أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - إرث الديكتاتور أم إرث البنية الإجتماعية؟














المزيد.....

إرث الديكتاتور أم إرث البنية الإجتماعية؟


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 2007 - 2007 / 8 / 14 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الماريشال تيتو في فترة حكمه ليوغسلافيا بين عامي 1945 و1980، لاصقاً لبنية اجتماعية هزت انفجارات واضطرابات عناصرها في القرن التاسع عشر، وكانت عود الثقاب للحرب العالمية الأولى: تداعى هذا الهدوء والسلام الاجتماعي، بعد عام من وفاة تيتو، مع بدء اضطراب اقليم كوسوفو بين الألبان والصرب، ثم انفجرت المكوّنات اليوغسلافية منذ عام 1991 في عملية تشظٍ كبيرة كان أكثرها صخباً كرواتيا والبوسنة وصولاً إلى حرب كوسوفو في عام 1999.
حدثت حالة مماثلة بعد سقوط حكم الجنرال محمد زياد بري بالصومال في عام 1991، فيما رأينا "الهدوء" العراقي الداخلي في فترة حكم صدام حسين ينفجر بعد سقوط الأخير، على يد القوات الأميركية الغازية في عام 2003، في عملية اضطراب مجتمعي بين "المكونين" الرئيسيين، من الواضح أن الغازي لم يكن عود ثقابها بل الوضع الذي وجد فيه العراقيون أنفسهم في حالة عدم توافق ليس فقط بشأن الغازي، ثم المحتل، وانما أيضاً وأساساً بخصوص صيغة مجتمعية يستطيعون من خلالها التعايش والعيش في عراق ما بعد عام 2003 الذي تدل الكثير من المؤشرات عبره على انفجار صيغة ما بعد 1921 العراقية، إذا لم يكن الأمر أبعد من ذلك.
لم تكن الديكتاتورية في تلك الحالات الثلاث تعبيراً عن "الطبيعة الشريرة" للحاكم وانما عن فراغ قوة في مجتمع لم يستطع ايجاد توازن قوى مجتمعية بين عناصره تسمح إما بصيغ ديموقراطية تتفق فيها العناصر الاجتماعية على شكل للحكم أو تأتي مؤسسة مثل الجيش أو حزب تكون عابرة لأطياف مكونات المجتمع، لكي تحكم فوقياً عبر رضا اجتماعي بهذا الشكل أو ذاك أو عبر صمت اجتماعي "ما" حيث استطاع الديكتاتور في الحالات الثلاث المذكورة، أن يقوم بملء ذلك الفراغ للقوة، لينشئ سلاماً اجتماعياً ظاهراً هو أقرب إلى حالة إدارية ناشئة عن شكل الحكم الأوامري البوليسي العنيف، أكثر من كونه تعبيراً عن حلول ولدت ذلك السلام الاجتماعي بعد تقلقل واضطراب مديدين سبقا حكم الديكتاتور، أو كان هناك قبله عناصر مجتمعية موجودة في ذلك المكان الجغرافي ـ العراق ـ كانت تعيش وتحمل الكثير من البنى المجتمعية والمعرفية الآتية من صراعات الماضي في حاضر حديث حيث أثبت قرن من "الحداثة" و"المعاصرة" عدم قدرة ذلك المجتمع على تجاوز اصطفافات الماضي، هذا إذا لم تكن تلك الاصطفافات التي استدعيت بقوة بعد سقوط الديكتاتور، ليست أكثر من واجهات ايديولوجية قديمة لصراعات راهنة تهدف إلى إعادة تشكيل الحاضر والمستقبل.
هذا يعني أن الديكتاتور في مجتمعات كهذه، لا يستطيع إعادة تشكيل البنية الاجتماعية، بل هو مجرد مدير أوامري لها فيما نرى ديكتاتوريين آخرين، مثل ستالين، استطاعوا إعادة صياغة وتشكيل المجتمع بطبقاته وفئاته الاجتماعية، كما جرى بعد حملة (الكلخزة) بين عامي 1929 و1932 لما انطلق تصنيع الاتحاد السوفياتي من خلال عملية عنيفة أجبرت الفلاحين على المزارع الجماعية وقسرت عشرات الملايين منهم على التحول إلى عمال صناعيين في المدن عبر التهجير والنقل الأوامري.
لذلك، كان الاضطراب السوفياتي الاجتماعي ـ السياسي، الذي عبّرت عنه فترة البيرويسترويكا، تعبيراً عن حراك كتل اجتماعية أرادت تجاوز نمط الحكم الديكتاتوري للحزب، وما تولد لاحقاً عن ذلك من مشهد سياسي جديد وصولاً إلى نمط آخر من العلاقات الاقتصادية ـ الاجتماعية في الجمهوريات التي كانت من مكونات الاتحاد السوفياتي السابق، فيما رأينا، في يوغوسلافيا والصومال والعراق، انفراطاً للبنية الاجتماعية وتقلقلها واضطرابها وتصادم عناصرها في حروب داخلية وأهلية بعد سقوط الديكتاتور أو موته.
كان العامل الخارجي مساعداً على ذلك، كما في يوغسلافيا عبر المشهد الدولي الناتج عن تفكك (الكتلة الشرقية) في خريف عام 1989، أو عبر الغزو الأميركي للعراق الذي أزاح صدام حسين عن الحكم، الا انه في الحالتين لم يكن السبب، تماماً مثلما لم يكن ميراث الديكتاتور هو السبب في ذلك الانفجار، بقدر ما كان موته (يوغسلافيا)، أو ازاحته خارجياً، أو داخلياً كما في الحالة الصومالية، هو البوابة لانفجار البنية الاجتماعية، التي كان هو مجرد لاصق اداري عنيف لمكوناتها اللامندمجة، منع انفجارها في زمنه.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الا ضطراب الباكستاني
- تداعي ممانعات الدول الكبرى أمام القطب الواحد
- قضايا أمام الفكر السياسي العربي
- كانط:تأسيس نظرة فلسفية جديدة لعلاقة الذات والموضوع-
- هل العرب والمسلمون مستهدفون؟
- تركيا:لاتلازم العلمانية والديموقراطية
- فشل عملية(فلسطنة)الصراع
- علم الكلام:مشكلة التوسط بينالمتعاليوالعالم المحسوس
- من بغداد2003إلى طهران2007
- تراجع(الأصولية)أمام(الجهادية)و(السلفية الجهادية)-
- تفجيرات الجزائر:هل انتهى عهد (السلم والمصالحة)؟
- المسار العربي الصعب - 23تموز1952-9نيسان2003
- هل يمكن تحييد دولة يعيش مجتمعها حالة من اللااندماج؟
- مفاهيم عربية متعددة حول السياسة
- عودة التعبيرات القديمة:ردَة للوراء أم شيء آخر؟
- استقطابات خارجية حول الصومال
- الشرق الأوسط:ديناميات - الدولي - و- الإقليمي
- هل منسوب الوطنية عند اليساريين العرب أقل من القوميين والاسلا ...
- رحيل ذلك الماركسي المختلف
- الديكتاتورية والبنية الإجتماعية


المزيد.....




- لمسة ذهبية وحجر أبيض وقاعة رقص.. ترامب يخطط لـ-إرث معماري عظ ...
- على وقع التوتر مع واشنطن.. روسيا والصين تنفذان مناورات بحرية ...
- أشرف كابونجا.. يبحث عن رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس
- نواف خليل: - المشكلة تكمن في عقلية القائمين في دمشق-
- مصرع 27 مهاجرا وفقدان العشرات في غرق مركب يقل 150 شخصا قبالة ...
- نتنياهو يطالب الصليب الأحمر بتوفير الطعام للأسرى الإسرائيليي ...
- مصرع أكثر من 50 مهاجرا غير نظامي بغرق قارب قبالة سواحل اليمن ...
- بينها الاعتراف بإسرائيل.. ماذا وراء شروط عباس للمشاركة في ال ...
- تراشق ميدفيديف وترامب يحظى باهتمام مغردين عرب.. كيف علقوا؟
- وزير لبناني: حزب الله سيختار الانتحار حال رفض تسليم سلاحه


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - إرث الديكتاتور أم إرث البنية الإجتماعية؟