أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن إسماعيل - من أجل توسيع صلاحيات المجالس البلدية















المزيد.....


من أجل توسيع صلاحيات المجالس البلدية


حسن إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2042 - 2007 / 9 / 18 - 04:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


دون شك أن موضوع العمل البلدي يحظى بقدر كبير من الاهتمام في أوساط الناس ، باعتباره من الموضوعات الأساسية المتعلقة بخدماتهم الضرورية، فالبلديات وان كانت لا تتمتع بدور تشريعي ، إلا أنها تلعب دورا بالغ الأهمية في إطار المجتمع المدني ، والخدمة الاجتماعية على مختلف الأصعدة ، فهي أشبه ما تكون بسلطة أهلية مدنية ذاتية تعنى بشؤون المجتمع والمواطنين ضمن دائرتها وتكمن أهميتها في إنها تمارس اختصاصات خدمية واسعة وكبيرة لصيقة بالمواطنين.

وقد أكد المنبر الديمقراطي التقدمي في برنامجه السياسي على هذه الأهمية وجعل من ابرز مهامه في المرحلة الراهنة في الشأن البلدي هو :

(توسيع صلاحيات المجالس البلدية باتجاه اللامركزية ، وتحويلها إلى سلطات محلية فعلية ، وفك التداخل بين مهامها وبين أداء الأجهزة التنفيذية والحكومية وخاصة وزارة البلديات ، وإرساء أسس العمل البلدي الراسخ الموجه نحو تطوير الخدمات الضرورية للمواطنين في مناطقهم السكنية وتشييد مرافق الخدمة البلدية التي تستجيب لاحتياجات السكان ) .

وحتى تقوم البلديات بهذا الدور المهم فان المنبر الديمقراطي التقدمي يؤكد على ضرورة إعادة النظر في الإطار القانوني الذي يحكم العمل البلدي في مملكة البحرين ونعنى به أحكام المرسومين بقانون رقم (35) لسنة 21 بشأن البلديات الصادر في 13 ديسمبر 2001 ، والمرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 الصادر في 13فبراير 2002 بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية ، و التعديلات التي أجريت عليهما ، وما صدر بشأنهما من قرارات تنفيذية ، وذلك على نحو يجعل من المجالس البلدية سلطة فعلية تتمتع باستقلال إداري ومالي فعلي ، وأن ذلك يتطلب ما يلي:

أولاً: توسيع اختصاصات المجالس البلدية

على الرغم أن المادة (19 ) من المرسوم بقانون البلديات قد أعطت المجالس البلدية اختصاصات هامة وضرورية تدخل في صلب دورها كسلطة محلية مدنية ، إلا أن هذه الاختصاصات تفتقر إلى أهم اختصاص نص عليه الدستور هو اختصاص المجالس البلدية في إدارة المرافق العامة إذ نص الدستور في المادة 50 البند أ على ما يلي ( ينظم
القانون ... هيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها ، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها ) ..

ولعل من المفيد للغاية أن نشير هنا إلى أنه من حسنات دستور 2002 انه رسم العلاقة بين هيئات الإدارة البلدية والدولة بوضوح أكثر ، وأعطى المجالس البلدية استقلالية أوسع مما نص عليه دستور 73 19 ، إذ كان دستور 73 قد نص في المادة 87 /أ فقط على أن القانون هو الذي ينظم هيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه ورقابة الدولة .

إلا أن دستور 2002 أضاف لهذه المادة حكم هام هو أن يكفل القانون أيضا لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها.

واضح من هذه الإضافة أن المشرع في الدستور الجديد قد أعطى بوضوح لا يقبل الاجتهاد المجالس البلدية الحق في إدارة المرافق العامة بنفسها أو من قبل الغير ولكن تحت رقابتها ، وألزم المشرع العادي واضع قانون البلديات بان يجعل من اختصاصات المجالس البلدية إدارة المرافق العامة .

غير أن اختصاصات المجالس البلدية المنصوص عليها في المادة ( 19 ) من قانون البلديات جاءت دون أن تشتمل على ما نص عليه دستور 2002 من اختصاص أصيل للمجالس البلدية في إدارة المرافق العامة وفي الرقابة عليها، وبدلا من ذلك نص هذا القانون- قانون البلديات - في البند (ش) من المادة المذكور على حق المجالس البلدية فقط في إبداء الرأي مقدما في استغلال أي مرفق عام . دون أن يكون لهذه المجالس اختصاص الإدارة والرقابة علي هذه المرافق في مخالفة دستورية واضحة كالشمس الضاحية.


