سيبقى العراق المحتل ساحة لتصفية خلافات الامبريالية الامريكية ومنطلقا لتحقيق هيمنتها على العالم

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رفضت تركيا بقيادة حزب العدالة ، استخدام اراضيها منطلقا للقوات الامريكية في حربها على العراق. ولم تستفد القوات الامريكية في مجهودها الحربي من المجال التركي الا من قاعدة انجرلك، باعتبارها من قواعد حلف الاطلسي الذي بقيت تركيا عضو فيه. واستمرت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة متوترة طوال انشغال الادارة الامريكية في حربها على العراق فضلا عن تعطل جميع مخططاتها للهيمنة على جميع بلدان المنطقة وتركيع شعوبها بفضل مقاومة شعبنا. وفي خضم المعركة الانتخابية للكونغريس الامريكي تكشفت جميع الخسائر الفادحة التي تكبدتها الولايات المتحدة في هذه الحرب وجسامة التضحيات التي امتدت لتشمل موقعها على الصعيد العالمي وسمعتها الاخلاقية ونفوذها في العديد من مناطق العالم. الامر الذي دفع هذه الادارة للركض الى الامام في سباق مع الزمن لانجاز مخططها لبناء الشرق الاوسط الامريكي الصهيوني الذي لم يبقى حسب تصورها من عوائق امامه سوى الهيمنة على سوريا وايران.
ووفقا لهذا المخطط تحتل تركيا موقعا استراتيجيا مركزيا مجاورا للبلدين المعنيين. فبدأ التحرش الامريكي ضد تركيا باثارة جريمة ابادة تركيا للارمن بعد الحرب العالمية الاولى، متجاهلة ادانة البشرية للادارة الامريكية بعشرات جرائم ابادة الشعوب بدءا من الشعب الامريكي الاصلي الهنود الحمر ومرورا بشعوب امريكا اللاتينية وكوريا والفيتنام وافغانستان واخيرا العراق. ومن ثم اثارت حزب العمال التركي، وتصعيد هجماته على القوات التركية بعد فترة طويلة من الهدوء ولاسيما وان الحكومة التركية الحالية وتحت ضغط الاتحاد الاوربي حققت الكثير من مطالب الشعب الكردي في تركيا الامر الذي انعكس في الانتخابات العامة وفي الاستفتاء على رئيس الجمهورية وعلى تعديل الدستور التركي. وذلك بتحريض من حكومة اقليم كردستان المرتمية في احضان الامبريالية الامريكية وقوات احتلالها، املا في تحقيق حلمها بكردستان الكبرى تحت زعامتها. تماما كما كان يحلم صدام بتكوين الامبراطورية العربية من المحيط الى الخليج بزعامته بتعاونه مع امريكا. .
تأسس هذا الحزب اسوة مع جميع الاحزاب الوطنية التحررية بعد الحرب العالمية الثانية وناضل بدعم جميع حركات التحرر الوطني العالمية من اجل الحقوق القومية للشعب الكردي الذي نجحت القوى الامبريالية في تشتيته وتجزئة ارضه واخضاعها لاربع دول لاتتفق مع بعضها الا في حرمان الشعب الكردي من حقوقه ومكافحة طلائعه التحررية. ونتيجة للتفاوت في نشوء وتطور الاحزاب الشيوعية في هذه البلدان تمتعت حركة التحرر الوطني الكردية بدعم متفاوت من شعوب هذه البلدان وحققت انجازات متفاوتة. فقد طور الحزب الشيوعي العراقي النضال التحرري الكردي وربط بين تحرير الشعب العراقي وحق تقرير المصير للشعب الكردي وصاغ شعار "على صخرة الاتحاد العربي الكردي يتحطم الاستعمار" كما صاغ اول برنامج للحكم الذاتي لاكراد العراق. وامتزجت دماء العرب والاكراد في جميع المعارك الوطنية وضد الانظمة الدكتاتورية. ومع تخلي الحزب الشيوعي العراقي عن استراتيجيته باعتبار الامبريالية الامريكية العدو الرئيس لشعبنا ولجميع شعوب العالم ضعفت مقاومة الشعب الكردي لسياسة حكومته المنفذة لجميع مخططات الادارة الامريكية بخصوص العراق او الدول المجاورة.
وعلى الرغم من ان تركيا دولة راسمالية تابعة وعضو في حلف الاطلسي ولا تزال تحلم باسترداد حلمها العثماني الا ان التطورات على الصعيد العالمي والداخلي حتمت اجراء بعض التغيرات في سياستها الداخلية والخارجية ولاسيما تطور التكتلات الدولية المواجهة للهيمنة الامريكية على العالم. كما كان للتغيرات التي جرت في العراق بعد الاحتلال وتمتع كردستان العراق بالحكم الكونفدرالي وان كان تحت الحماية الامريكية، تأثيرها ايضا. فقد تصاعد قلقها من طموحات الشعب الكردي في تركيا الذي يزيد تعداد ه على 12 مليون من المطالبة بالحكم الذاتي اسوة بكردستان العراق. فاستغلت الفرصة لتهديد كردستان العراق بالحرب بحجة احتضانها لحزب العمال الكردستاني التركي وتحريك جيوشها لمهاجمة العراق وهي تعلم ان ليس لشعب العراق بعربه وكرده، يد فيما يجري ولا قدرة لحكومته التي نصبها الاحتلال بمكوناتها الكردية والعربية قدرة على مواجهته. ولكن المخطط الامبريالي الامريكي جعل من العراق الساحة لتصفية جميع خصوماته ومنطلقا لتحقيق كل احلامه .
لقد افسح هذا التوتر المجال لاجراء مشاورات على الصعيد الاقليمي والعالمي وسيتوج باللقاء بين الرئيسين التركي والامريكي في واشنطن لحل الخلافات بينهما والتي تتركز بمطالبة تركيا بتحجيم طموحات اقليم كردستان العراق مقابل عودة تركيا لتكون احد الادوات الرئيسية في تحقيق المخطط الامريكي لبناء الشرق الاوسط الجديد وتركيع جميع القوى المناهضة له ولا سيما ايران وسوريا. وسواء تم تسوية التوتر الحاصل بين الحكومة التركية والادارة الامريكية سلميا او عسكريا فان شعبنا سيبقى ساحة لتصفية جميع مشاكل الامبريالية الامريكية في الشرق الاوسط وفي العالم ومنطلقا لتحقيق احلامها في الهيمنة على العالم، طالما بقي محتلا.
سعاد خيري في 4/11/2007

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات