أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - قضايا استثنائية أمام محكمة استثنائية !















المزيد.....


قضايا استثنائية أمام محكمة استثنائية !


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 594 - 2003 / 9 / 17 - 04:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 لقد سبق لمحكمة العدل الخاصة بالرباط أن بثت في جملة من القضايا، بعضها أثارت القيل والقال، وقبل التطرق إليها في حلقات، لا مندوحة من الحديث على تلك المحكمة وسيكون موضوعها حلقتنا الأولى.

 محكمة العدل الخاصة، قضاء استثناء في دولة الحق والقانون قضاء محكمة العدل الخاصة قضاء خاص ينظر في الجرائم ذات الصلة بالمال العام.....إنه قضاء في ظل صيرورة وإرساء دولة الحق والقانون. ولعل أول تساؤل يتبادر إلى الذهن هو: هل مقومات دولة الحق والقانون تتماشى ووجود استثناء في العدل والعدالة ؟ من الملاحظ أن محكمة العدل الخاصة غالبا ما أدانت موظفين صغار من الدرجة الدنيا، الذين هم في الحقيقة ـ وهذا معروف لدى العادي والبادي ـ يمارسون مهامهم تحت إمرة رؤساء لا تفوتهم " شادة ولافادة " في إدارتهم، علما أن القاعدة الأساسية في الممارسة الإدارية ببلادنا قوامها عدم السماح بالمبادرة وإنما الامتثال لأوامر الرؤساء حيث المسؤول يكون على علم بكل شيء، فكيف يفوته ما يقع بها على امتداد ثلاث سنوات أو أكثر ؟....علاوة على أن إدارتنا اعتمدت على أوامر عبر الهاتف أو الطرق الشفوية في حسم والبث في جملة من القضايا، حتى الشائكة منها، وعندما " تسقط الصومعة" فإن الصغير أو المأمور عموما هو الذي غالبا ما يؤدي الثمن، ونادرا، نادرا جدا ما كان المسؤولون الحقيقيون ـ الذين هم المستفيدون الأوائل، لأن الصغير المأمور، حتى ولو كان مخطئا لا يحصد إلا الفتات ـ يساءلون وبالأحرى أن يدانوا من طرف المحكمة.

وللتأكد من هذا يمكن الرجوع إلى مختلف الملفات التي راجت أمام محكمة العدل الخاصة بالرباط منذ نشأتها، فهي ناطقة على نفسها.

 المهم، إن من بين الشروط الأساسية لإقامة دولة الحق والقانون، وجود عدالة عادية، وليس عدالتين، واحدة عامة وأخرى استثنائية، والحديث هنا يقتصر على المجال المدني. فمن المعلوم والمعروف أن الديمقراطية تبدأ من العدالة التي ليست فقط مبدأ وإنما عقلية وممارسة وصيرورة ترسيخ القانون.

 إن المتتبع للملفات التي عرضت على أنظار محكمة العدل الخاصة يلاحظ أن المتهمين المدانين فيما يقارب 98 %، هم من المراتب الدنيا في مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية. لا أحد حاليا يمكنه أن يعارض على أن دولة الحق والقانون لا يمكنها أن تستسيغ اتخاذ عقوبات انتقائية في حق البعض دون الآخر، وأغلبهم من المستويات الدنيا في السلم الإداري، في حين أن المسؤولين ينعمون بالطمأنينة ولا تقلقهم الإجراءات الجارية ضد مرؤوسيهم، رغم قياد عدد كبير من المتهمين المدانين بتسليط الأضواء على ملفاتهم، مما جعل هناك مخالفين للقانون ومرتكبي أخطاء جسيمة لم تطالهم العدالة. وفي هذا الصدد قال قائل: كفانا من تصرف النعامات وعلينا التحلي بالتبصر والشجاعة الكافية، فإما غض الطرف على الجميع وطي الصفحة لبداية جديدة موازاة مع انطلاق العهد الجديد وإما التصدي لأي متجاوز للقانون كيفما كان موقعه. فلا يمكن السكوت على الاقتصار والاكتفاء بأكباس الفداء وما أكثرهم، بل أكثر من هذا، من ضمنهم ضحايا شردوا وشردت عائلاتهم ـ وأكيد أن بالرجوع إلى الملفات التي راجت أمام تلك المحكمة، من شأنه تبيان ضرورة وإلزامية إعادة النظر في أوضاعهم ولو في إطار روح مبدأ " إن الوطن غفور رحيم" لأنهم بكل بساطة أدوا الثمن عوض الذين " هبروا " الهبرات ولم تستفد أكباش الفداء إلا من الفتات، والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا.

 كما أنه علاوة على هذا وذاك، ألم يحن الوقت بعد للتساؤل حول دستورية أو عدم دستورية وجود محكمة اسثتناء في ظل قاعدة وحدة القانون والتشريع في إطار دولة الحق والقانون؟ فهناك عدة حالات تثير الاستغراب حقا فيما يخص بعض الاختلاسات والتجاوزات، بعضها ينظر في شأنه من طرف المحاكم الابتدائية وتكون فيها الأقسام أقل قسوة مع ملفات من نفس الأهمية من حيث درجة الخطأ المقترف، بل وأحيانا أقلها تحسم فيها محكمة العدل الخاصة بأحكام قاسية جدا. ولعل هذا ما يفسر نعثها بالماصة(اي المطرقة الكبيرة) عوض الخاصة. و " الماصة " كما هو معلوم هي تلك المطرقة الضخمة التي لا تبقي ولا تذر، وذلك لكون أحكامها تؤلم بشدة كل من تصيبه بأحكامها سواء الرئيسية أو الثانوية، لأنها في الغالب أحكام قاسية أكثر من غيرها. وهذا مثال للتوضيح ليس إلا، مختلسان اختلسا نفس المبلغ المالي، الأول من البنك الشعبي ( شبه عمومي) والثاني من بنك آخر ( قطاع خاص). فالأول يحاكم أمام " الماصة " والثاني أمام المحكمة الابتدائية.

وشتان بين الحكمين، حيث يفصل بينهما بعد السماء عن الأرض. وفي نهاية المطاف يكون الثاني قد قضى حكمه واسترجع حريته، في حين أن الأول ما زال ينتظر إنهاء الإجراءات لإعداد الملف للمحاكمة، لتقضي في حقه المحكمة الخاصة بحكم أقسى وبكثير، من حكم الثاني. وهذا مثال لفيض من غيض، أما الواقع المعيش فأدهى وأمر.

 فإذا كانت محكمة العدل الخاصة، أحدثت أصلا لمحاكمة الوزراء وذوي المواقع المهمة ـ وهذا أمر يمكن استحسانه ـ لكنها في الواقع، وعلى امتداد وجودها لم تجاهد إلى في صغار الموظفين والمرؤوسين، وبعضهم كانوا أكباش فداء بامتياز.


التحقيق بمحكمة العدل الخاصة...ربما أطول تحقيق.

 القاعدة، وعلى امتداد أكثر من ثلاثة عقود على الأقل، لا يمكن أن تكون مدة التحقيق بمحكمة العدل الخاصة بالرباط أقل من سنة ونيف، مهما كانت القضية حتى ولو أدت إلى عقوبة أقل، كان على المتهم، محكوما مسبقا بقضاء سنة في السجن.

 وعلى امتداد هذه السنة ونيف قد لا تتعدى مدة التحقيق حصتين أو ثلاثة تدوم كل واحدة 30 أو 45 دقيقة على الأكثر، والحالات في هذا الصدد كثيرة وكثيرة جدا، بل هناك ملفات دام فيها التحقيق أكثر من 13 شهرا، ويتساءل المرء، ألم يحن الوقت لإعادة النظر في هذه الوضعية ؟ ألم يحن الوقت بعد ونحن بصدد التطبيل والتغييط حول إصلاح للقضاء، للجرأة على طرح السؤال حول عدل وإنصاف عدالة محكمة العدل الخاصة ومظالمها ؟ ألم يحن الوقت بعد للتساؤل بكل شجاعة أدبية ومسؤولية إنسانية بصدد وحدة منظومة العدل المغربية ؟ ألم يحن الوقت بعد للتقييم الموضوعي لانعكاسات انزلاقات تلك المحكمة على الواقع المعيش، لاسيما الجواب على السؤالسلبياتها، الحصيلة سلبية أم إيجابية في غالبيتها ؟ تتناسل الأسئلة في وقت بدأت عدة أصوات تطالب بإلحاح إعادة النظر في القانون المنظم لمحكمة العدل الخاصة اعتبارا لسلبياتها، وقد قال قائل أن طول مدة التحقيق قد تكون من الأسباب التي أدت إلى معاينة قلة الحكم بالبراءة من طرف محكمة العدل الخاصة على امتداد وجودها.


بعض القضايا تعري على انحراف المسار

من بين القضايا المطاعم المدرسية تعد من أضخم الملفات التي استأثرت بالرأي وهي قضية ساهمت في إسقاط الأقنعة وانجلاء الأمور لتبيان كيف يمكن أن تكون مؤسسة قضائية خاضعة للتعليمات.

 وإذا كانت إشكالية استغلال النفوذ والاختلاس في حد ذاتها تعتبر من الإشكالات المطروحة بجدة على المجتمع المغربي، فإن ما استرعى الاهتمام الأكثر طبيعة الضحايا الحقيقيين في آخر المطاف...إنهم أطفال العائلات الفقيرة لاسيما منها...ويزيد المنظر تراجيدية إذا علمنا أن ضمن هؤلاء الصبيان عدد من اليتامى.

 إن الاختلاس تحقق عبر تحويل المواد الغذائية عن الهدف المرصودة له أصلا، حيث كانت ممنوحة في إطارات مساعدات من طرف برنامج " بام " برنامج التغذية العالمي المخصص لتغذية الأطفال الممدرسين المنحدرين من عائلات فقيرة ومعوزة، ومما يميز هذا الملف الضخم التشابكات الداخلية والدولية التي ارتبطت به من جهة، ومن جهة أخرى سقوط المتابعة، عن وعي وإرادة، في حق شخصين من العيار الثقيل دون سابق إنذار، أحدهما اضطلع بمسؤولية الكتابة العامة لوزارة التعليم، وما ميز كذلك هذه المحاكمة أنها أول قضية قام المجلس الأعلى بنقض الحكم الصادر بخصوصها، كما تميزت كذلك باللجوء إلى تطبيق الفصل 28 من القانون المنظم لتلك المحكمة وذلك للمطالبة بإلقاء القبض على أضناء أساسيين في القضية سبق وأن تمتعوا بالسراح المؤقت أمام استغراب الجميع، وما يعز أكثر في نفس المرء كون المواد الغذائية المختلسة كانت أساسا مرصودة لأبناء العائلات الفقيرة لاسيما في البوادي لحثها على بعث فلذات أكبادها للمدرسة وعدم الاضطرار لحرمانهم من حقهم المشروع في التعليم لسبب الفاقة.

 ...كانت البداية مع تحقيق صحفي قامت به جريدة " الرأي " في نهاية 1994 على إثر اكتشاف أوعية زيت فارغة في إحدى مزابل ضواحي مكناس، وكانت تحمل علامة " بام" كانت تعد بالآلاف ضمنها العشرات كانت ممتلئة عن أخرها، وفي مطلع سنة 1995 نشرت نفس الجريدة مقالا حول ذات الموضوع يضع جملة من التساؤلات، هذا ما دفع السلطات المختصة للقيام بالتحريات اللازمة والتي أفضت إلى اعتقال موظفين في إطار ما اصطلح عليه بفضيحة " زيت الضعفاء" وبدأ المخفي يظهر والمستور ينكشف والغامض ينجلي...وانكشفت خيوط الفضيحة، هناك موظفون يبيعون مئات الأطنان من الزيوت الممنوحة ويختلسون الملايين، وبذلك كانوا يحرمون مئات التلاميذ من سد رمقهم...كانوا يبيعونها لشركات التي بدورها تحقق أرباحا طائلة على حساب الأطفال، حيث أن الأمر لا يكلفها إلا تغيير التلفيف بعد إفراغ الزيت من أوعيتها الأصلية وإعادة تلفيفها في قارورات تحمل اسم وشارة الشركة والماركة دون عناء البحث عن المواد الأولية وآليات تحويها وعمال وفنيين...كان يكفيها أناسا يحسنون الإفراغ والملء ليس إلا.

 وكذلك الشأن بالنسبة لمادة الحليب ومواد غذائية أخرى...فهل سبب ذلك كان الجشع لاسيما إذا علمنا أن صناعتنا الفلاحية ـ الغذائية كانت دائما بخير، أم أن سبب ذلك المنافسة غير الشريفة التي تطبع هذا القطاع؟ في البداية لوحظت محاولات متكررة لإقبار الملف أو على الأقل الحد من انعكاساته وجعله في أقصى الحدود يقتصر على تحميل المسؤولية لأكباش فداء بمكناس، إلا أن مجهودات بعض الجرائد الوطنية التي لم تتوقف على تسليط المزيد من الأضواء، جعلت القضية تظل بارزة وهذا لم يكن من بد من فتح الملفات.

 وقد تبين بالملموس أن هناك بعض الموظفين الساميين متورطين حتى النخاع في القضية إلا أنه تم الاكتفاء بالوقوف عند بعض المديرين ورؤساء أقسام فما دون ذلك وصلا إلى بعض الشواش والباعة المتجولين.

 ومع مرور الأيام تبين أن الأمر يتجاوز مندوبية مكناس حيث هم الوزارة بامتياز لاسيما وأن الطرف المانح " بام" تدخل عندما قرر مكتب تسيير وتنسيق برنامج التغذية العالمية " بام " بروما توقيف منح المساعدات المخصصة للمغرب إلى حين الكشف عن حقيقة الأمور وجاء دور الشرطة القضائية وتم الكشف عن طريقة غريبة للتسديد وتضيخم مصاريف المهام وسحوبات من حساب الشيكات البريدية وفواتير" عذراء"...واتضح أن هناك تلاعبات واختلاسات وتزوير فيما يتعلق بتدبير السنتميات، وقيل أن هذه الأفعال بدأت منذ 1991 على الأقل، وفي الأخير كانت التهمة الموجهة إلى الأضناء هي استغلال النفوذ واختلاس أموال عمومية والإرشاء والارتشاء والتزوير واستعماله والاتجار والمتاجرة في مواد غذائية ممنوحة لغرض إنساني وعدم إشعار السلطات بوقوع جريمة، واستغرق التحقيق ما يفوق 4 سنوات وكانت آخر جلسة في غضون شهر غشت 1999 حين كان النطق بالأحكام على الساعة السادسة والنصف صباحا، وتراوحت الأحكام ما بين البراءة و 12 سنة حبسا نافذة والقضاء بإرجاع للدولة ما قدره 50 مليون درهم بالتضامن بين المتهمين المدانين، علما أن النيابة قد طالبت بأقصى العقوبات وبإرجاع ما قدره 20 مليار سنتيم ( 200 مليون درهم).

 قرن ونيف من الحبس توزيعها على 40 ضنينا و 45 % منهم موظفون تابعون لوزارة التربية الوطنية و 13 % مديري ومسيري شركات ووحدات صناعية و 42 % مستخدمين في القطاع الخاص أو تجار علاوة على 3 متهمين في حالة فرار وهم: محفوظ حمامي مدير شركات حمامي إخوان ومحمد ساعود مدير شركة " سوكوبال" بمكناس وميلود الريفي.

 ومن الأمور التي استرعت الاهتمام ما عبر عنه المتهم الرئيسي في القضية رئيس قسم المطاعم المدرسية بالوزارة، حيث سبق وأن هدد مرة باللجوء إلى الانتحار إذا لم يتم استدعاء المسؤولين الحقيقيين على كل ما جرى، معلنا أنه لم يكن يقوم إلا بتطبيق تعليمات وتوجيهات مرسومة من طرف رؤسائه المباشرين مضيفا أنه إذا كانت تلك السياسة أو الاستراتيجية فاسدتين فلا مناص من استدعاء المسؤولين عنها ومن ضمنهم كتاب عامون سابقون للوزارة ولعله يخص بالذكر كل من بوزبع والسبيطي.

 وفعلا لقد قدم المجلس على نقض الحكم، فهل فعلا سيتم التعامل مع القضية بكل شفافية وعدل وإنصاف ؟ هذا ما ستبينه الأيام القادمة إذا عقد العزم على متابعة الإجراءات إلى منتهاها.

 وقد حان الوقت للاهتمام بوضعية العديد منهم للنظر في الحالات التي تستوجب رد الاعتبار، فهل ستحضر الشجاعة السياسة والأدبية للقيام بذلك، ما دام العدل والإنصاف لا مناص منهما في دولة العدل والقانون.


قضية امحمد سرحان، رئيس مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بروما وراءها ما وراءها

 امحمد سرحان، رئيس مكتب روما الدولي لوكالة المغرب العربي للأنباء (لاماب)، عين بمصلحة التوثيق بالوكالة منذ 8 دجنبر 1980، وفي سنة 1986 انتقل إلى مديرية العلاقات الخارجية إلى أن عين في نهاية سنة 1989 على رأس مكتب روما بإيطاليا.

 صدر في حقه حكما ب: 4 سنوات نافذة من طرف محكمة العدل الخاصة بالرباط يوم 11 يونيو 1997 بعد أكثر من 21 شهرا من التحقيق التفصيلي في قضية غريبة: استخلاص رواتب إحدى موظفات مكتب الوكالة يروما عوضها ومكانها، مقدارها الإجمالي 400.000 درهم . في نفس الفترة انكشف أمر نائب المدير بالوكالة. وتلافيا لسقوطه وسقوط رؤوس أخرى، تم الاكتفاء بتقديم كبش فداء لتبرير اختفاء 400 ألف درهم للتستر على أصحاب الملايين وربما الملايير، حتى ولو افترضتا أن امحمد أسرحان مذنب وفي هذا رأي وتساؤل كبير يدعو إلى الشك والريبة.

 لقد اتهم امحمد سرحان باستغلال النفوذ واختلاس المال العام، حيث حسب رأي النيابة العامة أنه كان يستخلص رواتب إحدى الموظفات (إيطالية الجنسية ) بمكتب روما الدولي للوكالة عوضها ومكانها بعد أن استقالت بمحض إرادتها.

 والغريب في الأمر هو أن امحمد اسرحان قد أدلى بنسخ من شيكات بنكية صادرة عن بنك إيطالي توضح أن المبالغ المعنية قد سلمت إلى المعنية بالأمر التي كانت تعمل ككاتبة بمكتب وكالة روما. كما أن امحمد أسرحان طالب بإحضار المعنية   بالأمر خلال المحاكمة للإدلاء بشهادتها في النازلة لأنها حية ترزق، لاسيما وأن مديرية الوكالة لا تتوفر على ما يدلي أن مسطرة الاستقالة قد تمت فعلا طبقا لما تقتضيه النصوص في هذا الصدد، إذ أنها لم تكن تتوفر إلا على ورقة مكتوبة يقال أنها موقعة من طرف المعنية بالأمر. إلا أن طلبه لم يتم أخذه بعين الاعتبار.

 وعلاوة على هذا وذاك، فإن بعض الشهود، وهو موظفون سامون بالوكالة قد تراجعوا كليا أمام المحكمة، رأسا على عقب، عن صيغ وردت في شهادتهم الأولى تم الاعتماد عليها لإدانته، وتم ذلك في جلسة علنية وأمام الملأ ورغم ذلك لم يتم أخذها بعين الاعتبار وهذا أم يدعو إلى الشك.

 كما أدلى م. سرحان بصور فوتوغرافية ملتقطة أثناء الفترة الزمنية موضوع النزاع ( الواقعة ضمن فترة استخلاص ام. اسرحان لأجرة الموظفة حسب ادعاء النيابة ) وشاءت الظروف أن تزامنت مع الزيارة الملكية للديار الإيطالية، وكل تلك الصور تبين بوضوح حضور الموظفة الإيطالية (المستقيلة بمحض إرادتها حسب صك الاتهام) ضمن طاقم مكتب الوكالة يروما آنذاك في إحدى المراسيم المقامة رسميا بمناسبة الزيارة الملكية...ورغم كل الحجج المدلى ها تمت الإدانة..وحوكم ب: 4 سنوات حبسا نافذة قضاها بالمركب السكني بسلا.

 وهذه المعطيات أدلى بها لقاضي التحقيق وكلها مثبتة في محاضر التحقيق بمحكمة العدل الخاصة بالرباط.

 وللإشارة فإنه قبل أن توجه إلى امحمد سرحان تهمة الاختلاس، فإنه تعرض لمدة أكثر من عشرة أيام إلى مساءلة من طرف أجهزة (...) فهل الأمر يتعلق بقضية أخرى وما محاكمته من طرف محكمة العدل الخاصة ربما إلا طريقة من طرق إقبار القضية ؟ وهذا ما يجب البحث بصدده عند الأطراف الذين يهمهم الأمر ومن بينهم المدير العام السابق لوكالة المغرب العربي للأنباء.

 ومنذ بداية المحاكمة لم يتوقف سرحان عن تعيين فنجيرو بالأصبع، بل اتهمه مباشرة وبصريح العبارة في الرسائل التي وجهها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة والمجموعة الأوروبية وإلى البابا، وكذلك الرسائل التي حاول توجيهها إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس، لاسيما بعد أن خرج من السجن.
 فعلا منذ البداية أعلن سرحان عن الفضائح المالية وعن التلاعب بالمال العام بالوكالة، وهذا ما كشفت عنه المفتشية العامة للمالية التي قامت بعملية التفتيش بالوكالة فيما بين ما يوليوز من سنة 1998، إذ وقفت على تجاوزات وتلاعبات مالية همت الملايين في حين توبع امحمد سرحان على 400 ألف درهم لم يعترف ولا مرة واحدة بأخذها أو التصرف فيها أو تحويلها لفائدته، علما أنه كان له ولازال   لحد الآن على ذمة الوكالة رواتبه ومصاريف مهام وعلاوات تفوق وبكثير المبلغ المتهم باختلاسه، وهذا فعلا يدعو للاستغراب.


محكمة العدل الخاصة  ...ألا تستأهل أن يعاد فيها النظر ؟

 على امتداد أكثر من ثلاثة عقود على الأقل، لم يكن من الممكن أن تكون مدة التحقيق بمحكمة العدل الخاصة بالرباط أقل من سنتين أو سنة ونيف، مهما كانت القضية حتى ولو أدت إلى عقوبة أقل من سنة، ونادرا جدا ما كانت هذه الهيئة تحكم بها، إلى حد أن المتتبعين لتاريخ هذه المحكمة الخاصة يعتقدون أن الحكم بسنتين من طرفها يكاد يقارب الحكم بإبراء الذمة بالنسبة للمحاكم الأخرى.

وعلى امتداد مدة التحقيق الطويلة هاته قد لا تتعدى مدة التحقيق حصتين أو ثلاثة لكل متهم عموما، تدوم في أحسن الأحوال على الأكثر 30 أو 45 دقيقة في كل لقاء، والحالات كثيرة وكثيرة جدا. وهناك ملفات دام فيها التحقيق أكثر من 13 شهرا والأمثلة كذلك كثيرة في هذا الصدد.

 ومن حق المرء أن يتساءل حاليا، ألم يحن الوقت لإعادة النظر في هذه الوضعية ؟ ألم يحن الوقت للجرأة على طرح السؤال حول عدل وإنصاف عدالة محكمة العدل الخاصة بالرباط؟ ألم يحن بعد الوقت للتساؤل بكل شجاعة أدبية ومسؤولية إنسانية بصدد وحدة منظومة العدل المغربية ؟ ألم يحن بعد الوقت للتقييم الموضوعي الخالي من الحسابات، ومد انعكاساتها على الواقع المعيش، لاسيمالخاصة، ت الحصيلة سلبية أم إيجابية في عموميتها ؟ فالأسئلة تتناسل في وقت بدأت فيه أصوات تطالب بإلحاح إعادة النظر في القانون المنظم لمحكمة العدل الخاصة، لأنه لم يعد حاليا من المقبول بتاتا أن يظل المتهم سنتين أو سنة ونيف على الأقل خلف الأسوار العالية ووراء القضبان الحديدية السميكة ولا يستمع إليه قاضي التحقيق قد تكن من الأسباب التي ستفسر معاينة قلة الأحكام بالبراءة أو بمدة قليلة من طرف محكمة العدل الخاصة بالرباط على امتداد وجودها.

  كل هذه المؤشرات تحتك تقييم جدي وموضوعي لحصيلة تلك المحكمة، لاسيما فيما تعلق بالأضرار البدنية والمادية والنفسية والاجتماعية التي تلحق بأشخاص قد لا يستحقون ذلك لا سيما وأن 95% من الذين أدينوا من طرفها هو موظفون مأمورون؟
هذه مجرد علامة استفهام.

 



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 8 - الحصة الأولى من التعذيب
- العالم المتحضر يحترم حقوق الإنسان من ولادته إلى وفاته
- مذكرات الاعتقال السياسي -الحلقة 6/7 - عبد اللطيف زروال يلفظ ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 4/ 5 - لحظات في أركان درب م ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة 3 - الليلة الأولى بمخفر الش ...
- مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة الثانية - من الخميسات إلى ا ...
- نقش على جدران الزنازين مذكرات الاعتقال السياسي - الحلقة الأو ...
- - مجرد إطلالة على فكر الدكتور -المهدي المنجرة
- وقفات على أرض الواقع المغربي
- الفقر وما أدراك ما الفقر ببلادي !
- رأي في الحركات الإسلامية بالمغرب
- المواطنة و الديموقراطية
- المحاكمة العادلة المعايير المتعارف عليها دوليا
- الـصحـافـة وتـطـورهـا - لـمـحـة خـاطـفـة
- أمية الأمس ليست هي أمية اليوم
- وقفات على أرض الواقع المغربي
- إشكالية الماء في العالم
- العروبة و الإسلام
- تاريخ الإرهاب ضد الصحافة المغربية
- الثورة المعلوماتية و الاتصالية : تعميق الهوة بين التقدم و ال ...


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - قضايا استثنائية أمام محكمة استثنائية !