دروس للعراقيين من رسائل المنتحرين

عصام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 615 - 2003 / 10 / 8 - 01:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

عاش ابو الفلاسفة سقراط معدما، حتى انه كان يقترض الدجاج بين الفينة والفينة كى يأكل  وقبل ان يتجرع السم تذكر انه اقترض ديكا لم يدفع ثمنه وكانت اخر عبارة نطق بها طلبه من احد اصدقائه ان يقوم بدفع ثمن الديك لصاحبه

عصام البغدادي

الدرس الاول :  انتحار احتجاجا على التأمرك

لقد  اندهش العالم  وفي طليعته اليابان  من مشهد انتحار الاديب الروائى اليابانى "يوكيو ميشيما" يوم 25 تشرين الثانى (نوفمبر) 1970 عندما احتل هو وقلة من رفاقه مقر كلية اركان العسكرية في قلب طوكيو واحتجزوا قائدها ثم صعد "ميشيما  اللاى شرفة  الكلية المطلة  على ساحة التدريب  والقى كلمة عصيبة لم تستغرق اكثر من عشرة دقئق في الجنود الشباب  المندهشين ، دعاهم  فيها الى رفض خضوع اليابان لامريكا والى تغيير دستورها السلمى  الذى فرض عليعا بعد الاحتلال الامريكى عام 1945 والعودة الى تقاليد اليابان العسكرية  وقيمها القومية التاريخية قبل ان ينجرف مجتمعها مع موجة "التغريب والتامرك" في العقود الاخيرة.
وعلى الرغم من ان ردفعل الجنود كان اقرب الى السخرية  بل ان بعضهم اغرق في الضحك  على عصبية "ميشيما" وغرابة افكاره  وعلى الرغم من ذلك نفذ ميشيما عملية الانتحار  فغرز السيف في اعماق امعائه واخرج راس السيف  من جانب بطنه الاخرن على طريقة انتحار فرسان اليابان القدماء ( الساموراي) المسماة (هارا-كيري) ثم قام احد رفاقه بحز عنقه ، وفصله عن راسه تخليصا له من ذلك العناء الدموي .

الدرس الثانى: اشكروا الاوطان التى احتضنتكم
ولد الاديب الشاعر والمسرحى ستيفان زفايج في فيينا بتاريخ 28 تشرين الثانى (نوفمبر) عام 1881 وانهى دراسته فيها وكان قد حصل على الدكتواره في الفلسفة وهو في الثالثة والعشرين من عمره  وعلى جائزة بورنوفيل الشعرية  التى تعد اعظم جائزة ادبية يومها في بلاده.
كان زفايج يرى ان الادب ليس هو الحياة ذاتها ولكنه الوسيلة لتمجيد  الحياة واستكناه  مأساتها بصورة اكثر صراحة ووضوحا  لذا فقد كان يطمح الى السفر كي يعطى وجوده السعة  والكمال والقوة  والمعرفة  ويربطه في الوقت ذاته بجوهر الاشياء واعماقها وهكذا فقد تنقل في شتى الاقطار الاوربية والاميركية والاسيوية وتعرف الى مختلف المدن  مستمدا من معانيها دوما مايضيف على كتاباته العمق والقوة الذين  جعلا منه احد المفكرين السبعة الاكثر عمقا في اوروبا باسرها على حد تعبير  الكاتب الفرنسى جول رومان الذى كان صديقا حميما له.
وكان انتاجه غزيرا جدا فقد ترجم الى اللغة الالمانية مؤلفات فرهايدن الكاملة  ومالايحصى من اشعار فرلينا،بودلير،رامبو،وسوياريس ساعيا من وراء ذلك  الى تمتين اواصر المعرفة الفكرية بين مختلف الاقطار الاوربية التى كان يرى فيها جميعا موطنه الفكري الوحيد وكتب عددا كبيرا من القصص والقصة الالمانية تساوى دوما رواية كاملة بالاضافة الى كثير من  الدراسات عن ادباء او شعراء (بلزاك، تولستوى، دستويفسكى ، نيتشه ، اومان رولان ، فرهايدن...) والتاريخية (فوشيه ، مارى انطوانيت ، ماجلان..) تعتبر جميعا من افضل ما كتب عن هذه الشخصيات.
وقد انتحر ستفيان زفايج بواسطة الغاز في ليلة 22 شباط 1942 تاركا رسالة الوداع التالية:
" قبل ان اترك الحياة وانا بتمام الارادة والصفاء اشعر بحاجة لاملى اخر واجب على اننى اوجه اعمق شكري الى البرازيل هذا البلد الرائع المضياف الذى احتضننى وامن لى راحتى وهدوئى والذى تعلمت حبه يوما بعد يوم والذى لم افكر  يوما بسكنى غيره بعد ان فقدت وطن لغتى الروحي اوروبا الخربة المتهدمة. وبعد السنين التى اضعتها تائها  ضالا يصعب على انشاء حياة جديدة خاصة.. لذلك فانى اضع حدا لايامى وانا مرفوع الراس ونهاية لوجودى الذى كان العمل العقلي فرحته  المثلى  والحرية الفردية خيره المطلق في هذا العالم ، اني احيي جميع اصدقائى واتساءل هل يستطيعون يوما رؤية الفجر بعد هذا الليل الطويل؟ اما انا فلم اعد اطيق صبرا وانى لراحل قبلهم".

كاتب عراقي –تايلاند

#عصام_البغدادي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل