أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - رواية حبال الغسيل














المزيد.....

رواية حبال الغسيل


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 2125 - 2007 / 12 / 10 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


يختزل طه الشبيب حرب 2003 وسقوط نظام صدام في احداث تعنت مهمشون من المجتمع العراقي تتمسك بالسكن في بناية وزارة دفاع لنظام صدام او في ما تبقى منها، فقد كانت بالنسبة لهم جنة، وهجوم قوة امريكية عليهم. والمهمشون نتاج انتفاضة شعبان 1991 حيث فقدوا الدور والثروة والاهل والاحبة، وعانوا من ملاحقة نظام صدام فلم يعملوا في الدولة او ينتظم اطفالهم في الدراسة طيلة الفترة التي سبقت سقوط النظام!. وتسجل الرواية اشكالية الامية بينهم، والاثار السلبية للعزلة، وتقلصت امالهم ليسكنوا في بناية حطمتها صواريخ القوات الامريكية، ومع ذلك يستعد ذاك الجمع للتضحية من اجل الاحتفاظ بتلك البناية.
انغمست الرواية في تفاصيل القتال من انهمار الرصاص الى سقوط قنابل المدفعية والدبابات، وربما نجح الشبيب تصوير المعركة الى اشكالية وطنية، فقد رفع موسى الهادلي (لقب قريب جدا من الجنوب العراقي) رفع علم عراقي مشوه خاطه على عجالة من الستائر خلال الهجوم الامريكي وتحت ضغط نفسي عالي. وفي لقطة صوفية ينسى الهادلي نفسه اثناء تتبع عملية رفع العلم، فيسقط عقاله دون ان يشعر نتيجة حركة الراس، في مفارقة للمقارنة بين اهمية العلم والعقال الرمزية في نفوسهم، لتتفوق القيمة الرمزية للعلم.
تكررت في الرواية مشاركة ذاك الجمع في انتفاضة شعبان 1991 حيث سحقتهم قوات صدام تحت ذاك العلم! ورغم هذه الحقيقة فقد وقف كزار (رجل بني لام) بوضعية سلام خُذ، وهي تحية عسكرية يعرفها من خدم في الجيش العراقي، وعندها تمزقت اوصاله برشقات من حوامة (طائرة سمتية) كانت تحوم فوق البناية وبقى العلم سالما مع قصر في طول السارية فقط. وربما يؤكد الراوي خلاله وصفه لتلك اللحظات استهداف العلم وبالتالي استهداف الوطن من قبل القوات الامريكية.
لم تستوعب ام سعدون (العجوز) قائدة ذاك الجمع (المهمشون) اشكالية العلم ومقتل رجل بني لام وتعاتب الهادلي بقسوة. ولما تيقن الهادلي وغيره بانهم هالكون لا محالة فلا باس من اضافة معنى اخر لتلك الواقعة، وكان المعنى المضاف هو الوطن كما شرح الهادلي ذلك بالتفصيل. وفي تاريخ العراق لم يكن الوطن قيمة مضافة بل اساسية، وقد سجل الادب ذلك باشكال مختلفة ومنها:
سلاما على جاعلين الحتوف جسرا للموكب العابر
والخطاب واضح بالجمع. وظهر الوطن قيمة مضافة في الحرب العراقية الايرانية حيث راجت عبارات استنكار عودة كل الابناء من الجبهة دون خسائر في الارواح، او تصريحات بعض النسوة حين عملن في قيادة باصات النقل في بغداد من اجل تفرغ الرجال للجبهة او نعوض عنهم كونهم قوة قتالية او الاب الذي قتل ابنه وقلده صدام وسام الرافدين!. وهكذا جاءت معاني الوطن بعد المال وبذلك اهمل نظام صدام بناء معنى الوطنية. وللمهمشين في حبال الغسيل قضية اكبر فهم اول من ساهم باسقاط النظام وقاومه ونساه الوافدون لاستلام السلطة.
ينقل الشبيب محاورة بين العجوز قائدة الجمع وقائد القوة الامريكية، فيطالبها بتسليم الارهابين، ولم تفقه العجوز الكلمة ويشرح لها مترجمها الهادلي. ويظهر المتحدث الامريكي مؤدبا بكلماته سيدتي وغيرها!. الا انهم تحدثوا في اتجاهين مختلفين، فاشارت العجوز الى الامريكيين باعتبارهم معتدين كونهم في العراق (لغة الصحاف وجمعه)، واشار القائد الامريكي الى ضرورة تسليم من زرع لهم العبوة في الشارع امام بناية الوزارة، واكد الامريكي بان قواته تعتبر مجموعة مدنية ما دامت لا تستخدم السلاح. لم يظهر اي تفسير لقيادة العجوز الامية ذاك الجمع، بل ويتبعها الهادلي (رجل بامكانه مطالعة الروايات الانجليزية)، وتبعها الصحفي الذي تواجد في البناية لاغراض انجاز تحقيق. انها استعارة لوضع العراق سابقا، وقد تكون اشكالية لا زال يعاني منها العراق.
في زحمة القتال يتبنى الصحفي (ابو زيد) والهادلي مهمة تزويج شاب من الجمع (اقناع ام سعدون وبقية العناصر المؤثرة وانجاز هدنة او فترة هدوء وخطبة الفتاة واعداد غرفة الزفاف وحمام للعروس والعريس والزفة) ويتابع ذلك الراوي بتفاصيله. انها حب الحياة والخلود عبر التناسل. وبعد الزفة يحتفل الشباب باطلاق الرصاص في الهواء (عادة شائعة في العراق رغم الخسائر الناجمة عنها)، وترد القوات الامريكي بقذائف المدافع وتحل الكارثة. لقد نسى الشباب الازمة والقتال فانغمسوا باطلاق النار في الهواء مما عكس استعدادهم للقتال، بل كان استعراض للقوة.
تقاتل الجماعة باثارة الحماسة، فزغرودة ام سعدون (العجوز) بداية العمليات، ولعبت الهوسات اكبر. "احنا اللي لحمنا سموم اشجابك لديرتنا" رددتها ام سعدون ومعها كل الشباب المقاتل، وفي استعارة واضحة كانت "يامحلى العيشة بحضن الموت اسمع ياالعادي". وعندما سقط القنابل على سور الوزارة وحصلت الفاجعة حيث صبغ دم الشباب بقايا السور، لتهزج ام سعدون "تعالن هلهلن ياالمسعدات وياي"
"عراريس الولد دمهم يحنيهم" مع الاهزوجة "بدمك ياالحلو حنيت شيباتي" في حين ظهر عويل الثكالى. لقد لعبت الاهزوجة دورا باثارة الحماس لتبرز الشجاعة فلم يهاب الموت شباب ذلك الجمع. وبقت الشجاعة ذات معنى واحد تأسس في معارك البسوس وداحس والغبراء وعبرها الى الحرب العراقية الايرانية والحروب الاخيرة. لم تتغير المعاني فتوارثت الاجيال الخيارات في الحياة محصورة في حياة تسر الصديق او موت يغيض العدا، وهكذا كانت خيارات تلك المجموعة.
اهملت الاحزاب المهيمنة على السلطة هؤلاء المهمشين فتمسكوا بخرائب بناية حكومية، وحين طلب الامريكيون الارهابين كان شبابهم يحملون الكلاشنكوف والمسدس دفاعا عن الخرائب من اي طامع اخر عراقي. لم تستوعب القوات الامريكية ذلك وترفض بقاء السلاح هكذا مع احتمال ممارستهم العنف لاحقا.
ابدع الشبيب في وصف التوتر خلال انتظار القوات الامريكية او الانتقال لتقصي الاخبار في الليل حيث لا احد في الشوارع. ووصف التوتر والشد العصبي اثناء اطلاق النار بشكل رائع كما ابدع في الحديث عن الانفعال (التوتر) في عتاب اثناء تبادل اطلاق النار وربما لعبت مهنته دورا في ذلك.



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جابر حبيب جابر يقترح حلا لازمة العراق السياسية
- برنامج بالعراقي يتناول تاثير العنف على العراقي
- تجمع القوى الديمقراطية جنوب وسط العراق
- بلال عبد الله ظاهرة شاذة في طب العراق
- ملاحظات حول المازق الثقافي العراقي
- كثر من وزارة قصرت في فضيحة دار الحنان لشديدي العوق
- ملاحظات حول محنة الطفولة في مقالات الدكتور المقدادي
- قادة في العراق


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - رواية حبال الغسيل