أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد السلام أديب - الحركات الاحتجاجية في المغرب ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية















المزيد.....


الحركات الاحتجاجية في المغرب ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 11:27
المحور: مقابلات و حوارات
    


أجرى المراسل الإقليمي لوكالة الأنباء الدولية آي.بي.إس بشمال إفريقيا و الشرق الأوسط السيد عبد الرحيم الوالي حوارا مع عبد السلام أديب على اساس نشره في الموقع الالكتروني للوكالة بتاريخ 29 أكتوبر 2007 ، وقد جاء الحوار كما يلي:

* معلوم أن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كان هو صاحب المبادرة في تأسيس تنسيقيات لمناهضة الغلاء. و ذلك على أساس أن هذا مطلب حقوقي بالدرجة الأولى. و في نفس الوقت لاحظ الجميع تخلف الأحزاب السياسية الكبرى عن التفاعل مع هذا المطلب الاجتماعي. هل يعني هذا أن العمل الحقوقي يمكن أن يحل محل العمل السياسي و أنه يمكن الاستغناء عن الأحزاب السياسية في مجال المطالب الاجتماعية؟
** من الناحية المبدئية لكل مجال أهميته، فالعمل الحقوقي لا يعوض العمل السياسي والعكس صحيح، لكن الواقع المغربي له مميزاته، حيث توجد الدولة رهينة نظام يسود فيه الحكم الفردي وتتقلص فيه الإمكانيات المتاحة للعمل السياسي النبيل القائم على تعبيرات سياسية لمختلف طبقات المجتمع وشرائحه. ففي هذا الواقع يصبح المشهد السياسي مؤثثا بأحزاب سياسية همها الأساسي هو خدمة إرادة المخزن المتحكم في اللعبة السياسية في تناغم تام معه، ومعلوم أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة في بلادنا منذ عقود من طرف النظام القائم تتميز بخدمتها للمصالح الإمبريالية ومصالح الطبقة الحاكمة وتؤدي في المقابل إلى إفقار واسع للطبقتين الوسطى والمسحوقة وتوظف الأحزاب السياسية للدفاع عن هذه السياسات. إذن ففي مشهد سياسي من هذا القبيل وفي ظل تواجد جمعية حقوقية مكافحة كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان سيكون من الطبيعي أن تتم إدانة الخروقات الصارخة التي تنتج عن هذه السياسات وتطال على الخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبطبيعة الحال فإن الغلاء هو أحد الأدوات التي تنتهك هذه الحقوق، لذلك عملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على دعوة عدد من الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين والجمعويين والمناضلين المستقلين للعمل معا في اطار تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية كمحاولة للتصدي لهذه السياسات.

* في حوار سابق لكم مع "الأسبوعية الجديدة" ذكرتم أن معدل التضخم بلغ 4 بالمائة بدل 1 بالمائة التي توقعها القانون المالي لسنة 2006. و قلتم في نفس الوقت بأن القيمة النقدية للأجور انخفضت بنفس النسبة. إذا طلبنا منكم بصفتكم خبيرا اقتصاديا أن تشرحوا للقراء معنى هذه المعادلة و انعكاساتها الملموسة على حياة الناس، كيف تشرحون ذلك؟ و هل تعني مضاعفة الرقم المتوقع أربع مرات أن السياسة المالية للحكومة السابقة كانت سياسة فاشلة؟ و ما هي في نظركم التدابير العملية الممكنة لتجاوز حصول نفس الأمر في المستقبل؟
** الزيادات في الأسعار بدون ضوابط تقود نحو التضخم، والتضخم ينقص من قيمة العملة وقد يشكل التضخم نوع من الضريبة غير المباشرة، تمتص الكتلة النقدية حينما تكون نسبة السيولة النقدية كبيرة، وقد تلجأ الدولة اراديا إلى افتعال سياسة التضخم، كما يمكن أن يكون التضخم غير ارادي ونتيجة عدة عوامل داخلية وخارجية. في حالة المغرب هناك جانب ارادي كبير في افتعال الزيادة في الأسعار ولو أن بعض هذه الجوانب خاضع للتأثيرات السوق الدولية. فالدولة تريد أن تعوض ما تفقده من مداخيل جمركية عبر الزيادة في الضرائب على الاستهلاك الأساسية وهو أمر يؤدي إلى الزيادة في الأسعار، كما أن اتفاقيات التبادل الحر مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تلزمه بتحرير الأسعار وهو ما يعني رفعها لتتساوى مع الأسعار الدولية، في حين أن الشروط الداخلية لا تسمح بذلك مما يؤدي إلى حالة من التضخم وعدم استقرار للأسعار.
إن الغلاء وعدم استقرار الأسعار مضر بالاستثمار وبالتشغيل ويفتح المجال أمام المضاربات ويرفع من حجم المديونية ويقلص من مستوى الأجور خاصة المتوسطة والدنيا، فأي زيادة في الأسعار وإلا ويحدث انتقاصا في مستوى القيمة الشرائية للأجور.
أما بالنسبة لفشل أو نجاح الحكومة فهو حكم قيمة، حيث أن الحكومة تعمل وفق مخططات تخدم المصالح الامبريالية ومصالح التحالف الطبقي الحاكم فتكون تلك المخططات بالضرورة لاشعبية، فالحكومة في هذه الحالة تعتبر ناجحة في المخططات التي تستهدفها. أما بالنسبة لمصالح الشعب المغربي وتجاوز الانعكاسات الحالية فالأمر يتطلب قيام حكومة شعبية منتخبة ديموقراطيا وفق دستور ديموقراطي صياغة ومضمونا يقوم على فصل حقيقي للسلط ويخضع كل مؤسسة دستورية للمحاسبة الشعبية وحينذاك يمكن بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية تكون في خدمة الطبقة العاملة وعموم الكادحين.

* ذكرتم أيضا في نفس الحوار أن نسبة 75% من الدخل لدى شرائح الدخل المنخفضة تذهب إلى التغذية. معنى ذلك أن 25% المتبقية هي فقط التي توجه لجميع الحاجيات الأخرى من تعليم و صحة و غيرها. هل هناك نتائج ملموسة لهذه النسب في حياة المواطنين؟ ما هي هذه النتائج؟ و هل لكل هذا نتائج لاحقاً على نمو الاقتصاد بشكل عام و على تطور القطاعات الاجتماعية بشكل خاص؟
** عندما نتحدث عن شرائح الدخل المنخفضة فنعني بها تلك المداخيل التي لا تتجاوز الحد الأدنى للأجور أي 2000 درهم شهريا، وهنا نجد أن السكن غالبا ما يأخذ 50 % من الدخل، أما ال 50 % المتبقية فتتوزع الى 75 % تذهب لسد حاجيات نسبية من التغذية بينما يخصص الباقي لباقي المجالات حسب الأولوية التي تفرض نفسها، كالعلاج أو اللباس أو تغطية المصاريف الموسمية كأضحية العيد والدخول المدرسي ورمضان ... الخ، لكن هذا التقسيم لا يكون بهذه الحدة وان كان هو استقراء نسبي في متوسط الاستهلاك. وإذا ما نظرنا إلى مضمون هذه المصاريف فسنجدها هزيلة جدا، حيث لا يتوفر السكن اللائق ولا تتضمن التغذية حاجيات الجسم الضرورية كما أن مختلف الاستهلاكات تضل في حدها الأدنى نضرا للغلاء الفاحش وعدم القدرة على ضمان الحد الأدنى للمعيشة والصحة والتعليم.
نتائج ضعف محفظة الأسر المتوسطة والدنيا تنعكس على حركية السوق الداخلي فتصيبه بحالة من الانكماش والكساد نظرا للضعف العام للاستهلاك، وهذا يرهن الاقتصاد المحلي بالتوجه الاستراتيجي نحو الخارج، ومعلوم أن لذلك آثاره في مجال تعميق التبعية نحو الخارج، وازدهار نسبي داخل بعض المدن الشاطئية نظرا لنشاطها في مجال التصدير والاستيراد كمدينة الدار البيضاء مثلا، بينما تصاب مختلف المدن الداخلية بحالة من الشلل ولا تنتعش إلا نسبيا بالنسبة لبعض المدن التي تتوفر على مؤهلات سياحية وهي انتعاشات موسمية فقط.
انعكاس الوضع العام للبلاد نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة يعتبر وخيما على القطاعات الاجتماعية من حيث انتشار البطالة وتجميد الأجور والتسريحات الجماعية وانتشار الدعارة والجريمة المنظمة وتدني مستوى الأخلاق.

