أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - التناقضات في شعر المتنبي















المزيد.....

التناقضات في شعر المتنبي


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 2160 - 2008 / 1 / 14 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


اثارت التناقضات في شعر المتنبي الشبهات لاصابته بالفصام (الشيزوفرنيا) كما اشار لذلك الدكتور عدنان الظاهر على موقع الناس. والفصام مرض عقلي يعني اضطراب التفكير، وبالتالي تدهور الشخصية حيث يتاثر السلوك والعاطفة بذلك الاضطراب. ولن يستطيع شخص مضطرب التفكير ان يبدع في الشعر وينظم القصائد مثلما فعل المتنبي، ولا علاقة لذلك الانجاز العقلي (الشعر) بالذكاء. ان الشاعر يحتاج الى التركيز والتفكير المنطقي والقابلية على خلق الصور وعرضها بالكلمات الجميلة (محسنات لفظية).
وربما تصور بعضهم بان المتنبي مصاب بداء العظمة Grandiose delusion من استعراض بعض ابيات شعره، والتي ممكن ان تظهر مثل ذلك الوهم، ومنها:
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي واسمعت كلماتي من به صمم
ورغم اصرار المعري على كونه الاعمى المشار اليه في بيت الشعر، الا اني اجزم بان المتنبي استعار من الاية الكريمة "صم بكم عمي فهم لا يعقلون" (البقرة الاية 171). انه يؤكد انتشار الجهل في القرن الرابع الهجري حيث قضى حياته. ويقدم المتنبي دوره في ذلك العصر، سياسي، فقد كانت له قضية. ان نقل صورة الواقع وبهذا الشكل يعكس ذكاء خارق وقابلية على الاستعارة مع التفكير التفكير المجرد Abstract thinking.
اشار المتنبي بل اشاد بشجاعته ونسبه باشكال عديدة منها:
واني لمن قوم كأن نفوسهم بها آنف ان تسكن اللحم والعظما
واكد الباحثون نسبه للبيت النبوي الشريف، بل ان عبد الغني الملاح تطرف بالتصريح بان ابو الطيب ابن المهدي المنتظر (عج) الامام الثاني عشر للشيعة. ان سيرة ذويه واضحة في مقارعة الظلم، وكان الشهداء، ولم يكن ذلك استهتار بالحياة، ولا البحث عن الجنة في برك الدماء. ويشرح البيت الشعري ذلك فلا تغريهم الحياة بالبقاء في اللحم والعظم (الجمال والحركة والنشاط والافعال الحيوية) ولم تكن مبالغة في وصف رجالات بيت النبوة.
وترتبط شجاعة المتنبي بالعلم والمعرفة فقال:
والخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
اغفلت الدراسات دور المتنبي السياسي، وربما لم اطلع عليها، ودور سياسي في ذلك القرن الهجري بما تميز من ظهور القرامطة وغيرهم من الحلل والملل والشطط الفكري، فتصدى لتلك الظواهر، او حاول الاصلاح وقاومها:
وما مقامي بارض نخلة الا كمقام المسيح بين اليهود
انا في امة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
ان المتنبي يحدد ادوار الانبياء في اصلاح اقوامهم ودعوتهم لذلك، والابيات تؤكد بانه دعوات الانبياء لم تكن لطقوس العبادة، والطقوس مظهر للدعوة. وربما كانت غربة المتنبي في ذلك القرن الهجري تماثل غربة السياسي الديمقراطي في العراق هذه الايام. ويتبادل بعضهم حديث الشهادات المزورة بل وتبرير تلك الظاهرة على وسائل الاعلام، كما يجد الامي (من لا يقرأ ويكتب) مكانا مرموقا بين صفوف القوات الامنية (تحدث بذلك نواب في البرلمان) ليمارس دوره في تكريس التخلف والظلم. وتثير الشجون ما تجده المليشات والجماعات المسلحة من غطاء من رجالات العراق الاعلام. وتعزز الغربة التي يشعر بها الديمقراطي الفساد المالي والاداري وكيف كانت الاحزاب المتنفذة غطاء له. والغيبة الصغرى والغيبة الكبرى للامام المهدي (عج) تضيف تعقيدا للصورة في ذلك القرن الهجري ودليل على بطش السلطة (الامبراطورية العباسية). الا ان الغرور يبقى واضحا في شعر المتنبي، وهذا جزء من الشخصية العربية.
الوضع في مصر اكثر غرابة حيث تجاوز كافور الاخشيدي كل النواميس في ذلك العصر، فقفز من الرق والعبودية الى الحكم مباشرة! رغم الموقف الديني والاجتماعي من العبيد والاماء (الرق) (يشرح ائمة ذلك العصر تفاصيل التعامل مع الاماء والعبيد من التسري الى البيع والشراء وغيرها في كتبهم الدينية وفتاويهم). وكون كافور اشكالية في ذلك العصر فجاء قول المتنبي:
