أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم العظمة - عن سعدي يوسف .. والشعر الفج و الشعر الكليل














المزيد.....

عن سعدي يوسف .. والشعر الفج و الشعر الكليل


حازم العظمة

الحوار المتمدن-العدد: 2129 - 2007 / 12 / 14 - 08:21
المحور: الادب والفن
    


و أعني بالشعر الفج الشعر الذي يذهب في لحظة واحدة إلى الموضوع مباشرة ، يفقد بغتة رغبته بالمواربة و المناورة و يقول الأشياء كما هي بعبارات " غير شعرية " و رغم هذا أو بسبب هذا يظل شعراً أو هو يتألق تحديداً لأنه هكذا أنه يقول : لا مناص من أن نسمي الأشياء بأسمائها

ثمة الشعرية " الفجة "التي لسعدي يوسف " فهو حين يريد أن يكتب عن العراق الآن ، لا يتردد أن يكتب عنوانا لقصيدة له : " الخونة " ، و التي تبتدء هكذا :
تحت سماء ذات نجوم
أحصاها لورنس العرب ، الليلة، واحدة واحدة ، حتى نام

... ثم بعد بضعة أبيات من نفس القصيدة يقول :

فكر لورنس ( الجاسوس يفكر حتى في الحلم )
سأستدعي فجراً عملائي السبعة
أعمدة الحكمة ( فيما بعد )

و هكذا يكون حدثنا عن " خونة" و " جواسيس " و " عملاء " ( في إسقاط مباشر لعملاء لورنس على عملاء اليوم في العراق ) فيما عادة كلمات كهذه يتميز من "فجاجتها " النقاد ، و يقلبون الشفاه ...

و لقد أهدر حبر كثير في تقريع الأيديولوجيا و الخطابة السياسية و النعوت السياسية في القصيدة ، لدرجة أن أنك ستحسب أن كلمات من هذا النوع ستدمر القصيدة و تفسد الشعر و ستحسب ربما أن على الشعر ألا يتحدث إلا عن الفراشات و الأزهار ، أو عن عزلة الكائن ، والكنـزة المرمية على الكنبة ...
وأن على الشعر أن " يدوّر " الأشياء حتى تغدو رخوة و " حالمة ""و "جميلة " و بدون زوايا.. وكليلة ...

ثمة الشعرية أيضاً " الفجة " التي للأمريكي "آلان عينسبرغ" ، كثيرون لا بد سمعوا بأبياته الشهيرة التي فيها : " أمريكا اذهبي ضاجعي نفسك بقنبلتك الذرية "

أكيد أنني لا أعني أن على الشعر أن يتحدث بالضرورة في السياسة و أكيد أنني لا أعني أن على الشعر أن يحمل على عاتقه " القضايا "( الخطابية عادةً ) ، الكبرى منها .. أو الصغرى ، و ربما أعيد أن الشعر هو شعر في ذاته كما هو الفن عموماً ، إلا أنني أستغرب أن كثيرين يرضخون للأبواق التي تردد ، بدون أن يسأم نافخوا الأبواق من طول نفخهم ، أن على الشعر أن لا يقول شيئا ما سياسياً أو أيديولوجياً (هذه الكلمة الأخيرة يحبونها كثيراً ، ولا يملون من ترديدها ) و كأن الشعر طليق في كل شيء إلا أن يتحدث في السياسة .. و كأنه " تابو" آخر ينصّبه هؤلاء فيمايأكدون ( ولكن في مكان آخر) أن الشعر ينحو لتفكيك التابوات جميعها من كافة الأصناف و العيارات.. إلا هذا.. يبدو ..

و ثمة شعر سياسي رديء أيضاً ، أكثره رديء ، لا لأن السياسة شابته و لكن لأنه ليس شعراً بالأساس ، الكيمياء التي تصنع الشعر نفسه هي ذاتها التي تبقي قصيدة " سياسية " شعراً فيما تجعل غيرها لغواً و خطاباً رديئاَ ، أما في كيف يحدث هذا فلا أعرف ... ، ربما النقاد يعرفون ، أو أنه شيء غامض غموض الشعر نفسه ، الكائن الأشد غموضاً في العالم

هذه قصيدة سعدي يوسف كلها :

الخونة
تحت سماء ذات نجوم
أحصاها لورنس العرب، الليلة ، واحدة واحدة ، حتى نام
على بضع زرابي، وُضعت واحدة فوق الأخرى
(تعرف أن الرمل تقيم به حيات وعقارب ...)
أبحر لورنس، عميقاً، في الحلم:
وكان قطار عثماني / ألماني يهدر بين اسطنبول ومكة
كان قطار عثماني / ألماني يهدر، فعلاً، بين اسطنبول ومكة...

وفكّر لورنس (الجاسوس يفكر حتى في الحلم ) :
سأستدعي فجراً، عملائي السبعةَ
أعمدةَ الحكمة (في ما بعد)
وسوف أقول لهم:
ستكون دمشق لكم، أو بغدادُ
علينا ان نقطع تلك السكة بين اسطنبول ومكة...
..........
..........
..........
واليوم
وفي آخر شهر شباط
من القرن الواحد والعشرين
يقلّب لورنس، البصر..
الصحراء هي الصحراء
وأعمدة الحكمة ما زالوا السبعة
والسكة مثقلة بالألغام .



#حازم_العظمة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الثقافة البدوية – الأمريكية .. ودمشق ...( دمشق عاصمة للثق ...
- ضيعة بستمائة نسمة و مهرجان شعر
- غربان
- غواية الصمت ..
- نظرية تسمين العجول ...
- الذين يقدمون الذرائع ...
- الرسالة و الرسولية و المرسلون
- السروال الأفغني الفضفاض و البنطال الأمريكي المجهز بالليزر و ...
- نهار بدون قتلى
- لماذا علينا أن نتشظى إلى ما لا نهاية فيما الآخرون يتجمعون و ...
- المربعات الزرقاء و المربعات الصفراء ْ
- 2% أو أقل ، أو أكثر
- نَوْروزْ
- هجاء الإيديولوجيا ...
- ما يعنيني من نجيب محفوظ
- الفرق بين السلام .. و السلام الأمريكي
- ... مُحْدثوا الليبرالية
- لم لا يقال لهم أن حزب الله هو NGO
- في المفهوم الثابت لليساري و اليسار
- القواعد العشرة *


المزيد.....




- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس: الأزمة والمخرج!


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم العظمة - عن سعدي يوسف .. والشعر الفج و الشعر الكليل