أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - هناك بديل















المزيد.....

هناك بديل


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2196 - 2008 / 2 / 19 - 12:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هناك تحد قديم ألقته السيدة الحديدية تاتشر في وجه معارضيها و أصبح منذ ذلك اليوم أحجية أو لغز على كل حالم بالتغيير أن يحله : لا يوجد بديل..لا بديل عن الشكل السائد من عملية السلام و لا بديل عن هذه الأنظمة التي تجثم على صدورنا , إنها آخر ذريعة بيد نظام استباح البلد و كأنه جيش من البرابرة بعد فتحهم مدينة ما عنوة...هناك إجماع على أن هناك فعلا مأزق يواجه قضية البديل هذه..إن البديل تماما كما كان قبل عقود هو أساسا نتاج لهذه النخبة التي تدعي أو تملك فعلا مفاتيح هامة لفهم الواقع و لتحديد المخرج من أزماته..الحديث هنا بالتحديد يدور عن النخبة المثقفة و الناشطة سياسيا..هذه النخبة قبل عقود أكدت لنا أيضا أنها اكتشفت المفتاح السري لكل مشاكلنا , كانت يومها تتحدث عن القومية العربية و بشكل أقل عن العدالة الاجتماعية..لكنها اليوم قد دمقرطت و لهذا بالذات تعتبر نفسها من جديد أساس الحل و مصدره الأوحد , إنها البديل , و الأهم إن سلطتها هذه المرة هي البديل الديمقراطي..كان كل ما احتاجت إليه النخبة هو أن تهيل التراب على ماضيها الإيديولوجي و خلصت ! , أصبحت ديمقراطية و طبعا بدأت تتطلع حولها لتصبح أيضا ديمقراطية في علاقاتها السياسية الخارجية و الداخلية و في مفهومها نفسه عن الديمقراطية....في الحقيقة كل ما قامت به النخبة هو باختصار ترك الرهان على الحصان الذي خسر بالفعل و الانضمام إلى الرابح , هذا ليس تحليلا إبداعيا للواقع , و لا تميز يسمح للنخبة أن تزعم أنها مرة أخرى مصدر الحل الفلتة , إن الخيار الليبرالي ليس أكثر من تقرير لواقع هزيمة الماركسية الستالينية و أحادية القوة الأمريكية , هذا أمر لا يحتاج حتى إلى ذكاء عادي..هذا الخيار الليبرالي ليس إلا دمج عبادة القوة الأمريكية مع الولاء للبديل الأصولي الشعبوي , ليس في هذا أي شيء له علاقة من قريب أو بعيد مع دمقرطة هذه النخبة لخطابها أو لطريقة تفكيرها أو مقاربتها أو ممارستها أو شكل السلطة الذي تتحدث عنه..إن النخبة كما هو واضح ما تزال تصر على أنها تعرف أكثر من الجماهير و أنها هي التي تملك الوسائل الأكثر تماسكا لقراءة الواقع و اكتشاف الحقيقة , إنها تصر أنها هي صاحبة السلطة الأفضل لكن هذه المرة ليس لأنها قومية أو يسارية , بل تحديدا لأنها ديمقراطية..هكذا تتحول الديمقراطية إلى موقف إيديولوجي لا علاقة له بالبشر , موقف يتمحور حول السلطة و ليس حول تحريرها , ليس هناك أي جديد في كل هذا..هناك في الواقع أزمة في قراءة هذه النخبة للواقع , في تضخم أناها مقابل تهميشها لكل أنا إنسانية خارجها , إنها تتعامل مع الناس على أنهم كائنات غير مكلفة على أقل تقدير بالتكليفات الشرعية للحياة , أي بالتفكير و الفعل , بل بالحياة نفسها..إن المأزق هنا و الذي لا تدركه النخبة هذه المرة أن السلبية الصريحة للشارع تجاهها اليوم إنما هو تحديدا بسبب هذا السقوط المدوي للماركسية الستالينية و القومية , إن دفن هذين الكائنين التسلطيين أكثر من مستحق , لكن هذين الكائنين كانا سلاحا بيد النخبة نفسها حتى الماضي القريب لذات الغرض الذي أصبحا فيه اليوم غير ذي نفع : كانا طريق أقسام من هذه النخبة إلى كرسي السلطة..هذا السقوط هو سقوط لخطاب النخبة مهما حاولت أن تتبرأ منه اليوم..المستفيد الأساسي من هذا السقوط على العكس مما قد يتوقع ليس الأمريكان أو وكلائهم المحليين , إنهم الإسلاميين و ذلك بكل بساطة لأن خطابهم تاريخيا هو البديل الفكري المباشر الشعبوي لليسار و القوميين..تحاول أقسام من النخبة و هي تتوقع أنها تقطع حبلها السري مع ماضيها الإيديولوجي أن تروج للقبول بهذا البديل الأصولي على أنه أساس أية دمقرطة جدية للمجتمع و تحاول أن تغطي على ضعفها و هامشية خطابها سواء بالقوة الأمريكية أو الأصولية..من المؤكد أن أسوأ ديمقراطية تمثيلية ستكون أفضل بما لا يقاس من الديكتاتورية الراهنة , و من المؤكد أن رفض أية انتخابات مهما بلغت من شكلية و نتائجها المفترضة أي نجاح القوى الأصولية له معنى واحد بدون شك و هو الديكتاتورية بأسوأ صورها , و من المؤكد أن التصرف بنفس طريقة الإخوان و أسلاف الليبراليين أنفسهم في عام 1958 عندما استدعوا النظام الناصري ليقف في وجه المد اليساري و اعتبار الديكتاتورية القائمة اليوم في دمشق عقبة ضرورية في وجه صعود الأصوليين لا يعني إلا خيانة الجماهير و حريتها و هدفها في مستقبل أفضل..إن المأزق يكمن في نخبوية هذه الطبقة , الذي لا يمكن أن يقوم إلا على تهميش الناس , و الأكثر في ثقافتها المتهافتة الأقرب إلى الموضة , و التي تصر على الابتعاد عن الاختلاف و على وسم كل مخالف بأشنع الصفات من الخيانة في السابق و العمالة لأعداء الوطن إلى العمالة للأنظمة و دائما التخلف عن الواقع , هي كلها ماركسية في فترة صعود الماركسية و كلها قومية في فترة صعود القومية و كلها ليبرالية عندما انتصرت أمريكا بالأمس القريب على خصمها الستاليني..تقوم ممارسة هذه النخبة على مبدأ أساسي : أنا الشعب و الشعب أنا , لقد أرادت بالأمس أن تحكمنا لأنها قومية أو يسارية و اليوم لأنها ليبرالية تؤمن بوصول الأصوليين إلى السلطة أو بالقوة الأمريكية , بمجرد أن اعترفت بالقوة الأمريكية أو الأصولية أصبحت ديمقراطية على الفور و كأنه دواء يبدأ تأثيره بعد ساعات من تناوله , أما الناس فهم غائبون في الماضي و الحاضر..هناك شرط أساسي يجب على النخبة أن تقوم به كي تتحول فعلا , عليها أن تتنازل عن نخبويتها..هذه النخبوية اليوم هي أساس هذا المأزق الذي يجب على النخبة أن تتخلص منه مرة واحدة إلى الأبد..على النخبة أن تقبل بإزالة الفواصل بينها و بين الشارع , بين الناس الذين طالما اعتقدت أنها أكثر ذكاءا و قدرة على الفهم و التحليل منهم , أن تتلاشى فيهم , في همومهم و آمالهم و في أشكال تنظيمهم و عملهم و في محيطهم الواسع , أن تتعلم منهم و أن تعزز مبادرتهم لا أن تصر على أن تقولب كل مبادراتهم وفق النسخة الأخيرة من خطابها السائد..عليها أن تنظر في المرآة جيدا محاولة أن تكتشف لماذا أنتجت هي نفسها هذا الكم من الزيف و فتحت الطريق للاستبداد في الماضي و لماذا لا تستطيع أن تأخذ المبادرة , لماذا تكتفي في هذه المرحلة التاريخية بالنزول من الحافلة التي تعطلت و تصعد إلى الحافلة التي سبقتها دون أن تفكر حتى بأخذ المقود بيدها , أو بدعوة الناس من حولها لأخذ المقود مباشرة باتجاه الطريق الذي يريدونه هم..انظر حولك ! لم يتغير أي شيء , حتى الأسماء هي نفسها , في العراق و لبنان , مثلا قبل و بعد "التغيير" , و في سوريا الحال هو نفسه , الأسماء فقط "غيرت" أماكنها..لنعد إلى قضية البديل , أولا لا يمكن بأية حال من الأحوال اعتبار أن من حق النظام السوري الذي يفتقد لأية شرعية جماهيرية أن يعاقب النخبة على فك ولائها له , إن الشيء الوحيد الصحيح الذي يمكن للنظام أن يفعله هو أن يتنحى فورا و دون نقاش , ثانيا يمكن و لو لقسم محدود من النخبة أن يقرر أن يندمج أخيرا في الشارع , أن يعتبر نفسه جزء من الحياة نفسها و أن يتخلى عن خيلائه الميتافيزيقي , أن يبدأ التعلم مع الناس كيف يمكن إقامة ديمقراطية مباشرة على أرض الواقع , دون أسياد من أي نوع , دون الحاجة لأية نخبة تدعي العلم بكل شيء على الضد من الطبيعة و الحقيقة و دروس التاريخ و ستكون عملية استمرار أو صعود أية قوة تسلطية عندها مجرد تدريب ضروري للناس ليتعلموا أن يعيشوا بدون سادة , أحرار و متساويين.......



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوقفوا مديح السلطان !
- حزب الفهود السود في الولايات المتحدة
- نداء إلى العمل ضد قمة الثمانية في يوليو تموز 2008 من لا ! لق ...
- مقتل عماد مغنية...
- جوزيف ستالين : عن استخدام الضغط الجسدي على السجناء
- عالم مختلف ممكن ! بيان صادر عن الرابطة المناهضة لقمة الثماني ...
- خصخصة الصهيونية
- في ذكرى ثورة كرونشتادت , بقلم نستور ماخنو
- أخبار كرونشتادت
- جيمس كونولي عن الفعل المباشر
- عراق ما بعد الحرب : مثال حي عن الخصخصة ؟
- لا بد من التصدي لقمع النظام الهمجي , من أجل إطلاق سراح رياض ...
- الحضارة الغربية : فكرة حان وقتها .
- نحو استعادة الشوارع , من أجل كل الحرية للجماهير , نحو بناء ا ...
- انقطاع الكهرباء و الغلاء و الطائفية و البشر....
- على أي حال , و في كل الأحوال ! السيد محسن بلال , الشعب ما زا ...
- من أجل كل ضحية و إنسان , أطلب منك أن تعتذر لأهل غزة , رد على ...
- مسؤولية الكتاب و المثقفين لنعوم تشومسكي
- في رفض الديمقراطية الأمريكية و حرية الأنظمة في قمعنا , دفاعا ...
- بين ساركوزي و بوش و المطاوعة , النفط هو السر


المزيد.....




- لماذا أصبح وصول المساعدات إلى شمال غزة صعباً؟
- بولندا تعلن بدء عملية تستهدف شبكة تجسس روسية
- مقتل -36 عسكريا سوريا- بغارة جوية إسرائيلية في حلب
- لليوم الثاني على التوالي... الجيش الأميركي يدمر مسيرات حوثية ...
- أميركا تمنح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر با ...
- ?? مباشر: رئيس الأركان الأمريكي يؤكد أن إسرائيل لم تحصل على ...
- فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الج ...
- بينهم عناصر من حزب الله.. المرصد: عشرات القتلى بـ -غارة إسرا ...
- الرئيس الفرنسي يطالب مجموعة العشرين بالتوافق قبل دعوة بوتين ...
- سوريا: مقتل مدنيين وعسكريين في غارات إسرائيلية على حلب


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - هناك بديل