أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - أصل الدستور الأمريكي














المزيد.....

أصل الدستور الأمريكي


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2107 - 2007 / 11 / 22 - 12:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عمد جاك دريدا على تطبيق استراتيجيته في التفكيك Deconstruction على مختلف آثار الثقافة الغربية من نصوص فلسفية وتربوية وأدبية وبطاقات بريدية وفنون تشكيلية ووثائق ومخطوطات ودساتير سياسية، وقد تحدد غرضه من ذلك كله في الكشف، داخل هذه الآثار، عن "حضور" الميتافيزيقا وقدرة هذه المتون أو عجزها على تفكيك هذا الحضور - Presence أو هدمه.
ويبدو أن "كلود ليفي شتراوس"، وهو أبرز مصادره القريبة، هو الذي أوحى له: "بأن وجود الأشياء المقدسة في أماكنها هو ما يجعل منها مقدسة، لأنها لو انتزعت من أماكنها، حتى لو فكريًا، لتدمر نظام العالم بأكمله. لذلك فالأشياء المقدسة تسهم في إبقاء العالم على نظامه، باحتلالها المواضع التي وضعت فيها"
وقد شرع دريدا بالفعل في تطبيق ذلك على "دستور" أكبر قوة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، كاشفًا لنا "حضور" الميتافيزيقا في "نص" الدستور الأمريكي، أو قل في صلب الديمقراطية الليبرالية الأمريكية.
ففي الفصل الثامن من كتاب "دريدا" لـ (كريستوفر نوريس) والمعنون بـ "المجاز والمرأة .. في نقد النموذج المؤسس" يعالج نوريس مقال دريدا "سير ذاتية" وهو المقال الذي تصدى للمشكلات التي ظهرت كنتيجة مباشرة لما أصبح يسمى بـ "التفكيك الأمريكي"، ويجيب بشكل مباشر عن سؤال: لماذا يمارس التفكيك كل هذا التأثير على النقد الأدبي الأمريكي؟
وهذا المقال هو في الأصل محاضرة ألقاها دريدا في مؤتمر عقد بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لإعلان الاستقلال الأمريكي بجامعة فيرجينا، قاصدًا تفكيك هذا الحقل البلاغي والأيديولوجي المعقد لوثيقة الاستقلال.
وقد تساءل في البداية عن: الوضع الشرعي والقانوني لهذه الوثيقة، التي انبثقت بموجبها كينونة سياسية وقومية جديدة هي الولايات المتحدة الأمريكية؟ .. كما تساءل عن المواطنين والنواب (وكلاء الشعب) الذين مهروا توقيعاتهم على هذه الوثيقة الخطيرة … وعلى نحو أكثر دقة، تساءل عن: ما الذي أمد توقيعاتهم بسلطة، حيث من المفترض أن المصدر الدستوري الوحيد لهذه السلطة كان (هم أنفسهم) الذين كانوا قيد التخلق بوصفهم موقعي الوثيقة؟
وهذا السؤال الأولى يؤدي إلى سؤال تالٍ أهم، وهو: كيف نشأت الديمقراطية النيابية؟ … بما أن هؤلاء الذين لعبوا دورًا في لحظتها التدشينية لم (يفوضهم) على نحو حاسم وواضح، أي جهاز قائم من القوانين أو الإجراءات.
والواقع أن هذه التساؤلات الاستراتيجية ليست مجرد إشكاليات تافهة يحلم بها "تفكيكي مراوغ" بحثًا عن انعطاف جديد يتمتع بمفارقة، حسب تعبير نوريس، إذ لم يكن الموقعون الأوائل، لحظة التوقيع، مزودين ديمقراطيًا بسلطة تؤهلهم للعب هذا الدور.
فما الذي أهل هؤلاء النواب الأوائل للتحدث نيابة عن شعب أمريكي وافق عليه؟ … شعب مفترض فقط بأمر إداري، لأنه لم يكن ثمة بعد دستور مكتوب يحفظ هذا الأمر؟
