أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا على دروب الآلام















المزيد.....

سوريا على دروب الآلام


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2099 - 2007 / 11 / 14 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماالذي يحدث الآن في الحقل الاقتصادي في سوريا .. وماهي خلفيات وآفاق ما يحدث ؟
ذلك هو السؤال .. قبل الرفض والاحتجاج ، وتحديد حجم المسؤولية ، وتسمية رأس المسؤول المطلوب محاسبته وعزله .. !! ..

قبل كل شئ ينبغي التذكير ، أن ما يحدث الآن ليس ابن يومه ولحظته ، وإنما هو نتيجة مسار تراكم ( رأ سمالي ـ سلطوي ) عبثي على مدار ثلاثة عقود من السنين ، تحقق عبر السيطرة الحديدية على الحكم ، وتوظيف آليات الدولة والمجتمع ، وأدى ، إلى أن يتربع أهل الحكم على قمة الهرم الاقتصادي إضافة إلى قمة الهرم السياسي ، وإلى بناء نظام اندماجي ( سياسي ـ اقتصادي ـ أمني ) يتمتع بفرادة هيمنة شمولية بلا حدود على مختلف الصعد . وقد كان يتعين على مختلف القوى ملاحظة هذا الذي يجري ، وقراءة تداعياته التصاعدية اللاحقة ، التي ستتمخض عنه ، من كل بد ، حاملة نفس سماته التراكمية السيئة ، دافعة البلاد على دروب الآلام .. إلى مرحلة اقتصادية ـ اجتماعية أكثر بؤساً وإيلاماً ، واتخاذ المواقف المانعة لتقدم هذا المسار ..
ما يحدث الآن هو دفع سوريا نحو الجحيم ، لتحقيق الاستجابة المنطقية لاستحقاقات مسار ذلك التراكم .. مضافاً إليها ، في السنوات الأخيرة ، ضرورة ا ستكمالها بتفاعل يضمن الاستدامة المريحة للنظام مع الحالة الإقليمية والدولية ، التي نتجت عن تكريس القطبية الدولية الأحادية تحت هيمنة الإمبريالية الأميركية ، ومع شروط صندوق النقد الدولي ، ومستلزمات الانخراط في منظمة التجارة العالمية .

هذه الاستجابة التي تتسم باندماج الاقتصادي بالسياسي والمحلي بالدولي ، فرضت التسارع أكثر لمطابقة شروط التراكم المحقق ، وأملت التفاعل الصعب مع تداعياته في الداخل والخارج ، وا ستدعت الافتتاح المأساة لتلك النقلة الاقتصادية ـ الاجتماعية ، برفع الدعم عن المحروقات ومواد تموينية معيشية ، والإصرار على الخصخصة .
وعلى ذلك ، فإن الإجراءات الاقتصادية المتخذة لإلغاء الدعم والتحول السريع نحو الخصخصة ، وتلبية الاشتراطات الدولية ، إنما هي تجسيد لقرار سياسي .. قرار دولة .. وليس لقرار فريق اقتصادي في الدولة . وهي تسير بموازاة حركة السياسة الداخلية والخارجية للدولة . بمعنى أن الدولة ببنيتها الاستبدادية المركبة ليست على قدرمن " الحياد " عند اتخاذ قرارت وتحديد خيارات وزرا ئها وطواقمها المختلفة ، بل تتحمل كلها كامل المسؤولية السياسية والأدبية عن تلك الإجراءات ، حسب تراتبية الوزن في السلطة ، ابتداء من " الحزب القائد " المسؤول دستورياً عن قيادة الدولة والمجتمع وعلى رأ سه أمينه العام رئيس الدولة ، ومن ثم مجلس الوزراء ، و" القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية " و " مجلس الشعب " والتنظيم النقابي .

من هنا ، فإن حصر المسؤولية بالنائب الاقتصادي وطاقمه في مقاومة الإجراءات الاقتصادية الجديدة حمال أوجه سلبية متعددة . فهو يذهب من طرف ، إلى تبرئة الجهات الأساسية في الدولة ، ويغطي على طموحات وجشع أهل النظام ، ويشي مخادعاً ، بأن إبعاد الدردري عن الحكومة سوف ينقذ البلاد من نزعاته الاقتصادية المدمرة . ومن طرف ثان ، يذهب إلى أن من يقوم بهذا الحصر للمسؤولية ، إنما يعبر عن حالة عجز عن ممارسة ما هو أبعد من الاحتجاج الورقي . ومن طرف ثالث ، يذهب إلى الإيحاء بسلوك تكتيكي لكسب بعض مراكز القوى والقرار في الدولة لمواجهة بقية المراكز فيها ، ما يدفع إلى التجهيل بحقيقة أن النظام هو المستفيد من هذا التكتيك ، سواء في مجال كسب الوقت وتمييع النقمة الشعبية المتوقعة واحتوائها ا ستباقياً ، أو في مجال إنجاز صفقاته السياسية الإقليمية والدولية .

لذا ، ليس مصادفة أن يقدم النظام على رفع سعر البنزين مؤخراً 20% مقدمة لرفع أسعار المازوت والفيول وبقية مصادر الطاقة . الأمر الذي سيطلق العنان لارتفاع أ سعار كافة السلع والخدمات ، ويدخل البلاد عامة والطبقات الشعبية خاصة في جحيم غلاء وحشي منفلت ، ما سيؤدي إلى تفشي وتجذر الفساد أكثر فأكثر ، وإلى انتشار الفوضى والجريمة والمجاعات والبطالة ، في وقت بدأت فيه سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية والسياسية غير المسبوقة بكثافتها ومستواها بين النظام وبين عدد من وزراء الخارجية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في ا ستانبول وموفدي الرئيس ساركوزي والرئيس بوتين في دمشق ، وتداول عبارات سياسية أقل حدة أو ودية بين النظام وجهات دولية عديدة حول دور سوريا السياسي في الشرق الأوسط ( تصريحات داليما وأردوغان وموراتينوس ) والتزام سوري بالتهدئة في لبنان والعراق وفلسطين ، وتدوال تصريحات تنبئ باحتمال مشاركة النظام في مؤتمر بوش في أنابوليس في نهاية العام الجاري . وهذا ما دفع بوش ، لأول مرة بعد سنوات مشحونة بالتوتر بين الولايات المتحدة وسوريا ، ليعبر عن ارتياحه لمجرى المحادثات الجارية مع سوريا .
مامعناه بدء مرحلة قد تنهي عزلة النظام الخارجية ، وتفتح أمامه مجال صفقة شاملة .. تنقله من " الممانعة إلى " المخانعة " .

هذا المسار المتوازي المتسارع للمتغيرات الاقتصادية " الانفتاحية " المدمرة في الداخل والحراك السياسي الانفتاحي " المخانع " في الخارج ، يتعين أن يؤخذ بوجهيه السياسي والاقتصادي معاً .. المحلي والدولي في آن .. وأن يؤخذ بوجوهه المتعددة كافة على أنه يشكل قاطرة مرحلة اقتصادية ـ اجتماعية مختلفة بعمق فسادها وغلائها وتداعياتها المأساوية . بكلام آخر .. إن الرأ سمال السلطوي ، الذي تراكم إلى حد الطفرة ، وتجاوزت طاقاته وطموحاته حدود السوق المحلية ، وأصبح بحاجة ماسة إلى حقول اقتصادية أوسع وأكثر انتشاراً ، وأضحى على ا ستعداد تام لعقد الصفقة التسوية ، التي لامناص له من أن يستجيب لشروطها السياسية والاقتصادية ، التي يتطلبها الاندماج في السوق الدولية والسياسة الدولية ، هو الذي يفرض التحديد الدقيق للمسؤوليات لتحقيق مواجهة أكثر جدوى ضد الإجراءات والمتغيرات الاقتصادية المدمرة المزمع ، أو التي ، بدأ تطبيقها .. وهو الذي يدق ساعة الحقيقة بالنسبة للقوى السياسية والاجتماعية والنقابية الرافضة لهذه الإجراءات .

وعند إضاءة المشهد السوري بأبعاده الكاملة ، تظهر غالبية الطبقة السياسية السورية في حالة تخبط ثنائية المواقف من السياسات الاقتصادية المرفوضة . بعض القوى الرافضة داخل النظام وخارجه التي تتمسك بالتحالف معه أو دعمه تهاجم من من وزرائه ينفذ تلك السياسات .. وتجرم الدردري وطاقمه ، وتدعو النظام بسذاجة .. وخبث .. لإسقاطه من الحكومة للتخلص من اقتصادياته الشاذة . وبعض " اليسار " خارج النظام يدعو لإسقاط تلك الاقتصاديات المدمرة ، مع تحميل النظام .. توكيله .. مهمة التخلص منها . أما معظم أطياف المعارضة فهي لاتدخل بالتفاصيل والخلفيات ، حتى لاتقيد نفسها بنهج اقتصادي محدد .. وتقذف النظام بحمم الرفض الكلي المطلق .
وأكثر الثنائيات غرابة تلك التي تأتي من جانب النظام وحلفائه المقربين . فهو يريد أن يندمج في تفاعلات الشرق الأوسط مع الاحتفاظ با سم المحرر و ب " ا ستقلالية القرار " . وأن يتحول إلى اقتصاد السوق المتوحش ويحتفظ بصفة " التقدمية والاشتراكية " . وأن يضبط ا ستقراره وا ستدامته بالقمع ويكتسب صفة الديمقراطية . وأن يبني اقتصاده السلطوي على أن يحتل أهل النظام مكانة المركز في حقل من الأطراف المحلية .. وهو نفسه طرف في آخر سلم الأطراف التابع للمركز الإمبريالي الدولي .

وعلى هذا .. لم يعد يجدي النضال الورقي .. تحبير المذكرات النصوحة .. وإصدار البيانات الفاترة والساخنة ..
لم يعد يجدي الاحتجاج الخجول أو الصريح ضمن جدران الغرف والقاعات المغلقة ..
إن المسألة .. حجماً ومضموناً .. هي أكبر من أن تستوعبها تحركات مسبوقة ..
إذ أن المطلوب إعادة بناء سوريا .. وإعادتها إلى شعبها وجماهيرها الكادحة .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستبقى منارة ثورة أوكتوبر .. شامخة .. متوهجة
- من أجل سوريا الحبيبة
- ارتدادات زيارة الأسد لتركيا
- دور النضال المطلبي السياسي في التغيير
- حصاد زمن القحط
- - العولمة - الأميركية قيد التطبيق .. العراق مثلاً
- جريمة حرب معلنة في غزة
- إشكالية الدستور واقتصاد السوق والتغيير الديمقراطي
- الرد الأقوى على الاختراقات والتحديات
- الحركة النقابية بين قيود السلطة ومطالب الطبقة العاملة
- إنها لحظة انتزاع المبادرة ..
- الجديد في - انتخابات - اللاتجديد
- من هنا تأتي المعارضة
- مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 2
- مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 1 ..
- أزمة أولويات أم أزمة نظام .. ؟
- نداء شهداء معبر رفح
- استحقاقات عودة الزمن النقابي
- صفقات شيطانية
- هل حقاً أن الشعب قد انتخب وأفتى .. ؟


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا على دروب الآلام