أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صباح كنجي - آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..11-ج3















المزيد.....


آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..11-ج3


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2181 - 2008 / 2 / 4 - 08:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إنّ خصوصيات الدين الأيزيدي العديدة،أهم ما يميزه عن بقية الأديان ، وتتجسد في الكثير من الطقوس والممارسات ، التي ينفردُ أتباعه ومعتنقوه بأدائها،التي تعود في جذورها إلى الديانات القديمة في العهد السومري .
من بين أهمها إلى اليوم ، الطقوس الخاصة بدفن الميت، التي تتجسدُ فيها مفاهيم الميثولوجية الأيزيدية ، المنبثقة من تناسخ الأرواح ( كراس كوهرين.. أي تبديل الجسد) ، بحكم القناعة ببقاء الروح و إنتقالها مع فناء الجسد (من حال إلى حال ، من صيرورة إلى أخرى ، من واقع معلوم إلى مصير مجهول )6.
يقول وول ديورانت :
في كتابه الشهير قصة الحضارات ( الموت أصل الديانات كلها ) 7.
كما يقول افلاطون :
( الفلسفة تأمل للموت ) 8.
و يقول جون تولاند JonToland :
(إن اكثر الأشكال قدما ً للدين الوثني هو الأيمان بالروح ووجودها بعد الموت،وبهذا كشف نشوء عبادة عالم الموتى لدى المصريين القدماء ) 9.

هذه المفاهيم التي تفلسف الموت وتعتبره صورة من صور الأنتقال ، إنتقال الروح في المكان ليس إلا ، في حركتها الأبدية،المستمرة ، والمتواصلة، تدفعهم للتعامل مع الموت والتفاعل مع الحدث ،عبر إصطحابهم للموسيقى لمرافقة نعش الميت ونقله من البيت حتى دفنه في مثواه الأخير بصحبة فرقة من القوالين من العازفين للناي والناقرين على الدفوف ( دف وشباب) التي تتقدم النعش ويستمر العزف لحين الإنتهاء من الدفن ، حيث يتم قراءة قول ( سر مركهي.. قول الميت) ، الذي نصه أو مضمونه منشور في كتاب مشترك لخليل جندي وبير خدر سليمان ،ضمنه الدكتور خليل ، في كتابه الجديد عن صفحات من الأدب الشفاهي الأيزيدي 10، والقاريء لهذا النص ، يتبين له بوضوح الفرق الكبير والبعد الميثولوجي بين الأيزيدية والاسلام .

و تتقارب مع ما ذهب إليه الباحث حسين العودات في كتابه الهام الموت في الديانات الشرقية ..
( كانت الديانات الهندوسية أكثر تطورا ً ونموا ًورقيا ً من الديانات السابقة ، ورفضت أن تقف خائرة القوى أمام الموت ، فتوصلت إلى القول : أن الجسد وحده هو الذي يموت ، أمّا الروح فهي خالدة غير مائتة ، وسيأتي اليوم الذي تتحد فيه روح الفرد مع الروح الكبرى الكلية المطلقة ، لتنعم بخلود ونعيم أبديين . وبالتالي جعلت الديانات الهندوسية سهام الموت تصيب جسدا ً لا روح فيه ، وجثة لا حياة فيها ولا حركة . فخففت بذلك من جبروت الموت وسطوته.).11
ويقول شالي :
( وهناك نص جميل ، استعاره اولدنبورغ من البراهمانا ، براهمانا المئة درب ، ينبئنا بهذا الكشف : " وما تنتزع الطرّزة قطعة القماش الكثير الالوان ، وتنشىء بدلا ً منها ، قطعة اخرى ، اجمل شكلا ً ، فكذلك الروح " في الموت " تترك جسدها يسقط عنها ويغيب في النسيان ، وترتدي جسدا ً آخر، وشكلا ً آخر ، إما إلهيا ً أو بشريا ً، وإما صورة كائن آخر ... فكما عمل ، وكما كان سلوكه ، سيكون عندئذ:
فمن يعمل الخير يصبح طيبا ً، ومن يعمل الشر يصبح كائنا ً سيئا ً، وبالأعمال الصافية ، يصبح صافيا ً، كما يصبح خبيثا ً، إذا ارتكب الأعمال الخبيثة ) 12...


بعد ذلك تتلى قصص الخليقة لمدة سبعة أيام متواصلة في دار المتوفي أو في فناء احد المزارات ، التي يتردد إليها ذوي الميت و أقرباؤه ، وتتكرر في الأربعينية والسنة الجديدة،كما تواصل فرق القوالين ، مرافقة النساء أثناء التردد على القبور، وزيارة الموتى في المناسبات وأيام الأربعاء والجمعة والأعياد ، وإذا كان الميت من الشباب يمكن أن يُضاف أو يُستعاض عن فرق القوالين بعازف الزرنا الذي يقدم لحنا ًحزينا ًومتميزا ً.
هذا ما ينفرد به الأيزيديون ، من ممارسات دينية لها علاقة بالموت ...
لا يفوتني أن انوه إلى أهمية ما ورد في اسطورة ميرمح التي يتناقلها الأيزيديون،المتقاربة في الشكل والمضمون مع ملحمة كلكامش الشهيرة ، التي تعالج قصة الموت والخلود ، حيث جاء فيها:


( يقال:
كان لرجل كبير وغني،رجل مؤمن وحكيم ، إبن يدعى (مير مح ) ، وكان أبيه لا يريد أنْ يرى إبنه أية معاناه ، أويعرف الفاقة والعوز، أو يتعرض للشر والموت .
لذلك لمْ يَسمحْ لمير مح بمخالطة الناس ، كي لا ُتشاهد عينيه أو ُتبصر مصاعب الحياة ، وكل شيء،كان يطلبه إبْنهُ يوفره له في الحال، في خدمته عدد من الرجال والخدم،يؤنسوهُ ويفرحوهُ في كل الأوقات .
لحين بلوغه سن الزواج ، حيث خطب له أبيه فتاتا ً، جميلة ومناسبة ، وزوجه منها ، أصبح مير مح منتشيا ًوسعيدا ً للغاية .
عاش في وئام وسعادة بالغتين معها،فأشرقت روحه وأقبل يتمتعُ ويفرحُ بالحياة،السرور ملازمه ، لم يكن يعرف الهموم والأحزان .
كما تقول القصة ...
بعد عدة اشهر من زواج مير مح جاءه أصحابه ذات ليلة لسهرة،قضت بفرح ومرح ونكات وضحك ، لساعة متأخرة من الليل ، قبل أن يُغادروا إلى بيوتهم ، حيث رافقهم لغاية الباب .


عاد فوجد زوجته نائمة ، ناداها لتستيقظ ..إنهضي .. فيقي ..لكن دون جدوى ... لم تستيقظ.
تصور مير مح زوجته نائمة ، وقال سوف أدعها تنام إلى الصباح ، تمدد هو الآخر إلى جنبها .
في الصباح ، صاح مير مح على زوجته ليوقضها ، لكنها لم تستجيب أو تتحرك ، وبقي هكذا لحين جاءهُ أصدقاؤه ... كانوا يستفسرون منه ... أين أمُّ البيت ؟ أين زوجتك ؟
أجابهم : أوووه ه من البارحة دخلت في الفراش وبقيت نائمة !
ذهبَ أصدقاؤه لرؤيتها ، لم تكن نائمة !قالو .. إنها قد تكون ميتة ! مير مح ... إنّ زوجتك ميتة !!
سأل مير مح :
ما هو الموت؟!
أجابوا : جبرائيل (عزرائيل) رسول الله يأتي ويأخذ الروح من البشر إلى عالم آخر، الروح لا تعود إلى جسدها !
إستفسر ثانية مير مح من أصحابه .. ما هو الموت ؟!
ماذا تقصدون بخروج الروح ؟
من هم جبرائيل وعزرائيل ؟ !... قولوا لي !!

قالوا :
الآن الشيخ و البير ، وأخت وأخ الآخرة سيأتون ، زوجتك ميتة ، سيأخذونها للغسيل ، سيغسلونها ، سيغسلون رأسها ، سيكفنوها ، ويؤدون عليها الدعاء ، بعدها سيضعونها على ( الدار بست... السّدية ) وينقلوها إلى المقبرة ، هناك قبرها محفور ، سوف ُيودعوها تحت التراب ، والمشيعين سوف يعودوا إلى دورهم ، هي ستبقى !!.
- سأل مير مح :
وإلى متى ستبقى هناك ؟ !
- أجابه اصحابه : هي ستبقى إلى الأبد ..هناك في دار الحق !
- مير مح : أنا أيضا ً هكذا سأموت ؟!
- نعم هذه الدنيا ليست ملك أحد ، هي فقط ملك الله ،! من يولد في ارض الله سوف يشرب من كاس الموت ! نحن جميعا ً سنموت !.
ويقال عندما أدرك مير مح إن زوجته لن تعود ، نهض وقال هذا الشعر بعنوان قصيدة (مير مح ) وإشتهرت وخلدت زوجته ... وغادر يبحث عن مكان خال ٍ من الموت ...)13 .

كان من الأجدر به،التطرق إلى خصوصيتها وتفردها،وليس القفز عليها وتخطيها،أو تشويهها ...
لست أدري.. كيف يمكن له أن يربط هذه العادات وهذه الطقوس بالإسلام ؟ الذي حرم الفن والموسيقى والصورة والشعر إذ قال :
(يلاحظ هنا أن مراسيم تشييع الميت لدى اليزيديين تتطابق إلى حدّ كبير مع ما يقوم به المسلمون عند تشييع الميّت ) .
يا لدهشتي !! ...
كيف تمكن الباحث من النطق بهذا الرأي وتثبيته في كتابه .. من المؤكد إن الأمر لا يخرج عن نطاق وجود خلل ما،في المعادلة التي تجمع بين طقوس الأيزيدية الخاصة بالدفن ، و إعتبارها متطابقة مع ما يقوم به المسلمون.
أين هذا الخلل ؟!! ..
لست ادري...

وفي متفرقات من عقائد اليزيدية يقول عن التعميد :
يعتقد اليزيديون أنه يجب على كل يزيدي عندما يولد له مولود أن يذهب به إلى لالش ، حيث يوجد هناك عين ماء تسمى ب "العين البيضاء" ، فيقوم بغمس ذلك المولود في مياه تلك العين ، ويوجد حوضان أحدهما للذكور والآخر للإناث ... والذي يبدو لي هو أن هذا الاعتقاد قد تسرب إليهم من قبل جيرانهم المسيحيين الذين يعيشون حولهم في المنطقة...

حسنا ًهذه المرة ، أخذ اليزيديون عادة التعميد،من جيرانهم المسيحيين،الذين سربوا لهم هذه العادة بحكم الجيرة والعيش المشترك في منطقة واحدة،هذا ممكن وطبيعي .
الملفت للنظر أن التعميد لدى الديانة الإيزيدية يتم في مكان محدد وبماء كانيا سبى وزمزم في لالش المقدس تحديدا ً، خلاف الديانة ،المندائية التي تستوجب أن يكون الماء جاريا ً ولا يشترط نهرمعين أو مكان محدد ، والمسيحية التي تعمد الأطفال في أي ماء وفي مختلف الكنائس.
إذا كان المغزى واحدا ً أو متقاربا ً ، بين هذه الديانات من عملية التعميد في الجوهر. فهنالك إختلاف واضح في الممارسة بينهم من حيث الشكل عند أداء التعميد.
لكن هل تقصى الباحث حدود هذه العادة ؟تاريخها ؟مناطق إنتشارها ؟مدلولاتها وممارستها؟ هل لديه إطلاع على كل هذا ليبني موقفه وإستنتاجه على تسربها إليهم من المسيحيين؟
هل يستطيع أن يدعم رأيه بالمزيد من الأدلة والتفاصيل في هذا الموضوع ؟ .
لماذا إختار الباحث المسيحيين بالذات لينقلوا هذه العادة للأيزيديين ؟ ما السر في ذلك ؟
لو كان المسلمون يمارسون التعميد،هل كان الباحث سيصر على تسربها لهم من المسيحيين ؟ ..
أم كان سَيرُدُها وُيرجعُها إلى عادة إسلامية ؟ ويعتبرها من البراهين الإضافية المؤكدة عن إسلامية الأيزيديين ؟ ..

تجري مراسم التعميد عند الأيزيدية منذ الطفولة في حوض (كانيا إسبي) للذكور والأناث معا ً ولا يوجد حوض للأناث وآخر للذكور كما قال الباحث ،وهو من الطقوس القديمة المشتركة في الكثيرمن الديانات ، وتؤكد المصادر التاريخية ،إن الصابئة المندائيون قد مارسوه،قبل المسيحيه ،حيثُ قام يوحنا المعمدان بتعميد السيد المسيح حسب الأسطورة المندائية ، كما تثبت المكتشفات الأثرية أنّ اليونان والرومان وكذلك الفراعنة وسكان مابين النهرين كانوا يمارسون طقوس التعميد بأشكال مختلفة وقد نقلت لنا الميثولوجية السومرية التفاصيل الكثيرة عن الإله "أيا :
بإعتباره إله الماء والمطر ، والتعاليم التي تؤكد إستخدام الماء لتطهير الجثة من الذنوب قبل دفنها،كما بينت الآثار تواجد البرك والأحواض المائية،في المعابد الدينية ، في العديد من المدن المشهورة .
كذلك يمكن القول إن الفراعنة المصريين قد مارسوا هذه الطقوس .. كما أن هذا التقليد التعميدي، كان موجوداً عندهم ، ويجوبون الطرقات وهم يحملون الشموع والمشاعل إلى أن يصلوا إلى نهر النيل فيغطسون فيه معتقدين أن مياهه تشفي من الأسقام...
إنه يجرد الأيزيديين من عاداتهم وطقوسهم ، تارة يعتبرها إسلامية ، و أخرى مسيحية من منطلق واحد فقط ، هو نفي تاريخية هذا الدين ، وبالتالي نفي تاريخية تواجدهم الإنسانية ، وتجريدهم من عمقهم الميثولوجي ، لجعلهم ،كما أراد،وخطط له، في بداية بحثه، إلى فرقة إسلامية أموية،متنكرة للدين،تستحق العقاب الجماعي .

عن البراة يقول :
ويبدو لي أن اليزيديين اقتبسوا هذه العادة من خصومهم الشيعة الذين يقدسون التربة الحسينية....
يقدس الأخوة الشيعة تربة كربلاء ويربطون ذلك بقصة إستشهاد الحسين وامتزاج دمه بترابها،وتذهبُ القصص الميثولوجية ، إلى معرفة الحسين بمصيره المحتوم في قصة مشابهة من حيث المغزى، بصلب المسيح من قبل اليهود ، لكن قصة الحسين ترتبط بالفاجعة الأليمية المعروفة بواقعة الطف في كربلاء ..
السؤال الذي يتراود للذهن كيف إستطاع الباحث أن يربط بين مقتل الحسين وتربة كربلاء وموضوعة البراة المقدسة عند اليزيديين ؟!!
كيف يمكن أن يقتبسوا هذه الممارسة من الشيعة ؟ في الوقت الذي جعلهم في الفصول السابقة من أتباع يزيد الداعين لإعادة بني أمية للحكم ؟!!
كيف يمكن أن تستقم المعادلة يا سيد آزاد ؟ ..ولماذا لم تذهب إلى ما يقوله التاريخ عن هذه الممارسات الشائعة لتي لها علاقة بالأديان القديمة؟ وللعلم فإن مصطلح تربة الحسين مأخوذ من اللغات غير العربية لأن تسمية الترب هي القبور في اللغات الكردية والفارسية ومازال الإيزيديون يسمون القبور بالترب ومنها تسمية إحدى قرى الأيزيدية في منطقة القامشلي تربا إسبي التي تحولت إلى القبور البيض في اللغة العربية .....

وعن عقيدة الحلول يقول :

ويبدو أن اليزيديين عندما رأوا جيرانهم المسلمين يتحدثون عن مجيء محمد المهدي، والمسيحيين يتحدثون عن عودة المسيح ، عند ذلك أحسوا أن لديهم نقصا ً من هذه الناحية ، فإبتكروا هذه الفكرة ، وقالوا بعودة المهدي شرف الدين ) ص 109- 112 .

أمّا عن هذا الموضوع فيمكن أن نثبت القصص التالية التي تسبق ما جاء في المسيحية عن عودة المسيح ، المسيح المنتظر ، وفي الأسلام / الشيعة ، عن المهدي المنتظر .وهي تجسيد لفكرة التوحد مع مفهوم الإله ، كما كان في الكثير من الديانات القديمة ، منها على سبيل المثال الفرعونية حيث إعتبر فرعون نفسه إلاها ً وكذلك أفردت الديانات الهندوسية جزء من تكوينها الفلسفي لفكرة التناسخ والحلول حيث تتداخل الآلهة في بعضها و تتماهى لتتحد كما في الهندويبة..
( أن الإله كريشنا يعرض أنه مثيل أو متماه مع براهما ، أي الألوهية التي تستطيل بها البراهمانيةBrahman اللاشخصية القديمة ، أي انها تضحية الأجيال القديمة ، والكائن العالمي او الشامل ." إني انا نفسي ، التضحية ، وأنا الصلاة ، وانا القربان ، والخير الذي يقدمه القربان . إني عملية التضحية ، والسائل المقدس ، وكذلك النار التي تتوقد فوق المذبح.
وأنا الأب والأم لكل شيء موجود ، وأنا الذي يلد ، والذي يحفظ هدف كل كلمة ، والتطهير ، والمقطع المقدَّسOM .. وأنا الصوت والسيد والمغذي "أوالمرضع " ، والبيت والمسكن ، والملجأ ، والصديق ، ومنبع كل حياة ، واوقيانوس الحياة . وأنا البداية والنهاية ، والكنز ، والتحولات ، والبذار الذي يحمل الثمار دوما ً.
وبفضلي تتلقى الشمس النور والحرارة ، وانا الذي انزل المطر ، والذي يستطيع حجبه . انا الحياة والخلود ، وانا ايضا ً الموت والعدم ... وانا اسكن من حيث اني ، كلمة ، في قلب الجميع ، وانا طيب الخير . وأنا الإله في كل شيء ، وأنا قوة القوي،وجمال الأشياء الجميلة ، وذكاء الناس الأذكياء ، وأنا المعرفة في عقل الذين يعرفون ، وأنا الصمت الذي يخّيم على السر الإلهي..... وهذا الذي أخلص لي ، أنا كريشنا ، بكل ما فيه من إيمان ، وبكل الحماسة التي تحملها قناعاته ، هذا سأحررّه من كل قوى الطبيعة ، فينحل بي ، أنا الذي هو جوهر براهما ....) 14


وفي بلاد الرافدين ،أفردت عشتار قصيدة للحلول:

أنا الأول ، وأنا الآخر
أنا البغي ، وأنا القديسة
أنا الزوجة ، وأنا العذراء
أنا الأم، وأنا الأبنة
أنا العاقر ، وكُثرٌ هُم أبنائي
أنا في عرس كبير ولم أتخذ زوجا ً
أنا القابلة ُ ولم أنجب احدا ً
وأنا سلوة اتعاب حَملي
أنا العروس وأنا العريس
وزوجي من أنجبني
أنا أمُّ أبي ، وأخت زوجي
وهو من نسلي . 15..
إحتوت الفقرات المكثفة من بحث السيد آزاد على الكثير من المغالطات التاريخية والفكرية والاجتماعية تمكنتُ من حصر العديد منها في هذا المقتطف القصير من بحثه الذي وضعته في مقدمة هذه الحلقة..
يكمن خطأ الباحث آزاد في لجوءة لمبدأ القياس والتأويل من خلال مقارنته بين المفاهيم والعادات والطقوس الأيزيدية بالأسلامية لاغيا ً جذور وتاريخ هذه الافكار والعادات الدينية ومنابعها وهو أمرٌ غيرُ مقبول في بلد تميز منذ العهود الغابرة بالتنوع الثقافي و الأثني وكان على إمتداد الزمن محط تلاقي وتلاقح للثقافات الانسانية وقد إجتمعت على أرضه القبائل والأجناس البشرية من الشرق والغرب ومرت وعبرت منه جيوش كل الأمبراطوريات ، مخلفة ً آثارها وتاركة ً بصماتها على الحياة والحضارة والتاريخ .
لكن الشيء الوحيد الذي لم تستطع إلغاؤه هذا التنوع الثقافي والديني الذي كان سمة بلاد الرافدين وصفة حضارته المنوعة وبقيت الأسماء والتسميات خالدة إلى اليوم لا يستطيع أن يُنكرها إلا البلهاء من المحسوبين على البشر...
هاهم .. البابليون ، الآشوريون ، الكلدانيون ، السريان ، الكرد ، التركمان ، العرب، المعدان ، الأرمن ، الفرس، الشبك ، الفيلون، السوران ، البهدينانيون ، الخورشيديون ، الداغستانيون ، الكاكائيون، الصارلية ،الأيزيديون ، المسيحيون كاثوليك ، بروتستانت ، اليهود ، المندائيون "الصابئة" متواجدين لليوم فيه .

فيه قرى ومدن مقفلة ( القوش مسيحية كلدانية وكربلاء مسلمة شيعية وتلعفر تركمانية) وأخرى متداخلة ، وسيبقون هكذا إلا ّ إذا انتصر الإرهاب الأسود وقرر وضع حد لكل هذا التنوع من خلال القتل والذبح وفرض ما يعتقده من دين أو مذهب،وهي حالات تكررت في التاريخ ، كان لها أثرا ًعميقا ً على الخارطة الجغرافية للأديان حيث تقلصت وتلاشت مساحات بعض الجماعات الدينية وتوسع إنتشار بعضها الآخر وبين هذا وذاك كان من الطبيعي أن يأخذ أتباع هذه الديانات من بعظهم الكثير من الأشياء والمفاهيم أو أن تتواجد المشتركات بينهم وهي ظاهرة طبيعية تعكس طبيعة المجتمع البشري والتاريخ المشترك للاجناس والقبائل وتطور الفكر الديني عندها .
الذي لا يتعارض مع الميل والرغبة الطبيعية للتمايز والأنفراد بصفات معينة في الحدود الطبيعية بعيدا ً عن التعصب والتزمت والعنصرية ، وهذا ما لن نختلف عليه إطلاقا ً..
لكن أن ُيستغل الدين للتفريق بين البشر، أو لجعله وسيلة لتزوير حقائق التاريخ وإيذاء الناس ، هذا ما نقبله ونعارضه ...
من هنا أقول إن ما ذهب إليه الباحث في نطاق تحليله لبعض عادات وتصورات الإيزيدية وجعلها إسلامية كان بعيدا ًعن الصواب ، و إفتقد للأسانيد والدلائل العلمية والتاريخية...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* للمزيد من المعلومات عن الموضوع يمكن الرجوع للرابط التالي...
http://www.krg.org/articles/detail.asp?lngnr=14&smap=01010400&rnr=84&anr=19411

1- فيلسيان شالي / موجز تاريخ الأديان/ مقدمة الطبعة الثانية /غير مرقمة /دار طلاس /ترجمة حافظ الجمالي .

2- حسين العودات/ الموت في الديانات الشرقية /ص25/ دار الفكر دمشق 1986
3- شالي/ نفس المصدر / ص89
4- سلسلة علم الدين المقارن/3/ القصص الديني/الجزءالأول/هاينريش شباير/ترجمة نبيل فياض و ميشائيل موتراش/ طبعة لبنان
5- شالي/ نفس المصدر / ص27
6- حسين العودات /نفس المصدر/ ص17 .......
7- حسين العودات/ نفس المصدر/ ص7
8- حسين العودات / نفس المصدر/ ص7
9- سيرغي أ.توكاريف /ألأديان في تاريخ شعوب العالم /ص21 /الأهالي دمشق .

10- الدكتور خليل جندي/ صفحات من الأدب الشفاهي الأيزيدي/ الجزء الاول /ص139-150 باللغة الكردية / تمت ترجمة المقتطف من قبلي ص.ك.

11- حسين العودات/ نفس المصدر / ص11

12- شالي / نفس المصدر/ ص78 .

13- خليل جندي/ نفس المصدر/ الجزء الثاني الفصل العاشرص609-651

14- شالي / نفس المصدر / ص-81-83/.ِAumهو مقطع مقدس يتكثف فيه كل ما هو إلهي.



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..11-ج2
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..11-ج1
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..(10)
- أطالبُ بعزل ِ الرئيس جلال الطالباني
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..(9)
- رسالة غير سرية ...عن التيار الليبرالي
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..(8)
- عاجل.. بشرى سارة إلى كافة البيشمركة
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..(7)
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !.. (6)
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍأمْ نفاياتُ إرهاب ٍ!..(5)
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !.. (4)
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !.. (3)
- الحدود وما أدراك ما الحدود !
- عشرة ُ أيام ٍ مِنَ التجوال ِ بَيْنَ القرى ..
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !.. (2)
- آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !.. (1)
- التحركات العسكرية التركية إلى أين ؟
- الأختفاء و التوجه إلى العاصمة بغداد *
- أيّ مؤتمر ٍ هذا ومَاذا ستناقشون؟!


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صباح كنجي - آزاد سعيد.. تخرصاتُ باحث ٍ أمْ نفاياتُ إرهاب ٍ !..11-ج3