أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين علي الحمداني - الديمقراطية وخلق المفاهيم الجديدة















المزيد.....

الديمقراطية وخلق المفاهيم الجديدة


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2129 - 2007 / 12 / 14 - 10:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اذا كان احد تعريفات الديمقراطية هو القدرة على خلق مفاهيم جديدة في المجتمع لمواجهة مفاهيم قديمة شكلت اساس الاستبداد، كما في اغلب دول العالم الثالث التائهة عن طريق الديمقراطية والمتجهة بقوة نحو وسائلها وابرزها الانتخابات، فان السؤال التالي يطرح نفسه: ما هي الخلفية التي يقوم عليها الاستبداد والتي على اساسها ظهرت ضدها المفاهيم الداعية الى مواجهة الاستبداد؟

يوجد اساسان مهمان مرتبطان بهذا الموضوع، الاول يتمثل في مفهوم (الحق) في مقابل (التكليف)، والثاني متمثل في مفهوم (المعرفة) كما هو التعريف العصري والحديث للكلمة.
وحينما ترتبط الديمقراطية بمفهومي (الحق) و(المعرفة) فان الوسائل التي يمكن ان تفعل الحياة الديمقراطية، وبالذات السياسية، كالحكومة البرلمانية والانتخابات ومبدأ فصل السلطات وغيرها، هذه الوسائل رغم اهميتها البالغة الا انها يجب ان تنبع من اساسي (الحق) و(المعرفة) بوصفهما نتاج حالة علمية ومعرفية حديثة.
فالحالة العلمية، او كما يصفها المفكر الايراني الدكتور عبدالكريم سروش (المعركة العلمية)، هي احد مصادر (المعرفة) ما يجب ان تجري في ظروف تتوافر فيها الحرية وتتعدد خلالها منابع المعلومات للجميع.
وفيما يتعلق بنظام الحكم فهو بحاجة الى وجهات نظر جميع قطاعات المجتمع، او بجملة اخرى يحتاج الى تفعيل العقل الجمعي بوصفه الوسيلة الفعالة لمعرفة الحقيقة النسبية (لا الحقيقة المطلقة والنهائية). فطريق ادارة المجتمع يمر عبر اختلاف الآراء وتضاربها وعبر مواجهة العقل الفردي المؤسس للاستبداد.
فمن يعتقد بانه الوحيد الذي يمتلك الحقيقة سوف لن يحتاج للآخرين للحصول على اي حقيقة او معلومة جديدة، فظنه سينصب على انه يجسد الحقيقة المطلقة، وان على الآخرين ان يبادروا لاخذ الحقيقة منه. وهذا هو ديدن الفكر الديني الاصولي.
ان علاقة الانسان الذي يتبنى مفهوم الحقيقة المطلقة بغيره تتفرع الى فرعين: اما انه يعرف جميع الحقائق فلا يحتاج للآخرين، او ان ما يقوله الآخرون خاطئ. ونتيجة ذلك تتمثل في بروز سلبيات ستؤثر في اصل تلقي (المعرفة) بوصفه احد اساسي الديمقراطية.
فـ (المعرفة) ترتبط بتفعيل العمل الجماعي من دون ان يستغني احد عن الآخر ومن دون ان تتم مصادرة الرأي مهما كان نوع ووجهة ذلك الرأي.
ولقد عبر رجال الكنيسة في اوروبا في القرون الوسطى عن حالة استبدادية في الجانب المعرفي. فمن جهة لم تكن هناك منابع متعددة لتلقي (المعرفة) حيث كان الدين هو المنبع الوحيد او المنبع الطاغي على غيره من المنابع، اي ان الناس كانوا يفهمون جميع الاشياء ويتعلمون جميع العلوم عن طريق الدين او استنادا الى ما يسمح به. كما لم يكن للناس اي دور في فهم الدين ايضا حيث كان فهمه حصرا على طبقة خاصة جدا هم رجال الكنيسة. وهذه الطبقة كانت تنقل اوامرها للناس بطريقة جازمة ممنوعة من السؤال، ومن كان يعارض الكنيسة كانت تنتظره عقوبات قاسية.
اما فيما يخص مفهوم (الحق) فقد ارتبط بالهوة المعرفية التي تفصل العالم القديم عن العالم الحديث ما ادى الى ظهور تعريف جديد للمفهوم. فقضية (حقوق الانسان) كما يتم تداولها اليوم هي قضية حديثة افرزتها التطورات التي واكبت الحياة العامة في جميع مجالاتها. وهذا لا يعني ان الاهتمام لم يكن منصبا على قضايا حقوق الانسان في العالم القديم وانما يعني ان تفسير المفهوم يختلف في العالم الحديث عنه في العالم القديم. فانسان العالم الحديث هو في المقام الاول انسان محق وصاحب مطالب وحقوق. وهذا الامر من شأنه ان يدفع الحكومات الحديثة ومؤسسات المجتمع المدني لتعليم الناس كيف تطالب بحقوقها لا ان تسلبها حقوقها كما نرى وسنرى في تجارب حكومات ومؤسسات في العالمين العربي والاسلامي حيث كانت الانتخابات الرئاسية المصرية الاخيرة خير شاهد على ذلك.
