أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - بكر أحمد - أنا لست مستعدا أن أضحى بدمي من أجل الوطن














المزيد.....

أنا لست مستعدا أن أضحى بدمي من أجل الوطن


بكر أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


في كل خطاب للرئيس أمام مجموعة من الشباب نجده دائما ما يحثهم على الاستعداد بالتضحية بأرواحهم ودمائهم " الزكية " من أجل المحافظة على الوطن والجمهورية والوحدة ، وقد نلاحظ هنا أن كلمة دماء هي من أكثر الكلمات استخداما على لسان رئيس الدولة منذ فترة طويلة وبالكاد يخلوا خطاب له من هذه الكلمة .
لكن أين هي المشكلة في الدفاع عن الوطن وبذل الغالي والرخيص له ، بالنسبة لي ثمة مشكلة لا أستطيع تجاوزها ولست مستعدا بالتضحية لأي شيء من أجل ما سمي "بالوطن" ،
وعلى هذا الموقف قد يرى البعض أن هذا التصرف غريب والبعض الآخر و الأكثر تطرفا قد يراه خيانة لا تغتفر، لكن قبل إطلاق النعوت علينا أن نفهم جيدا ما لنا وما علينا حتى على الأقل نكون منصفين .

فالرئيس حين يتحدث إلى زهرة شبابنا مطالبا بدمائهم من أجل المحافظة على منجزاته العظيمة ، هو يتحدث إليهم بشكل لا يكون هو وأبنائه وحاشيته معهم ، بمعنى أنه يقول أنتم من سيضحى لأجل الوحدة ، أنتم من سيقدمون أرواحهم رخيصة ، ولا يقول نحن من سنضحي بدمائنا جميعا لأجل هذا الوطن ، طبعا هذه المفردات التي تستخدم بتكرار دائم ومستمر تعطي انطباع بأنه هناك فئتين من الشعب ولكل فئة وظيفتها ، ففئة هي من أهم واجباتها أن تموت بكل سهولة لأجل المنجزات التاريخية ، وفئة مهمتها أن تحكم اليمن وتتمتع بهذه " المنجزات ".
ألا يتبادر إلى الذهن لماذا يكرر الرئيس جملته تلك دون أن يلفت أحد انتباهه بأن الجميع رؤساء ومرؤوسين هم مواطنين وهم من يجب أن يضحوا و بشكل جماعي وبلا تفرقة من أجل الوطن ، لكن وعلى ما يبدوا أن حالة الوعي الباطني متفقة مع الخطاب العلني ..هم يضحون ويموتون ونحن نمتدح هذه الأعمال الجليلة ونبقى في الحكم .

طبعا هذه الزاوية ليست وحدها من تجعلني أحجم عن تقديم روحي أو روح طفلي فداءً للوحدة والثورة ، وذلك لأني أقدس الحياة ولا أعتقد انه هناك شيء في هذا الكون يستحق أن أتخلى عن حياتي لأجله ، ولأني أؤمن بأن العمل وأنا على قيد الحياة من أجل الإصلاح أفضل بمئات المرات من العمل في ما بعد الموت، ومع ذلك ليست هذه أحد أهم الأسباب الرئيسية التي تمنعني من تقديم أي شيء لهذا الوطن ، لأنه وبكل سهولة وطن مثل اليمن ماذا يستحق أن نمنحه ؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نتعرف ماذا تعني كلمة وطن ؟

فالوطن أو الوطنية لا يمكن لها أن تكون مفهومة المعاني دون أن يكون هناك تعريف منطقي وصادق للمواطن ، وفي طبيعة الحال أن الوطن وكمفهوم تقليدي يعني المكان أو الأرض الذي ولد عليها المرء ونشاء وربما أيضا مات والمواطنة تعني هي الأخرى الولاء لهذه الأرض والدفاع عنها ، وهذان التعريفان هما ما توارثه العرب منذ عهد القبيلة عندما كانت الحمية والعصبية هي من تشكل العلاقات بين الأفراد والجماعات وحينها لم تكن قد تشكلت إطلاقا مفاهيم المواطنة والواجبات التي تقابل الحقوق كمفهوم قائم على الأرض والاستيطان إذ أن قبائل مرتحلة لم يكن بمقدورها إلا أن تدين بالولاء للجماعة قبل أي شيء آخر ، ثم تطور مفهوم الوطن في عصر الدولة والحدود ليتعلق مباشرة بالأرض وهذا المفهوم صار هو الآخر قديما ولا يتسق مع المفاهيم الحالية ، لأن تعريف الوطن بهذا الشكل المذكور هو تعريف كلاسيكي قديم أحسب أنه سقط مقابل المواطن ، بينما الوطنية لم تعد ذات مجال واسع الحضور لأنها منذ البداية كانت مبهمة وذات رموز قد تجعل المرء بسببها مطاردا لبقية حياته.

