أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي الاخرس - العرب ومعركة التاريخ والموروث















المزيد.....

العرب ومعركة التاريخ والموروث


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 11:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اتجه مستوي الانقلاب المفاجئ بكتابة هذا المقال مائة وثمانون درجة ، حيث كان من المفترض أن أتناول به موضوع أخر لا علاقة له بهذا الموضوع الذي قررت الكتابة به بهذه الجزئية ، والسبب الطارئ الذي أدي لهذا الانقلاب الأبيض الذي لم يسيل به أي نقطة حبر حمراء أو زرقاء على أوراقي البيضاء ، حوار مفاجئ وطارئ مع أحد الكتاب الفلسطينيين أو بالأحرى أحد الأصدقاء الذين يعجبني ما يخطة قلمه بما يتعلق بالمسألة الوطنية والهم الفلسطيني ، وكذلك العربي ، حيث تتنوع كتاباته ما بين الوطني والقومي .
نقاشنا المفاجئ والطارئ اتخذ في شكله الخلاف في طرح وجهات النظر ، ولكن هذا الخلاف لم يحمل في طياته التخوين أو التجريح أو الانقضاض لافتراس كلا للآخر ، بل احتكم لمنطق وعقلية الاستماع والتقبل ، والطرح المتبادل المعتمد علي الحجة بالحجة ، حتى اقتنع كلا منا بوجهة نظر الآخر ، وعدت لبيتي سالماً بلا إعاقة فكرية أو جزء مبتور من أحد الأطراف الحوارية ، أو شهادة غباء وتخوين وتكفير فكري ، وعاد هو الآخر لبيته دون جراحة تشهير شخصية أو سياسية ، وتعلمنا كلا درس من دروس الحوار التي لا نتقن نحن العرب ثقافتها وفنونها ، ولا نعرف مبادئها أو أبجدياتها ، فلم تطرق بعد قاموس ثقافتنا ، ولم تستعمر الأجواء العربية التي تعيش حالة ضبابية مستمرة لم تجد بها أشعة الشمس ولا نور القمر شيئا بل تزداد يوما تلو يوم غشاوة وسوداوية .
حوارنا انصب باتجاه الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني الذي أصبح حديث ومادة لكل أهل السياسة ، مادة زخمه ننهم أثدائها تحليلاً واجتهاداً ، وكأن التاريخ لم يضم في إمبراطوريته سوي الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني .
كنت أتمني أن يغلق التاريخ ولو للحظة صفحاته ونبدأ بكتابة عنوان جديد نتعلم منه ونعلم الأجيال كيف ترفع رؤوسها عاليا وتقول أنا عربي .
فمنذ صدر الإسلام أي حتى القرن الثالث هجري لم ينعم التاريخ بصفحة واحدة بلا خربشات أو رتوش مشوهة ، عشنا ولا زلنا فصول التاريخ وكتبنا علي صفحاته ، صفحة تلو الأخرى خربشات لم نجد بينها حرفا مقروء ، ولم نعد نميز بين معاني المصطلحات .
هذا التاريخ قادني لسؤال هام طرحته علي صديقي لماذا دائما نلتقط قطعة الجبن ويسيل لعابنا عليها ؟ ولماذا ننحدر لمستنقع التفكير لما يريده الآخرون ؟ لماذا نمرر ما يريده عدونا ولا نري سوي نظرية المؤامرة ؟
هل فعلا نحن أغبياء ؟ أم لا نقرأ التاريخ ؟ أم لا نتعلم من التجارب ؟ عشرات الأسئلة المطروحة على بساط عقولنا ، والتي نجتهد لنخضعها لمفاهيم التحليل والاجتهاد والفذلكة الاستعراضية . وحتى لا أسرق القارئ كثيرا ، وأهرب به من لمحة التركيز التي يستضيفها أحيانا مرغما في خضم الواقع المأزوم نفسيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا سأعود لحيث بدأت.
منذ قرن من الزمن وعجلة التاريخ تدور بفراغ لا تحقق أي خطوة للأمام في حالتنا العربية ، فقد أفرزت لنا الحرب العالمية الأولي نظاما استعماريا تحت عنوان الانتداب الذي جاء متجملا بغاية قيادة الشعوب المتخلفة – وهي العرب – وتأهيلها لتقرير مصيرها ، وكأن التخلف ضارب جذوره في الأمة العربية بالميراث ، لا يحمل التخلف غيرنا ، رغم أن الحقائق التاريخية تؤكد غير ذلك ، فهذه الأمة هي أمة الحضارة والتقدم والتطور ، والعلم ، والموروث الحضاري .
هذه الحضارة والموروث هو من حملنا المآسي التي نعيش بها ، وهي من جعلت منا شعوبا متخلفة تتلاقفها قوي الاستعمار ، فمن نابع هذه الحضارة فرض علينا الانتداب ، وأقرت التجزئة علينا سنة 1920 ، ومن هذه الحضارة جزأت بلادنا العربية وتم تفكيكها ، ومن هذه الحضارة تم اقتطاع أجزاء من بلادنا ومنحها هدايا للآخرين ، ومن هذه الحضارة أصبحنا عبيدا للتاريخ ندور في فلك التبعية حتى يومنا هذا ، ولكن لماذا نحمل وزرنا للحضارة والموروث التاريخي؟
نحملهما الوزر لأنهما ومنذ عشرات القرون ونحن نخوض معركة إثبات جذورنا العربية ، وحضارتنا المتطورة ، وإثبات إننا الأحق بالقدس وفلسطين ، وأن القدس كنعانية وأرض عربية أسسها اليبوسيين ، وأن القدس لم تقم عليها أي مملكة يهودية ، ولم يبني بها الهيكل ، قرن نخوض معركة إثبات الهوية ، وغيرنا استطاع تحويل معالم القدس وهودها ، وترك لنا التاريخ نقارعه . وسنبقي قرون نخوض غمار هذه المعركة حتى نجد أنفسنا مضطرين لتوسيع ميدان المعركة وحدود الإثبات التاريخي لكي نثبت عروبة بغداد ، وبيروت ، ودمشق ، والخرطوم ، وربما القاهرة وغيرها من العواصم العربية ، وحينها لن تجدي الحضارة على أرض الواقع شيئاً . فلنأخذ نحن الحضارة ويسيطروا هم علينا .
إذن فمن الانتداب الذي طل علينا مع أوائل القرن العشرون إلي شعار الديمقراطية ضيف القرن الواحد والعشرون ونحن لا زلنا نتهم بالتخلف ونحتاج لمن يقودنا ويؤهلنا لتقرير مصيرنا .
ولنقارن معا ما بين الانتداب الذي غرس بأجسادنا الاستعمار والتجزئة وأضاع الفكرة القومية لتحل محلها الفكرة القطرية سجينة الحدود الضيقة ، وما بين الديمقراطية البغدادية التي غرست التفتت وأضاعت الفكرة القطرية لتحل محلها الفكرة الطائفية والمذهبية ، فان كان الانتداب حمل ملامح التفكك للأقطار العربية مع بدايات القرن العشرين ، فالديمقراطية تحمل ملامح التفتيت للقطرية العربية ، ونحن لازلنا نخوض غمار معركة إثبات عروبة القدس .
هذا الإبحار التاريخي أعادني إليه نقاشي السابق والذي كان يحمل حنقاً على الرئيس محمود عباس وحكومة رام الله ، والسبب تصريح الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بدعوة إسرائيل لاحتلال غزة والقضاء علي حماس والجهاد الإسلامي وقوي العمل الوطني ، فالتساؤل الفعلي لماذا الهجوم علي أبو مازن وترك السبب الرئيسي؟
دائما نعشق الابتعاد عن الجوهر ومسك الشكليات ، فالرئيس بوش يدرك أن فلسطين تعيش حالة تشرذم وفتنة ، وأن النار لم تتحول لرماد بعد ، ففتح لنا فوهة البركان أو ألقي لنا مفتاح هذه الفوهة ، مدركا أن غزة تتصيد لرام الله أخطاء والعكس صحيح ، ويدرك أن معركتنا أصبحت من لدية القدرة علي إحراج الأخر ؟ ومن يستطيع إثبات أن الطرف الأخر عميل وخائن ؟ ومن شرعي ومن غير شرعي ؟ أما الوطن والمواطن فهم وقود لابد أن تحترق لأجل قادته.
المثقف الفلسطيني خاصة والعربي عامة ترك كل شيء وأمسك باتهام رام الله بالخيانة ، لم يفكر هذا المثقف ولو للحظة واحدة أن هذا ما يصبوا إليه هؤلاء ، وهذا ما يريده بوش بتصريحه ، فهو أطلق كرة اللهب لتتدحرج ، وترك لنا نحن تدحرجها ، فالتصريح الناري ليس دعما لأبو مازن وحبا به ، وليس رحمة ومرحمة بفياض وحكومته ، بل هو لإزكاء روح الفتنة والفرقة ، وإشعال فتيل اللهب ، فالجيش المرافق لهذا البوش يدرك إننا سنلتقط قطعة الجبن ونلتهمها ونهضمها وتسري مع دمائنا ، لتفتك بسمومها كل أمل لإعادة اللحمة للوطن ، وإعادة الوحدة في مواجهة العدو المركزي والرئيسي ، هذا هو مصدر خلافنا ، وحوارنا لماذا لا نفضح غايات ومرامي وأهداف بوش ونحلل أبعاد تصريحه ؟ ونفوت عليه وعلي غيره الفرصة بتمزيقنا ، ونصطف معا لنعمق روح الوحدة ، ونزرع الحب في قلوب أبناءنا الذين تحولوا لكتله حقد كلا ضد الأخر . لماذا لا نكون واقعيون ونبتعد عن الموروث الحضاري ونتعلم من التاريخ؟ إنهم يتلاعبون بنا بلغتنا العربية ، فأصبحنا نحتاج لمن يفسر ويعلمنا هذه اللغة ، ويشرحها لنا لنقارع بها التاريخ وننتصر ، ونتخلص من ثقافة التخوين ونظرية المؤامرة .
فالسيد بوش لن يكون رحيما بأبو مازن وبرام الله ، ولن يكون أبا عطوفا لفياض وحكومته ، أو بشعبنا الفلسطيني خاصة والعربي عامة ، فهؤلاء لا يبحثون عن صديق ، بل يبحثون عن استكمال لفصول المؤامرة ، ومسلسل الدماء .
الإسهاب في الفكرة يطول مما يعرض القارئ العربي للملل فالأمعاء الثقافية العربية لا تحتمل الشحوم بل أصبحت تلتهم الوجبات السريعة المستهلكة خالية الدسم ، والاقتضاب يجرد الفكرة من جوهرها ويعرضك لعمليات الهجوم الشرسة ، وبكلا الحالتين لن تسلم ولذلك نبدأ دوما بإعادة الصياغة والاختصار حتى نتمكن من تحقيق ما نتمنى .
فمتي سنترك معركة التاريخ ونخوض معركة الحاضر ؟!!
سامي الأخرس



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايها الفلسطيني الغبي
- نظام العباطة العربي الجديد
- غزة الفقراء
- علي شرف الذكري الاربعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- أنابوليس الواقعية والمعارضة الورقية
- هل يصلب المسيح في غزة؟
- ذكري الختيار ايحاء واستذكار
- مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
- خبر عاجل
- المقاومة العراقية والمجهول
- ماهر الطاهر لا يباع ويشتري بسيارة
- نجاد القدس لا تستصرخكم
- غزة وموضة المفخخات
- اتفاق في الأفق.. فتحاوي ، حمساوي
- وعانق الفارس عروسه فلسطين -حيدر عبد الشافي في ذمة الله-
- فصائل المقاومة الفلسطينية تتبني المصطلحات الأمريكية
- صورة حقيقية من غزة
- التسول في غزة مهنة أم حاجة؟!
- حماس وفتح وأخطاء السلطة
- فقراء الجبهه الشعبية وطاحونة الفساد


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي الاخرس - العرب ومعركة التاريخ والموروث