أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بكر أحمد - علمانية تركيا أم عثمانيتها















المزيد.....

علمانية تركيا أم عثمانيتها


بكر أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1903 - 2007 / 5 / 2 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مظاهرة كبيرة ضمت مئات الآلاف خرج الأتراك إلى الشوارع منتفضين خوفا على ما يرونه أفضل ما استطاعوا إنجازه منذ سقوط الخلافة العثمانية ، وربما هم الأتراك من أكثر الشعوب معرفة بما تؤل أليه الأنظمة الدينية وذلك لأنهم ظلوا تحت حكمها لقرون طويلة يحكمهم سلاطين باسم الله ويتوارثون الحكم فيما بينهم ولم يفلحوا رغم مدة الحكم الطويلة في عمل أي تطور علمي أو ثقافي ولم يتمكنوا من مجاراة الثورة الصناعية السائدة آنذاك وكل ما أنجزوه هو توسعة بيت الحريم ليتسع لنساء أكثر مما ملكت إيمانهم .
في اعتقادي أن الشعب التركي قد حسم أمره منذ زمن طويل وصار يعلم جيدا ما هو الفرق بين أن تكون مسلما وبين أن تسيس الإسلام بين أن يكون المجتمع كله متدين وبين أن يتم احتكار التدين لفئة محددة هي من تخبر الآخرين عن كيفية الصلاة حسب فهمها وهي من تحدد المسلم وغير المسلم ، ويعرف الشعب التركي قبل كل ذلك أن وضع وساطة بينه وبين الله أمر لا يمكن السماح بعودته من جديد لذا خرج بتلك المظاهرة لينقذ ما يمكن إنقاذه .

من ضمن المفاهيم السائدة لدى الشعوب العربية هي الانتصار فعلا لكل من يرفع شعارا دينيا دون الخوض كثيرا في تفاصيل هذا الشعار أو مناقشته والاقتراب منه لأن ذلك يعتبر في الوعي الجمعي ضمن المحرمات المقدسة التي قد تودي بصاحبها إلى جهنم وأصحاب هذا الشعار الديني ليس من مصلحتهم تشجيع العامة بطرح الأسئلة حول ما يحملونه من أفكار بل يذهبون إلى أكثر من ذلك نحو تكريس المقدس حول برامجهم وشعاراتهم السياسية ليمنعوا الجدل ويتفردوا دون باقي التنظيمات الحزبية عن المراجعة أو طرح الأسئلة ، وهذه الأمور تجعل من تلك الأحزاب شعبية عارمة كونها تسطوا أولا على العقل وتجمده عند حدود معينة لا يسمح بتجاوزها ولأنها ثانيا تبيع الوهم ببذخ كبير للبسطاء الذين يعتقدون بأن هذه الجماعات الدينية تملك أن تمنحها السعادة في الدنيا وفي الآخرة أيضا .

في واقع الحال أن المتتبع لأمثلة بسيطة قامت على أسس دينية سيجد أنها تحمل في أعمق طياتها ثقافة قشورية تتوقف على لون حجاب المرأة والفصل بين الجنسين وإشاعة مفهوم عدم الخروج عن ولي الأمر ، وأيضا المتتبع لمثل هذه الأمثلة التي عاصرناها سواء في إيران أو السعودية أو السودان أو دولة طالبان لا نستطيع إطلاقا أن نقول بأن ما يطبق هو الدين الإسلامي بأتساعه وأمميته وشموليته ، بل نرى أن الدول تلك تقوم على أسس مذهبية أضيق ما تكون هي عليه وتنظر إلى الآخر دوما _ سواء كان هذا الآخر مذهبا إسلاميا أو حزبا سياسيا _ من منظار الريبة والشك والتخوين ( التكفير ) مهما كان هذا المذهب الذي سيحكم متسامحا ، فالدولة السنية في السعودية ليست أفضل حال من الدولة الشيعية في إيران وكلاهما يمارس إقصاء واضح نحو المذهب الآخر ، إلا أن أسوء النماذج أخلاقيا وفكريا وسياسيا هو ما نراه يحدث الآن في العراق وبعد أن تصدر المشهد تلك العمائم السوداء صار أوضح ما يكون أمامنا ماذا يعني أن يحكم البلاد رجال دين لنرى بالعين المجردة أبشع أنواع الشحن التاريخي يتحرك أمامنا والذي لم يوفر طفلا أو شيخا أو مدرسة والذي كلما مارس هذه البدائية الغير إنسانية كلما أزداد زهوا وفرحا بتقربه من الله ومن آل بيت النبي ، بل أننا نرى ممارسات ضد مريدين هذا المذهب حيث أنه يهدد أتباعه بدخول جهنم ما لم يصوتوا له في الانتخابات وهذا ما حدث بالضبط في القرون الوسطى وهيمنة الأكليروس على الحياة في أوروبا المسيحية لتعود العراق بعد أن مضت قدما نحو المدنية مئات السنين إلى الخلف بفضل تلك العمائم التي لا تعيش حاضرها ولا تشعر بأي ولاء نحو وطنها.

التجارب الفاشلة والمؤلمة كثيرة للأحزاب السياسية التي تستغل الدين ، وليس فيها ما يغري حتى ندعي أن نمنحها فرصة للحكم ليعرفها الشعب على حقيقتها، فتلك مجازفة أولا وتجريب المجرب ثانيا هو أمر لا ينم على حصافة فكرية والأهم من ذلك أن تلك الجماعات تعتقد بأنها تمتلك الحقيقة مستندة بذلك على نصوص دينية وأنها وفي حال تمكنها من الحكم فمن السهل أن يتم تغير كل شيء وبما يتوأم مع ما تعتقده هي لتلغي بذلك كل ما يمت للعصر بصلة بحجة أنها تخالف الشرائع السماوية التي هي مكلفة بتنفيذها على الأرض وقد يكون من الصعب عليها تسليم الحكم إلى جهات أخرى لأن تلك الجهات في نظرها قد لا تطبق ما أمر الله به .

الأتراك يعرفون كل هذا، لذا خرجوا إلى الشوارع ليمنعوا وصول الجماعات الدينية إلى حكمهم وهم الأكثر معرفة بأن مثل هذه الأمور ستؤثر مباشرة على حياتهم الشخصية وعلى حرياتهم بدون أي نتائج إيجابية ملموسة ، ثم أن هذه الأحزاب لا تملك شيء مختلف غير مراقبة تصرفات الناس وخلق جيل ذات أنماط متشابهة واحتكار التعليم تحت مسمى تأهيل الدعاة ليكونوا أحدى لبنات الدعوة السياسية الدينية لهم ، ويعلموا أيضا أن الدخول إلي هذا النفق قد يصادر التعددية وحرية التعبير وحقوق المرأة عبورا بالفن والثقافة وكلها هواجس مشروعة خاصة انه ولا حزب ديني حكم أو مازال معارضا قدم أدلة عملية وممارسات فعلية تغير هذه المفاهيم .الأتراك أمام محك خطير قد يهدد كيانهم من جديد أن أستطاع الإسلاميون الهيمنة على رئاسة دولتهم .

لكن هذا لا يعني أن علمانية تركيا مكتملة، فمادام هنالك عسكر يقفون خلف مبدأ مدني فبتأكيد هنالك ثمة خلل يجب معالجته ، وأيضا نعلم أن العلمانية مثلها مثل أي فكر آخر قابل للاعتدال وقابلة للتطرف ،ونخشى أن علمانية تركيا هي من النوع الآخر الذي يمنع بالقوة مثلما يفعل الإسلاميون عندما يجبرون بالقوة ، فأنا لا أحسب أن منع ارتداء الحجاب يقع ضمن نطاق الحرص على العلمانية مثلما أعلم جيدا أن الضغط في اتجاه معين يخلف تمردا في الاتجاه المعاكس ، والعلمانية ما لم توفر المساحات الواسعة من التعدد وحرية الاختيار والعمل والقول فهي قد تكون أداة ديكتاتورية أخرى تمارس قمعا لا يختلف كثيرا عن باقي الأنظمة الاستبدادية المنتشرة في المنطقة ، فمن يستطيع أن يفهم بأن حجاب امرأة في البرلمان يهدد القيم العلمانية ! ، ثم هل القيم العلمانية تعني محاربة الرموز الدينية أم إتاحة المجال لها هي ونقيضها بجوار بعضهما ليرتدي المجتمع ذاك التنوع الخلاق الذي يثري ويساعد على الإبداع والمنافسة ضمن قوانين واضحة لا تحتمل اللبس والتأويل كما هو الحال مع النصوص الدينية الذي قال عنها علي كرم الله وجه بأنها حمالة أوجه .




#بكر_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومن موريتانيا - ربما - يأتي المدد
- باجمال لن ننساك ... ولن نتذكرك
- على ضفاف قمة الأنظمة
- محاولة لنفي ما تسمى بالخلافة الإسلامية
- هنا - أنا مع الإنسان ، على سنحان تسليم أسلحتها فورا
- يا صالح ..إلا الطائفية
- يهود اليمن ..إلى اي حد هم مواطنون
- المجتمع المدني
- التهليل لموت صدام هل لأنه عربي أم سني أم ديكتاتور ، بين يدي ...
- ورغم كل هذا سأضع تحت سوادة عروبتي زهرة أمل
- السنيورة ورقة احُرقت أكثر مما يجب
- اليمن ودول الخليج ، غزل على سرير ساخن
- إنه فقط خطأ تقني !
- هتفنا ضدك وسنظل نهتف ضدك
- بفضل اللقاء المشترك ..صالح ولأول مرة رئيس شرعي لليمن .
- العشب هو الذي قبل بأن تزييف ارداته
- رسالة من تحت الماء إلى الزنداني
- فقط قضية واحدة من مئات القضايا تمكننا من اتهام الرئيس بالخيا ...
- اين نسائنا ؟؟؟
- الجولان الآن ... الجولان أولا


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. مصادر تكشف عن جهود إدارة ترامب -السرية- لإعادة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بما قاله عن -أبناء منطقة الرئ ...
- تقييمات استخبارية: مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب سل ...
- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بكر أحمد - علمانية تركيا أم عثمانيتها