أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - إدريس ولد القابلة - يوميات سجين لولا الحلم لانتهيت 6















المزيد.....

يوميات سجين لولا الحلم لانتهيت 6


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 606 - 2003 / 9 / 29 - 05:15
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


 

23 أكتوبر:
 كل الديانات السماوية وحدانية في أصلها، وليس هنا إلا واحد لا ثاني له..وتعددية مخلوقات الكون تشير كلها إلى الوحدانية، وكل المظاهر المختلفة والمتخالفة تؤدي في نهاية المطاف إلى الوحدانية..إلا أن الإنسان أعمى.

24 أكتوبر: الإنسان فرداني يخشى التعدد والاختلاف رغم أن التحول والتغيير سنة الحياة، التحول حاصل في كل مكان وفي كل حين، ليست هناك لحظتان مهما صغرتا متشابهتان متماثلتان. في كل لحظة أشياء تفنى وأخرى تخلق، أشياء تعوض أخرى، تحتمل مكانها. تنمو الزهور فتموت لتحيى الثمار.

 25 أكتوبر:
 إن ذات المرء كالثوب يمكنه أن يكون نقيا أو متسخا، كما يمكنه أن يتسخ بعد نقائه أو يتنقى بعد اتساخه، وللتوصل إلى النقاوة لابد من إزاحة بقع الدرن العالق بالثوب لأنها بمثابة أحجبة تغطي حقيقة الثوب..هكذا على المرء أن يعري ذاته وينقيها من الأوساخ العالقة بها.
إن من يريد أن يعرف ذاته على حقيقتها عليه أن يكون أقوى من رغباته وأقوى من خوفه وفقدان ما يرغب فيه
خلف الأبواب الحديدية الموصدة أبسط بسمة تساوي كل شيء في هذا العالم

 26  أكتوبر :
 كل شيء يوجد في الإنسان، ما نعتقد أنه الأحسن وما نعتقد أنه الأسوأ. فلا وجود للأعلى دون الأسفل، والثقيل دون الخفيف، والطويل دون القصير.
في كل إنسان توجد خلاصة عملية الخلق الإلهية، كل شيء يوجد في الإنسان، الخير والشر، الصالح والطالح، الجميل والقبيح، كل إنسان يحمل في ذاته عناصر القدسية والحب والكرم وكذلك عناصر الدمار والجشع والسادية، في ذات كل إنسان حضور للزهد والحرمان الإرادي وحضور للشهوة والامتلاك، في كل إنسان حضور للملائكي وللشيطاني...لكن أليس أي إنسان يقوى على الاستعلاء والتعالي على حدود الذاتية لاكتشاف الوجه الحقيقي للعبد الخادع لخالقه في كل تصرفاته.

27 أكتوبر:
على الإنسان أن يقبل ويتقبل كل مظاهر وتمظهرات ذاته، وهذا ليس بالأمر الهين لأننا نعيش عصر التهيؤات والأكاذيب والرياء وخداع الذات وهذا ما يجعلنا على سطح الحقائق وليس في لبها.
 إن من يريد أن يعرف ذاته على حقيقتها عليه أن يكون أقوى من رغباته وأقوى من خوفه وتخوفاته من فقدان ما يرغب فيه وهذا ما يتطلب ظمأ خاصا، ظمأ التعرف على الحقيقة يمكن المرء من التحرر من ذاته، إنه مجهود مضني وشاق ومؤلم أحيانا لكنه يؤدي إلى سعادة داخلية سرمدية، سعادة اكتشاف الذات على حقيقتها لمصاحبتها عند الحاجة والتصدي لها ومواجهتها عند الضرورة لذلك، وفي هذا المسار تعتبر الخطوات الأولى الأسهل ما سيليها.

 


 28 أكتوبر:
الإنسان في هذه الحياة كموجة بحر، وكل موجة من الأمواج لها بداية ونهاية، إنها تنطلق لتفنى عندما تنكسر على رمال الشاطئ أو على الصخر، إنها تولد في لحظة معينة بعد ثوان أو دقائق تموت ورغم توالي الأمواج الواحدة تلو الأخرى، ورغم سرعة وثيرة تواليها فكل موجة متميزة عن التي قبلها وبعدها.

 فإذا كانت تعي نفسها كموجة وترى أمامها وخلفها مثيلاتها فيمكنها أن تشعر بمحدودية مجالها في الفضاء وفي الزمن وستعرف أنها ستفنى وتموت بوصولها إلى الشاطئ أو بالتطامها بالصخر كما أنها ستعي المخاطرة التي تترصدها باخرة تقسمها موجة أخرى تلحق بها فتركب عليها وتخفيها لكن إذا كانت الموجة ترى نفسها كتمظهر من تمظهرات الماء فإنها لن تعرف نهاية، فماء البحر غير محدود وهو دائم الحضور، وهاتة الموجة لن تكون نهاية الماء أو البحر، رغم موت الأمواج فالبحر لا ينقص.

 


29 أكتوبر:
 هذه الليلة حلمت بالمحيط ببحر مدينتي التي أبعدوني عنها رغما عني، فضاء مائي لزج، أطرافه منتشرة في كل مكان إلى حد الأفق. أمواج تتلو أمواجا بدون انقطاع، ما تنكسر موجة حتى تتبعها أخرى، والمحيط يحتضنها كلها، يعاين ولادتها وفنائها، يشهد بوجودها، إنها تولد وتفنى، لكن المحيط يظل هناك بمكانه حجة على وجودها رغم عمرها القصير، يظل المحيط وتظل معه الأمواج تتوالى، ملايين وملايين الأمواج والمحيط واحد لا يفنى رغم فنائها المستمر.

 30 أكتوبر:
 الإنسان يتأرجح بين رغبة ونقيضها، يعيش في خوف دائم، ظاهر أحيانا ومستتر أخرى، الخوف من أن تفرض عليه الحياة ما لا يرغب فيه. الخوف من عدم تحقيق طموحاته، وتارة يكون هذا الخوف شعوريا وأخرى يكون لا شعوري مما يدفعه أحيانا كثيرة للكذب على نفسه وإحاطة نفسه بجملة من الأكاذيب.

 فاتح نونبر:
 الإنسان يتحرك في فضاء وعبر زمن لكنه لا يقبل لا الأول ولا الثاني.

 فتحركه في الفضاء يؤدي به إلى التعددية ومساره عبر الزمن يفرض عليه التحول. فالمرء منا منذ كان اتصال بين الحيوان المنوي والبويضة فإنه يتكون كائن متميز عن الآخرين محدد معلوم ومعروف له بداية وسائر نحو نهاية.

2 نونبر:
 قضيت ليالي وشهورا في عنبر، مساحته لا تتعدى أمتارا مربعة محدودة، محشور فيها جمهور غفير من دأب وصوب، أكثر من نصفهم مكانهم ليس

3 نونبر
 الأبواب الحديدية الموصدة أبسط بسمة، أدنى ضحكة تساوي كل شيء في هذا العالم الرديء تسعد الآخر بسمة وراء القضبان تنسيه المكان وتدفعه للنسيان بسمة وراء القضبان تقرب المسافة بين المهين والمهان.


4 نونبر:
 هنا خلف الأسوار الرمادية العالية للفجر نكهة وللندى اللاصق بالقضبان الحديدية السميكة نفحة وللنسيم شدى.

هنا وراء القضبان للصبح نكهة ولدفء الشمس نفحة رغم تشابه الأيام والشهور والأعوام، ونزيف الجروح على الدوام والروح ثكلى بالآمال وبالأحلام، ذاكرة تختزن إطلالة القمر وإهلال الطيف للتمكن من الخلاص ونسيان الحصار رغم سياج العوسج.

 

 

5 نونبر:
 هذا اليوم خصص لعملية التفتيش..جماعة من السجانين يأتون يطلون من بين القضبان الحديدية تنكشف أشرطة أكتافهم على البدلات الزرقاء المتهارية، تسبقهم حشرجات الأقدام في فتح الباب، دوي يهز المكان، ترتج كل الشبابيك، تعلو أصوات وتخرس أخرى، تتوقف الحركات، تتبعثر الأشياء والأوراق، يسود صمت الأيدي والعيون تفتش في كل شبر من العنبر، وتعود الحياة بعد عملية التفتيش.

6 نونبر:
 حط اليأس خيامه حولي طوقني من كل جانب، وزنت كلامي وتصرفاتي السابقة والآنية واللاحقة بميزان حكمه المجروح في كرامته والمسلوب حريته تعسفا، أطلق اليأس أصواته العرجاء فأصمتني ومد ذراعه ليحضنني، هكذا حرق القلب ومل مرارة الانتظار، ففضاء أكل بني البشر هو ميدان لتراكم الأجساد الصلدة رغما عنها.

7 نونبر:
 ما دام البشر يسيرون في طريق الأنانية فلن يلق المرء أين ما توجه إلا سوء التفاهم والمعاناة وللتخلص من هذا الواقع المر على المرء أن يعي وعيا كاملا أنه إذا كان يعتبر المرض والحرمان والمحن والفقر، شرا بالنسبة إليه والثروة والحب والنجاح والصحة خيرا بالنسبة إليه، فعليه أن يعتبر نفس الشيء بالنسبة لغيره فما يعتبره شرا هو شر لغيره، وما هو خير له فهو كذلك لغيره. وبهذه الطريقة سيضمن راحة البال.

8 نونبر:
 كيف للمرء أن يظن أنه يمكنه أن يعرف الموت وهو لا يعرف الحياة، فالسؤال الحقيقي ليس هو الموت، لكن نحن البشر الذين نحن أحياء نرزق لا نعرف معنى الحياة وما هي الحياة ؟
 نحن على يقين أننا موجدون لكن نجهل مرارا كيف بدأت الحياة وكيف ستنتهي ولا نعرف كيف أن الضمير الذي يحركنا بدا يتحرك في ذاتنا.


إدريس ولد القابلة

 



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات سجين لولا الحلم لانتهيت 5
- يوميات سجين لولا الحلم لانتهيت 3
- يوميات سجين- لولا الحلم لانتهيت 2
- يوميات سجين - لولا الحلم لانتهيت 1
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 12 الأخيرة - ملف قضية السرف ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 11 - الإضرابات عن الطعام
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 9- 10 - التعرف على الشيخ عب ...
- علامات استفهام
- قضايا استثنائية أمام محكمة استثنائية !
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 8 - الحصة الأولى من التعذيب
- العالم المتحضر يحترم حقوق الإنسان من ولادته إلى وفاته
- مذكرات الاعتقال السياسي -الحلقة 6/7 - عبد اللطيف زروال يلفظ ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 4/ 5 - لحظات في أركان درب م ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 3 - الليلة الأولى بمخفر الش ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة الثانية - من الخميسات إلى ا ...
- نقش على جدران الزنازين مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة الأو ...
- - مجرد إطلالة على فكر الدكتور -المهدي المنجرة
- وقفات على أرض الواقع المغربي
- الفقر وما أدراك ما الفقر ببلادي !
- رأي في الحركات الإسلامية بالمغرب


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - إدريس ولد القابلة - يوميات سجين لولا الحلم لانتهيت 6