الانتخابات العشائرية الأردنية وليست البرلمانية

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2098 - 2007 / 11 / 13 - 11:24
المحور: المجتمع المدني
    

تصدير : النظام العشائري هو نظام إقطاعي قديم, والبرلمان والديمقراطية هو : نظام مجتمع مدني حديث, يختلف في إسلوب إختياره للأشياء عن إسلوب الإختيار القديم الذي كان سائدا أيام الإقطاع المتخلف, حيث الجهل والديكتاتورية والتخلف هما نواة مجتمعه .

ما زالت أمانينا بإقامة مجتمع مدني عربي معاصر تتطلع إلى طريقة الحملات الإنتخابية في بلاد العرب , حيث يلجأ المرشحون إلى السلطة العشائرية وخصوصا في الأردن حيث السلطة العشائرية أقوى من سلطة المساجد والأديان والأعراف الثقافية .

وإن لم تكن أقوى من هذا فإنها صنو واحد وتوأم للدين فالعادات العشائرية عندنا رديفة للنظام الديني , وتقوم الحكومة الأردنية بتوسيع أبوابها أمام الرجال الذين يستندون على مراكز القوى العشائرية , ويهمل النظام الأردني أو يتجاهل عن قصد المثقفين الحقيقيين وخصوصا العلمانيين أمثالي ويحاصرونهم ويقللوا من حركة مدهم العلماني ويحاربونهم بإطلاق دعايات هدامة بحقهم وقد تلقيت أكثر من 100 مصدر يقول عني أنني أنتمي للحزب الشيوعي الأردني وذلك حتى تنفر مني الناس , وعلى ذلك قس غيري وأمثالي المآت من المثقفين أو العشرات إن لم أبالغ.

واليوم تنطلق الحملة الإنتخابية في الأردن وهي ليست حملة إنتخابات برلمانية بالمعنى الصحيح للكلمة ولكنها بالمعنى الحقيقي لها حملة إنتخابات عشائرية وليست برلمانية .

ورغم كل أعمال وزارة الداخلية الأردنيةلدعم العشائرية ومناهظة المجتمع المدني والعلمانيين أمثالي غير أن هنالك اليوم علاقة عكسية بين إسلوب طرح المرشح لنفسه وبين طريقة إختيار الناخب لمن يستحق صوته ؟
أو من يستحق أن يمثله ؟
وعلى رغم أنف إسلوب النظام الأردني السياسي نجد أن هنالك تفتت واضح في نظام العشائرية أو ما نسميه في علم الإجتماع : تفتت العائلة الممتدة !
فالعائلة أو العائلات الأردنية مفتتة تفتيتا واضح بفعل عوامل التجزأة بين أفراد القبيلة والعشيرة الواحدة , فمعظم أفراد العشائر في الأردن مستقلين في أنماطهم الإقتصادية عن بعضهم البعض وعن نمط إنتاج العشيرة القديم حيث كانت الزراعة باليد وإسلوب الرعي يسيطر على جنوب الأردن بالرعي وعلى شمال الأردن بالزراعة وكانت هذه الأنماط هي وحدها السائدة , أما اليوم فإن المهن والحرف اليدوية منتشرة في الشمال والجنوب غير أنها في الشمال أكثر منها في الجنوب لذلك سلطة العشائر في الجنوب هي أقوى من سلطة العشائر في الشمال ورغم كل ذلك فالعشائرية على إختلاف تباينها مفتتة تفتيتا واضحا بدليل ما ذكرنا وأشياء أخرى :
منها :
توجه الغالبية للعوظيفة الحكومية وللشركات وهذا أدى بالعاملين إلى هجرة قراهم من الريف والبادية إلى المدن والعيش في أبنية سكنية عالية أي في شقق منفصلة عن بعضها البعض وبالتالي تعمل هذه الأمور على تحول ولاء الفرد من الولاء القديم لمؤسسة العشيرة والقبيلة إلى الولاء الجديد للمجتمع المدني وبالتالي نجد اليوم أن معظم أفراد العشائر داخل المدن لا ينتخبون مرشحا عشائريا على حساب قرابة الدم والعشيرة وهذا النوع أدى بالتالي إلى تغير ديناميكية العقدة والحل معا .
ونجد أيضا أن الأقوياء ماديا بدأوا بالظهور بحكم طبيعة النظام الرأسمالي وبالتالي هؤلاء الأقوياء عشائريا أضعفوا العشيرة والقبيلة بدل إضافة قواهم الجديدة بجانب قوى شيوخ العشائر القدامى وبدأوا بالخروج عليهم وإعلان أنفسهم أنهم شيوخ جدد وبهذا تفتت الولآت العشائرية إلى اجزاء وأعلنت الأفخاذ من العشيرة الواحدة , نعم أعلنت نفسها عشيرة مستقلة بذاتها خارجة عن نطاق النظام العشائري القديم .؟

ولم نكن نسمع قبل عشرين عام في الأردن عن وفاق أو طرح حلول توفيقية بين شيوخ العشائر المنتمين لعشيرة واحدة , بل كان رجلا واحدا هو العشيرة والقبيلة أما اليوم فإن الطروحات كبيرة ومكثفة جدا للتوفيق بين أفخاذ العشائر وكأنهم مذاهب دينية جديدة ودين جديد ومذهب جديد وطريقة جديدة للعبادة .
إن النظام العشائري الأردني لا يستطيع النظام الأردني أن يحافظ عليه لأكثر من نصف قرن أو ربع قرن على أبلغ تقدير .
إن النظام الأردني يحافظ على العشائرية لأن بقاؤه مرهون ببقاء العشائر , وكلما تفتت العشائرية في الأردن كلما تفتت النظام الأردني الحاكم .
وأنا لا أتحدث عن النظام الأردني بصفتي معارض سياسي حزبي , بل إنني على الأقل أقوم بتفسير ظاهرة إجتماعية بدراسة من خلال الواقع كوني أردني أنحدر من أصل عشيرة هي العلاونة أو العلاونه والتي تعتبر من أكبر عشائر الشمال الأردني .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات