أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي جرادات - 55 عاما على ثورة 23 يوليو















المزيد.....

55 عاما على ثورة 23 يوليو


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1992 - 2007 / 7 / 30 - 12:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بصرف النظر عن وجهة نظر المحلل، لناحية اتفاقه أو اختلافه الفكري والسياسي مع قادة ثورة 23 يوليو المصرية، فإنني أعتقد أن مِن المغالطة انكار الدور الذي لعبته الثورة الناصرية، على النطاقين الوطني المصري والقومي العربي، ولصالح القضية الفلسطينية، ولصالح المشروع القومي العربي في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي عموماً، بل وفيه كثير مِن التجني عدم رؤية هذه الثورة كنقطة تحول نوعي في الواقع العربي، كان ما قبلها غير ما بعدها، وكان ما قبل اجهاضها غير ما بعده.
ما سلف مِن استخلاص حول الثورة الناصرية بعد مرور 55 عاماً عليها، لا يعني أنها كانت دون أخطاء أو ثغرات أو نواقص أو خطايا أحياناً، بل يعني رؤية الاتجاه العام لأثرها الايجابي البارز، لا تلغيه، ولا يجب أن تحجبه، النتائج الكارثية لهزيمة عام 1967، كأكبر ضربة تعرض لها المشروع القومي الناصري، فتعرضه لعدوان 1967 والعدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الإسرائيلي) عام 1956، يعكس ما مثله مِن محاولة للنهوض القومي في وجه المشروع الاستعماري عموما، والرد على واقعة "النكبة" الفلسطينية تحديداً، وكانت حرب الاستنزاف التي خاضها الجيش المصري بعد هزيمة 1967، علاوة على بدء الاعداد لحرب عام 1973، دلائل يصعب تجاهلها على جدية المحاولة القومية الناصرية، ومؤشرات أكيدة على صدقية زعيمها وجديته وعمق انتمائه الوطني والقومي، ما يفسر شراسة الهجوم الأمريكي الإسرائيلي ضده.
شكلت الثورة الناصرية المحاولة المصرية الثانية للنهوض القومي في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، وسبقتها المحاولة الأولى لمحمد علي باشا وابنه ابراهيم، لكن المحاولة الناصرية انطوت هي الأخرى على العديد مِن الثغرات الداخلية، وشقت طريقها عبر وقائع عربية داخلية مجافية، وهجمة خارجية شرسة، ما جعلها محاولة وحيدة الجانب، لم تعضدها جدياً المحاولات العربية الأخرى، بل كان هناك مَن تآمر عليها وناكفها، ما أدخلها في دوامة التناقضات البينية والبنيوية للنظام الرسمي العربي في مرحلة تجزئة وأحلاف ما بعد الاستقلال الوطني.
إنهارت المحاولة، وجرى الارتداد عليها واجهاضها في نهاية المطاف، ولم تصمد أمام متطلبات التجديد والمتغيرات والصراع مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي، بل تبقرط نظامها ووقف في منتصف الطريق وتثاقل وتراجع وارتد على منطلقاتها، وساهم في اجهاضها مِن داخلها بعد سنوات معدودة على رحيل زعيمها، أي لم تصمد المحاولة أمام إمتحان التاريخ، الذي لا صدقية لغيره في نهاية المطاف، وثبت في التحليل الأخير، أنه لا ضمان لمسيرة حركات التحرر والاستقلال الوطني دون توفر الشرط الديموقراطي الداخلي، وأنه لا يمكن الاستغناء عنه لمواصلة المشوار، وأن أي إخلال به يشكل وصفة أكيدة للتراجع والارتداد والنكوص وانفضاض الشعوب عن قياداتها التي انجزت الاستقلال الوطني مِن المحتل الأجنبي.
ولكن إنهيار المحاولة الناصرية للنهوض القومي العربي، هو شيء آخر تماماً عن القول: إن منطلقاتها والحاجات الموضوعية التي عبرت عنها قد توقفت، أو أنها كانت نزوة ذاتية لمن قادها وتحمَّل أعباءها، لأنها جاءت حصيلةً عامة لتفاقم تناقضات داخلية وخارجية في الواقع العربي، وتعبيرا عن الصراع بين المشروع القومي العربي والمشروع الأمريكي الإسرائيلي. وهذا ما لا يمكن أن تطمسه محاولات واشنطن وتل أبيب اظهار الصراع كما لو كان صراعاً مع جهات عربية بعينها، يجري تحديدها وفقاً لمستوى الخطورة في كل مرحلة، لأن الصراع في الواقع والجوهر، هو صراع بين المصالح والطموحات الأمريكية الإسرائيلية في الهيمنة والنهب والاستحواذ، وبين مصالح الشعوب العربية وطموحاتها في التحرر والتنمية والتوحد، ما يجعل وقف هذا الصراع، واجتثاث عوامل تفجيره، وتجدده بهذا الشكل أو ذاك، أمرا مستحيلاً، حتى لو خفتت حدته في هذه المرحلة أو تلك، أو تم ضرب هذه المحاولة أو تلك مِن محاولات التعبير عنه، بل هو صراع يتفاقم بصورة موضوعية ويتعمق باستمرار، لعبت فيه القضية الفلسطينية وجوهرها قضية اللاجئين، وما زالت تلعب عاملَ تأجيجٍ محوري، وإن مَرَّ في تعرجات وإلتوءات تجلت على شكل هزائم وإنتصارات لطرفي الصراع تبعاً للشروط الملموسة وتطور القوى الاجتماعية المنخرطة فيه وللتغيرات الحاصلة في نسبة ميزان القوى بالمعنى الشامل في كل مرحلة، فما بالك بعد احتلال العراق، الذي افرز قضية ثانية للعرب، ليصبحوا بقضيتين بدل قضية واحدة، ما يعطى الصراع أبعاداً جديدة وطابعا متعمقاً وممتداً وواسعاً.
ما تقدم يفرض سؤال: بعد 55 عاما على الثورة المصرية، المحاولة القومية الأبرز للنهوض القومي في مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني وانتهاء حقبة الاستعمارالمباشر، أين كان العرب؟ وأين أصبحوا؟
قلت سابقا، وكتبت في موقع آخر، أنه بعد 55 عاما على الثورة الناصرية، وبعد نصف قرنٍ على موجة الاستقلال وانتهاء حقبة الاستعمار المباشر للبلدان العربية ،بما تخللها مِن نجاحات، لم تثمر في التحليل الأخير عن بناء دولة قومية، مثلما لم تحمِ فلسطين، بل وتعرض العراق للاحتلال المدمر، ووصل المشروع القُطري إلى طريق مسدود، ولم يستطع بناء دولة وطنية ديموقراطية ومستقلة اقتصاديا.
بمقارنة التجربة العربية ومحاولات مشروعها القومي، وأبرزها المحاولة الناصرية، بالمشروع القومي الهندي واللاتيني والصيني، نجد أن الأخير أحرز خطوات نهضوية تنموية بعيدة المدى بعد أن إنتفض على المحتل الأجنبي، وحقق تحولات اجتماعية لصالح المرأة، وضرَبَ العشائرية والخرافات الغيبية، وأنجز تحولات لصالح الفئات الشعبية، ناهيك عن بلورة حركات اجتماعية وصيغ قانونية تكفل حياة ديموقراطية بهذا القدر أو ذاك.
كل ذلك بما يفوق كثيرا التجربة العربية، التي وضعتها التبعية للمشروع الأمريكي في وضعية تكاد تكون خارج التاريخ مِن ناحية مساهمتها في العلوم والصناعة والسياسة الدولية، إلى درجة أن يقول تقرير الأمم المتحدة أن أفريقيا تتصنع والعرب لا، والأمية تندثر في جنوب آسيا فيما هي 40% لدى العرب، وعائدات النفط التي تناهز 700 مليار $ سنويا بالكاد تستطيع أن تبنِ مدينة عصرية، علاوة على التناقضات البينية والبنيوية بين النظم الرسمية العربية، التي تنتهج نظام التوريث في الحكم، ولا ترى في شعوبها أكثر مِن "رعايا" يجري حكمها خارج سلطة القانون وسيادته.
وفي العقدين الأخيرين، وفيما يشهد العالم تكتلات كبرى، نجد العرب ينتقلون مِن التجزئة القومية إلى التقسميات المذهبية والطائفية، ما يعطي الإحتكارات المتعدية الجنسية فرصةَ استهدافِ ثروات العرب وجغرافيتهم وحقوقهم و"قضيتهم الأولى فلسطين"، علاوة على محاولات تخريب الشعوب واستحداث حوامل اجتماعية مرتهنة في أوساطها.
ما سلف وسواه في الواقع العربي يؤجج التناقضات الداخلية والخارجية ويستدعي إرادة التغيير، تجلى في لبنان بإنتصار مقاومته عام 2000 بتحرير الجنوب، وتفشيل العدوان الإسرائيلي في 2006، وفي فلسطين بالصمود رغم الشرخ الداخلي القاتل، وفي العراق الذي رغم ما يشهده مِن عملية ذبحٍ مبرمجة وفتنة مذهبية وتقسيمية متصاعدة، تندفع وطنيته الجامعة بمقاومة باتت تترنح معها القوات المحتلة التي ناهزت خسائرها آلاف القتلى ومئات مليارات الدولارات، إلى درجة أن يدعو الحزب الديموقراطي الأمريكي وبعض الجمهوريين صراحة لجدولة الإنسحاب.
وفي مصر يسقط التطبيع في الأوساط الشعبية والثقافية وتضغط القوى المجتمعية لإدخال إصلاحات على سياسات النظام الداخلية والخارجية وتحرير مصر مِن التبعية لتعود وتضطلع بدورها القيادي للعرب، بعد ثبوت أن الأمن الوطني المصري يترابط بنيويا بالأمن القومي العربي، وأنه لا مشروع تنموي مصري دون مشروع تنموي عربي، بحسبان ثورة 23 يوليو وزعيمها الراحل عبد الناصر، الذي لم يجرِ سد الفراغ الذي تركه كصاحب مشروع قومي، جعل للعرب في العالم شأناً لم يكن لهم قبله، وكان أكثر أصحاب المشاريع القومية العربية التصاقاً بالقضية الفلسطينية، التي بفقدانه والارتداد على مشروعه خسرت الكثير مِن عمقها القومي، وما زالت.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول الغيث قطرة بريطانية
- إلى الباقين سلام
- حضور خطة وغياب بصيرة
- الماء والسراب
- معبر رفح والخطاب الفلسطيني المشوه
- وعي المظهر وانكار الواقع
- قطع الحوار انتحار ولكن
- صراع على السلطة أم قلبٌ لمعناها؟!!!
- حلقة الخلاص الوطني المركزية
- ًكي يبقى النهر لمجراه أمينا
- العبرة في النتائج
- خطوة إضطرارية أم إنتحارية؟!!!
- موانع إجتياح غزة سياسية
- 5 حزيران تطرف النصر والإنهزام
- تجليات الفوضى الخلاقة
- تجاوز لكل الخطوط
- لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!
- دعوة لإستعادة الوعي
- الحكم أم الوطن؟
- رهان النسيان والذاكرة الجمعية


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي جرادات - 55 عاما على ثورة 23 يوليو