أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - من ينقض ماركس ! (3)















المزيد.....

من ينقض ماركس ! (3)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 06:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من ينقض ماركس ! (3)

ما كنت أحفل بما كتبه السيد غالي المرادني في صحيفة " الحوار المتمدن " يوم الإثنين 6/8 تحت عنوان " الماركسية .. تناقضات متأصلة " لو لم يول ِمحررو الصحيفة لمقالة السيد غالي إهتماماً خاصاً وذلك من خلال إدراج المقالة في رأس الصحيفة الأمر الذي يساعد في تضليل العامة. ولعلي لا أجد عذراً للمحررين سوى أن صحيفتهم يسارية، تهتم بالفكر اليساري وتستكتب مختلف الكتاب فيه بغض النظر عما يقولونه.

ليسامحني السيد غالي إذ أقول أن سوية الكتاب العرب إجمالاً ليست ذات مستوى وخطاباتهم القاصرة أوضح دلالة على ذلك فهي لا تقوى على أية محاكمة لقوانين العلوم السياسية؛ وما يزيد الأمر سخرية هو أنهم يتنطحون إلى نقض ماركس، وليس نقده فقط، فيعرضون أفكاراً لا تناسب أعمارهم بعد أن يتجاوزا مقاعد المدرسة الثانوية أو حتى الإعدادية.

خطاب السيد المرادني هو في مثل هذا المستوى؛ يتجشم عناء نقض ماركس اعتمادا، وفق تقديري، على ما سمعه من مجالسيه عن الماركسية. إنه لم يقرأ ماركس، وحتى قراءة ماركس لا تؤهل القارئ لنقد ماركس عداك عن نقضه. على كل من يتعرض لشرح ماركس أو لنقده أن يدرس ماركس دراسة عميقة وأن يستوعب القاعدة المادية والفلسفية التي بنى عليها كارل ماركس علومه ولا أقول نظريته.

المرادني يتفوّه بأقوال لا تستحق أن تقال في مجال البحث في الماركسية مثل قوله .. " إعتماد ماركس على العقل والمنطق إعتماداً كاملاً " ثم يناقض نفسه حين يقول في مكان آخر .. " فقد تجاهل ماركس في اشتراكيته العلمية عامل العقل ". لن يستطيع المرادني أن يعلل مثل هذا التناقض الفج ومع ذلك علينا أن نقبل به ينقض ماركس !! لو كان المرادني على سوية نقد ماركس لما تفوّه بهذه الأقوال التي لا علاقة لها بماركس. خالف ماركس هيجل وقال أن الوجود المادي سبق أي وجود للفكر. لقد أصبح هذا من بديهيات العصر حيث أن الأكوان سبق وجودها وجود كل الكائنات الحية عداك عن الواعية بما يزيد عن خمسة عشر مليار سنة. وبهذا لم يبق أمام المرادني وهيغل من فرصة لنقض ماركس سوى القول أن " الله " هو من خلق هذه الأكوان. لهما أن يعتقدا ذلك لكن ماركس لن يحفل بنقض العقائد لأن ليس لديه أية عقيدة، إنه مجرد باحث في الوجود وفي الحياة الإنسانية ودارس لهما.

الحيوانات الشبيهة بالإنسان إفترقت عن مملكة الحيوان عندما بدأت تتعقلن أو تعي الوجود وعياً أولياً والذي استغرق بتقدير الأنثروبولوجيين حوالي ثلاثة ملايين سنة. تجلى الوعي الأولي بتناول الحيوان الشبيه بالإنسان لبعض الأدوات المحيطة به كالعصا والحجر ليستخدمهما في تدبر حياته في البقاء. الوعي الإنساني هو الظاهرة المرتبطة بالعمل في انتاج الحياة بواسطة أدوات الإنتاج. الفكر كما رآه ماركس مقيد بالإنتاج أو الأحرى أدوات الإنتاج وبذلك يشكل الفكر من جهة وأدوات الإنتاج من جهة أخرى تناقضين مرتبطين ديالكتيكياً في وحدة واحدة هي الحياة الإنسانية أو رحلة التغريب على طريق الأنسنة. إذاً العملية الديالكتيكية سابقة لوجود الحياة بكل مظاهرها المختلفة والذكاء أو العقلنة هو أحد هذه المظاهر. في الفلسفة الماركسية، المادية الديالكتيكية، يغيب العقل تماماً ولا يلعب أي دور طالما أنه ليس موجوداً أصلاً بعكس المادية التاريخية حيث يلعب العقل دوراً هاماً في تطوير أدوات الإنتاج وتمرحل التاريخ بالتالي. ولما كان الإنتاج هو قيد العقل أو الرحم الذي يتخلّق فيه العقل فالعقل إذاً هو التابع لظروف الإنتاج. ما كان الإنسان ليتعقلن لو لم يجد في متناوله العصا والحجر ولو لم تؤمن هاتان الأداتان إتقاء الأخطار المحدقة به والتي تهدده بالإنقراض. من هنا فإن قول الكاتب .. " إعتماد ماركس على العقل والمنطق إعتماداً كاملاً " لا يفضي إلى أي معنى سليم إن لم يشكل ماكينة تزييف الحقائق.

كيف لهذا المرادني الذي يؤكد إلحاد ماركس بدايةً يقول مع ذلك عن ماركس .. " لديه من الذكاء ما جعله يدرك حلقة الإتصال بين الأخلاقيات وبين الله تعالى " وهو ما يعني أن ماركس يدرك تماماً أن الله موجود لكنه مع ذلك يكذب على الناس ويقضي عمره يبني نظرية تقول بأن الله غير موجود أصلا خلافاً لما يعتقد !!. هل ماركس غبي لهذه الدرجة أيّهذا الكاتب النحرير؟!!! ـ وتتجلى الجهالة أكثر في قول كاتبنا النحرير عن تجاهل ماركس للتربية الأخلاقية مستعيضاً عنها ب .. " رعب العقوبة المتوقعة كافياً لتعويض غياب التربية الأخلاقية لدى القائمين على الحكم الشيوعي " . نقول لهذا الكاتب الذي تعرّف على ماركس عن طريق الروي أن ماركس أكد أن لا حكم ولا حكومة في الشيوعية وليس فيها مسؤولون عن النظام لأن ليس فيها نظام أو قوانين أو عقوبات. كان على الكاتب المرادني أن يسأل ابن الجيران، ربما، ليدله عما يكتب وعما لا يكتب. لكن المرادني يؤكد أن .. " الإنسان حيوان فاسد فساداً يتجاوز بطش العقوبة القاسية ..". كيف للمرادني يصدر حكماً فاسداً كهذا ؟ ـ حمى الله المرادني من الفساد لكن عليه أن يحاذر من الكتابة الفاسدة كهذه الكتابة !

كارل ماركس، أيها السيد، لم يعن بالأخلاق وبالتربية الأخلاقية وذلك لأن المنظومات الخلقية تتجدد بتجدد وسائل الإنتاج وبناء على هذه الحقيقة فإن التربية بمعنى صناعة الأخلاق إنما هي جهد ضائع لا طائل منه. أما قولك عن تجاهل ماركس للأخلاقيات إنما كان .. " بسبب الخوف من أن تقف الأخلاقيات في الطريق لكبح جماح ثورة البروليتاريا " فإنه لا يثير لدينا سوى الضحك. بل إن قولك .. " كانت البروليتاريا مرتبطة بالسادة من البورجوازية باسم الإلتزام الأخلاقي " كان الأولى أن يدفع بنا إلى تجاهل كل ما كتبت لو لم يفرضه علينا محررو الجريدة. بتنا مضطرين إلى أن نسف فنقول.. إن الخبز هو ما يربط العامل بالمصنع وليس الأخلاق. وفي معرض هجوم الكاتب على الإرث الشيوعي يزعم الكاتب أن ماركس غيّب الأخلاق لأنه .. " كان من الضروري أن تكون لهم ـ للبروليتاريا ـ الحرية الكاملة في القتل والاغتيال والنهب والحرق والتدمير حتى يمكن إبادة النظام الإقتصادي والسياسي البورجوازي ". لا أدري أين صادف الكاتب مثل هذه الجرائم تقترف من قبل الشيوعيين! من المعروف لدى العامة ومنهم أعداء الشيوعية من على شاكلة الكاتب أن الشيوعيين يعارضون بقوة كل أعمال القتل والاغتيال والحرق والتدمير، يعارضونها ليس من قبيل الوازع الأخلاقي بل لأن مثل هذه الأعمال الإجرامية من شأنها أن تحبط الثورة التي يدعون إليها. ومعارضتهم للمنظمات الإرهابية التي تتزيا باليسارية أمر لا يحتمل الإشتباه.

ويتحفنا الكاتب باكتشاف خطير لم يسبقه إليه أحد آخر وهو أن المادية الديالكتيكية أخذها ماركس عن نظرية دارون في النشوء والارتقاء. يظهر أن السيد المرادني لا يعرف أن فلسفة الديالكتيك لهيجل سبقت دارون بنصف قرن وكان ماركس الشاب من أتباع هيجل. ما أضافه ماركس إلى فلسفة هيجل هو أنه قلبها رأساً على عقب لتقف على قدميها فتكون مادية وليس على رأسها كونها مثالية. من المؤكد أن المادية الديالكتيكية وهي القانون العام للحركة في الطبيعة تحكم كل سنن التطور بما في ذلك مسألة النشوء والارتقاء لدى دارون لكن الدارونية لم تقل بقانون وحدة النقائض أو بقانون نفي النفي وهما قانونان أساسيان في المادية الديالكتيكية. لقد أخذت الدارونية إلى غير مكانها في علم الإجتماع، السوسيولوجيا، ووظفها الفكر البورجوازي في رسم خطوط عريضة بين النخبة الرأسمالية المالكة لأدوات الإنتاج وبين الأجراء الذين يستغلهم الرأسماليون تطبيقاً لمبدأ دارون في صراع البقاء وبقاء الأفضل. وظفوها في تأبيد الإستغلال والماركسيون يقفون ضد هذا بالطبع.

يعود الكاتب لينقض ماركس في مسألة دور العقل في التطور وأن للعقل أسبقية للدفع على طريق التطور ويدلل على ذلك بالقول .. " ماركس بحاجة إلى حملة فكرية ومثالية حتى يحقق ثورة شيوعية " لكنه ما لبث أن عاد ليقول .. " تصادف وجود لينين مع الحالة الثورية " وهو ما يعني أن الحالة الثورية هي التي أوجدت لينين ولم يوجد لينين الحالة الثورية. ويزعم المرادني أنه .. " لو لم يولد ماركس ولينين لما كان من الممكن أن تقع ثورة شيوعية لا في روسيا ولا في أي مكان آخر من العالم " وهذا يعني مباشرة أن السيد المرادني يعتقد أن ثمة جينات شيوعية حملها كل من ماركس ولينين في خلقتهما !! وإلا فمن أين أتت الشيوعية إذا لم تكن من هذا العالم ؟ هل يقوى المرادني على الإجابة؟ .. لن يقوى بالتأكيد. ثم نسأله أيضاً .. هل قاد كارل ماركس كومونة باريس ؟؟

الأخطاء الفاضحة التي اقترفها المرادني في هذه المقالة الفضائحية لا تعد ولا تحصى وقد يحتاج المرء إلى تأليف كتاب للتعرض لها جميعاً. لنأخذ مثلاً قوله .. " لقد أخطأ ماركس خطأً فاحشاً حينما تصور أن الثروة المتراكمة في النظام الرأسمالي هي المجموع الكلي لفائض قيمة العمل " ويصحح أخونا ماركس مؤكداً أن .. " أن مجرد العمل في ذاته لا يستطيع أن يتسبب في تراكم الثروة بغير أن يتزاوج العمل مع القوة المتفوقة للعقل ". ونسأل هنا أخانا المرادني عن كيف له أن يصف لنا عملاً بلا عقل، مستثنياً المجانين بالطبع، كي نأخذ تصحيحه لكارل ماركس بالإعتبار ؟! هل ثمة من يعمل بلا عقل من الآدميين؟؟

السيد المرادني ينتقد ماركس متسلحاً بالفكر البورجوازي فهو يعتقد أن سبل العيش يجب أن تتوافر للأفراد بنسبة كفاءاتهم ومهاراتهم الفردية، ويسحب هذا النمط من التفكير البورجوازي الضيق على ماركس إذ يعتقد المرادني أن ماركس يقول بتساوي التوزيع إنطلاقاً من تساوي الأفراد في الكفاءة والمهارات. مثل هذه المساواة المطلقة تشيع في عالم الطفولة. ما قاله ماركس هو أن أسباب العيش يجب ألا ترتبط بنوع وسوية عمل الأفراد. حقوق الأفراد في الحياة هي دائماً متساوية ولا بد من تلبية هذه الحقوق مع كل إختلاف شروطها.

نصيحتي الأخوية للسيد غالي المرادني أن يطلق الكراهية للشيوعية كي يستطيع أن يبتعد عن مقاربة الماركسية ويترك الخبز للخبازين؛ وإن لم يأخذ بنصيحتي فعليه إذّاك أن يتعرّف على ماركس من خلال دراسة ماركس دراسة معمقة وألا يكتفي بروايات الراوين.

فؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الديموقراطية لغير الديموقراطيين؟
- إنتفاضة أكتوبر لم تكن ثورة ولم تكن إشتراكية
- أين هي الشيوعية اليوم ؟ (2)
- الأفكار الثلاث الأهم حول ثورة أكتوبر
- كارل ماركس في السودان !!
- أين هي الشيوعية اليوم
- وهل ارتفعت الإيديولوجيا يوماً لتسقط؟
- الدين والدولة
- الخمسة الكبار وأزمة العالم
- المأزق التاريخي الفاصل
- الصراع الطبقي وراء انهيار الإتحاد السوفياتي
- تكعيك) أو تفكيك الماركسية )
- ماهيّة -الصحوة- الإسلامية
- ما هي الحرية
- نهاية التاريخ وفرانسس فوكوياما
- الجديد في - النظام - الدولي
- الحق- ليس إلا مفهوماً بورجوازياً باطلاً -
- الإشتراكية ليست نظاماً اجتماعياً
- المفهوم الغائب للفكر
- المرتدون على ماركس


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - من ينقض ماركس ! (3)