مهدي سعد
الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قد يبدو العنوان مستغربًا وصادمًا لكون الأصولية الإسلامية تعيش في حالة عداء مع دولة إسرائيل مما يجعل البعض يعتقد بأن المشروعين الصهيوني والسلفي يقفان على طرفي نقيض. إلا أن هذه الفكرة سرعان ما ستذوب إذا فهمنا حقيقة التلاقي في ما تخطط له المؤسسة الإسرائيلية والحركات الإسلامية المتشددة.
إن الفكرين الصهيوني والسلفي يقومان على أساس نفي الأخر ونبذه. إسرائيل تريد تطير نفسها من العرب المسلمين والمسيحيين باسم "يهودية الدولة"، والحركات التكفيرية تعادي كل من يخالف نهجها بحجة "الكفر والخروج عن الإسلام". كذلك يتلاقى الإسلام المتطرق مع الرؤية الصهيونية في سعيهما إلى تفتيت دول المنطقة وإقامة الكيانات الطائفية عن طريق زرع الفتن وتقويض أسس الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد. أضف إلى ذلك أن العنف يعتبر من أهم سمات هذين الفكرين الرجعيين اللذين لا يريان وجودًا حقيقيًا لهما إلا بإلغاء الآخر المختلف عنهما ومحاولة تحطيمه والقضاء عليه.
أعتقد أن المشروعين الأصولي والإسرائيلي يصبان في خانة واحدة وهي خانة الحقد والكراهية والإرهاب والدمار. ما تقوم به القاعدة في العراق وحزب الله في لبنان وحماس في غزة من انقلاب على سلطة دولهم ومحاولة تقسيمها خير مثال على التلاقي الصهيوني- السلفي.
وهنا نستحضر القائد الوطني الكبير جورج حبش الذي شكلت وفاته خسارة عظيمة للقضية الفلسطينية وهو الذي طرح المشروع الديمقراطي العلماني في مواجهة العنصرية الإسرائيلية الهادفة إلى تفتيت بنية المجتمعات العربية. أدرك الحكيم خطورة الدولة الدينية على التعايش بين مختلف مكونات الشعب فدعا إلى فصل الدين عن السياسة وإنشاء الدولة المدنية العصرية التي تحترم التنوع الثقافي والتعددية الدينية وتكفل حرية المعتقد لكافة مواطنيها.
هناك ضرورة كبيرة لإعادة إحياء الحركة اليسارية العربية التي من شأنها أن تقود شعوب المنطقة إلى علمنة دولها والحد من العصبيات الطائفية والقبلية فيها لكي تصبح قادرة على مواجهة إسرائيل بوحدتها الوطنية وتشبثها بحقوقها المشروعة.
#مهدي_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