أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - غزة الفقراء














المزيد.....

غزة الفقراء


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 11:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


في طريقك بشوارع غزة وأنت تلتفت يمينا وشمالا لا تري سوي وجوه عابسة ، كاظمة للألم باحثة عن إجابات لما يدور في هذه البقعة الجغرافية المكتظة بالسكان.
هذا الغلام الغير مهندم بالشكل ، مرتديا ثياب زرقاء يصرخ بالسائق الذي يعيق حركة المرور تاركا زحام مروري ، وصديقة يقف عاجزا أمام عجزة عن فهم الضوابط وقانون المرور ، والكل من حوله متذمرا شاتما لاعنا ، منهم من يتحدث بصوت عال ٍ بعدما فاض به الكيل ، والآخر يتمتم بشفاه ، والسائق يصرخ بالمواطن شاكيا محتجا عن أزمة السولار التي أصبحت حلم لأن يملئ خزان وقود سيارته ، وذاك يقف على الرصيف عارضا سلعته مستجديا الناس بالشراء ، وكل من يقترب سائلا عن الأسعار يهرول مسرعاً تاركه دون الالتفات للخلف ، فالسلعة تضاعفت أسعارها أضعاف ما كانت عليه ، ولم تعد في متناول قدرات الناس المادية.
بين الازدحام المروري والوجوه العابسة يقف أبو أحمد صاحب محطة وقود وأمامه طوابير من السيارات التي تقف على أمل الحصول علي سولار ، فتساءلنا عن السبب ؟ فردد عباراته باستهجان الناس تريد أن تعيش وتحيى ، تأكل وتشرب ، لقد أعادونا لمائة عام إلي الوراء ماذا نفعل ؟ فرد شخص واقف بجوارنا من هم أبو أحمد؟ أجاب بحدة وانفعال سلاطين الجاه والمال في المقاطعة وغزة الفداء ، أبنائهم يأكلون ، يشربون ، يتعلمون ، ينامون ، وأبناءنا تموت للدفاع عنهم وحمايتهم نظير ألف شيكل يسرقوها من ضرائبنا وقوتنا .
ترناه ومضينا لحال سبيلنا نبحث عن أضحيات لهذا العيد القادم بعد أيام ، وما أن وصلنا سوق الدواب في رفح حتى رأينا الجميع يردد أن السوق لا يطاق ، ليس من رائحته أو زحامه ككل عام ، بل من أسعاره ، فأسعار الدواب اشتعلت وتحولت لشيء لا يطاق ولا يحتمل ، فوق قدرات وطاقات الناس ، ومن يقف أمام أضحية نالت إعجابه ومجرد معرفة سعرها لا يعيد تكرار السؤال مرة أخرى ، ويعود أدراجه لبيته معتذرا لربه بأنه لن يستطيع تقديم القربان له في هذا العام .
غزة مصنع للأزمات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية فذاك يذبح طفلا ويدفنه تحت سرير نومه لأجل سرقة بعض المال ، وهذا يهرب السجائر والمخدرات والسلاح من أنفاق ، وأخر يلعن حكومة رام الله وحكومة غزة لانقطاع راتبه ، ورابعا لا زال يتذكر ابنه الذي يعاني الموت في أحد المستشفيات لعدم وجود دواء ، وخامسا يزور قبر أبنه كل أثنين وخميس الذي قتل غدرا بقتال الأخوة .... الخ . وشوارع غزة تبكي كما تبكي الرجال في وقت عز به البكاء .
علي شاب في مقتبل العمر يبحث عن أمل باستكمال دراسته الجامعية يتجه يوميا للجامعة ولا يمتلك بصيص أمل أن يعود غدا إليها ، فهو واحد من ثلاث أبناء لرجل بسيط لا يمتلك سوي راتبه الذي يصلي شكرا وحمدا لله بأن لا ينال منه أو يتوقف فجأة بناء علي قرار ، ولا يمتلك من المال ما يؤهله لتعليم ثلاث أبناء ، ولا زال علي يتمسك بالأمل حاله كحال عشرات الشباب التي تغرق بهم شوارع غزة وهم يحملون مكانسهم لتنظيفها ضمن برامج البطالة التي تشرف عليها بعض الجمعيات التي تشترط عليهم قبل العمل بحسم ما قيمته خمسون دولار لصالحها نظير أنها وفرت فرصة عمل له ، ويوافق تحت جحيم الجوع ، بمبدأ نص البلاء ولا كله.
هذه غزتنا التي أصبح بها سعر 250 جرام من الثوم بخمسة عشر شيكل أي (3 دولارات ) ، ولتر السولار (دولار ونصف ) ، وعلبه السجائر المهرب بالأنفاق (ست دولارات ) ، وسعر الضحية لا يقل عن (خمسمائة دولار) .
هذه هي غزة التي لا تجد بمستشفياتها أي دواء ، ولا بأسواقها غذاء ، ولا بسمائها سحابات أمطار ، ولا بأرضها أمان ، مصانعها مغلقة ، تجارها وحوش كاسرة ، ضرائبها تتضاعف ، مواطنها يطحن ولا يمتلك سوي الدعاء بالبقاء ، غزة التي أصبحت كرة قدم تتلاعب بها الأقدام ، فالكل يريد أن يبعدها عن مرماه .
إن سرت بشوارع غزة ستعود حاملا كل أنواع الأمراض ، مستنجدا بالقرآن والإنجيل والتوراه وكل المقدسات ، متضرعا لله أن يحفظ عقلك من الهذيان وينتقم من كل ملوك الجاه والسلطان.
سامي الأخرس
10/12/2007






#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي شرف الذكري الاربعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- أنابوليس الواقعية والمعارضة الورقية
- هل يصلب المسيح في غزة؟
- ذكري الختيار ايحاء واستذكار
- مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
- خبر عاجل
- المقاومة العراقية والمجهول
- ماهر الطاهر لا يباع ويشتري بسيارة
- نجاد القدس لا تستصرخكم
- غزة وموضة المفخخات
- اتفاق في الأفق.. فتحاوي ، حمساوي
- وعانق الفارس عروسه فلسطين -حيدر عبد الشافي في ذمة الله-
- فصائل المقاومة الفلسطينية تتبني المصطلحات الأمريكية
- صورة حقيقية من غزة
- التسول في غزة مهنة أم حاجة؟!
- حماس وفتح وأخطاء السلطة
- فقراء الجبهه الشعبية وطاحونة الفساد
- ماذا لو اعتقلت وأنا مع زوجتي وابني
- قمة طهران وتوقيت تعليق عضوية الجبهة الشعبية في هيئة منظمة ال ...
- هل تغرق سفينة حماس ببحر غزة؟


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - غزة الفقراء