مهدي سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 08:23
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مأساة الشباب الدرزي في إسرائيل
هذا العنوان مسروق من رواية للكاتب سلمان ناطور يتحدث فيها عن مأساة تجنيد الشباب الدرزي في جيش الإحتلال الإسرائيلي ، يحمل فيها مسؤولية هذه المأساة للشيخ فهد الفارس ، وهذا الشيخ جاء كدلالة رمزية للزعامات التقليدية التي وقعت على قانون التجنيد الإلزامي المفروض على الشباب الدروز بالنيابة عن جميع أبناء الطائفة !!! ، وقد بلغ عددهم آن ذاك 16 خائنًا وعميلًا باعوا الطائفة للمؤسسة الصهيونية مقابل مصالح شخصية ضيقة من أجل الوصول إلى السلطة وضمان سيطرتهم على الطائفة ، في حين ما تزال الطائفة تتحمل نتائج قرفهم إلى يومنا هذا .
ولا شك أن الفئة الأكثر تضررًا من هذا الواقع الأليم هي فئة الشباب الضائع. فالشباب الموحد في إسرائيل ليس كبقية إخوانه العرب من الطوائف الأخرى ، ينهي دراسته الثانوية ويذهب إلى مصيره المجهول ، "على الجيش يا بطل" وذلك وفقًا لهذه الأغنية الشعبية المعبرة :
لوح في ايدك *** يا رايح على الجيش
******** لوح في ايدك
ويش طالع بيدك *** مضوا عليك إجباري
******** ويش طالع بيدك
فبينما يبحث الشاب السني أو المسيحي عن مهنة ليعمل فيها أو جامعة ليدرس بها ، لا يجد الشاب الدرزي مكانًا إلا في الجيش .. يذهب إلى الجيش ، يقضي 3 سنوات من المعاناة يخرج بعدها بخفي حنين .. وينهي الخدمة ... وماذا بعد ذلك ؟ : البحث عن عمل ، وأي عمل هذا ؟ ربما يقبلونه حارسًا على إحدى البوابات (وهي المهنة الأكثر شعبية عند الدروز في أيامنا) .. أو أي عمل شاق آخر ، فمن أين له الشهادات التي تؤهله للعمل في وظيفة محترمة ؟! ، مع احترامي طبعًا لكل أنواع العمل .. ومن ثم يبحث عن زوجة .. يتزوج وينجب أطفالًا والسلام عليكم ، يا حرام ...
أما من اختار التحدي ورفض الخدمة ، فليس مصيره أفضل من سابقه ، فهو أولًا سيواجه السجن ويجلس وراء القضبان ويضيع مدة من حياته هباءً ، وإذا أجل الخدمة فإن الجيش سيلاحقه بعد إنهاء التعليم .
ومن اختار الخدمة في الجيش فإنه مضطر لأن يلبي نداء الخدمة في الإحتياط إلى ما شاء الله ...
هذه المأساة يعيشها كل شاب موحد في هذه الدولة ، وإن كانت حالة ذاتية يعيشها كل إنسان على حدى ، إلا أنها كذلك مشكلة جماعية لطائفة فقدت الأمل بمستقبل أفضل من جراء هذا القانون الجائر ، فنسبة حاملي شهادات البجروت من الدروز هي الأكثر إنخفاضًا في البلاد ، ونسبة طلاب الجامعات والكليات والمعاهد العليا كذلك الأمر ، فماذا تبقى لنا ؟! ...
على من تقع المسؤولية ؟
بالتأكيد على الشيخ ، ذاك الشيخ الأزعر الذي سمح لحبر قلمه بأن يجر على تلك الورقة المشؤومة في عام 1956 لميلاد المسيح ، والتي ما زلنا نعيش أصداءها التهديمية إلى يومنا هذا .
إلا أن هذا لا يعني طبعًا أننا كشباب يجب أن نتنصل من مسؤوليتنا تجاه التغيير ، فالمفتاح في أيدينا ، إلا أن ما يخيب الأمل أن شبابنا الموحد غير واعٍ لهذه التحديات الجسيمة التي تنتصب أمامه بدون أن يراها ، فهو يعيش في وعي كاذب ، ولا يحلم إلا بحمل بندقية لكي يظهر للناس رجولته وبطولاته الخارقة ! ، فرافض الخدمة في نظرهم هو إنسان ضعيف وجبان لأن الجيش في رأيهم هو وحده الكفيل ببناء الرجال العظام ! ، حقًا غريب أمر هذه الطائفة .
مطلبوب الوحدة :
المطلوب هو تعزيز دور القوى الوطنية على الساحة الدرزية وتوحيدها في إطارهيئة واحدة ، فما فائدة إنقسامنا إلى 3 حركات ولجان مختلفة تتصارع فيما بينها ما دام الهدف واحدًا ؟! ، ومن هنا أتوجه إلى الأخوة في الهيئات الثلاث : لجنة المبادرة الدرزية ، حركة المبادرة الدرزية المستقلة وميثاق المعروفيين الأحرار ، طالبًا منهم التوحد وترك انتمائهم السياسي جانبًا وتأسيس هيئة جديدة موحدة تعمل تحت سقف واحد مع احتفاظ كل شخص بحق الانتماء إلى الحزب الذي يريد أو أن يكون مستقلًا .
ونقطة أخرى يجب على هذه الهيئة الجديدة -في حال قيامها وهذا ما أتمناه- أن تضعها في سلم أولوياتها وهي النزول إلى الشارع وإيجاد قاعدة شعبية لنضالهم تتمثل في مؤتمرات ومظاهرات وتقديم عرائض إلخ ... ، فما فائدة التصريحات التي يطلقونها والبيانات التي ينشرونها إذا لم تتجسد في وعي قطاع واسع من الجماهير الدرزية ؟! ، علمًا بأن نضال مختلف القوى العاملة من أجل إلغاء التجنيد الإلزامي وتعزيز الإنتماء العربي الفلسطيني للموحدين الدروز في إسرائيل ما زال محصورًا في فئات معينة وبمعزل عن الناس ، فيجب علينا العمل على الأرض لكي تتغير العقلية السائدة ونؤثر في الناس أكثر .
لم يبقى لي ما أقول سوى الصرخة الأخيرة التي أطلقها سلمان ناطور وأقول معه بصوت عالٍ ومرتفع : أنت القاتل يا شيخ ، لا بل لعنك الله يا شيخ ووضعك في مزبلة التاريخ .
#مهدي_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