أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فهمي الكتوت - الشهيد علي فوده شاعر.. وقضية..















المزيد.....

الشهيد علي فوده شاعر.. وقضية..


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 11:33
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


قيل ان علي استشهد مرتين الاولى عندما اطلقت طائرات العدو الصهيوني حممها على بيروت في آب عام 1982 اصيب بصاروخ وهو يوزع صحيفته رصيف 81 التي كان يصدرها ويقوم بتوزيعها بنفسه على المقاتلين, فاصدر اتحاد كتاب فلسطين بيانا نعى فيه الاديب والشاعر والكاتب والمناضل المتمرد علي فوده, لكن سرعان ما اكتشف بعد ايام ان علي حي يرزق في مستشفى الجامعة الامريكية ولم يستشهد, حضر رفاقه الى المستشفى واطلعوه على بيان النعي, فشكرهم وعبر لهم عن امتنانه لتحقيق امنيته باعلان الشهادة لرفيق دربهم, مع صحة هذه الرواية التي استمعت اليها من عدد غير قليل من اصدقائنا الذين كانوا شهود عيان, مع ذلك اقول ان علي استشهد ثلاث مرات, وكانت المرة الاولى في عام 1976 حين تلقيت رسالة شفوية من ابن عم الشهيد فحواها نبأ استشهاده نقل الخبر عن بيان صادر عن اذاعة صوت فلسطين من بغداد التي كان يشرف عليها صبري البنا »ابو نضال« اصدرت بيانا اعلنت فيه استشهاد علي فوده على ايدي الاجهزة الامنية الفلسطينية في بيروت, طالبا مني التأكد من صحة الخبر, كان وقع الخبر علينا اسرة واصدقاء كالصاعق, ليس لمفاجأتنا بنبأ استشهاده فمن كان يعرف علي كان يتوقع له الشهادة, بل كون النبأ يشير الى انه سقط برصاص الغدر ولا برصاص الصهاينة, وبعد ان انجلت الامور كتب لعلي ان يعيش سنواته الخمس المتبقية من عمره ليكمل عامه السادس والثلاثين قبل ان ينال الشهادة في معركة الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 بصاروخ اسرائيلي فاشي.
غادرت عمان على جناح السرعة متجها الى دمشق للوقوف على حقيقة الامر, كانت محطتي الاولى بيت الصديق العزيز المناضل الشيخ داود عريقات الذي كان يقيم في منفاه بدمشق اثر قيام قوات الاحتلال الاسرائيلي بابعاده عن ارض فلسطين, كان يقيم الشيخ داود في شقة صغيرة تسوية تحت بناية قرب السبع بحرات, وكانت تعرف بالقبو, وكان القبو المحطة الاولى لكافة زوار دمشق من اصدقائه ورفاق دربه وهم كثر القادمون من عمان بهدف التوجه الى الخارج, او من شرق اوروبا, بالاضافة الى المتطوعين في صفوف حركة المقاومة الفلسطينية قادمين ومغادرين من بيروت, يتحول منزل الشيخ الى مكتب للعمل السياسي, يتحرك الزوار في المنزل جيئا وذهابا وحتى احيانا دون ان يجالسهم او يشعر بهم صاحب المنزل لارتباطاته بمهمات يومية للعمل الوطني الفلسطيني, وفي المساء يقضون سهرة جميلة مع الشيخ داود على انغام اوتار العود بكلمات جميلة تعبر عن الحنين للوطن.
ومن تتقطع به السبل يفترش الارض ليقضي ليلته ويتقاسم مع الشيخ وعائلته ما تيسر من طعام وشراب, لا استطيع ان اتناول اسم هذا الصديق الصدوق الذي اتمنى له الصحة والعافية دون ان اشير الى احدى صفحاته الانسانية, ناهيك عن تاريخه النضالي المشرف وتضحياته الجسام, توجهت برفقة الشيخ داود الى مكتب الاعلام الفلسطيني الذي كان يديره الاستاذ عبدالله الحوراني, فلم نجد ضالتنا توجهنا بعد ذلك الى مكتب الصديق صالح رأفت وكان مبعدا سياسيا في دمشق ومدير مكتب الجبهة الديمقراطية انذاك, نجح بتأمين اتصال مع بيروت حصل خلاله على خبر مفاده ان علي حي يرزق وهو معتقل في احد السجون الفلسطينية المسؤول عنها ابو الهول, بعد اتصالات مع الاصدقاء وتحركات للكتاب الفلسطينيين مع المرحوم ابو اياد تم الافراج عن علي, تلقيت نبأ الافراج عنه في اليوم الثاني من عودتي الى عمان بمكالمة هاتفية مع احد الاصدقاء في دمشق, فكانت فرحة الاهل والاصدقاء لا توصف كونه ما زال على قيد الحياة والافراج عنه.