وقد يكون لهذه المخالفة الدستورية ما يبررها إذا عرفنا أن السلطة التنفيذية هي التي أصدرت الإطار القانوني الذي نظم العمل البلدي الحديث في مملكة البحرين قبل إصدار دستور 2002 بفترة وجيزة فالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بشأن البلديات صدر في 13 ديسمبر 2001 ، أي قبل صدور الدستور بشهرين ، أما المرسوم بقانون رقم 3 لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية فقد صدر في 13فبراير 2002 أي قبل صدور الدستور بيوم واحد فقط. فلا غرابة إذن أن تأتي بعض أحكام هذين المرسومين بقانون على خلاف الحكم المستحدث في الدستور الجديد في المادة (50 البند أ ).

إلا أن ما يبعث على الاستغراب هو أن تقوم السلطة التنفيذية بتقديم مشروع قانون بتعديل المرسومين بقانون المشار إليهما ويقرهما المجالسان في أحكام شكلية تهدف إلى المزيد من تحكم السلطة التنفيذية وسيطرتها الصارمة على توزيع الدوائر الانتخابية البلدية وتقلصيها أو توسيعها حسب رغبتها دون يشتمل هذا التعديل على اختصاصات المجالس البلدية بحيث تتجاوز تلك المخالفة الدستورية المشار إليها. وان تنص صراحة على حق المجالس البلدية في إدارة المرفق العام .وأن يعاد النظرفي جميع اختصاصات المجالس البلدية .

وفي هذا الإطار فأن المنبر التقدمي يشاطر كتلة الوفاق البرلمانية الرأي فيما جاء في مشروع القانون المقدم منها بشأن التعديلات التي أدخلتها على المادة (19 ) من القانون غير انه يتعين إعادة النظر في التعديل الذي تقترحه على البند (ش) من المادة المذكورة بحيث تنص بوضوح على حق المجالس البلدية في إدارة المرفق العام كما ينص الدستور وليس الموافقة على استغلاله كما ورد في التعديل بحيث يصبح البند (ش) هكذا ( إدارة واستغلال أي مرفق عام يدخل في اختصاص المجلس البلدي ).

ثانيا : رقابة الدولة في إطار اللامركزي بعيدا عن التسلط والهيمنة

))) أن المنبر التقدمي وان كان يتفق مع توجه جمعية الوفاق نحو ضرورة إقرار النص القانوني الذي يقضي بتبعية الجهاز التنفيذي للمجلس البلدي كما ورد في التعديل المقترح منها الذي شمل المادة الرابعة البند/ب ، إلا انه يتعين إعادة النظر في التعديل الذي تقترحه على المادة الثانية الذي يجعل من رئيس المجلس البلدي هو رئيس البلدية أو من يفوضه ، وذلك للأسباب التالية : (((

أن الإقرار بما نص عليه الدستور من اختصاص للمجالس البلدية في إدارة المرافق العامة والرقابة عليها ، يتطلب في المقابل الإقرار بحق السلطة المركزية في الرقابة والتوجيه على العمل البلدي إذ لا يتصور وجود العمل البلدي بدون هذه الرقابة والتوجيه ، وقد نص الدستور عليها ، إلا انه في المجتمع الديمقراطي الدستوري كالذي ننشده في مملكة البحرين باتجاه بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية ، يتعين أن تكون رقابة الدولة على الهيئات البلدية في إطار اللامركزية بعيدا عن التسلط والهيمنة .


وإذا كان مجلس الوزراء بموجب المادة 47 فقرة أ من الدستور هو الجهة المختصة برعاية مصالح الدولة ، ورسم السياسية العامة ، وهو الذي يتابع تنفيذها ، ويشرف على سير العمل في الجهاز الحكومي ، وكان كل وزير حسب المادة 48 من الدستور يتولى الإشراف على شئون وزارته وينفذ السياسية العامة للحكومة ، ويرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها وإذا كانت المادة 50 فقرة أ من الدستور تقض بحق الدولة في توجيه و رقابة هيئات الإدارة البلدية . فان ذلك لا يبيح للحكومة أو للوزارة المعنية بشئون البلديات فرض وصايتها الإدارية الصارمة على البلديات.

