أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - قضايا أمام الفكر السياسي العربي















المزيد.....

قضايا أمام الفكر السياسي العربي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أظهرت بداية الألفية الثالثة ، مع عودة الاحتلال عبر ( بغداد ) ، أن العرب لم يتجاوزوا مرحلة " التحرر الوطني " إلى مرحلة " التحرر الاجتماعي " ، بالترافق مع عدم إنجازهم ، أو بالأحرى فشلهم ، في إنجاز مهام " التنمية و التحديث " و " الاستقلال الاقتصادي " للدخول في نادي الأمم المتقدمة .
الآن مازالت مهام المرحلة البرجوازية مطروحة بقوة على جدول أعمال العرب ، لأن الليبراليين لم يستطيعوا إنجازها عبر برنامجهم الليبرالي ، و كذلك القوميين من خلال برنامجهم المطلي بشعارات اشتراكية ، حيث وصل العرب من خلال الأخيرين إلى شكل مشوه من العلاقات البرجوازية ، الممزوجة بكثير من العلاقات البطريركية القديمة و المفاهيم الريفية ، من دون أن يصلوا إلى الحداثة و التقدم العصري ، لا بمعنى الجانب القانوني - الحقوقي - الدستوري و لا بمعنى استيعاب التقنية و انتاجها و لا على صعيد الصناعة و لا على صعيد تجاوز العلاقات الماقبل رأسمالية في المجتمع ( عشائر - طوائف ) و لا بمعنى علاقات المرأة و الرجل و لا على صعيد بناء مواطنة تتحدد ، كمفهوم ، من خلال الوطن و ليس من خلال شيء آخر ( طائفة - دين - عشيرة - منطقة ) .
يكتسب البرنامج الديموقراطي ، الذي طفى إلى سطح الحياة السياسية العربية في العقدين الاخيرين من القرن العشرين ، قوته من فشل القوميين ، و قبلهم الليبراليين ، في تحقيق مهام المرحلة البرجوازية ، و هو برنامج ( سواءً وعى القائمون بالديمقراطية أم لا ) ليبرالي في الاقتصاد ( و لو مع إمكانية تحديد ، عبر استفتاء وطني ، حدود قطاع الدولة في الاقتصاد ) ، و برجوازي من حيث الحقوق الدستورية و السياسية .
تأتي إشكالية الحركة الديموقراطية العربية من عدم وعيها الكافي للترابط بين الجانبين السياسي و الاقتصادي في البرنامج الديموقراطي ، وذلك نابع بالأساس عن ميل الكثيرين منها إلى ربط هذا البرنامج بمكافحة الاستبداد السياسي فقط ، و ربما كان ذلك ناتجاً عن إتيانهم و مجيئهم إلى ( الديموقراطية ) على هذا الأساس قادمين من أيديولوجيات شمولية ، سواء كانت ذات طابع قومي عربي أو سوفيتي ستاليني ، مع احتفاظهم بالكثير من مفاهيمهم السابقة حول ( القطاع العام ) و ( التطور اللارأسمالي ) مع حذف " الدولة الشمولية " .
أضافت المرحلة الراهنة من عودة الاحتلال للمنطقة العربية ، عبر العراق ، إشكالية جديدة انضافت إلى إشكاليات الحركة الديموقراطية : أدى وجود ديكتاتور ، و نظامه في العراق ، هو في حالة مواجهة و مجابهة مع ( القطب الواحد ) المتدرع بالديمقراطية ، إلى إنشاء تناقض حصل بين ( الديموقراطية ) و ( الوطنية ) أثناء الأزمة العراقية و الحرب التي أعقبتها ، ولم يكن ذلك على الصعيد النظري فقط ، و إنما من خلال الاصطفافات العملية و الممارساتية للقوى السياسية العراقية ، و الشخصيات و الفعاليات الثقافية المعارضة لديكتاتور بغداد ، و كذلك من خلال مواقف الكثير من الساسةو المثقفين العرب الديمقراطيين الذين غلّبوا رحيل الديكتاتور على ما عداه .
لا يطرح ( القطب الواحد ) ، عبر مجيئه للهيمنة على المنطقة العربية ، موضوع ( الديموقراطية ) فقط ، وإنما أيضاً ( اقتصاد السوق ) و ( التحديث ) في التعليم و القضاء و المؤسسات : من المحتمل أن يؤدي هذا أيضاً ، كما حصل في موضوع ( الديمقراطية ) و ( الوطنية ) ، إلى اصطفافات ضدّية ، أو إلى عدم قدرة الحداثيين العرب على الجمع الناجح بين ( الحداثة ) و ( الليبرالية ) و ( الديموقراطية ) و بين مكافحة هيمنة ( القطب الواحد ) و سياساته ، فيما من الممكن كذلك ، في الجانب الآخر ، أن يؤدي ذلك بكل من هو ضد ( القطب الواحد ) ، من قوميين و إسلاميين و ماركسيين ، إلى الإنجرار إلى وضعية يصبح فيها ( التحديث ) و ( اقتصاد السوق ) عند الطرف المضاد ، أو إلى أن يربطوا القضيتين الأخيرتين بواشنطن.
كل هذه القضايا السابقة تقود إلى طرح إشكالية واحدة : هل تكون المقاومة للقطب الواحد على أساس برنامج وطني محض ، أو قومي محض ، أم أنه يجب أن تحتوي على قضايا ديموقراطية ، و اقتصادية ، و دستورية ، و تحديثية ، لتجاوز ما كان عليه الوضع عند ( إبراهيم هنانو ) و ( عمر المختار ) و ( جبهة التحرير الوطني الجزائرية)؟..... .
إذا تركنا القضية السابقة و التي هي محصلة تراكمية للقضايا المذكورة قبلها ، فإن فشل تحقيق ( الوحدة العربية ) بعد قرن كامل من بداية طرحها مع ( الشريف حسين ) في عام 1916 ، يثير قضايا عديدة ، لا يمكن حسمها إلا بعد نقاش واسع في الساحة العربية : هل فشل ( الوحدة العربية ) ناتج فقط عن القوى الدولية التي كانت ضد تحقيقها ( فرنسا - الاتحاد السوفيتي - الولايات المتحدة - بريطانيا ، ولو أن الأخيرة شجعت قيام الجامعـة العربيـة ثم حبذت مشروع الهلال الخصيب ) ؟ …
أم : أن الخلل كامن في العوامل المحلية ، أيضاً و أساساً ، مثل التناقض في المصالح ، بين الدول الغنية البترولية و القليلة السكان و بين الدول ذات الكثافة السكانية و الفقيرة اقتصادياً إلا أنها أرقى تعليمياً و تحديثياً ( بلاد الشام و مصر) ، أو لوجود حواجز جغرافية - ديمغرافية غريبة و معادية ، كما حصل بعد قيام إسرائيل بين الشام و مصر ؟ … ثمّ : هل طرح الوحدة العربية ، بمعنى الكيان السياسي الواحد الممتد من الخليج إلى المحيط و بغض النظر عن كون هذه الرقعة الجغرافية ذات وحدة ثقافية - شعورية مع لسان عربي ، هو قائم على حقيقة تاريخية متسقة و منسجمة مع مجرى التاريخ ، أم أن وحدة(أواتحادها) الأقاليم ( الهلال الخصيب - الجزيرة العربية - وادي النيل - المغرب العربي ) هي الواقعية أكثر ؟ … لنصل إلى قضية ثانية : ما هي علاقة ( العروبة ) و ( الإسلام ) ، وهل الأولى وعاء مادي أعطاه الثاني الهوية الثقافية الحضارية ، بعد أن جمع أكثرية العرب في كيان سياسي واحد عبر دين جديد,أم هناك بعد آخر ؟… وهنا : ألم يكن أحد إشكاليات الحركة القومية العربية ، و خاصة من خلال ظروف نشوئها ضد " مركز الخلافة الإسلامية " عند العثمانيين ، و عبر بعض حامليها ، نشوء تناقض داخلها بين ( العروبة ) و ( الإسلام ) ، ؟ … ثم : لماذا لم تستطع الحركة القومية العربية ، إذا تركنا فشلها في مواضيع ( الوحدة العربية ) و ( الغرب ) و ( إسرائيل ) ، إنشاء كيانات وطنية يتم فيها تغليب قيم ( الوطن ) و ( الأمة ) على ( الطائفة ) و ( الدين ) و ( العشيرة ) ؟ … لنصل أخيراً إلى موضوع الأقليات القومية في الوطن العربي : هل الحل في إعطائها ( حق تقرير المصير ) ، كما يلوح في جنوب السودان و العراق ؟ … أم : أنه يجب إيجاد أشكال غير الانفصال ؟ … ثم : هل إعطاء حقوق ثقافية ، كما جرى و يجري في الجزائر مع البربر أو في حال يمكن أن يحصل في بلدان عربية معينة مع الأكراد ( سوريا ، مثلاً ) ، يمكن أن يكون ذلك بدون مطالب موازية من الأكثرية العربية تطلب عدم اعتبار ذلك سلم تدريجي نحو مطالب أعلى ,أوتطلب الاعتراف من الأقلية القومية المعنية بالحدود القائمة ؟ …
يطرح الفشل العربي في موضوع ( فلسطين - إسرائيل ) قضايا مماثلة لموضوع ( الوحدة العربية ) : هل الطريق الذي اختطّ ، عربياً في المواجهة مع إسرائيل ، هو الصائب سياسياً و تاريخياً ، بخلاف طريق ( بورقيبه ) و ( السادات ) ؟.. ثم : هل يمكن للعرب أن يستمروا في المواجهة ، بظل الظروف الدولية الجديدة التي تريد ( التسوية ) ، وخاصة في مرحلة أصبح فيها التوتر الاقليمي متركزاً في شرق (الهلال الخصيب),وأصبح مركز الثقل الاقليمي في طهران المتواجهة مع واشنطن بعد اتفاق لم يعمر أكثر من سنتين بعد سقوط عاصمة الرشيد العباسي,مايدفع (القطب الواحد)إلى تبريد شرق المتوسط لمواجهة التوترات هناك ؟.. هنا : هل تعني ( التسوية ) نهاية الصراع ، أم أنها مدخل إلى شكل جديد له ؟… وصولاً إلى قضية : ألا تعني " تسوية " الصراع أوضاعاً أفضل على صعيد الحياة السياسية العربية على حساب الأنظمة التي تذرعت بفلسطين من أجل غاياتها المتعددة، أم أن " التسوية " ستؤدي إلى جعل مصير التسوية الموقَّعة مرتبطاً بمصائر الأنظمة الموقِّعة لها عند الولايات المتحدة و إسرائيل ؟..
حتى الآن ، و بعد قرن من بدء مشروع ( الوحدة العربية ) و ما رافقه من فشل ، و بعد نصف قرن من الفشل الكبير في موضوع ( فلسطين - إسرائيل ) ، لم يضع المفكرون و الساسة العرب أنفسهم وجهاً لوجه أمام الأسئلة التي ولّدها هذان الموضوعان ، إضافة إلى القضايا التي يولدها موضوع ( الديموقراطية ) و إشكالياته ، مرفوقاً بفشل ( التحديث ) و ( التنمية ) ، مع القضايا التي ولّدتها عودة الاحتلال إلى ديار العرب و ما أعادتهم معها إلى المربع الأول مع عدم إنجاز مهام ( التحرر الوطني ) : إن الإجابة على هذه الأسئلة ، و الطريقة التي يمكن من خلالها إدارة نقاش عربي حول هذه المواضيع ، من الممكن أن يحدّدا ملامح الفكر و السياسة عند العرب في المرحلة القادمة .



