أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن إسماعيل - محاكمة لوسيفر أم محاكمة الآلهة















المزيد.....

محاكمة لوسيفر أم محاكمة الآلهة


حسن إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2164 - 2008 / 1 / 18 - 11:19
المحور: الادب والفن
    


الإهداء ..
للتاريخ الذي لم يكتبه الأقوياء .. والسلاطين .. والحكماء .. والآلهة .
وللذي لم يسجد للتراب .. للذي لم يشرك


في صباح يوم من أيام الآلهة
(هذا اليوم الذي كألف عام أو العكس !! )
استيقظت الآلهة على فكرة جديدة
( واستيقاظ الآلهة كان منذ البدء !! )
بعد أن خلقت الملائكة ..
واكتشفت أن واحداً من الكروبيم
قائد أوركسترا التسبيح في السماء
يُدبر شيئاً في الخفاء
( فالسماء أيضاً لم تخلو منذ البدء
من الجواسيس !! )
كانت الآلهة لا تعلم كل تدبير لوسيفر
كان ملاك ذكي جداً .. وثوري جداً
ولكن هذا النوع من الثورة المراهقة
التي لا تخلو من الأخطاء
وكان لوسيفر من الكروبيم ..
هذا النوع من الملائكة
الذي يعرف بحق طبيعة الآلهة
وأن ما يدبره في الخفاء سوف يُعلن
وكان يعلم جيداً .. مصير انقلاب كهذا
فهو أول انقلاب في مملكة السماء
ثورة ضد العرش الملوكي ورب الأرباب
ثورة ضد الآلهة ..
فكرة لم تخطر لأحد من الملائكة
وأظنها .. لم تراود حتى الآلهة
( الآلهة ..
من هو هذا الأحمق الغبي الجاهل ..
من هذا المخلوق الذي يتمرد على أسياده )
فكرة لم تخطر لأحد
ولكن ملاك كلوسيفر .. تخطر علي باله
أشياء تفوق كل عقل وكل خيال
عقل الآلهة .. وخيال الملائكة
لم يفكر كثيراً .. بل بدأ في التنفيذ
لأنه يعلم أن لحظة السماء سرمدية
ما يبدأ فيها .. لن ينتهي
لحظة السماء تحمل قطبي الوجود
البداية ..... والنهاية
في اليوم الذي قرر فيه
أن يكلم المقربين إليه
والذي كان يتذوق فيهم عربون التمرد .. والثورة
كان لوسيفر محبوب جداً
من كثير من الملائكة
كان أكثرهم حكمة وأكثرهم جمالاً
أول من عرف الخير والشر من الملائكة
وأول من غنى في الليل ..
وأول من كتب قصيدة على ضوء القمر ..
وأول من انتظر الفجر .. وذاق طعم الندى
وأول من لعب كالأطفال تحت رذاذ المطر
وأول من استدفأ في الشتاء بنار الحطب
وأول من جذبته المغامرة والسماء العلا ..
والهاوية والخطر
وأول من كفر بالقدر
كل من رأى لوسيفر في طفولته الملائكية
كان يطلق هذه العبارة
( لوسيفر هذا ليس كبقية الملائكة )
وكأن الآلهة حين خلقته وضعت فيه شيء
لم تضعه في بقية الملائكة
ولكن كل من في السماء كان يتهامس
( همس الملائكة المسموع للآلهة )
كانوا يقولون أنه لا يمكن أن تخلق الآلهة ملاك ..
وتضع فيه جذوة النار والثورة والتمرد
لا يمكن أن تصنع الآلهة مملكة خاصة
وتضع فيها من يهدمها أو يفسدها
وكان المتوقع ..
سمعت الآلهة هذا الهمس المخيف
وتم استدعاء لوسيفر
في محضر الأقانيم فقط
الآلهة : سمعنا أنك تصنع في الخفاء شيء
هل هذا صحيح ؟!!
لوسيفر : وهل يوجد خفي
عن أعين الآلهة ؟
الآلهة : لا نقصد بكلمة خفي
أننا لا نراه ..
لكن نقصد هذا النوع من الخفي
الذي نرفضه ..
ولا نرضاه
لوسيفر : ما هي الأشياء التي أفعلها وترفضونها ؟
الآلهة : أنت تعلم ..
أنك رئيس ملائكة التسبيح ..
ينبغي أن تسبح فقط في
محضرنا ..
وبهذه التسبيحات الملوكية المتفق عليها ..
وبالطريقة التي تحمل مهابة العرش
ولكن أنت تصنع هذا فقط وأنت في محضرنا
ولكن وأنت بمفردك تسبح أشياء غريبة
لم نسمعها من قبل
وتتصرف بطفولة عجيبة ..
عكس حكمة الشيوخ المعطاة لك
تغني .. وترقص .. وترسم .. وتكتب القصائد
أصبحت نموذج يثير الريب ..
ويفيض بهامش لم تتعود السماء عليه
السماء منذ البدء وقورة وهادئة وصافية
كل الملائكة هنا في حالة من الانسجام العجيب
لا ثائر .. ولا ساخط ..
ولا متمرد
الجميع هنا في حالة من الخضوع الجميل
وهذا هو الذي جعل السماء مكان بلا مثيل
لماذا تريد أنت أن تسرب القبح إلى كل هذا الجمال ؟!!
لوسيفر : آلهتي ..
لم أرِد ولو لحظة واحدة
أن أسرب القبح إلى هذا الجمال
ولكن علي العكس تماماً ..
أريد أن يتسرب النبض إلى هذا الجمال ..
أن يتكلم هذا الجمال ..
أن يغني هذا الجمال ..
أن يبكي هذا الجمال ..
أن يخطئ ويثور ..
أن ينتصر ويخور ..
أن يعرف كيف يقف ..
وكيف يحلق وكيف يمشي وكيف يدور
الآلهة : كل ما تقوله هذا هو تسريب للقبح
هو خطيئة وكبرياء وإرهاب
تريد قلب نظام الحكم
ولكنك مخطئ وأحمق وجاهل يا لوسيفر
فالسماء وما فيها .. والأرض وما عليها
كل هذا ملك الآلهة
وأنت .. من أنت ؟!!
نحن الذين أعطيناك كل هذا المجد وكل هذه الحكمة
التي تستخدمها الآن ضدنا
ضد من جبلوك وخلقوك من العدم
اعلم أنك لا شيء .. من العدم .. والي العدم
نقدر أن ندمرك في طرفة عين
لوسيفر : أعلم آلهتي أني لا شيء .. وأعلم أني ضعيف إلى حد النخاع
وأحب أن أعرفكم أن ما بدر مني ليس هو بكبرياء
بل علي العكس تماماً .. هو تواضع وانحناء
آلهتي .. اعلموا أن من يغني وحده ..
ولم يقدر أن يغني أمامكم ..
لا يقدر علي الغناء !!
من يبكي قصيدته علي ضوء القمر ..
لا يقدر علي العداء
من يرقص ويهرول تحت المطر ..
لا يحمل هيبة ولا جبروت السماء
من يفعل كل هذا آلهتي
علي ما أظنه لا يحمل في قلبه ذرة كبرياء

الآلهة : كيف ؟!! كل ما تقوله هذا ضد دستور السماء
فكيف تتجرأ وتتخيل أنك لست الداء
لوسيفر : آلهتي عفواً .. إذا كان قلب الأطفال هذا ..
بلاء علي السماء
فلتصلبيني آلهتي ..
فأنا أسر بهذا الفداء
وليكن كأسي هو نفس كأس السماء

الأقانيم تتشاور فيما بينها ..
وبعض الملائكة المقربين من العرش يتهامسون
يعلو الصوت إلى الدرجة التي تطلب الأقانيم فيها الهدوء
تعطي الأقانيم جبرائيل ورقة مكتوب عليها الحكم
وتقول له إقرأ يا جبرائيل ليسمع كل الملائكة
وليعرف الجميع أن كل من يراوده خياله بشيء من هذا القبيل ..
سوف يجازى جزاء ليس له مثيل

أقرت آلهة السماء ..
وهم بترتيبهم السرمدي الآب والابن والروح الأمين
أقروا علي لوسيفر وكل أصحابه من الملائكة
1. كل ما يقوله لوسيفر من قصائد وعزف وأفعال تسمى بالشر
2. وألا يبدع إلا خطية
3. وألا يثمر إلا الفقر والجهل والمرض
4. وألا يحضر إلا في أماكن النجاسة والعهر والقهر
5. وأن يظل وحيداً إلى الأبد بلا سند وبلا ظهر
6. وألا يعرف غير السهر والبكاء والعطش
ولا يرتوي من أي نهر
7. وليصبح قلبه في صدره كتلة ملتهبة من النار ومن الندم
8. وليصبح سريره شوكاً يعتصر بداخله العدم
9. كل ما يصنعه يفشل .. فيزداد خطأً بالأمل
10. وفي النهاية يلقي في بحيرة النار والكبريت
هو وجنوده .. وثمار هذا العمل

انتهت المحاكمة

لوسيفر يبتسم ابتسامته المعهودة
ويقول كلمته الشهيرة
هذا جزاء كل من يثور علي الآلهة
ويصرخ صرخته الأخيرة
إلهي إلهي .. لما شبقتني !!!!



#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النُباح أفيون الشعوب !
- حرية الاعتقاد بين أحمر الشفاه والعدسات اللاصقة
- احنا اللي ثبتنا إن الذرة ليها صوت
- مين اللي بيشوه سمعة مصر
- عهد الغرق
- من أجل توسيع صلاحيات المجالس البلدية
- ليس لنبي كرامة في وطنه !!
- مش عايزين وطن يكون أم الدنيا !!
- أكثر من يهوذا .. هو
- الصفر .. صفر والكبير .. كبير
- عصفور غبي بيعشق الحرية جوه القفص
- أنت لست فارسها الأوحد !!
- الإنس والجان.. ووفاء سلطان !!
- اتحاداً.. لم تفصله خطية
- الآن ...
- لا تثقي في رجل دين لا يرقص
- !!اتحجبي يا مصر
- الأقليات العقائدية كمدخل للإصلاح
- الجوكر
- تسكن الريح .. تجذر أوتاد الفراغ


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن إسماعيل - محاكمة لوسيفر أم محاكمة الآلهة