسنوات قليلة ولكنها زاهية ومثمرة في تاريخ العراق.




#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الديمقراطية الإسلامية الإيرانية- في الميزان
- متى يكف بعض المسؤولين العراقيين عن التستر على إنتهاكات حكام ...
- حكومة خبراء لا حكومة محاصصة فاشلة
- لماذا لا تقال الحقيقة للعراقيين؟
- بينظير بهوتو..ضحية الغلو والتطرف الديني
- الأزمة الباكستانية
- -عباس بيزه- و-حسنه ملص- ... و-ضحايا- عائلة الكواز
- أين هي خطة فرض القانون من مناحي الحياة الأخرى؟؟
- في أربعينية فقيدتنا الغالية الدكتورة نزيهة الدليمي
- - السّيد جُندي وسرّحناه -
- العنف أو الإجتياح لا يزيد الطين إلاّ بلّة
- من الذي يسعى الى تقسيم العراق؟
- تراثك باق وذكراك خالدة في قلوب محبيك
- لا إستقرار ولا ديمقراطية في ظل وجود المجاميع المسلحة غير الش ...
- پاڤاروتي..كروان العصر الحديث
- أحمدي نژاد يحلم بأن يملأ الفراغ الأمني في العراق؟
- على هامش الأحداث الدامية الأخيرة في كربلاء كلمة السر هي الدع ...
- -البروليتاريا الرثة- وواقع العراق الراهن
- نظرة على إجراءات الرئيس الفنزويلي لا إشتراكية بدون ديمقراطية
- هدية أقدمها الى شتّامي العراق والعراقيين


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عادل حبه - يجب إعادة الاعتبار لضحايا كارثة 8 شباط 1963