كان علي مثقفا يساريا واديبا وشاعرا ملتزما قدم خمسة دواوين شعر وروايتين عبرت اعماله عن شخصيته المتمردة على الواقع العربي, رافضا الظلم برؤية انسانية اممية مناضلا من اجل العدالة المساواة متأثرا بالفكر الاشتراكي, عمل مدرسا في مدرسة ام عبهرة في ناعور بعد تخرجه من دار المعلمين في حواره, بعد ان اتم دراسته الثانوية في طولكرم عرف المعاناة منذ نعومة اظفاره عاش مشردا كبقية ابناء شعبه بعد نكبة فلسطين وقيام الكيان الصهيوني على ارض وطنه, كما عاش يتيما بعد وفاة والدته وهو في سن الطفولة.
كان يقضي اوقات فراغه بين مقاهي عمان الشعبية او على رصيف حسن ابو علي الشهير المجاور للبنك العربي في وسط عمان ليتصفح الجرائد والمجلات وشراء الكتب, وينهي يومه متنقلا من مركز ثقافي الى اخر ليلقي جديد قصائده او يستمع الى احد الاصدقاء, عندما رغبت بلقائه ذات يوم ذهبت الى رصيف حسن ابو علي لشراء بعض الكتب الممنوعة التداول في السوق المحلية آنذاك وعلمت منه ان علي فوده سيلقي قصائده في هذا المساء في المركز الثقافي في مخيم شنلر, ذهبت والصديق المرحوم احمد مصطفى للقائه فسمعت صوته يجلجل في قاعة المركز ويهدر من شدة الغضب على الفاجعة التي ألمت بالامة العربية بعد حرب تشرين 1973 اذ تحول انتصار العبور الى هزيمة الدفرسوار ومفاوضات الكيلو 101 وما عرف بفصل القوات, باشراف مهندس السياسة الامريكية هنري كيسنجر التي ادت في نهاية المطاف الى اتفاق كامب ديفيد الذي اخرج مصر من الصراع العربي الاسرائيلي وحقق حلم اسرائيل بالتفرد بالدول العربية.
عمل بحماس في رابطة الكتاب الاردنيين فكان من اولى المنضمين لعضويتها منذ تأسيسها وكانت تربطه علاقات حميمة بالمرحوم الشاعر عبد الرحيم عمر ابرز الكتاب المؤسسين للرابطة, ومثل ما كان مندفعا بحماسة في الكتابة والابداع, كان كذلك في العمل النقابي في الرابطة فكثيرا ما كانت تحتدم الخلافات بين اطراف الاتجاهات السياسية في الرابطة وما زال هذا المشهد يغلب على حياة الرابطة الداخلية, طلب مني التدخل ذات مرة للتهدئة لفك الاشتباك الذي حدث في الرابطة بين الاطراف المتنافسة, وفي هذه المرة كانت المعركة حامية الوطيس, وتدخل رجال السياسة وتم الاتفاق على انصاف الحلول, رفض علي هذا الاتفاق واعتبره مؤامرة واستشاط غضبا عندما طلبت منه قبول التسوية, استجاب على مضض وهو يهدر ويردد عبارته اللعنة على السياسة, كدنا ان ننال منهم, افسدوا علينا الخطة, اغلبية الكتاب وقعوا على... كان علي يرفض المساومة وانصاف الحلول ولغة السياسة, لا يميل الى القولبة او الرتابة في حياته ويكره الروتين واساليبها لذلك فضل الابتعاد عن الاطر الحزبية لكنه بقي يساري الهوى, وصف علي فوده بالشاعر المقاتل والمتشائل والرصيفي والذئبي والمشاكس, فكتب اجمل القصائد الوطنية التي رددتها الاجيال. قد لا يعرف الكثيرون من هو صاحب الكلمات الرائعة التي انشدها مارسيل خليفة ومعه الجماهير العربية من مشرقها الى مغربها.

اني اخترتك يا وطني
حبا وطواعية
اني اخترتك يا وطني
سرا وعلانية
اني اخترك يا وطني
فليتنكر لي زمني
ما دمت ستذكرني
يا وطني الرائع يا وطني..
عشق فلسطين فسكنها روحا ووجدانا وثقافة وابداعا.
اما جسده فبقي في ارض الثورة, ملتحما بشهداء لبنان الحرة, يقسم بالثورة, وبالخبز وبشعوب الارض الحرة, بان لا يبقى على ارض لبنان ذره, ممن دنس ارضها الحرة, وقتل اطفالها في قانا وشاتيلا وصبرا.
لم يكتب قصيدة لاطفال الحجارة, لم يراجد مع اطفال الحجارة, لم يشكل درعا لحماية اطفال الحجارة من الذين كسروا عظام اطفال الحجارة بالحجارة, انتفاضة اطفال الحجارة جاءت لتقول لهؤلاء الفاشست ان مقاومة الشعب الفلسطيني لم ولن تنطفئ مع وداع كوكبة من شهداء مقاومة الاجتياح الاسرائيلي للبنان ومن بينهم علي فوده الذي كانت روحه تحلق فوق سماء اطفال الحجارة في القدس ونابلس في رام الله وغزة وفي كل شبر من ارض فلسطين في كل قرية ومدينة ومخيم.
لم يشهد تحرر لبنان الذي سقط شهيدا يدافع عنه في وجه جحافل المحتلين الصهاينة, كما لم يشهد ابطال المقاومة اللبنانية, وهم يدحرون الغزاة الصهاينة في بنت جبيل وعيناتا, لم يشهد هزيمة الاسرائيليين في حرب تموز الماضي, كما قد لا يشهد جيلنا تحرير القدس وباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة لكن اجيالا قادمة سوف تشهد السيادة الكاملة على ارض فلسطين وتقيم الدولة الوطنية الفلسطينية, مهما وصلت عربدة الصهاينة واسيادهم في واشنطن.
بقي ان اقول ان علي لم يكن فقط صديقا ورفيقا فهو ايضا شقيق زوجتي ورفيقة دربي وخال ابنائي, نشعر نحن وكامل اسرته بعد مرور خمسة وعشرين عاما مضت على فراق الشهيد علي فوده, بالامتنان العظيم والتقدير العالي للوفاء والاخلاص الذي وقفه اصدقاء الشهيد من خلال احياء ذكراه بالكتابة واقامة الفعاليات الثقافية المتصلة في حياة الشهيد واعماله الادبية, ونخص بالذكر الاستاذ رشاد ابو شاور والدكتور عز الدين المناصره والدكتور عبيدالله, والقائمين على المؤسسة العربية للدراسات والنشر, والى كافة الكتاب والصحافيين الذين ادلوا بشهادات او ساهموا في احياء ذكراه, واعتبر هذا الشكر موجها الى كل من ساهم بنشر الاعمال افرادا ومؤسسات.



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الانتخابات يهمش الحركة السياسية
- ملفات ساخنة أمام المجلس القادم
- مجلس نواب لمواجهة الأزمات
- الشفافية والتنمية الاقتصادية
- العمال ينعمون بالرخاء الاقتصادي..!
- الذكرى العاشرة لرحيل القائد النقابي موسى قويدر
- كيف يمكن معالجة مشكلة البطالة ؟
- توصيات صندوق النقد الدولي
- دبلوماسية الجامعة العربية
- الاقتصاد الأردني يعاني من أعباء المديونية
- ابرز المؤشرات الاقتصادية
- اصلاح منظمة التحرير الفلسطينية اولا
- شرم الشيخ ليس بديلاعن وحدة فصائل الشعب الفلسطيني
- ما بعد الحسم الحمساوي
- جدل مستمر حول سياسة التخاصية
- أربعون عاما على هزيمة حزيران
- اصلاح النظام الانتخابي قبل الانتخابات
- في الذكرى التاسعة والخمسين للنكبة
- الاتجاهات العامة للنمو الاقتصادي
- الحرب السادسة هزيمة أم انتصار..؟


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فهمي الكتوت - الشهيد علي فوده شاعر.. وقضية..