فاحد معاني الحق هو المطالبة بالحق. ولا يعني ذلك بان الانسان القديم لم يكن يعرف الحق بل كان يعتقد بانه في الدرجة الاولى انسان مكلف وان حقوقه تتفرع من التكاليف، حيث كان يهيئ نفسه باستمرار لاجرائها على اكمل وجه. لذلك كانت السلوكيات التي يشتم منها معارضة امر او قرار او فتوى ما (المستندة الى مفهوم الحقوق) تعتبر من الامور المستهجنة.
فلو امر الحاكم او كلف رجل الدين اي شخص بتنفيذ مسؤولية معينة، عليه ان ينفذ هذا الامر او التكليف ولا يحق له الاعتراض على ذلك، لان الاعتراض يعتبر خروجا من الدين وهدما لاسس المجتمع. وفي تجربة الجمهورية الاسلامية في ايران حيث لا يزال رجال الدين يجاهدون من اجل عدم تغيير الانسان من انسان مكلف الى آخر محق، يدعي هؤلاء بانهم مأمورون بتكليف افراد الشعب على المشاركة - مثلا - في الانتخابات بحيث انه من لم يشارك فيها يُحسَب عمله في خانة العمل المحرم، بالرغم من ان عدم المشاركة يعتبر رد فعل اعتراضي وحق من حقوق المعارضة في ثقافة العمل السياسي الحديث. اما الانسان الراهن فهو يعتبر بالدرجة الاولى صاحب حقوق بحيث ان تكاليفه تتفرع من هذه الحقوق وله الحق في معارضة اي امر او تكليف يحثه على التقيد برؤى دينية وسياسية واجتماعية معينة. فحق الاعتراض هنا مكفول في حدود القانون، كما ان الحق هنا يسبق التكليف فيما في الماضي كان التكليف يسبق الحق.
وتعتبر ملكة (الاختيار) الموجودة في الانسان دافعه الرئيس لحماية مصالحه وحقوقه، وهذا الدفاع لن يكون فعالا الا من خلال اختياره لقوانين تنظم اموره لكن وفق ما تضمن له استمرار حقوقه وحقوق الآخرين.
لذا من شأن القانون الذي اساسه حقوق جميع الناس ان يصبح قادرا على صناعة الديمقراطية، وبالتالي سببا في ولادة مجتمع مدني. لكن ليس ضروريا ان تنعكس حقيقة الديمقراطية في القانون، فباستطاعة البشر خلق مجتمع منظم وقانوني غير انه قد لا يشير ذلك لا من قريب ولا من بعيد الى المجتمع المدني، اذ في السلطة الفردية او الاحتكارية الاستبدادية - كما في نظام صدام - يوجد القانون والنظام لكن لا توجد الديمقراطية.
وقد كان لرجال الكنيسة والسلاطين في اوروبا في القرون الوسطى قرارات ناتجة عن افكار دينية جازمة وقطعية غير قابلة للنقاش، حيث كانوا يرددون باستمرار بان الحق يتمثل في الذي نقوله نحن، وان الناس في المقابل مكلفون وليست لهم حقوق مستقلة. لكن حينما تغيرت انفس الناس، خاصة في جانبها الانساني، اثر ذلك في تغير الاوضاع وادى الى ولادة واقع مختلف وجديد تختلف جميع عناصره مع عناصر الواقع القديم، وقد ظهرت التغيرات في مواقع مختلفة: في العلوم، والفلسفة، وفي فهم الدين، وفي اساليب وانظمة الحكم، وفي السياسات، والاقتصاد، والفنون.
فالصورة القديمة وسيرتها تبدلت، وظهر نظام جديد واناس جدد ملأوا مكان البشر القديم. فكانت من هنا بداية قصة الديمقراطية.
فتغير الانسان الاوروبي ادى الى ولادة الديمقراطية ما ادى ايضا الى تغير الحياة ونظام الحكم وانتفاء الاستبداد شيئا فشيئا.



#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهي مناهجنا لتعليم حقوق الإنسان؟؟
- الحاكم والمثقف
- الشباب العربي.. مشكلاته وقضاياه
- كيف نستطيع أن نخلق جهازا تربويا يحمل رسالة
- صياغة مفاهيم جديدة
- العنف والإرهاب وأسبابهما
- لمن تكون انتماءاتنا؟
- بناء الديمقراطية
- المفهوم الحديث للتسامح
- الدين والدولة .. قراءة في الواقع العربي


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين علي الحمداني - الديمقراطية وخلق المفاهيم الجديدة