أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - الصيدلية النبوية لمالكها الحاج عبد الكبير 1















المزيد.....

الصيدلية النبوية لمالكها الحاج عبد الكبير 1


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 2059 - 2007 / 10 / 5 - 11:30
المحور: الادب والفن
    



الحاج عبد الكبير، اربعون سنة وشهرين ، متزوج من ثلاث نساء ، وله من الاطفال ثمانية عشر ، صاحب محل لبيع الأعشاب والنباتات الطبية ، ومالك الصيدلية النبوية التي ورثها أبا عن جد ، وطورها وخصبها بالقرآن كما هو مثبت على بطاقة الزيارة المذيلة بسربين هواتف محمولة واخرى ثابتة ، هو ايضا بلسم الفقراء كما يحلو لبعض مريديه وأتباعه أن يسموه ، حضر الليلة ، من غير دعوة ، وقد فاجأ الجميع بسلوك غير مسبوق . فبعيدا عن كل ما يمكن أن يدور من حديث في مناسبة كهذه ، حول الغلاء وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ، وتأخر الأمطار بسبب ممارسات مشينة للبشر ، لم تاخد انتفاضة صفرو وأحداثها الدامية قبل أسبوع ولا الارتفاع غير المسبوق للأسعار ، وتشكيل الحكومة المرتقبة ،من وقتهم الكثير ..إلا دقائق . قال الحاج عبد الكبير وهو يحيى الحاضرين كما يفعل المكي الترابي في الصخيرات " السلام عليكم ، الله يعلم أن محمدا على الحق وقومه على الباطل، ويقول له يامحمد ، انك لست بكاهن ولا مجنون ولا شاعر كما يدعي قومك، وان القران هو كلام الله ، وانك لم تتقوله .
يمرر الحاج لكبير حبيبات سبحته البيضاء المصنوعة من خشب الأبنوس مثل انشوطة أسيوية ويتابع في مرح : جئتكم الليلة أيها الأحبة في الله بإعجاز خارق ، بلسم الفقراء ، لقد أنتجت ابحات أخوتكم في الدين في مختبر الرحمة عقارا يستخدم في علاج السكتات الدماغية ، أي والله ، هذا العقار هو مزيج من نباتات صينية وزيوت مستقطرة من ماليزيا ، إضافة الى نكهة السينكا المجلوبة من اندونيسيا ، هذا العقار خضع بإذن من الله السميع العليم لتجربة سريريه الشهر الماضي في كل من سنغافورة والفيليبين ، أيها الإخوة الكرام في هذه اللحظة المباركة التي نجتمع فيها يجري أطباء إخوة لنا في الله، وهي للحقيقة والتاريخ ، مجموعة من الأطباء المؤمنين القانتين لا تسعى لجني الأرباح ، ولا تكديس الأموال ، وإنما لنيل الثواب والأجر ليوم القيامة ، تجربتهم أيها المؤمنون الفضلاء ، تستهدف مرضى من كافة بلاد المسلمين ، ومن تايلاند وهونغ كونغ ، لقد تم تمويل الدراسة التي استمرت عامين من خلال منحة من المركز العالمي الأبحاث العشبية ، إنني لا ازعم أن العقار ...يساعد في علاج مرضى السكتات الدماغية ، في استرداد حركتهم وقدراتهم على التفكير...وإنما اجزم ان مبتكري هذا العقار العشبي الجديد أكدوا والحمد لله نجاحه 100 بالمائة في إبادة واجتثاث كل الأمراض الخطرة كالسكري والفشل الكلوي والسرطان بشتى تلاوينه الظاهر منها والغابر ..ويطهر الجسد من كل الشرور والاثام التي تعصف بالإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .
الله وحده يجازي المؤمنين ، ويصلح مقامكم. اللهم أبشرهم بالجنة...آآآآآآآآآآآآآآآآآميييييييين اللهم ..... صلوا على النبي الحبيب...
دلف الحاج لكبير المكان بيمينه ، ولسانه لا يكف عن الدعاء والصلاة كان المجلس مكتظا بالمدعوين وغيرهم القادمين من كل فج عميق ، وبدا لأول وهلة، أن العثور على مكان وسط هذا الحشد البشري ، يقتضي تطوع احد أبناء الدوار البسطاء بالتنازل عن مكانه ، دلف وهو يعتمر عمامة أفغانية تحيط بجوانبها عبارة لا الاه إلا الله ، محمد رسول الله ، وقبل أن يشرع في توزيع منشور يدعو فيه أحبته في الله الى زيارته في صيدليته الكائنة بحي الرحمة ، استحضر فهرستا من الأحاديث النبوية الشريفة ، شرعت تخرج من فمه مفعمة بالروح ، مصحوبة بأمثلة حية تقربها الى الأذهان :
الهاتف المحمول اخوتى نكتب عليه الرسائل ، ثم نرسلها ، فتطير الى السماء الى أن يلتقطها محمول آخر ، وكذلك الإنسان يعمل العمل ، ويطير الى السماء تتجمع الأعمال ، وتتشكل في كتاب ، وهذا الكتاب يعلق في رقبة الإنسان فلا يستطيع منه فكاكا ، ذلك أن الرقبة او العنق عضو لا نظير له في الجسد.. اسلكوا طريقا الخير. يرحمكم الله ..زورونا في صيدلية الرحمة .." صيدلية نبوية، إعجاز علمي خارق، صلوا على النبي..... ،
بين الحين والآخر، يعطس الحاج لكبير ، يحمد الله فيشمته الحاضرون ، ثم يستعيد عافيته بالصلاة وتلاوة طوفان من الأدعية يحفظها عن ظهر قلب ، حين أتم توزيع مخزونه من بطاقة زيارة ، مع خدش بعضها بتميمة مباركة ،بقلم مستورد ألقى يجسده المترهل ، في حيز ضيق ، وهمس في أذن الشاب الحليق ، كان مثل ثمرة الجمار البرية ملفوفا في عباءة صفراء انتفخت جيوبها.
- يا شاب ياكريم ، إن تفسح مكانا لأخيك ليجلس فيه، فانه سوف يحمل لك هذا الجميل وسوف يرده أضعافا.
وفيما كان الحاج عبد الكبير يسرد على مسامع شاب كلاماً مطولاً شق سفيهه كبد مفيده، راح البعض الآخر يتأمل وجوه الحاضرين بين ذاهب وآت وهم يهرولون في خجل مفتعل ، بخطوات متعبة بالكاد تقلهم، فهذا يمشي متثاقلاً يحمل في ذراعيه كؤوس اغتسلت لتوها بماء البئر ، والآخر يؤنب خادما ، وآخر يترنح يميناً وشمالاً من ثقل حمله، وثالث يتأبط في يمينه طرحتين خبزاً طازجاً وبشماله كيس اسود تفوح منه راحة النعناع الأخضر الفاتن ، ورابع يعدو بكيس فارغ يسابق الوقت والوقت يسابقه الى مسجد الحي من اجل أداء ركعتين والعودة تلافيا للازدحام.
- الشاب الحليق لم يشد عن قاعدة الحركة التي يمور بها المكان ، لكنه بدا غير مكترث بما يجري ويدور حوله ، كانت أصوات الدفوف تتعالى ،وزغاريد النساء ترتفع شيئا فشيئا مع الهزيع الأول من ليلة ديسمبرية باردة ، فيما ضجيج الشباب الذين يتراقصون على نغمات الطبل والغيطة صاخبا يصل حادا ومؤذيا ، توجس الفقيه ، ثم وضع يديه على أذنيه كي لا يسمع.وردد في تبرم " حرام..حرام..
الله هم هذا منكر...رددها ثلاث ..
. ساد صمت رهيب ، حدث الشاب نفسه بصوت مسموع ، إذا ما استمر الحال على ماهو عليه ، سيكون نقطة لصالح الفقيه الملتحي ، لذلك توقف الشاب عن التفرس في الوجوه الجديدة التي تأتي من الظلام وتعود إليه ، بعد أن تكون أدت فروض الولاء والطاعة للحاج عبد الكبير، وكف عن تمرير أصابعه فوق أهداب لحاف أطلسي مزركش يفتن . وقدر أن يضفي مسحة على مجلس القرية الموقر، قال في حكمة واتزان:
عندما يبسط الفرد التاريخ البشري أمامه مثل سجادة صلاة ، سادتي الكرام ،فان ما يراه ليس فقط صورا متعاقبة للوقائع والأحداث والصور ، وإنما يتجسد أمامه كذلك على شكل شخصيات فاعلة ، ومجموعات بشرية متباينة الأديان والمعتقدات ، وتنظيمات اجتماعية متغيرة الحقب والفترات ، وكذلك أنماط عيش متنوعة بنتها شعوب وحضارات من آفاق متفرقة من المعمور بما في ذلك العرب والمسلمين ..
يدخل ضيف جديد ، يرحب به ، ويواصل الحديث :
تروي كتب السيرة ياسادة ياكرام ، إن الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر في القرن الثالث عشر الهجري كان ذا ولع شديد بالسماع، وعلى معرفة تامة بأصوله وقواعده. قال في بعض مؤلفاته " من لم يتأثر برقيق الأشعار تتلى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، تحت ظلال الأشجار، فذلك جلف الطبع حمار".
ردد الحاج عبد الكبير في ما يشبه الفرفشة ، الله عليك يا شاب، من هذا الرجل؟؟؟
مد د الفقيه يده الى رقبته بعصبية ، وكأنما يريد أن يطرد ذبابة ،او يسحق شيئا ما يخنقه، ثم قال للشاب وعيناه لا تفارقا صورة رجل ذو لحية كثة ، معلقة بالجدار الأيمن للقاعة :
--الم تنته بعد-- يااخ؟؟- "
ثم استطرد في اشمئزاز واضح وقال ساخرا:
العياذ بالله..."لا أرى كيف يمكنني أن أجالس ملحدا... تنحى جانبا ثم استطرد في غضب :
- هل أنت مؤمن..اقصد هل تؤمن بالله وملائكته... حاشا لله....؟؟؟؟؟؟
عزيز باكوش



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سينتهي الاشهار بنهاية شهر رمضان الفضيل؟
- سابريس الحصيلة الصادمة
- عن اجتياح الاشهار لموائد الافطار
- حللت اهلا والقبح في التلفزيون وفي كل مكان ياسيدنا رمضان
- العربي.. مشاهد من العيار الثقيل
- رصاصة في البريد المركزي
- رمضان الاسطورة والتلفزيون
- سلسلة تربويات العدد الاول
- حوار خاص
- جندوبا 7
- تقرير في شأن ليلية ظلامية1
- القنفذ الجائع / على هامش اقتراع 7 شتنبر 2007
- من الافضل للمثقف العربي ان يموت الان
- باكالوريا جهة فاس بولمان برسم 2007 أرقام ومعطيات
- - شوف تشوف- لكاتبه رشيد نيني، هل تتغير بعد 20 سنة؟؟
- حماسُ بالرفع حماسٍ بالكسر مع التنوين
- ابو جهل القرن21: البصل يخرج من الملة والدين
- الطريق الى-ريزكَار-
- مجالس التدبير بالمؤسسات التعليمية، عطب ينضاف
- جريدة صدى فاس ترد الاعتبار لأربعة من وجوه مؤسسيها


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - الصيدلية النبوية لمالكها الحاج عبد الكبير 1