أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بكر أحمد - حين يكون - الجن - مُلهماً














المزيد.....

حين يكون - الجن - مُلهماً


بكر أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


ليست المسألة ذاك الصراع اللغوي بين الشعر العربي والشعر العامي والذي حاول أن يصور لنا هذا الصراع المفتعل حالة من المساواة والتنافسية فيما بينهم ، كما أن المسألة لا تتعلق بقريب أو بعيد بإثبات وجهة نظري والمتعلقة بأن الشعر الحقيقي أن لم يكن باللغة الأساس والأرقى لا يمكن لنا أن نسميه شعرا ، لكن كون الحدث الحالي وهذا للأسف صاخب بتفعيل حضور هذا النوع من الشعر المحكي والذي صار وبطبيعة التركيز عليه على حساب باقي الأشياء وعاء ثقافي ينهل منه الكثيرون وبات يشكل الوعي الجمعي ويؤلف عقلية تتعايش في عصر قد يكون تجاوز كل تلك المراحل التي يدعو أليها الشعر النبطي .

كشعوب عربية تعيش في جزيرة العرب يشكل هاجس القبيلة لديها مرتع خصب للنهل منه ومن أعرافه وتقاليده والتي يأتي من ضمنها الشعر العامي ، وبطبيعة ثراء هذه المجتمعات الخليجية منها تحديدا استطاعت أن تجعل من هذا النوع من الشعر وكأنه هو المحور الأهم عبر تخصيص المجلات والصحف والقنوات الفضائية والمسابقات و التي تكون الجوائز بها مبالغ خرافية وكمية الإعلانات الضخمة لنخرج بنتيجة أن هذا النوع من " الشعر " قد أرتفع وأخذ فوق ما يستحقه بمراحل .

تغليب العامي على الفصيح لا يمس الشعر الذي قيل عنه بأنه ديوان العرب ولا يهز هويتها الأصلية وعمودها الفقري ألا وهي اللغة وحسب ، بل تجاوز هذا الخطر ليرسخ الخرافة بشكل لا يقبل المساومة ويجعل من دعاتها نجوما يظهرون على صفحات المجلات وشاشات التلفاز وتكتب حولهم المقالات والتحاليل ويصبحون قدوة لمجاميع من الشباب المتأثر بطبيعة الحال بهذه الحالة الباذخة وبالجو المفرط بالتمحور حول هؤلاء الأشخاص والذي بسببه نخشى فقد الصلة بين الجيل الجديد وبين لغته الصحيحة والسليمة .

ماذا يستطيع الشعر النبطي أن يمنحك من ثقافة إذا اتفقنا بأن الأدب والشعر تحديدا هو حالة إبداعية تجديدية تؤسس للمستقبل من خلال المفردة والعبارة والصورة الشعرية والإيقاع الموسيقي وبأن جمود اللغة أو تقوقعها يعني فنائها البطيء ، والشعر كأي شعر في العالم هو ترجمة عن الواقع المعاصر بمختلف تشكيلاته الدينية والسياسية والاجتماعية وهو أيضا رمز سهل قد يختصر طبيعة شعب بأكمله وبكيفية تفكيره .

لذا لم يعد من المستغرب أن نقرأ مثلا أنه هنالك شاعر عامي " مثقف جدا " ويدعي أنه له صلة بالجن وأنهم أي الجن من يتلون عليه قصائده لذا هو يلقيها بشكل غريب وغير مألوف وتصير قصائده ذات ألهام ومحل تداول واسع بين العامة ، وأن كنا تجاوزنا فكرة أنه هنالك جن يلقون عليه الشعر ما الذي يجعلنا متأكدين بأن كل ما يكتبه الجن من " شعر " هو مميز ورائع ومختلف وأن هذا الشاعر المتصل بهم لا بد له وأن يصير شاعرا يشار إليه بالبنان !

الشعر العامي وحتى هذه اللحظة لم يتجاوز حالته الأولى منذ التأسيس من ناحية التركيب اللفظي أو المضمون الفكري ، فمن ناحية التركيب اللفظي ما زال يعتمد شكل القصيدة العمودية الرتيبة ، ومن ناحية المضمون فهو لا يرى بالمرأة سوى شيء أما أن تكون خائنة فيسلط عليها القوافي أو معشوقة لا تتجاوز حدود الفراش مقابل تفخيم البعد ألذكوري والتفاخر بالقبيلة بشكل يجعلك تظن أنه ولوهلة بأنه هنالك ثمة قبيلة في جزيرة العرب استطاعت أن تخترع شيء أبعد من بيت الشَعر ( الخيمة ) وأن أقصى المفاخر التي عجزت عنها الأمم الأخرى هي مفخرة النهب وسلب الآخرين بالقوة وبأن قبيلته منيعة عن هذه الأشياء ، وأن حاولت أن تبحث عن بقعة ضوء منيرة في هذا النوع من الشعر سواء كان إنسانيا أو إحساسا بألم الآخرين أو بتأكيد المساواة بين المواطنين والبشر أو بشيء من الثورة على الظلم والفساد فأنت حتما ستعجز عن ذلك إلا فيما نذر .

لن أهتم كثيرا بهذه الجموع الضخمة والمنجرفة إلى هذا النوع من الشعر لأن الشعبية لا تعني إطلاقا صواب هذه الفكرة عن تلك ، وإلا لاتفقنا جميعنا بأن هيفاء وهبي هي أحدى عمالقة الطرب في الوطن العربي والتي تستطيع وحدها أن تحشد مئات ا لآلاف من الجماهير في قاعات المسارح والتي تتصدر صورها معظم المجلات بينما هي في حقيقتها مجرد أكياس من السيلكون الثقيل والمركز في مناطق حساسة من جسدها .

الفن هو الفن سواء كان غنائيا أو شعرا أو رواية ، وحين يأتي الانحطاط بهذه الأمور ، فهو دلالة على أن المجتمع العربي كله يمر بحالة عجز فضيعة تمثلت في فنونه ، عجز في الاقتصاد وعجز في السياسة وعجز في تأكيد الاستقلال الوطني والقومي وتفككه مذهبيا وعرقيا ووقعه حتى تحت الاحتلال بعد أن اختفت هذه الظاهرة عن العالم الحديث ولم يبقى إلا العرب وحدهم الذي يعانون من هذه الأشياء ، وكم أتمنى أن يتحرك الجن قليلا وأن تكون به ذرة من كرامة ليلهمنا طريق الخلاص ويتفرغ لنا قليل بدلا من انشغاله بتغذية الشعراء بطلاسم وكلمات مكررة بلهاء لا تغني ولا تسمن من قرف .



#بكر_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مش عاوزين جعجة فضائيات
- هشاشة أحزاب المعارضة اليمنية من الداخل - الناصري - إنموذجا
- أوقات فراغ مستبدة
- المشهد العربي قبل مؤتمر أنابوليس
- وأن جلد ظهرك وأخذ مالك
- لن أبقى وحيدا أقاوم
- ماذا لو أضفنا هذا البند إلى مبادرة الرئيس
- وصار إنفصال الجنوبي اليمني واقعا
- هل يحكم اليمن بلطجي ؟
- سعر الرغيف ورأس الرئيس
- ألزمي حدودك
- أنا لست مستعدا أن أضحى بدمي من أجل الوطن
- هل له أن يبالي بما سيقوله التاريخ عنه .
- ايران هي لعنة الشيطان على العرب
- حتى لا تنتحر حماس
- مسجد الصالح ، منجزات الصالح ، حرب الصالح
- بركة بول النبي ورضاعة الكبير
- بيان علماء السلطان
- اليمن تحتفل بعيد وحدتها على جماجم مواطنيها
- المصافحة الأكثر حرارة دائما هي من نصيب بوش


المزيد.....




- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بكر أحمد - حين يكون - الجن - مُلهماً