إذا المواطن مقابل الوطن ، لأن لفظة الوطن عالميا صارت شبه مستغربة خاصة إذا سمعوها من مواطني دول العالم الثالث ، فهم لا يفهمون لماذا هذا الإنسان النحيل الأمي المصاب بكل تلك الأوبئة يكرر لفظة وطن ويدافع عنها لا لشيء سوى أنه تصادف أن حياته بدأت بتلك المنطقة من الأرض .
هل من الكافي أن أتواجد في أرض معينة حتى أحمل لها الولاء لبقية حياتي ، هل الوطن لدينا هي حالة من العبودية والوثنية تشبه التعلق بالرمال والصحراء والجبال وبأسمال الحاكم ، أم أن الوطن غدا له مفهومه الأكثر إنصافا ؟

يوما بعد يوم تتعالى قيمة الإنسان ، لأنه هو أهم الكائنات الموجودة على هذه الأرض وهو من يديرها بشكل أو بآخر وهو المسيطر عليها والمستفيد من ثرواتها الطبيعية والصناعية وهو من سخر كل تلك الأشياء لأجل رفاهيته ، وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لا يكون العكس هو ما يحصل ، بمعنى أن يكون الوطن هو من يضحي لأجل المواطن ، وأن تكون الدولة هي من تبذل الدماء " الزكية " لأجل سعادة المواطن .
هذه العلاقة الجدلية بين الوطن والمواطن رست أخيرا على هذا المفهوم ، وهو أن للمواطن حقوقا ليست مقتصرة على الولاء للمباني العتيقة والرمال وحسب ، بل أنها مبنية على حق العيش له ولأسرته بكرامة وإنصاف وتأمين التعليم والعلاج والعمل وحرية التفكير والعقيدة والمساواة بينه وبين كل مواطن آخر على الأسس المدنية لا العشائرية أو المذهبية ودولة تكون قائمة على المؤسسات المستقلة ونظام ديمقراطي ، وبناءً عليه سوف يتشكل تلقائيا مفهوم الوطن والمواطنة الذي حينها قد يفكر المرء هل تستحق هذه البقعة التضحية من اجلها حفاظا على مصالحه الفردية أولا ثم المصالح الجماعية المرتبطة بوجوده مباشرة ، أما الوطن الذي يتم التحدث عنه الآن وهو شبه أطلال فلا أعتقد انه هنالك فعلا من يفكر أن يموت لأجله ويترك عائلته وأسرته في مهب حكم لا يفكر إلا في نفسه أولا وأخيرا .



#بكر_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل له أن يبالي بما سيقوله التاريخ عنه .
- ايران هي لعنة الشيطان على العرب
- حتى لا تنتحر حماس
- مسجد الصالح ، منجزات الصالح ، حرب الصالح
- بركة بول النبي ورضاعة الكبير
- بيان علماء السلطان
- اليمن تحتفل بعيد وحدتها على جماجم مواطنيها
- المصافحة الأكثر حرارة دائما هي من نصيب بوش
- علمانية تركيا أم عثمانيتها
- ومن موريتانيا - ربما - يأتي المدد
- باجمال لن ننساك ... ولن نتذكرك
- على ضفاف قمة الأنظمة
- محاولة لنفي ما تسمى بالخلافة الإسلامية
- هنا - أنا مع الإنسان ، على سنحان تسليم أسلحتها فورا
- يا صالح ..إلا الطائفية
- يهود اليمن ..إلى اي حد هم مواطنون
- المجتمع المدني
- التهليل لموت صدام هل لأنه عربي أم سني أم ديكتاتور ، بين يدي ...
- ورغم كل هذا سأضع تحت سوادة عروبتي زهرة أمل
- السنيورة ورقة احُرقت أكثر مما يجب


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - بكر أحمد - أنا لست مستعدا أن أضحى بدمي من أجل الوطن