["ولهذا السبب فقد اجتمعنا نحن الممثلين للولايات المتحدة الأمريكية في الكونجرس العام … نعلن باسم، وبواسطة، سلطة شعب الجاليات المخلص: نعلن، ونصرح، على نحو مستوف للشروط القانونية، أن هذه الجاليات المتحدة هي، وينبغي أن تكون، ولايات حرة ومستقلة" ("السير الذاتية" ص - 26)].
ويؤكد دريدا أنه كان لابد لهذا الإعلان من شاهد حاسم ذي شرعية قانونية ("السير الذاتية" ص - 9) والشاهد في هذه الحالة هو "الله" - God، على اعتبار أن الإعلان يحتكم إلى قاضي العالم الأعلى، بما أنه الضامن المطلق لـ "صحة مقاصدنا".
ذلك هو الالتجاء إلى "مدلول متعال" وقوة تضمن هذه التوقيعات وتمنحها قوة "الكلمة المزودة بسلطة والمعفاة من تقلبات الملابسات التاريخية".
إن سرية "الأصول" - Origins تستبعد أسئلة الشرعية! وهي التي جعلت من هذه الوثيقة شيئًا ما آخر، أبعد من مجرد تسجيل لأحداث زمن معين. إن الوضع الشرعي "التمثيلي" للموقعين لحظة أن وقعوا بأسمائهم ليس سؤالاً عن الشأن الأعظم utmost importance، فقد أصبح فعلهم جزءًا من القضاء والقدر الذي يديره إله غرضه أن يطيعه الموقعون على نحو مطلق.
وهذا التحليل يتصل، بشكل مباشر، بكل ما يكتبه دريدا عن "التمركز حول العقل" في الثقافة الغربية بدءًا من أفلاطون وانتهاءً بالعلوم الإنسانية الحديثة، وبصفة خاصة فكرة "الأصل" حين تمتزج الميتافيزيقا باللاهوت، إن ما يريد دريدا توضيحه هنا هو لحظة الاحتكام الفاشستي - الرجوع إلى قوة مطلقة ومشرعة - التي تنطوي عليها كل الأساطير الخرافية عن الأصل.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اليوم العالمي للفلسفة ..
- أحذر الديموقراطية القادمة !
- هل الحداثة إرادة سياسية ؟
- ضبط الكلمات .. العولمة نموذجا
- كيف أصبحت الإمارات رمزا للتسامح ؟
- الدولة القمعية
- شعار التنوير
- الأسس الفلسفية لليبرالية
- مسائل تخص العقل والإيمان
- أليست فكرة جديرة بالتمثل ؟
- ماذا بقي من الدولة ؟
- آخر .. ما بعد الحداثة
- دين حقوق الإنسان
- العنف والحق الطبيعي (3)
- العنف والحق الطبيعي (2)
- العنف والحق الطبيعي (1)
- مشروعية العنف
- محور مفاهيم الحداثة
- دوامة العنف الكوني
- دين الفلاسفة


المزيد.....




- من حرب غزة إلى حرب الرقائق.. لماذا تُعتبر إسرائيل -روح الروح ...
- مستذكرا لقاء جمع بيريز وعباس.. البابا فرانسيس يطالب إسرائيل ...
- البطريرك كيريل: روسيا تعيق انتشار الإلحاد في العالم
- حماس تدعو الدول الإسلامية لمواصلة جهودها للضغط على الاحتلال ...
- شكر دولة عربية.. بابا الفاتيكان يوجه رسالة إلى إسرائيل وحماس ...
- دليلك للأمتحان.. اسئلة الاسلامية السادس اعدادي 2024 الدور ال ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بعد التحديث .. اضبط جهازك
- البيان الختامي لمؤتمر مجموعة الدول الثماني الإسلامية في إسطن ...
- بعد 40 سنة من هجرتهم إلى إسرائيل.. أين هم يهود الفلاشا الآن؟ ...
- ما بين الشّعر والإسلام والنبوّة.. هل أجملُ القصائد أكذَبُها؟ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - أصل الدستور الأمريكي