وما طربي لما رايتك بدعة ولكن كنت ارجو ان اراك فاطرب
ونزور حديقة الحيوان للتسلية والتسرية عن النفس، أي نخطط لتلك الرحلة او الزيارة الى حديقة الحيوان، وهكذا كانت رحلة المتنبي الى كافور ومصر. وقد ورد ذلك في قصيدة يمدح فيها كافور!. واستعار مظفر النواب هذه الصورة، فخاطب سواح المعمورة ودعاهم لزيارة المنطقة حيث هناك حكاما قردة (قصيدة مشهورة). ومثل هذا الموقف لا يظهر الا من شخصية قوية تثق بنفسها، ومتمكنة من اللغة، ولا تهاب الوشاة وعقاب السلطان وانتقام كافور في حالة المتنبي، ويدرك المتنبي ان كافورا يحقد عليه فنسب المتنبي شريف وكافور بلا نسب.
وينتقل المتنبي الى العادات العربية والكرم بالذات، فسجل بخل كافور رغم تمكنه المادي، فقال:
ابا المسك هل في الكاس فضل اناله فاني اغني منذ حين وتشرب
وهذا اعلان بان كافور غريب عن المجتمع العربي او المصري لكنه ملك او حاكم او خليفة، فصفة البخل لا تنتشر بين العرب وجاء ذلك في قصيدة مدح لكافور. ويظهر الاحباط اقصاه في مناقشة فكرية لوضع كافور في مصر، وباسى يصور الحالة:
سادات كل اناس من نفوسهم وسادات المسلمين الاعبد القزم
فجاء قوله سادات المسلمين ولم يقل سادات العرب، وبذلك حدد المشكلة للمسلمين وما لحق بهم ابان ذاك القرن الهجري، انه وصف رائع للهوان في ذلك العصر. ويجد الجهل بالدين السبب الرئيسي في تلك الظاهرة بقوله:
آغاية الدين ان تحفوا شواربكم ياامة ضحكت من جهلها الامم
وتحول اهتمام رجال الدين والسلطة الى مراقبة المظاهر الخارجية والزي واللحية والشوارب وغطاء الراس، كما يحصل هذه الايام في االعراق ويضاف لها نغمة الموبايل واستخدام الانترنيت والساتلايت!، والحوادث التي طالت الجامعات في العراق هذه السنوات معروفة.
ويهدد المتنبي بالاستعانة بالقوى الخارجية لاسترداد حقه والقيام بالتغير في ذلك القرن، وكان تهديد للسلطة العباسية بل الخلافة العباسية بقوله:
وغير كثير ان يزورك راجل فيرجع ملكا للعراقين واليا
ولا يغيب عنا سقوط الخلافة العباسية بتدخل خارجي وبدعوة من بعض رجال الدين للقضاء على قلاع الملاحدة في ايران، وتقاعس الخلافة العباسية عن المشاركة في بسط الامن! وسقط نظام صدام حسين بتدخل خارجي ساهم فيه قوى سياسية معارضة من مختلف الاتجاهات دينية وعلمانية. ولم يكن ذاك استجداء لكافور، ونظلم الرجل بالحديث بهذا الشكل (ركز على ذلك الدكتور الظاهر). فكان المتنبي ذا نظرة ثاقبة وخيال واسع فهدد باقواله.
العصف الذهني Brain storming من وسائل التثقيف والتعليم ظهرت في نهايات القرن العشرين، ومثلت ابيات الشعر المشار اليها نماذج لعصف الذهني، فقد مارس المتنبي نموذجا للتثقيف حديثا!. فقد تناول صفات العرب واشكالية الدين (سادات المسلمين) والتركيز على اهتمامات رجال الدين والقادة السياسين على صغائر الامور، ليدفع الناس للبحث عن الافضل لاستعادة مجد العرب والمسلمين (هدف قومي وديني). انها محاولة شاعر سياسي، ولم يطمع بكرم كافور ليمدحه، ويساؤله نقاد القرن الواحد والعشرين، فقد قالها بصراحة:
وذاك ان فحول البيض عاجزة عن الجميل فكيف الخصية السود
وكافور كان اسود خصي، انه تبرير لفشل محاولته في مصر حيث كافور، ولكن الظاهرة عامة فالعرب كلها عجزت عن التغيير كما حصل ابان اسقاط نظام صدام، فقد عجزت ابطال العرب والقومية العربية عن التغيير، فجاء من اقصى الدنيا



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الم في الذاكرة
- محاولات لبناء مفهوم علمي للعنف
- رواية حبال الغسيل
- جابر حبيب جابر يقترح حلا لازمة العراق السياسية
- برنامج بالعراقي يتناول تاثير العنف على العراقي
- تجمع القوى الديمقراطية جنوب وسط العراق
- بلال عبد الله ظاهرة شاذة في طب العراق
- ملاحظات حول المازق الثقافي العراقي
- كثر من وزارة قصرت في فضيحة دار الحنان لشديدي العوق
- ملاحظات حول محنة الطفولة في مقالات الدكتور المقدادي
- قادة في العراق


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - التناقضات في شعر المتنبي