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانط:تأسيس نظرة فلسفية جديدة لعلاقة الذات والموضوع-
- هل العرب والمسلمون مستهدفون؟
- تركيا:لاتلازم العلمانية والديموقراطية
- فشل عملية(فلسطنة)الصراع
- علم الكلام:مشكلة التوسط بينالمتعاليوالعالم المحسوس
- من بغداد2003إلى طهران2007
- تراجع(الأصولية)أمام(الجهادية)و(السلفية الجهادية)-
- تفجيرات الجزائر:هل انتهى عهد (السلم والمصالحة)؟
- المسار العربي الصعب - 23تموز1952-9نيسان2003
- هل يمكن تحييد دولة يعيش مجتمعها حالة من اللااندماج؟
- مفاهيم عربية متعددة حول السياسة
- عودة التعبيرات القديمة:ردَة للوراء أم شيء آخر؟
- استقطابات خارجية حول الصومال
- الشرق الأوسط:ديناميات - الدولي - و- الإقليمي
- هل منسوب الوطنية عند اليساريين العرب أقل من القوميين والاسلا ...
- رحيل ذلك الماركسي المختلف
- الديكتاتورية والبنية الإجتماعية
- عندما تُكبَر الأدوار الإقليمية لبعض الدول.........
- من سيدفع فاتورة فشل مراهنات النزعة الأميركانية العربية؟....
- لماذا أتت أميركا إلى العراق؟


المزيد.....




- تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام ...
- الكويت: إحباط مخطط يستهدف تفجير معسكرات للقوات الأمريكية
- مدرسة دولية -تسرق- الماء والكهرباء من مسجد مجاور في السعودية ...
- من وسط الركام ورغم سوء حالهم.. فلسطينيون ينظمون مسيرة في غزة ...
- القصف الإسرائيلي يدمر مستشفيات غزة
- تايلور غرين: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا ستؤدي إلى إبادة ج ...
- -حزب الله- يستهدف 3 مبان وانتشارا للجنود وموقعا عسكريا إسرائ ...
- السعوية: أمطار غزيرة وسيول تتسبب في إغلاق المدارس بأنحاء الم ...
- الميتفورمين قد يسببه.. ما علاج الفم المعدني؟
- لهذه الأسباب تحافظ واشنطن وطهران على -شعرة معاوية- بينهما


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - قضايا أمام الفكر السياسي العربي