وقد ثار جدل واسع في البحرين خلال الفصل البلدي السابق حول تبعية الجهاز التنفيذي ، هل يتبع البلدية أم يتبع وزارة شؤون البلديات والزراعة ؟ إذ وجه النائب حمد المهندي لسعادة وزير الوزارة المذكورة حينذاك سعادة محمد على بن الشيخ منصور الستري سؤالا حول تبعية الجهاز التنفيذي ، وقد أجاب الوزير على سؤال النائب بجلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 24 مايو 2003 من دور الانعقاد الأول الفصل التشريعي الأول ، أن الجهاز التنفيذي يتبع الوزارة – أي وزارة البلديات والزراعة - على اعتبار أن الوزير يسأل عن أعمال مدير عام البلدية أمام جلالة الملك وأمام البرلمان ويسأل سياسيا عن أعمال البلدية بسلطتيها . (لمزيد من الإطلاع على رأي الوزير انظر مضبطة جلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ24 مايو 2003 ).

وقد أكد السيد النائب في معرض رده على الوزير في ذات الجلسة أن مسؤولية حسن سير وانتظام إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي حسب المادة 3 من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات قد أنيطت بالمجلس البلدي وليس بالوزير كما قال في جوابه ، واستطرد في رده على جواب الوزير بالقول بما أن المادة 48 /أ من الدستور تنص على انه ( يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها ، كما يرسم اتجاهات الوزارة ، ويشرف على تنفيذها ) لذا فإنه ليس للوزير الحق في التدخل في شؤون البلديات لأنها لا تدخل أصلا في
اختصاصه التي أناط له الدستور القيام بها .

ورأى سعادة النائب أن المادة 50 /أ من الدستور تعنى أن إدارة البلدية لها هيئات ، وهي المجلس البلدي المنتخب ، والجهاز التنفيذي ، وبما أن الدستور في المادة 47 تعطي مجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء حق المتابعة والأشراف على سير العمل الحكومي فإن البلديات تعد إحدى الأجهزة الحكومية التي تقع تحت أشراف مجلس الوزراء وليس وزير شؤون البلديات . . ( لمزيد من الاطلاع على رأى النائب يراجع مضبطة جلسة مجلس النواب المنعقدة في 24 مايو 2003 ) .

وإذا كنا لا نتفق مع ما طرحه سعادة الوزير في هذه المجادلة بتبعية الجهاز التنفيذي لوزارته بالمطلق ، فإننا لا نتفق كذلك مع النتيجة التي توصل إليها السيد النائب المهندي بأن البلديات تعد إحدى الأجهزة الحكومية التي تقع تحت إشراف مجلس الوزراء بالمطلق وذلك للأسباب التالية :


1. القانون – قانون البلديات - وان نص في المادة 30 على أن الدولة هي التي تعين رئيس الجهاز التنفيذي بموجب مرسوم . أو نص في المادة 33 على أن الجهاز التنفيذي يتكون من وحدات إدارية تنشأ بقرار من رئيس مجلس الوزراء وان تعيين المديرين لهذه الوحدات يتم أيضا بقرار من سموه ، فأن ذلك لا يعنى على الإطلاق تبعية الجهاز التنفيذي إلى السلطة المركزية فيما يقوم به من نشاط ومهام وسلطة بشان العمل البلدي ، و إنما يتبعه إداريا .


2. إن القراءة المتأنية لحكم المادة 50/أ من الدستور وأحكام المرسوم بقانون البلديات تقضي بأن البلدية أي بلدية من البلديات الخمس تتكون من هيئتين إداريتين هما المجلس البلدي والجهاز تنفيذي وكلاهما من المفترض حسب نص المادة الثالثة يتوليان إدارة المرافق العامة ، وكلاهما كما تنص المادة 4 يمارسان سلطات البلدية ، المجلس البلدي له سلطة إصدار اللوائح والقرارات والأوامر ومراقبة كل ذلك وهي سلطة منتقصة كما سنرى لاحقا ، والجهاز التنفيذي له سلطة تنفيذ ذلك ، لكنهما يعملان في تنفيذ اختصاصاتهما و في تولى إدارة المرافق العامة كوحدة إدارية واحدة وتحت اسم واحد هو البلدية ، وهو ما تؤكده المادة الثانية من القانون التي تنص على أن للبلدية شخصية اعتبارية واحدة وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري ، ولنا أن نتساءل هنا عن أي جهة تستقل البلدية استقلال ماليا وإداريا ؟ بالطبع قصد المشرع هنا أن تستقل البلدية بجناحيها المجلس البلدي والجهاز التنفيذي عن السلطة المركزية !!


3. ولا نغالي في القول بأن المهام والسلطات التي يقوم بها مدير عام البلدية والمنصوص عليها في القانون واللائحة التنفيذية تثبت وتؤكد أن الجهاز التنفيذي فيما يقوم به من اختصاصات بلدية يتبع المجلس البلدي وليس إلى الحكومة المركزية.

فعلى سبيل المثال :

• يختص مدير عام البلدية حسب الفقرة (ج من المادة31) من قانون البلديات بالتوقيع على عقود مشتريات ومبيعات البلدية وسائر العقود الأخرى إلا أن ذلك لا يتم إلا في الحدود المرخص بها من قبل المجلس البلدي .

• كما يختص طبقا للفقرة (د) من ذات المادة بعرض نتائج دراسة الموضوعات التي يتعين عرضها على المجلس البلدي . وعرض الخطط الإدارية والمالية لشئون البلدية وأعداد برنامج المشروعات المقترح القيام بها خلال السنة المالية .(فقرة ه ) وكذلك عليه ان يعرض على المجلس البلدي مشروع الميزانية والحساب الختامي . فقره و )

• كما توجب المادة 32 من القانون على مدير عام البلدية أن يقدم خلال الشهرين الأولين من كل سنة مالية إلى المجلس البلدي تقريرا ماليا وإداريا عن أعمال البلدية خلال السنة السابقة .

• بل ان المادة 38 من القانون تجيز لرئيس المجلس البلدي ان ينتدب الموظفين للتحقق من مدى تطبيق أحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذا له ، ولضبط واثبات ما يقع من مخالفات لإحكامه وأحكام هذه القرارات ...... ، بل ان هذه المادة وان أجازت لمدير عام البلدية غلق الأماكن والمحال المخالفة أو وقف العمل فيها أو إزالة المخالف منها ، فان ذلك لا يتم إلا بعد الحصول على موافقة المجلس البلدي .


هذه الحالات وغيرها التي نص عليها المرسوم بقانون البلديات تؤكد على أن الجهاز التنفيذي فيما يقوم به من سلطة واختصاص يتعين ان يتبع المجلس البلدي ، وليس السلطة المركزية ، وان تكون رقابة الدولة على العمل البلدي في إطار اللامركزية بعيدا عن التسلط والهيمنة . وانه لا بد من فك التداخل بين مهام المجالس
البلدية وبين أداء الأجهزة التنفيذية والحكومية وخاصة وزارة البلديات .

)))غير ذلك لا يعني أن يكون رئيس المجلس البلدي هو رئيس البلدية كما جاء في مقترحكم
ونرى انه يتعين الإبقاء على المادة الثانية كما هي دون تعديل .(((


ثالثا: استقلال نسبي أم وصاية صارمة


البلديات وأن اعترف لها القانون بالاستقلال المالي والإداري ، فأنه استقلال نسبي ، نسبي بمعنى أن البلدية تظل خاضعة لرقابة الدولة .

غير أن هذه النسبية لا تعني على الإطلاق أن تكون وصاية الدولة على العمل البلدي وصاية صارمة كالوصاية التي شرعها المرسوم بقانون البلديات في مملكة البحرين وأعطى السلطة التنفيذية والوزير سلطة واسعة نالت من الاستقلال النسبي التي نص عليها للمجالس البلدية ، وتتجلى مظاهر هذه الوصاية الصارمة فيما يلي :

في حل المجلس البلدي


تجيز المادة 18 من قانون البلديات للسلطة التنفيذية حل المجلس البلدي بمرسوم قبل انتهاء مدة ولايته إذا ارتكب مخالفات جسيمة متكررة أدت إلى إلحاق الضرر بمصالح البلدية ، ويعين هذا المرسوم لجنة تتولى اختصاصات المجلس حتى يتم انتخاب المجلس البلدي الجديد خلال أربعة اشهر من تاريخ صدور المرسوم .

الجهة التي تملك حق التعيين هي التي تملك حق الإقالة :

هذا الحق الذي قرره القانون للسلطة التنفيذية يعد من أخطر ما نص عليه المرسوم بقانون على أداء المجالس البلدية ، ذلك أن المجلس البلدي لم يعين من قبل هذه السلطة ، بل تم انتخابه شعبيا ، وهذا يعني تعارض خيارات السلطة التنفيذية مع الخيار الديمقراطي للشعب ، ويأتي خلافا للتوجهات الإصلاحية نحو إرساء مبدأ سيادة القانون ، فالجهة التي تملك حق التعيين هي التي تملك عادة حق الإقالة .

حل المجلس البلدي دون تظلم :

فضلا عن ذلك أن المادة المذكورة أجازت حل المجلس البلدي دون النص على حقه في اللجوء إلى القضاء ، ذلك أن من يحدد المخالفة التي يرتكبها المجلس البلدي ، ويقدر مدى جسامتها ، ومدى ما تلحقه من ضرر بمصالح البلدية ، هو القاضي ، فالقاضي هو الذي يملك السلطة التقديرية في بيان مدى جسامة المخالفة والضرر ، ومن ثم تقرير ما إذا كانت المخالفة تستدعي حل المجلس البلدي من عدمه .أن إعطاء السلطة التنفيذية حق تحديد وجود المخالفة ، وتقدير مدى جسامتها ، وما تلحقه من ضرر بمصالح البلدية ، وحل المجلس البلدي دون يكون له الحق في التظلم من هذا الحل أو الطعن عليه هو من أهم عيوب المرسوم بقانون البلديات .

مدة طويلة لانتخاب مجلس جديد :

كما أن عيب المادة 18 لا يتمثل فقط في عدم النص على رقابة القضاء في تقدير أسباب الحل بل يمتد هذا العيب بما قررته هذه المادة بتعيين لجنة تتولى كل اختصاصات المجلس البلدي من تاريخ الحل حتى يتم تشكيل المجلس الجديد ، فيه تجاوزا لدور هذا المجلس ، إذ كان يتعين النص على تولى هذه اللجنة للاختصاصات العاجلة فقط التي لا تحتمل التأخير بل يمكن النص على منع هذه اللجنة من القيام ببعض الاختصاصات خلال فترة الحل .


أن الحالة أو الظرف الذي نص عليه القانون لحل المجلس البلدي وهي ( المخالفة الجسيمة المتكررة ) هي حالة واسعة فيها نوع من التعسف ، في وقت نحن في أمس الحاجة كمجتمع ان نمضي قدما في عملية البناء والتطوير على أسس ديمقراطية تستوجب أن نخلص التشريعات من هذا التعسف .


وبالنظر لكل ما تقدم فأن المنبر التقدمي كان قد أكد في مرئياته التي تقدم بها لجمعية الوفاق على ضرورة إعادة النظر في ما ورد في اقتراحها بتعديل المادة 18 من قانون البلديات على نحو لا يقضي بحل المجلس كما هو في النص القائم بموجب مرسوم ملكي بل يتعين ان يكون ذلك بموجب حكم من القضاء ، ولا يحتاج ذلك إلى قرار من ديوان الرقابة المالية كما جاء في الاقتراح ذلك انه ليس من اختصاصات هذا الديوان وان كان له حق ممارسة الرقابة على هيئات البلدية أن يقرر حل الهيئات المنتخبة وليس من المفترض ان يكون له مثل هذا الاختصاص .


قرارات المجلس البلدي لا تكون نافذة إلا بموافقة الوزير


المجلس البلدي سواء قرر أو اقترح أو أوصى ، فان قراراته لا تكون نافدة إلا إذا صارت نهائية حسب نص الفقرة (2) من المادة (3) من اللائحة الداخلية ، وهي تكون كذلك إذا وافق عليها الوزير المختص وذلك حسب نص المادة 20 التي تلزم المجلس بأن يرفع هذه القرارات والتوصيات التي تصدر منه إلي الوزير المختص بشئون البلديات للموافقة عليها ، فإذا وجدها الوزير تخرج عن اختصاص المجلس البلدي ، أو تخالف القانون ، أو تخرج عن السياسية العامة للدولة ، كان له الاعتراض عليها خلال 15 يوما من تاريخ رفع القرار أو التوصية ، وإعادتها إلى المجلس البلدي مشفوعة بأسباب الاعتراض لإعادة النظر فيها . فإذا أصر المجلس البلدي على قراره أو توصيته عرض الأمر على مجلس الوزراء ، لاتخاذ ما يراه بشأنها .


ولا تثريب على المشرع أن هو الزم المجلس البلدي في المادة (20) من قانون البلديات برفع قراراته وتوصياته إلى الوزير المختص بشئون البلديات ، أو أنه قد أعطى هذا الأخير الحق في الاعتراض على هذه القرارات والتوصيات ، إلا أن التحفظ الذي نراه على أحكام المادة المذكورة ينصرف إلى الحالات التي أجازها المشرع للوزير للاعتراض على قرارات وتوصيات المجلس البلدي وعلى المخرج الذي أوجده المشرع في حالة إصرار المجلس البلدي على قراره أو توصيته ، فالوزير له الحق أن يعترض على القرار إذا خرج عن اختصاص المجلس البلدي أو إذا تضمن مخالفة للقانون أو خرج عن السياسة العامة للدولة ، وهي حالات وعلى وجه الخصوص ( حالة الخروج عن السياسة العامة للدولة ) تنصف بالعمومية قابلة للتفسير والاجتهاد الواسعين ، فقد يرى المجلس البلدي خلاف ما يراه الوزير بأن قرارا" ما لا يخرج عن اختصاصات المجلس ، وقد يرى الوزير أن قرار ما يخالف القانون أو السياسة العامة للدولة في حين أن المجلس البلدي قد يرى عكس ما يراه سعادة الوزير . أن المخرج الذي أوجده المشرع في الفقرة الثانية من المادة (20) لحل مثل هذا الخلاف ما بين المجلس البلدي والوزير المختص في حالة إصرار المجلس على قراره أو توصيته بعرض الأمرعلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه بشأنه ، هو في الحقيقة مخرجا" يفرغ قانون
البلديات من محتواه وما تضمنه من إيجابيات ، ويجعل من قرارات المجلس البلدي تحت وصاية إدارية صارمة لا مبرر لها تتعارض مع التوجهات الإصلاحية نحو إرساء مبدأ سيادة القانون ومبدأ خضوع الإدارة لرقابة القضاء . إذ كان على المشرع في هذا الصدد أن يجعل للسلطة القضائية دورا" أساسيا" في الرقابة على حالات الاعتراض التي يملكها الوزير المختص إذ ليس من العدل أن يكون للسلطة التنفيذية الحق في أن تقرر مثلا" بأن قرار ما مخالف للقانون دون أن يكون للمجلس البلدي الحق في التظلم من هذا القرار أو الطعن عليه أمام جهة مستقلة يحددها القانون . أو كان على المشرع على أقل تقدير أن يأخذ في هذا الشأن بالنص الكويتي الذي يقضي ( لمجلس الوزراء الاعتراض على إي قرار يصدره المجلس البلدي خلال أسبوعين من تاريخ صدوره ويجب في حالة الاعتراض إعادة عرض القرار مرة أخرى على المجلس البلدي فإذا وافق عليه بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم اعتبر القرار نافذا" بعد مضي أسبوعين من تاريخ إعادة القرار ) . ويلاحظ على النص الكويتي سالف الذكر بأنه يعطي الكلمة النهائية في القرار للمجلس البلدي مع وجود وصاية إدارية مخففة .


ومن هذا المنطلق فأن ما ورد في اقتراح جمعية الوفاق من تعديل لنص المادة 20 بحيث يعد قرار المجلس البلدي نافدا إذا وافق عليه أغلبية أعضائه يأتي متوافقا مع رؤيتنا سالفة البيان ، غير أنه يتعين أن نشير إلي أن إضافة مفردة (
فقط) بعد مدة خمسة عشر يوما التي يجوز للوزير خلالها الاعتراض على قرار المجلس البلدي لا معنى لها و لا يغير من الأمر شيء ومن الأفضل النص بدلا من مفردة فقط على انه ( وفي حالة عدم اعتراض الوزير خلال هذه المدة يعتبر قبولا منه بهذا القرار) .


المتحدث: ورقة المحامي حسن إسماعيل في الورشة التي أقامها المنبر الديمقراطي التقدمي



#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس لنبي كرامة في وطنه !!
- مش عايزين وطن يكون أم الدنيا !!
- أكثر من يهوذا .. هو
- الصفر .. صفر والكبير .. كبير
- عصفور غبي بيعشق الحرية جوه القفص
- أنت لست فارسها الأوحد !!
- الإنس والجان.. ووفاء سلطان !!
- اتحاداً.. لم تفصله خطية
- الآن ...
- لا تثقي في رجل دين لا يرقص
- !!اتحجبي يا مصر
- الأقليات العقائدية كمدخل للإصلاح
- الجوكر
- تسكن الريح .. تجذر أوتاد الفراغ
- محاصر يا .. أنا
- الحلقة المفقودة لداروين !!
- تركة الريح .. وتركة الجنون
- قنفذ رمادي .. يتشبث
- أسقط في فخ البدء
- بعد كل هذا .. تسأل ؟؟


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن إسماعيل - من أجل توسيع صلاحيات المجالس البلدية