* أعلنت حكومة السيد عباس الفاسي عن تخصيص مبلغ 19 مليار درهم لمواجهة مشكل ارتفاع الأسعار. بصفتكم متتبعا اقتصادياً هل يمكنكم أن تشرحوا للقراء علمياً وواقعياً كيف يمكن القيام بذلك؟ و هل سيكون هذا المبلغ كافياً؟ و هل يمكن أن نعتبر هذه السياسة سياسة ناجعة وقادرة على الاستمرارية و التطور و إنتاج حلول تواكب المتطلبات الاجتماعية فعلياً؟
** إن ما تخصصه الحكومة لصندوق المقاصة لدعم بعض المواد الأساسية يذهب أساسا لفائدة الشركات المحتكرة لهذه المواد، ولا يكون له كبير الأثر على المستهلك النهائي، وإذا ما تم تحليل التصريح الحكومي الأخير فستتم ملاحظة أن مختلف الأطروحات والوعود غير مرقمة ولا آجال لها، كما أنها مبنية أساسا لخدمة المصالح الرأسمالية، ولا علاقة لها بواقع الطبقات المسحوقة.
فإذا أخذت عاملا يتقاضى الحد الأدنى للأجور وحرمته من العلاج بالمجان وفرضت عليه الأداء من أجل تعليم أبنائه، كما حرمت أبنائه سواء كانو من حملة الشواهد أو من حملة السواعد من العمل لكي يبقوا عالة على دخل العامل المعني بالأمر، ورفعت أسعار مختلف المواد والخدمات الأساسية، فإنك يجب أن تحتسب هذا العامل وعائلته في زمرة الفقراء. تلك هي إذن النتائج المباشرة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة والتي تعمل فقط لخدمة المصالح الامبريالية والتحالف الطبقي الحاكم.

* ما هو في نظركم السبب العلمي ـ من الناحية الاقتصادية ـ لارتفاع الأسعار؟
** هناك أسباب ترتبط بطبيعة النظام الاقتصادي الرأسمالي، ومعلوم أن هذا النظام يعرف ما يسمى بالدورات الاقتصادية قصيرة الأجل التي تتراوح فيما بين سنة إلى سنتين، والدورات الاقتصادية المتوسطة الأجل و التي تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات، ثم الدورات طويلة الأجل التي قد تصل إلى خمسين سنة، وكل دورة من هذه الدورات تعرف في بدايتها مرحلة رواج متوسطة تتلوها مرحلة أطول من الأزمة حيث يظهر الكساد وتنتشر البطالة ويسود التضخم. وغالبا ما تكون هذه الدورات الاقتصادية متداخلة فيما بينها تحكمها الدورة طويلة الأجل التي تقوم نمط انتاجي جديد كظهور الآلة البخارية وآلات الحياكة، ثم ظهور الكهرباء فالسيارة ، ثم بعد ذلك الطائرات والذرة، ثم التكنولوجيات الحديثة.
عند وقوع أزمات النظام الرأسمالي والتي تبدأ بتدهور معدل الربح الرأسمالي فتبدأ المواجهة بين الباطرونا والعمال عبر التسريحات الجماعية وانتشار البطالة يعمد النظام إلى تحطيم وسائل الإنتاج عبر مختلف الوسائل لعل أخطرها هي افتعال الحروب وتدمير دول بكاملها لتعود الآلة الانتاجية للعمل من جديد. لكن عندما يصبح الاحتكار وتهيمن الشركات العملاقة على مختلف مجالات الإنتاج وبالتالي يصعب تدمير الآليات الإنتاجية في المتربول فإن الأزمة تعم مختلف أرجاء العالم وتنتشر الفوضى نتيجة الغطرسة والاستغلال الوحشي للشعوب.
فنحن اليوم نعيش مرحلة من الأزمة العامة للنظام الرأسمالي الذي ننعته بالمتوحش، لأنه لا يتوقف عن الاستغلال الفاحش للبشرية من أجل نقل الفوائض الاقتصادية للشعوب نحو المتربول.
هذا هو السياق العام للوضع السياسي والاقتصادي الدولي والذي له تأثير مباشر على بلادنا، وفي ظل غياب الديموقراطية، وسيطرة التحالف الطبقي الحاكم على صناعة القرار السياسي والاقتصادي، فالنتيجة تكون هي خدمة أهداف الرأسمال الدولي وتمكينه من أهدافه الاستعمارية والمخربة لاستقرار الشعوب.
* كانت هناك جلسة جمعت ممثلين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع مسؤولين من وزارة الداخلية. ما هي قراءتكم للموقف الرسمي حتى الآن من حركة الاحتجاج على ارتفاع الأسعار على ضوء اللقاء المذكور؟
** السلطات العمومية لا تعترف بأنها المسؤولة عن الكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب ، رغم أن سياساتها المعتمدة منذ خروج المغرب هي التي أوصلت المغرب إلى ما هو عليه نتيجة انتشار اقتصاد الريع وانتشار الجرائم الاقتصادية المتمثلة في نهب المؤسسات العمومية وافلاسها وعدم معاقبة ناهبي المال العام، وتحاول السلطات أن تلقي المسؤولية على تقلبات السوق الدولية واكراهات ما يسمى بالعولمة. وفي نفس الوقت الذي تعترف فيه بحق الشعب في الاحتجاج فإنها تتوعد بخنق هذه الاحتجاجات إذا ما تزايدت، معتبرة أن ما ينتظر المغرب مستقبلا ربما سيكون أسوء مما مضى.
أما موقفنا كحقوقيين فنحن نعتبر أن حق الاحتجاج مشروع، ولا يتطلب أي ترخيص وأن كل الاحتجاجات تكون سلمية إلا إذا كان هناك تدخل للسلطات فتكون بذلك هي المسؤولة عن الحوادث المؤسفة التي تقع.

* كانت هناك أحداث مدينة صفرو التي يحاكم على إثرها عدد من المتظاهرين. إذا طلبنا منكم بصفتكم فاعلا حقوقياً أن تقدموا للقراء خارج المغرب هذه الأحداث و هذه المحاكمة و ظروفها، ماذا تقولون؟
** منذ يوم الثلاثاء 18 شتنبر إلى غاية يوم الأحد 23 شتنبر 2007 دأبت نساء ورجال وأطفال قرية البهاليل التي تبعد 5 كيلومترات عن مدينة صفرو على تنظيم مسيرات حاشدة نحو المدينة لكنها كانت تتعرض للقمع في الطريق فكانوا يلجئون للمرور عبر الجبل لبلوغ المدينة، كما كان سكان مدينة صفرو يتظاهرون أمام عمالة الإقليم يوميا، فقد بلغت أسعار المواد الغذائية الأساسية الخبز الزيت السكر الحليب الخضر الفواكه الطرية والجافة .... مستويات لا تطاق بالنسبة لسكان المدينة خصوصا في ظل انتشار البطالة وتدني الأجور يضاف إلى كل ذلك تدهور الخدمات الأساسية من صحة وتعليم...
لقد ظهر القمع الاقتصادي بشكل جلي في مدينة صفرو ونواحيها كما هو الشأن بالنسبة لباقي مدن وقرى البلاد، وتبدوا مسؤولية الدولة عن هذا القمع جلية، فالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها منذ عقود تقود الى انحدارات لولبية للطبقات المتوسطة والمسحوقة حولت مدنا بكاملها مثل مدينة صفرو من حالة من التوازن النسبي إلى مدن ينتشر بها الفقر والبطالة والأمراض الفتاكة. إذن فالدولة تخرق مبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهو العهد الذي صادقت عليه سنة 1979.
لقد جاء رد فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان واضحا بالدعوة إلى وقفة احتجاجية أمام باب المربع لإدانة ضرب القدرة الشرائية لساكنة قرية البهاليل ومدينة صفرو، ودعوة السلطات العمومية إلى تغيير سياسات الغلاء التي تمارسها لفائدة الطبقات الرأسمالية المحتكرة للمواد والخدمات الأساسية. وقد نظمت الوقفة بنجاح يوم الأحد 23 شتنبر 2007، فقد دامت الوقفة 45 دقيقة انتهت بكلمة للجمعية، بعدها انظم بعض المحتجين إلى التجمهر الواسع أمام عمالة الإقليم، حيث كان هناك قسم من ساكنة البهاليل قد جاؤوا لمقابلة العامل. أمام الحشود الكثيفة للجماهير الشعبية أمام العمالة، عمدت السلطات إلى ممارسة القمع الوحشي ضد النساء الحاضرات لإرهابهن وتفرقتهن، لكن الجموع الغاضبة المستنكرة للقمع الاقتصادي لم تستسغ العنف السلطوي ضد احتجاجات نسائية سلمية فأخذت تبادل القمع البوليسي برمي الحجارة، وسرعان ما عمت المواجهات بين البوليس والمواطنين مختلف أرجاء المدينة، فأحرقت سيارات وعدد من المقاطعات وتم تخريب بنك ومدرسة كما حدثت إصابات بليغة سواء بين صفوف الشرطة أو لدى الجماهير الشعبية الغاضبة. وقد تم اللجوء إلى اعتقال العديد من المواطنات والمواطنين من بينهم أربعة أعضاء من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو.
لقد اعترفت السلطات بمسؤوليتها عن الحوادث التي وقعت خصوصا عندما سارعت يوم الاثنين إلى إعادة أسعار الخبز إلى ما كانت عليه قبل 8 شتنبر 2007 أي درهم و20 سنتيم بدل درهم و50 سنتيم.
لم تتعامل وسائل الإعلام خصوصا منها السمعية البصرية بموضوعية مع الأحداث الجارية وحاولت إلقاء المسؤولية على فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو. كما عانت عائلات المعتقلين الأبرياء من ظلم الاعتقال، وبدت مظاهر نكبة المدينة واضحة أمام الرأي العام الوطني والدولي

* هل ما يزال تنظيم مسيرة وطنية للاحتجاج على ارتفاع الأسعار واردا بالنسبة لكم في المستقبل؟ ما هي الأشكال الاحتجاجية الأخرى المحتمل اللجوء إليها في المستقبل إذا لم تتم الاستجابة للمطالب المطروحة؟
** إن الجماهير الشعبية هي التي تحتج في كل مكان وعلى مختلف الانتهاكات التي تكتوي بها من بينها طبعا الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، أما تنسيقيات مناهضة الغلاء فلا تعمل سوى على الالتحاق بهذه الاحتجاجات وتأطيرها بشكل منظم حتى نظمن استمرارية الفعل الاحتجاجي الشعبي، وبطبيعة الحال فإن مختلف الأشكال الاحتجاجية واردا ومنها المسيرات الشعبية ما دامت السياسات الرأسمالية ممعنة في توحشها واجهازها على القوت اليومي للجماهير الشعبية. وإذا ما تباطئت التنسيقيات في نضالاتها فإن الشعب المغربي قادر على ابداع أشكال أخرى من الاحتجاج. وهذا يعني أن الحل لا يتم بالترقيعات ودر الرماد على العيون بل يجب اعتماد حلول جذرية تنطلق من دمقرطة حقيقية أساسها وضع دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا.

* كيف تتوقعون أن تتعامل الحكومة الحالية مع مشكل ارتفاع الأسعار على الصعيد الاجتماعي؟
** أفاق الحكومة الحالية جد ضيق، كما أنها تفتقد للمشروعية على اعتبار مقاطعة غالبية الشعب المغربي لانتخابات 7 شتنبر 2007، فالحكومة إذا ما أخذنا أحسن الأرقام فإنها لا تمثل سوى 10 % من الشعب المغربي. فكيف لهذه الحكومة أن تعبر عن رغبات الشعب المغربي وتعالج المشاكل العالقة؟

* أدت السياسة التي تم نهجها في مجال إدارة القطاع العام سابقاً إلى الاغتناء غير المشروع لبعض الفئات التي أصبحت الآن تملك رؤوس أموال مهمة. هل لهذه الفئات، علمياً من الناحية الاقتصادية، دور في ارتفاع الأسعار؟
** تاريخ المغرب، عبارة عن سلسلة من مظاهر الاغتناء غير المشروع، والتحالف الطبقي الحاكم مسؤول في نفس الوقت عن نهب المال العام وكذا عن اعتماد السياسات اللاشعبية اللاديموقراطية، وبطبيعة الحال هي المسؤولة سياسيا عن ارتفاع الأسعار.

* ما هي قراءتكم لطريقة التعامل مع صندوق الموازنة؟ و هل يمكن الزيادة في اعتمادات الصندوق؟ و ما هي العوائق التي تحول دون ذلك؟
** لم يلعب صندوق الموازنة الدور المفروض أن يلعبه، فقد كان دائما في خدمة محتكري المواد الأساسية والمستوردين، رغم أنه يمول من الضرائب التي تقتطع غالبيتها من ذوي الدخل المتوسط والضعيف، لذا فإن هذا الصندوق يجب أن يكون في خدمة هذه الفئات.

* ما هي في نظركم الانعكاسات المجالية للسياسة المتبعة في المجال الاقتصادي و الاجتماعي بالمغرب حالياً؟ هل هناك علاقة مباشرة بين هذه النتائج من جهة و ارتفاع الأسعار من جهة ثانية؟
** كما أشرت إلى ذلك سابقا، فإن التوجه الخارجي للاقتصاد المغربي يؤدي إلى اختلالات مجالية خطيرة بين المدن الساحلية وبقية المدن والقرى الداخلية، فشروط الانفتاح على الخارج غير متوفرة ولذلك يكون وقع ارتفاع الأسعار قويا على الطبقات المسحوقة.

* في ظل انحسار الدور التأطيري للأحزاب السياسية الكبرى، مَنْ في نظركم يمكن أن يؤطر سياسياً هذه الحركة الاجتماعية المناهضة للتداعيات الاجتماعية السلبية لسياسة تحرير الاقتصاد و تقليص الإنفاق العمومي؟
** لا زال الشعب المغربي يحبل بالطلائع الثورية إلى جانب الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وعموم الكادحين، فالأحزاب السياسية والمثقفون برهنو عن ضعفهم وانتهازيتهم ولم يعودوا صالحين لقيادة الشعب المغربي نحو التنمية والازدهار، لذلك فإن خلق الأداة السياسية للطبقة العاملة وعموم الكادحين هو الكفيل بخلق نوع من التوازن في مواجهة غطرسة رأس المال وانتهازية المثقفين والأحزاب المنبطحة.

* نهجت الدولة المغربية في السنوات الأخيرة سياسة الحملات التضامنية من خلال مؤسسة محمد الخامس للتضامن و غيرها. كما تم الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. هل ترون أن ما تم القيام به حتى الآن في هذا الإطار كان له أي تأثير ملموس في الواقع؟ و هل ترون أن هذه السياسة يمكن أن تشكل حلا ناجعا و دائما لمشاكل المغرب الاجتماعية و الاقتصادية؟
** المبادرات التي تمت ومنها على الخصوص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت على اثر قمة مونتيري في مارس 2002 في المكسيك والتي جمعت الدول والمؤسسات المالية الدائنة والبلدان الأكثر مديونية، وحيث تقرر ربط التمويل الدولي بمجهود كل دولة في محاربة "الفقر المطلق"، لذلك كان من اللازم خلق مثل هذه المبادرة لضمان تدفق الأموال الأجنبية على المغرب. كما أن هذا التوجه يخدم الرأسمال الدولي لأن سلعه مهددة بالكساد نتيجة انتشار الفقر المطلق في دول المحيط.





#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القانون المالي لسنة 2008 في خدمة الأغنياء
- أي أفق لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في ال ...
- لم نتلق أي تحذيرات بالتراجع عن تنظيم الوقفات
- قافلة التضامن مع ساكنة مدينة صفرو وقرية البهاليل
- نجاح احتجاج فروع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط سلا ...
- الغلاء استغلال إضافي للطبقة الكادحة من طرف الرأسمال
- ويستمر النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- ماذا بعد المقاطعة العارمة للانتخابات المخزنية؟
- الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي
- المنتخبون في المغرب لا يملكون السلطة لتنفيذ برامجهم الانتخاب ...
- من حقنا أن نشكك في نتائج الانتخابات المعلن عن نسبها المائوية ...
- معركة الشعب ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في واد والطبقة ...
- لنصنع تاريخنا من جديد أيها المناضلون
- أين كانت الأحزاب المغربية وقت الزيادة في المواد الاستهلاكية؟
- انفجار حركة الاحتجاج على غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومي ...
- الديمقراطية الحقيقية هي الكفيلة بوقف تبذير المال العام
- المقدس هو الشعب
- الكثير من المسئولين في المغرب كانوا يتطلعون إلى فوز اليمين ا ...
- معارك حقوقية لا تنتهي؟
- سياسة الأجور في المغرب


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد السلام أديب - الحركات الاحتجاجية في المغرب ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية