تقسيم العراق ليس اقتراحا ً بل اشارة وتحذير

عبد الزهرة العيفاري

الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

( 1 )

الدكتور عبد الزهرة العيفاري

انها صورة بشعة لسياسيين بشعين ! يقترحون على بلـد ان يموت وعلى شعب ان يكف عن العيش والبقاء . يقترحون تقسيم العراق . والتقسيم هو بمثابة حبس الهواء عن العراقيين سواء كانوا عربا ً ام اكرادا ًً . ولا يهمنا اذا كان اولئك الاصنام يفهمون او لا يفهمون بان وحدة ارض العراق وتماسك شعب العراق هما رئة العراق الذي يتنفس بها . ويبدو انهم لا يفهمون لمـاذا يتعلق العراقيون بارضهم الواحدة وعلمهم الواحد . انهم بهذا تدخلوا بشؤون بلدنا في حين نحن لم نتدخل بشؤون بلدهم . لاننا لم نقتـرح على الامريكان ان يزيحوا هؤلاء السياسيين البشعين المعتمدين في اهم دائرة رسمية في الولايات المتحدة الامريكية . ولكن ماذا سيقولون لو اقترحنا عليهم بالمقابل تقسيم امريكا الى عدة اوصال وان يوافقوا على اعا دة منطقة ( الاسكا ) الى روسيا .وهي المنطقة الغنية بالبترول والمعادن وذات الموقع الاستراتيجي على مقياس عالمي . علما ان ( الاســكا ) هي بالاصل اراض روسية اعطتها الملكة كاترينا الثانية على سبيل الايجار لتكون ضمن الاراضي الامريكية لمدة ( 99 ) سنة فقط . وبالتأكيد ان امريكا لا تعترف بقانونية سند الايجار الموقت ذاك و" عصت " بهذه الارض الذهبية ولن تسمح ان تكون مادة للنقاش او ( للاقتراح!!! ) .
وبما ان اقتراحات الاجانب بخصوص التقسيم ، على اية حال ، امر لا ينطوي على اهمية جـدية ذلك لأنه عبارة عن هـواء في شبكة صياد ، الا ان المسألة اكثر مرارة لو رجعناها الى ما حفز على اتخــاذ مثل هذا " الاقتراح " اللئيم .
و هنا لا نريد ان نضع " اقتراح الكونغرس "كـمادة للنقاش . لانه هو نوع من الهــراء واضغاث احلام صدرت من ( بلطجية )لا اكثر ولا اقل . بل وجدنا من الضروري اعادته الى اصله وسبب ظهوره لغرض ايقاض بعض السياسيين العراقيين ومنهم اولئك الذين كانوا ( وربما لا زالوا ) يحلمون بشعارات هي جديدة حتى عليهم . ولكن يبدو انها ترضي تطلعاتهم التي هي الاخرى تولدت لديهم للتو و( بعد السقوط حصرا ) . وهي تطلعات للسلطة والارتباطات الدولية المتعلقة بدول مجاورة . تطلعات جعلتهم يتصورون انها سوف تسمح لهم بالتصرف كما يشاؤون بمصائر العراق وشعب العراق . فاخذوا يطالبون بالفيدرالية بدون قيد اوشرط وبصورة عشوائية . خاصة انهم فهموا الفيدرالية خطأ ًانها تؤول الى اضعاف سلطة المركز امام سلطات المحافظات التي سيظفرون بها بانتخابات تـتم بارادتهم كما جرت الانتخابات السابقة !!! ثــم قسموا العراق (با دمغتهم) الى اقسام ولم ينسوا كذلك ان يأ خذوا لانفسهم حصة الاسد من الضحية . فقرروا وضع اليد على " الجزء الاكبر من اللشة " التي تبدأ من جنوب بغداد حتى آبار النفط في الجنوب ، ومن ضمنها بحيرات النفط في منطقة ( مجنون ) . علما ان مـوقع منطقة مجنون ملائم جدا ً جدا ً لانها تحا دد ايران ودولة "الفقيه " وهو المطلوب !!! .
ان السياسيين من ذوي الخبرة والتجربة يفهمون ان اي خطأ يرتكبه او يصرح به السياسي المسؤول يكفي ان يحرض الاطراف الاخرى المناوئة لنا على ارتكاب ما لا يسرنا . واذا ما عدنا الى تصريحات او اقـتراح الكونغرس فسنتذكر الهوس السياسي الذي صدر بشأن فيدرالية الجنوب من بعض السياسيين الجد د الذي من الناحية العملية كان دعوة لتقسيم البلاد وليس لوحد تها . وكذلك العبارات الطائشة بانفصال كردستان من ارض العراق الام . وكأن العراق متاع ضائع ولا يعرف صاحبه.
ان الحياة اخذت تثبت المرة تلو الاخرى للذين يجابهون صعوبة في فهم قوانينها وادراك فنون السياسة الوطنية . ان العمل السياسي عبارة عن ساحة واسعة للمبارزة والصراع . ومن يشترك في المعركة فلا يخرج منها الا وهو غالب اومغلوب . فابناء الوطن عندما يكافحـون ويناضلون انما لاحراز النصر لوطنهم . ولذلك لا ينبغي ان يرمون الكلام على عـواهنه . ولا يصح ان يعتبر خطيب في جامع او حفلة دينية انه حر فيما يقول للناس البسطاء الذين حوله . فالعراق كله يسمع . والعراق يشعر بالالم فيما اذا قام خطيب وذر الملح على جرح الوطن .
وقد يستند صاحب الفيدرالية الى مادة في الدستور تدعو الى النظام الفيدرالي . ولكن السياسيين هم الذين يجب ان يقرروا الوقت المناسب لانشاء هذا النظام . وقد يؤجل لزمن آخر اكثر ملاءمة . واي عراقي قد لا يهمــه مـاذا يقترح الغرباء . ولكن العراقي من حقه ان يستاء من شـريكه في الوطن اذا ما تجاوز حد المواطنة وطالب بما يعرض البلاد الى التهلكة .
اما الدستور فهو الآخر فيه من النواقص وعليه من الملاحظات ما يتطلب من الاختصاصيين القنونيين من المستوى العالمي و اعادة النظر في مواد كثيرة منه ليس عن طريق التوافق كما يقر بذلك الكثير من القانونيين والمتنورين في المجتمع فالتوافق يعني الطائفية والعنصرية .
وبمناسبة الاقتراح الذي صدر في الكونغرس فقد رفض من اللحظة الاولى من قبل ابناء شعبنا على اختلاف فئاتهم الاجتماعية . انه اشارة وتحذير من مغبة التهور السياسي . انه في الواقع يدعو ابناء العراق الى افهام الاخرين انهم يتمسكون بعراقهم وهم متوحدون في قضية الدفاع عن بلادهم .
واتوقع ان شعبنا سيرفض اية دعوات لتأسيس الفيدراليات قبل ان تنضج الشروط لقيامها . فقبل قيام الفـيدراليات يجب تعديل الدستور ورفع المواد المتشنجة منه وتحضير الاسس المتينة لهذا النظام . واخيرا اضهرت المقابلات التلفيزيونية في العراق الرأي الشعبي الذي يعتبر القبول او التساهل ازاء الدعوة الى التقسيم هو خيانة للوطن سواء صدرت من عربي او كردي او غيرهما . والشعب دائما على حق .

الدكتور عبد الزهرة العيفاري 30/9/2007

#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات