أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الفيتوري - • درنة غرام لا يمكن اعتزاله!















المزيد.....

• درنة غرام لا يمكن اعتزاله!


أحمد الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


عرفت درنة كجسد امرأة منذ الطفولة ، في روايتي سريب ذاكرة هذه الطفولة . درنة عرفتها أيضا كموزة حين كانت تنتج هذه الفاكهة ، عرفتها أيضا ماء الزهر حين كان الزهر درناوي .
درنة طفولتك شارع ياسمين عبق في جسد أنثوي طازج ، أنت كما من به مس بالطفولة تلك .لكنك ستصغي لمزمار وتشاهد رقصة هي درنة الصبا: درنة والمنقار العالي .... وين خطم زولك يا غالي .
في الأيام الأولي من العام السادس عشر من العمر كان غض الذاكرة وشهوة درنة في ذاكرته غضة.
هكذا وجدتني وصاحبي في درنة ، كنا جمعنا قروشا وركبنا البللمون قاطعين الطريق والوقت يقطعنا، لصاحبي موعد غرامي معها؛ فتاته التي دعته لزيارتها في بيتها في درنة. كان يكبرني بما جعله طالب جامعي وما جعله يتمكن من لقاء امرأة درناوية وجعلها محبوبته، كان يدعوها حبي المطرطش حيث بيتها في درنة وبيته في بنغازي والعطلة الدراسية ليست قصيرة .
هكذا وجد نفسه في درنة في بيت عائلة صديقة صديقه . رحبَ بي كرفيق لمعشوق ابنتهم .
هذا البيت وهذا اللقاء الغرامي جعلا درنة عندك زهو الخاطر. غدوت ترى أن من لا يحب لا زهو له و لا حتى خاطر ، منذها مصاب أنت بالحب فكأن درنة هذه، المرض العضال الذي لن تشفى منه و لا تريد الشفاء. لكنك لست وحدك؛ كذا يكون صديقك رضا بن موسي من في كل مرة تدعوه لرفقتك لزيارة أرض مصابك، ستجده فرحا بالزيارة ويزهو خاطره ، كذا غيره ممن تعرف ومن لا تعرف.
هل درنة غرام لا يمكن اعتزاله، وان اشتهت ماجدة الرومي اعتزال الغرام وحرضتك في أغنيتها أن تعتزل درنة؛ درنة هذه التي لا وجود لها وجودها كما سيل جارف لا تتبين أنه الماء، و لا تتمكن من أرواء عطشك منه. أنت المجروف به، فيه، لا تتمكن منه، فقد تمكن منك فيك و لا تتبينه، أين ما وليت قلبك ثمة درنة، أي سماء هذه التي أطبقت علي أرضك ولن تتمكن أن تحل عنها ، حلت فيك كالأكسجين شهيقك تشرق به.
كلما تمكنا أنا وأي من الأصدقاء نحل بدرنة ، حمدي حويل ابن درنة سيكون رفيق حجنا هذا كمطوف يطوف بنا الأطلال:
في الجبل الأخضر الفندق نسكن ونسكر حتى وان ألحت علينا أن نحل عن سمائها ، لا نجد طريقا غير طريقة واحدة أن نصرخ في شوارعها، وأن نغبط أنفسنا بها حتى وإن أنكرتنا.
درنة حديقة أندلسية زرعها فارون، من بأس من طردهم ومن يأس، من جنتهم جنة الدنيا غرناطة ، في خصر الجبل الأخضر عند شلال مدسوس في واد زرعوا حديقة الأمل هذه : أن يعودوا لأندلس ضيعوه . هكذا كأن كل من من درنة هو علي وشك الرحيل، لذا بيوتهم باب مشرع لمغادرة، وفي الأزقة عين ترقب كل غريب فكل غريب مدعاة للشك.
تذكر رواية شعبية أن واليا عثمانيا ولي علي درنة، بعد توليته قدم من طرابلس متخفيا في أسمال شحاذ،عند مدخل المدينة كان هناك رجلان يلعبان السيزة ، اتكاء أحد الرجلين علي جانبه وقال : ماذا تظن عند هذا الشحاذ؟، أجابه زميله ببداهة: ليرتا ذهب . وفعلا كان الوالي يدس في جيب أسماله ليرتا ذهب، فعلق الشحاذ أي الوالي: من يريد درنة عليه أن لا يخفي شيئا.
ستعرف منها أن لا تخفي ما ألمّ بك، وأن لا تتخفي عنها، ستكون كما فضيحة تمشي علي رجلين، سيشاع بين الكافة في درنة كما في غيرها حبك لدرنة ومقتك لهذا الحب، كما كل شغوف ستكره ما تحب، أليس من الحب ما قتل ؟ .
- فما وليتها وجهي إلا وأشاحت
- في درنة أنت غريب.
هي مدينة ومستقر مفرد في صحراء من تراب يقوس ظهرها وصحراء من ماء المتوسط يلفح صدرها، مندسة بين كثبان صخر من الجبل الأخضر ، فيها الماء والخضرة والوجه الحسن ، وكل قادم عطش ملوح بشمس الصحارى الليبية لم ير حسنا، كأن كل غريب غازي.
فكنت في عراك معها لا ترخ لك السبيل كي تذهب عنها وقد ذهبت بعقلك، كما لا تشدك لها.
درناك نسجتها من عطر ياسمين لن يوجد إلا في مخيالك. أما درنة فمقامها في نفسها عال كما منقار يشق سماء غائمة لذا كل درناوي درناوي أين ما حل‘ فليس كمثلها شيء في المحيط زنارها ياسمين وزودتها حبق وريقها زهر أو كما تحب أن تكون، هي ليست لك لأنك لست لهذا كفءْ.
كأنها غرناطة خيال، وقد غدت غرناطة تناء عن تضاريس القلب بعد أن صيرها التاريخ جغرافية الفقد.
ستعجنك،ستعجنك في خبز ياسمينها، في خبز حبقها، ثم في ريقك تذوب؛ درنة زول الغالي.
أنت مصاب و لا حرج . في درنة ليس لك مطرح ألست غريبا ؟ في أفعالك بك شطط العشاق الأول تهيم في كل واد ودرنة واد أحد أحد . فإن شرع لك الأصدقاء باب بيوتهم فعنك باب درنة موارب، وإن شدك إليها الشعر فالشعراء يتبعهم الضالون : أيها الضال درنة ليست ضالتك. لقد أحكمت قفل سورها وان لم تر الباب الصلد المغلق عنك، لا تغتم؛ لست أنت وحدك. كذا صديقك الشاعر سالم العوكلي، تصده درنة وبها مقامه ومن شعرها غزل شعره ؛ درنة ليست سهلا يحط البدوي فيه الرحال ، هو غريب وكل غريب غازي وأنت من بنى غازي ، وإن تغزل الشاعر فيها؛ درنة لن تغزله في شعرها ولن تطرده منها، فهو لم يكن ولن يكن فيها. كأنها تقول : لم أكرهك فإني لم أحبك فلا تغتم؛ أعطيتك، ما لم تعط ؛أعطيتك الشعر ، حميت كبدك في تنوري وجعلت لك من الشعر بردا وسلاما، تعويذة تقيك ملامة النفس.
و لا تكن جاحدا فحل عن سمائي.
كذا ما قالت درنة للشاعر عبد السلام العجيلي صديقي الآخر، أما أحمد بللو سليلها فقد نزعت ضرس عقله بعد بعاده عنها بعد أن آونا منها فصار منا؛ غريب الدار.
كأنها تقول : أيها الشعراء يتبعكم الغاوون ولست بغاوية. وإن شابَ الشعر منها ضلت تقول ذلك.
أيها الشعراء مغزل الشعر مغزلي والغزل كما خيوط القمر الفضية يضيعها النهار ، وفي شعري خيوط كما خيوط القمر الفضية تذكار الزمان من ولي، لا ألوم أحد عما جرى لي فما جرى من الزمان ومني .
أيها الشعراء فإن طردتكم عني فإنكم شعراء مني .
في قلب درنة وجع السكوت. كأن درنة وجع المسكوت عنه،عشاقها مرهقين ينتفضون مع كل واردة وينفضون عنها لكل منفضة ينفرون، أو كما تراهم في كل واد يهيمون. هل درنة كائن مهجور ؟.
تقول الأسطورة عند شاطئ زاه نزل حفنة من التائهين جاءو من بلاد اليونان، دخلوا الوادي، وجدوا شلالا من ماء زلال،طاب مستقرهم، ناموا في دعة ، فاقوا في غدوتهم لم يجدوا للمكان مكان، المكان ما أحبوا تاه عنهم، خباء المكان نفسه عنهم ، التقوا رحالة من آل البلاد طلبوا منهم مقابل مال جمْ أن يدلوهم عما تاه منهم ، أوصلهم بعض من الرحل إلي المكان حيث ثمة خرم في سعة السماء يدلق ماء لكنه ليس مكانهم ما تاه عنهم بعد أن تاهوا عن بلادهم ، استقروا غصبا وبقي المكان ما تاه عنهم مكان الحلم الذي يتبدد كلما حلموا به ، كان ذلكم المكان ما سيدعى دار نس؛ في أيامي سأعرفه : درنة جغرافية الفقد .
سأقول لك ما لا تحب : درنة ليست كائن المهجور أو كائن المفقود و لا تأول درنة كما مدينة الحلم ، درنة امرأة ناضجة تعرف ما تريد وتحب ما تحب أو كما جاء في دفتر الطفولة " سريب " : إن أرادت غصبا تريد، تغوي و لا تغووا ومرادها بعيد .
مدينة تناء عن المدن بكيل وليست من القرى ، تسكن كف الجبل كما لو كانت في كف عفريت تسكن، فيها قلق امرأة تنصت للزمان من لا ينصت لأحد، وبها شغف للخباء كي تتخباء عن الزمان: أيها الزمان يا مصاص نخاع الروح ألوذ منك، بددك العاشق وبددتني كأن العشق سمك نشربه كي نتبدد.
كأنها مدينة النسيان والضحك ؛ نست الزمان فضحك منها عليها .
درنة الضحوكة كدرها الزمان ووهن القلب منها .



#أحمد_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليال بورتا بينيتو
- بيتزا أحمد الفيتوري
- أنت كذبي
- جيل 57 بدايات الواقعية الليبية
- آنا حبيبتي
- احذروا غات !
- محاكمة صدام الأسد
- جبران تويني أو مديح النهار.
- جمعيات ليبية لحقوق الإنسان ؟
- مرثية الزوال - أخر ما تبقي من شيء أصيل في الصحراء
- القفص الزجاجي
- الزعيم نصر الله ورقة وحيدة وأخيرة بيده لا بيد عمر
- المحروق المنسي في جوف الطين
- غرابة الزمان التي لا ريب فيها
- من قتل ناجي العلي ؟
- تجربة المتشائل إبداع تحت الشمس
- كم شجرة تكون غابة ؟
- دروس الأكاديمية:لا تقول بغ ، ممنوع التصوير ، الكتابة ، الكلا ...
- قصيدة حب متأبية بطريقة خ ، خ
- تعيش جامعة العرب


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الفيتوري - • درنة غرام لا يمكن اعتزاله!