أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي فريد التكريتي - هل تُصْلِح المرجعيات الطائفية ... الحكم إن فسد ..؟















المزيد.....

هل تُصْلِح المرجعيات الطائفية ... الحكم إن فسد ..؟


هادي فريد التكريتي

الحوار المتمدن-العدد: 2192 - 2008 / 2 / 15 - 10:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عبود الكرخي ، الشاعر الشعبي الكبير ، شهد كل عصور الظلم والجور التي مرت ببغداد ، عاصر الحكم العثماني ، وجور ولاتهم ومماليكهم ، كما كان شاهدا على جرائم الاحتلال البريطاني للعراق ، وما مارسه المحتلون ، من فضائع بحق العراقيين ، هَدْرٌ لكرامتهم ،واستباحةٌ لمدينتهم العريقة ، بغداد ، كما شهد تنصيبهم لفيصل الأول ملكا على العراق ، مقرونا بزيف وعودهم تارة ، وبالخديعة والتضليل حينا" آخر ، كما واكب عسف وجور الحكومات التي كان يشكلها المندوب السامي وعملاء السفارة البريطانية ، وتحسس الكرخي ، بكل جوارحه ومشاعره ، وهو الناقد الساخر، ذو الحس المرهف ، ظلم وفساد أجهزة الحكم الوطني ، وقسوتهم على المواطن المغلوب على أمره ، بتقنين لقمته عيشه ، وبالتضييق على حريته ، وهو الصحفي الحر ، الذي لا يمكنه أن يعيش ويمارس مهنته دون حرية مطلقة في التعبير ، وإدانته لكل عمل يراه مجاف لحرية وكرامة الإنسان ، فلم يكن قادرا على السكوت لضيم ، ألم بمواطن ، محاباة لحاكم من أبناء جلدته ، فكيف إذا كان هذا الحاكم أجنبيا"، جلفا"، مغتصبا" لأرضه ، ناهبا" لخيرات بلده ، حارما الشعب حتى من لقمة عيشه ، المغمسة بالذل والهوان..؟
الفساد قد استشرى على عهد شاعرنا الكرخي ، أيام الإحتلال البريطاني ، كما هو مستشر اليوم ، فلا فرق ، فإن كان الاحتلال بريطانيا أيام الكرخي ، فهو في أيامنا هذه مزدوج ، أمريكي ـ بريطاني ، إلا أ ن ما يميز عصر الكرخي ، عن واقعنا الطائفي المعاش ، وحدة وطنية طاغية ، ولدت عنده جرأة في النقد ، ليس فقط للاحتلال وإدارته، وإنما لأعلى سلطة في البلد ، فقصة الكرخي وحواره مع بائع السمك ، خير دليل على تعرية الفساد ، والقائمين عليه ، بلغ ذروته في النقد، لرأس السلطة ولكل من حوله ، في مفاصل الدولة ومؤسساتها، ولسلطة الإحتلال للأجنبي ، فالكرخي عندما بدأ بشم ذيل السمكة ، لمعرفة "الجيفة "وأين وصلت ، لتبيان حجم الفساد ، نَهَرَهُ البائع قائلا : " عمي الناس تشم من الراس مو من الذيل..! " أجابه الكرخي بهدوء الواثق ، وثقة العارف : " آني أدري، وأعرف الراس جايف ، بس دا أريد أعرف وصلت الجيفة للذيل لو بعد ... ؟ " وهذا أقسى نقد يوجه لرأس الدولة ، الذي هو الملك آنذاك.. والمجتمع البغدادي تداول هذا النقد ، شفاها وتحريرا ..واليوم هل يجرؤ أيٌ كان على مثل هذا ، دون أن يدفع حياته ثمنا لكلمة حق يؤمن بها ، وما أكثر الصحفيين والكتاب الذين دفعوا الثمن غاليا لكلمة، كتبوها أو قالوها ، عن العراق وعن الحكم الطائفي ـ العنصري، تحت علم ومرأى ، وتدبير أيضا ، من سلطة المحاصصة وميليشياتها..! ..
كل مسؤولي الحكم عندنا ، من حكام المحاصصة ، بدء" برئيس الوزراء ،ونوابه كافة، ووزرائه على اختلاف انتماءاتهم ، وبقية المسؤولين والمستشارين ، والناطقين باسمه ، في مكتبه ، وليس انتهاء بمسؤول الأمن الوطني ، كل هؤلاء ، يقرون ويعترفون ، علنا ، أن أجهزتهم فاسدة ، ( إلا إنهم غير فاسدين بل معصومين ) وأن فساد الدولة وأجهزة الحكم بلغ مبلغا ، فاق كل ما كان حاصلا ، لدى الأولين والآخرين ، من خرق للدستور ، وتجاوز على حرية وحقوق المواطنين ، وقتل المئات بل وآلاف الأبرياء، من النساء والرجال ..إلا إنهم جميعا ، يهرولون نحو المرجعية ، طلبا للمغفرة وحسن الثواب ..

رئيس الجمهورية ، الذي كفل له الدستور مقاما ساميا" في مادته 56 : " رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ، ويمثل سيادة البلاد ، يسهر على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظة على استقلال العراق ، وسيادة وحدته وسلامة أراضيه ، وفقا لأحكام الدستور ." والسؤال هو : هل هناك من رئيس للدولة عندنا ، غير رئيس الجمهورية . ؟ يمثل سيادة البلاد ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور..؟ فإذا كانت المرجعية الطائفية هي من يلوذ بها كافة المسؤولين ، في الدولة ، للأخذ بالحلول والمقترحات التي ترتئيها المرجعية ، ألا يعني هذا أن دولتنا هي دولة الإمام الفقيه ، غير المعلنة رسميا ، والمتفق عليها بين قوى الائتلاف الطائفي ، والتي تمثل الأكثرية في مجلس النواب ، بدليل أن رئيس الجمهورية الطلباني ، وهو أعلى منصب قيادي في المجتمع ، هرع إليها كغيره ، متوسلا بها لحل ما يعترض سبيل دولته (الفدرالية )، وحكومة الإقليم ، من مشاكل ، مع حلفائه ، وإلا كيف سيوفق بين موقفه هذا ، وما ينص عليه الدستور بحقه ، وفق المادة الآنفة الذكر.

كيف يسهر الرئيس على ضمان الالتزام بالدستور،و الدستور يخرق في كل ساعة ويوم ، من قبل كافة هيئات وأعضاء سلطات الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهو غير قادر ليس على مصارحة الشعب بما يحدث ، وإنما غير قادر أيضا ، على الطلب من الجهات المسؤولة ، لمحاسبة المقصرين ومساءلتهم ، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردعهم ، كيف يمكن أن يعالج ا"لالتزام بالدستور" ، وهو يرى ويسمع شكاوى هيئة، أقرها الدستور لمعالجة الفساد ، وهي ممنوعة من مزاولة عملها ، وغير مسموح لها من متابعة فضائح أزكمت رائحتها انوف الشعب العراقي ، وليس فقط ساكني المنطقة الخضراء بل وحتى ساكني القصور الرئاسية ، من الأمريكان والأنكليز ،هذه الهيئة مُنعت من التحقيق في أبسط قضايا الفساد ، في دوائر الدولة الطائفية ، فرئيس الوزراء ، قد خرق الدستور ، ويخرقه يوميا ، عندما منع ، يمنع هيئة النزاهة من ولوج أية وزارة من وزاراته ، للتحقق مما يرد إليها من شكاوى فساد موثقة ، بالصوت والصورة .. وكيف يمكن معالجة الفساد والنهب لثروات البلاد وخزينتها ، ووزير المالية ، المهندس بيان جبر ، باقر صولاغ الزبيدي ، يضع يده على المليارات من الدولارات ، دون أن يدخلها خزينة الدولة ، ودون أن يضمنها بنود الميزانية ، كما لم يفصح عن الجهة التي ستؤول إليها هذه المبالغ ، ولم يكتف بعدم موافقته على دخول هيئة النزاهة لوزارته ، للتحقيق فيما ورد إليها من قضايا فساد ، الذمة والضمير، والاختلاسات الحاصلة في وزارته ، إنما طالب بحلها ، لأن أجور ومخصصات العاملين فيها ، كما يقول ، ترهق ميزانية الدولة ، (هكذا) أما السرقات بالمليارات ، ( فهي حق جدهم ) ، يتصرفون بالدولة وبثرواتها على هواهم ، دون الرجوع إلى مرجعية لحساب أو مساءلة ، ولم يعتبروا بما جرى لصدام ونظامه ، فليس هناك من مسؤول ، أو مواطن عادي ، لم يعلم بما يحدث ، فمن يعالج الفساد ، وكيف..؟!..
كيف يمكن للرئيس التحقق من عدم خرق القوانين ، ووزراء كتل الائتلاف، وغيرهم من كتل محاصصة الأحزاب الدينية ـ الطائفية والقومية ـ العنصرية ، تعرقل إقرار ميزانية الدولة ، التي تتوقف عليها حياة الشعب المعاشية ،وكل المشاريع الخدمية والصحية والاقتصادية ، التي تضمنها برنامج الحكومة لهذا العام ، دون أن يكون هناك تشخيص للمتسبب في هذا التخريب ..؟

سئل يوما ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية ، عن الفساد في حكومته ، فقال الفساد موجود في ظروف الحرب ، ويمكن معالجته لاحقا ، ولا خوف على الدولة طالما الفساد لم يصل لمؤسساتنا التعليمية والقانونية ، فإن لحق بهاتين المؤسستين سقطت الدولة ..وعندنا هل أفسدت سلطة المحاصصة الطائفية ـ العنصرية هاتين المؤسستين ؟ وهل وصل لسمع السيد الرئيس ما يجري في المدارس والمعاهد والجامعات ، من فساد قيم وأخلاق ، وبيع وشراء شهادات عليا ، ولكل الاختصاصات ..؟ فمن يحمي الشعب والوطن وثرواته ، إن لم نكن قادرين على حماية الدستور، وخاتمة القول : حكام فاسدون ، ونظام حكم فاسد ، ومرجعياته الطائفية غير قادرة على إصلاحه ..!!
14‏شباط‏‏ ‏08‏20





#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعث وشباط الأسود ..والقطار الأمريكي ..!!
- هل نصمت ...؟ إذن نستحق ..!!
- شهادة الفقر ..والبطاقة التموينية ..!!
- مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!!
- حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟
- كركوك والبصرة ..الأخطر في الصراع العراقي ..القومي والطائفي . ...
- الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!(4)القسم الأخير
- الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!! (3)
- الحرية والديموقراطية..في العراق...!!(2)
- الحرية والديموقراطية في العراق.. ! ( 1 )
- جرائم الشرف ..عار المجتمع الرجولي ..!!
- الحوار المتمدن ..مدرسة ومختبر ..!
- الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب ..!
- قانون المساءلة والعدالة : بين الحقد والمصالحة..!
- بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! / القسم الثاني ...
- بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ..!(1)
- المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
- عراق لكل العراقيين ..!
- السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ..وحقد أسود ..!
- ماالحل...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!!


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي فريد التكريتي - هل تُصْلِح المرجعيات الطائفية ... الحكم إن فسد ..؟