النخب المسيحية المصرية بين المطرقة والسندان

محمد نبيل صابر

الحوار المتمدن-العدد: 2115 - 2007 / 11 / 30 - 10:53
المحور: المجتمع المدني
    

تتميز النخبة المسيحية المصرية -ولن استخدم هنا لفظ الاقباط لانه تكريس للطائفية- بتعدد مصادر قوتها, وتأثيرها فى الجماعة المسيحية المصرية, وايضا تعدد اتجاهتها الفكرية والعملية ويتعدى هذا الى مجال تأثيرها وتأثرها بالاغلبيه المسلمة وهو ما سنحاول ان نوجزه فى السطور القادمة
1- النخبة الكنسية والمجمع المقدس: تشمل تلك النخبة الاساقفة بقيادة البابا شنودة, وتلك النخبة تبدو من جهة ما هى الاكثر تأثيرا فى الجماعة المسيحية المصرية لاسخدامها الخطاب الدينى المؤثر فى الجماعة, لما عرف عن الشعب المصرى عموما بتدينه منذ فجر التاريخ. الا انه ورغم القبضة القوية للبابا على شئون الكنيسه, فأن مرض البابا الاخير اوضح تمايز تلك النخبة الى جماعات يمكن القول انها متضادة وخاصة على مستوى اساقفة الشأن العام -كأساقفة الشباب والتعليم وسكرتارية المجمع المقدس ......الخ- مما ادى الى ظهور كتل ضغط مؤثرة, وبروز نجوم من وسط تلك النخبة واصدار تكهنات وترشيحات لخلافة البابا مثل الانبا بيشوى والانبا موسى وهم اكبر المرشحين لهذا الموقع
ويمكن تلاحظ تضاد جماعات تلك النخبة فى الصرع الخفى الدائر. فتارة تسريب اسطوانات مدمجة للانبا بيشوى فى محاضرة مغلقة يتهم فيها الكاثوليك والبروتستانت بنقص الايمان ويهددهم بالخروج من ملكوت السماء, وايضا تسريب خبر او اشاعة اسلام شقيقته واسرتها- مما قد يحرمه من الترشح كما كتب احد الاباء القدامى واشترط احد المجمعات المسكونية- وفى نفس الوقت التركيز على الاصل البروتستانتى للانبا موسى, وتداول كتابات تتهمه بادخال افكار بروتستانتية الى الكنيسة الارثوذكسية
الا ان التأثير المتعاظم لتلك الخلافات نادرا ما يتجاوز حدود هذه الحلقة الضيقة لعظم تأثير وجود البابا شنودة رئيسا لها بشخصيته القوية وايضا ضعف الاهتمام العام من معظم الجماعة المصرية - المسيحية والمسلمة على السواء- لاعتبارها خلافات لاهوتية فى المقام الاول
وتضم تلك النخبة ايضا عددا من القساوسة المتميزين الذين ساهمت الفضائيات فى نشرهم مثل القس بسيط عبد المسيح مثلا الا ان هؤلاء القساوسة لم يحاولوا تجاوز حدود الدور الدينى المرسوم لهم الا قليلا منهم يعمدون كل فترة الى التحدث باسم الجماعة المسيحية عموما فى مشاكل مدنية
2- النخبة المثقفة : وللاسف الشديد تلك النخبة منقسمة الى قسمين الصراع بينهم شديد جدا القسم الاول هو قسم مثقف محترم ليبرالى الا انه يرفض اى محاولة علمانية للقسم الثانى العلمانى لما يطلق عليه اصلاح الكنيسه وهو ما يضعف تأثير تلك النخبة على الجماعة المسيحية وفى نفس الوقت تختلف تلك النخبة حول العديد من الموضوعات الاخرى, وتتناثر منها الاتهامات بين اعضاءهامن العمالة للحكومة-كما يوجة لجورج اسعد- او الكفر الصريح- كما يوجه لمؤتمر العلمانيين- او حتى الانضمام للاخوان المسلمين - كما وجه الى الكاتب الانجيلى د. وفيق حبيب-
ولكى تحدث تلك النخبة الاثر المطلوب يجب ان تتناقش فيما بينها اولا وتتعالى عن الشتائم والسباب المتبادل وتحدد برنامجا موحدا لمعادلة التأثير القوى للنخبة الكنسية الذى يدفع بمزيدا من الانعزال عن الجماعة المصرية الكبرى
وتلك النخبة اذا توحدت نحو برنامج شامل دينى ودينيوى فهى المرشحة الاولى للتحالف مع النخبة المسلمة لاحداث تغيير جادى وجذرى فى المجتمع المصرى ككل وقيادته نحو التغيير للافضل
3- نخبة رجال الاعمال: وهى نخبة تميل فى اغلب الاوقات الى جانب النخبة الاولى وهو ما يبرز جليا من كم التبرعات الهائل الذى تتلقاه الكنيسه-وهو امر ليس حديث واغلبنا يتذكر رصيد الانبا ويصا الذى توفى فى حادث المنصة فى البنوك- وهو ينجم من وازع دينى فى المقام الاول ويبرز منها اعتصام عدد من زوجات رجال الاعمال فى كنيسه مارينا اثناء ازمتها الصيف الماضى وتلك النخبة تؤثر فى الجماعة المسيحية المصرية عن طريق الدعم المادى الهائل لافراد شعب الكنائس -طلبات توظيف ,معونات, مرتبات شهرية ......الخ- وبدأ هذا الدور بالاقتران بنفوذ قوى نتجة تحالف السلطة مع رأس المال بوجه عام مما ادى الى اكتساب تلك النخبة نفوذ سياسى قوى الا ان هذ النفوذ لم يظهر بعد ومازال فى تحرك ضعيف على المستوى العام نتيجة لضعف دور المجالس الملية عموما وهى النافذة الرسمية لنخبة رجال الاعمال لاحداث تأثير مباشر
وهكذا تتحرك الكتل الثلاث بين سندان الخلافات الداخليه ومطرقة المتغيرات الخارجية من احتقان طائفى وانشقاقات كنسية -مثل ماكس ميشيل- واتهامات عامة بالضعف من مجموعة اقباط المهجر
لم يتم اضافة مجموعة اقباط المهجر لانهم ليسوا نخبة اساسا ولا يؤثر خطابهم فى الجماعة المسيحية المصرية الا فى قلة من المجانين

#محمد_نبيل_صابر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل