دائرة الخداع

باسنت موسى

الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 11:37
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

لي جارة تسكن معي في ذات البناية لديها طفل يدرس في المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس الخاصة وعلى الرغم من أنه يدرس بمدرسة خاصة إلا أنه يأخذ دروس خصوصية في كافة مواده الدراسية لكي ينجح ويحقق درجات عليا، هذا الطالب من أكثر تلاميذ فصله تفوقاً يحصل على درجات لا بأس بها وأحياناً يكون أول الفصل لذلك اختاره مدرسيه أن يكون عضواً بلجنة اللغة العربية والأبحاث داخل فصله حيث يقوم من خلال عضويته بتلك اللجان بإعداد أبحاث تخص موضوعات اللغة العربية ومادة العلوم، وحظي العسر وامتلاكي لاشتراك إنترنت "dsl" جعلني السبيل الأساسي وربما الوحيد لهذا الطفل النابغة كما تشير درجاته فأعد له أنا وريقات أبحاثه المبجلة وهو يتعب ويبذل مجهود عظيم ويحمل هذه الأوراق لأستاذه دون أن يتعب ذاته ويحاول قراءة ما بداخل تلك الوريقات وأستاذه يأخذ منه الأبحاث دون قراءة، ويحملها بتعب شديد ليحتفظ بها في درج مكتبه حتى يقدمها للمفتش القادم من الوزارة المعنية بالتربية والتعليم نسيت أن أقول لكم أنني أيضاً لا أقرأ تلك الوريقات بل أعبئ صفحات دون فهم، هذا الموقف الذي يحدث معي من خلال هذا الطالب يؤكد لي أن منظومتنا التعليمية تسير باتجاه السير في دائرة الخداع التي لا تنتهي بمعنى أن الطالب يخدع المدرس ويملأ له صفحات الواجبات المدرسية بخطوط كثيرة كما أن الطالب يملأ الهواء بما يحفظه من معلومات وهكذا يظل الطالب المصري يملأ فراغات الهواء ومساحات الكراسات البيضاء بما لا ينفع ولا يضيف والمدرس أيضاً يخدع ذاته عندما يتصور خاطئاً أن ما يطلبه من أبحاث يقدمها الطلاب تدل على أن الطالب فهم أو أستوعب ما يسلمه من أوراق، فليسأل كل معلم ذاته لماذا أكلف الطالب بواجب أو بحث مدرسي؟ هل ليفهم فعلاً شيء جديد أم ليبعث لي بأوراق أقدمها لمفتش التربية والتعليم؟

لا أفهم إلى أي مدى ستظل المؤسسة التعليمية تغمض العين كل ما يواجه لها من انتقادات تمتلئ بها صفحات الجرائد لتستمر في إنتاج أدمغة لا تفهم شيئاً بل تجيد ملء المساحات . أعزائي دائماً نحن نسير في دائرة الخداع بفرح والدليل سعادتنا الغامرة بيوم حصولنا على الشهادة العليا البكالوريوس والذي نكافأ به على سيرنا بجد في دائرة التعليم عفواً دائرة الخداع والوهم بأننا متعلمين فالتعليم شيء وما يحدث للطالب بعد سن السادسة أمر آخر.

#باسنت_موسى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات