أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - داود تلحمي - القرن 21 سيكون قرناً آسيوياً؟















المزيد.....

القرن 21 سيكون قرناً آسيوياً؟


داود تلحمي

الحوار المتمدن-العدد: 1980 - 2007 / 7 / 18 - 11:27
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


صعود الصين وتنامي استقلالية روسيا... يؤشران لتوازنات عالمية جديدة
الإستقبال الحافل الذي أعدّه الرئيس الأميركي جورج بوش لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اللقاء الذي جرى بينهما في اليومين الأولين من تموز/يوليو الجاري في شمال شرق الولايات المتحدة، في ملكية والده الرئيس الأسبق، على أمل استعادة مناخات السنوات السابقة "الودية"، لم يغيّر من واقع الأمر الجديد: روسيا السنوات الأخيرة خرجت عن الطوق الذي فُرض عليها بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، وعن الشعور بالنقص تجاه الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، التي كانت قد وقفت كلها شاهدةً، وشامتة، على انهيار الإتحاد السوفييتي كبلد وكاقتصاد، قبل أقل من عقدين من الزمن، وعلى البؤس والذل اللذين عاشهما شعب روسيا وغالبية شعوب الجمهوريات السوفييتية السابقة خلال التسعينيات الماضية.
فالقمة الروسية- الأميركية الأخيرة لم تحقق تقارباً بين الطرفين في العديد من القضايا التي كانت مثار خلاف قبلها: سواء مسألة نصب الصواريخ المضادة وشبكات الرادار الأميركية في بولندا وتشيكيا، أو محاولات واشنطن سحب المزيد من الجمهوريات السوفييتية السابقة الى أحضان حلف شمال الأطلسي، أو الخلاف حول مصير كوسوفو، التي كانت جزءً من يوغوسلافيا السابقة ومرتبطة تحديداً بجمهورية صربيا فيها، حيث يدعم الأميركيون مطالب الأغلبية القومية الألبانية في هذا الكيان لتحقيق الإستقلال الكامل عن صربيا، فيما يدعم الروس الموقف الصربي الرافض لهذا الإستقلال والداعي الى حكم ذاتي موسع، على اعتبار العلاقات التاريخية بين هذه المنطقة والكيان الصربي... الى جانب قضايا خلافية أخرى. واكتفى الطرفان الروسي والأميركي بالحديث عن استمرار النقاش حول القضايا الخلافية، دون إصدار أي بيان رسمي عن نتيجة هذا اللقاء.
وكان بوش، المتورط في مستنقع حربه العراقية، يأمل بأن يستميل مجدداً الرئيس الروسي، ويعيد بناء علاقات كتلك التي سادت بين البلدين في مرحلة بوريس يلتسين في التسعينيات وفي بدايات عهد بوتين، أو على الأقل ترطيب الأجواء التي توترت بعض الشيء في الأشهر الأخيرة، كما أظهرت ذلك بعض التصرفات الأميركية وبعض التصريحات الروسية.
ووفق تقدير أحد المراقبين الغربيين، كان بوش يسعى بألا يكون الرئيس الأميركي الذي "خسر روسيا"، على حد تعبيره. في حين كان والده قد خرج من رئاسته في مطلع العام 1993 "مكللاً" بإنجاز استمالة روسيا المنهارة من بين أطلال الإتحاد السوفييتي المتفكك في عهده، أي عهد بوش الأب. ولم يكن جورج بوش الإبن بحاجة لـ"خسارة" أخرى، بعد أن راكم "الإنجازات" خلال ولايتيه الأخيرتين منذ مطلع العام 2001: فـ"خسر" أميركا اللاتينية، على حد تعبير هيئة البث البريطانية (بي بي سي)، وخسر الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي، وفي مختلف مناطق العالم، بسبب حربه الكارثية في العراق وسياساته العنجهية الأخرى.
فبالرغم من الضعف الذي ألمّ بروسيا على كل صعيد تقريباً بعد انهيار العام 1991، بقيت روسيا قوة نووية وعسكرية هامة، ولاعباً رئيسياً، في رأي بوش، في المعركة التي يعتبرها الأخير معركة ولايته كلها، "الحرب ضد الإرهاب"، كما يسميها، وقوةً عالمية لا زال لها حق النقض في مجلس الأمن الدولي. واستمالتها، أو محاولة إبقائها غير بعيدة عن الولايات المتحدة، من وجهة نظر بوش، أو تحييدها على الأقل، خيرٌ من استبعادها ودفعها لنسج تحالفات أخرى غير محبَّذة في واشنطن، مع الصين مثلاً، القوة الإقتصادية والعسكرية الصاعدة، التي باتت تشكّل خلال السنوات الأخيرة منافساً جدياً للولايات المتحدة على المسرح العالمي، وفي المجال الإقتصادي والتجاري بالدرجة الأولى.
وهي، أي الصين، على أية حال، بدأت تتمدد في حضورها الدولي وعلاقاتها الإقتصادية والتجارية في كافة القارات، في أنحاء آسيا وإفريقيا، كما في أميركا اللاتينية، الباحة الخلفية السابقة للولايات المتحدة، وكذلك، في المجال التجاري خاصةً، في الولايات المتحدة وبلدان أوروبا وسائر البلدان الرأسمالية المتطورة.
نزعة استقلالية متصاعدة في الشارع ولدى الشبيبة في روسيا..
ذلك أن الكثير من المياه جرت تحت الجسور منذ أن تورط جورج بوش في مغامرته العراقية الفاشلة والمُكلفة، بشرياً واقتصادياً ومعنوياً وعلى صعيد وضعه الداخلي وصورة الولايات المتحدة العالمية. ففي حين انشغل بوش، منذ أوائل العام 2003، في حربه الخاسرة هذه، والتي قادت، بدورها، الى قلب مسار حربه الأخرى، التي سبقتها، في أفغانستان، بحيث تحولت الحرب الأفغانية الى فخٍ آخر له، عملت كل من روسيا والصين على تعزيز وضعهما الإقتصادي وحضورهما العالمي. وباتتا تواجهان بفعالية أكبر مما كان عليه الحال في السابق الكثير من الضغوط الأميركية على صعيد عدد من القضايا الدولية التي تُطرح للنقاش في هيئات الأمم المتحدة أو في أطر جماعية أخرى، أو على صعيد ثنائي بين كلٍ منهما وواشنطن. ولم يعد بوش يتصرف، كما كان يفعل في بداية ولايته الأولى، على أساس أن كل رغباته الإمبراطورية يجب أن تتحول الى أوامر، وعلى جميع القوى الدولية أن ترضخ لها، أو تتعامل معها، على الأقل، كأمر واقع لا مناص منه، حتى ولو احتجت لفظياً أو عارضت بعض الشيء، كما شهدنا من مواقف لبعض الحكومات الأوروبية عشية الحرب على العراق.
فروسيا، التي كان وضعها الإقتصادي مأساوياً في التسعينيات، وكان زهاء نصف سكانها في أواسط ذلك العقد يعيشون تحت خط الفقر، أعادت ترتيب أمورها الداخلية بشكل أنجع، مستفيدةً، بشكل خاص، من ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ومعتمدةً على ثروتها الكبيرة في مجالي النفط والغاز، اللذين ما زالا يؤمنان معاً أكثر من 60 بالمئة من مصادر الطاقة في العالم.
ومن المعروف أن روسيا هي حالياً الدولة الثانية المنتجة للنفط بعد العربية السعودية، والدولة الثانية المصدّرة له أيضاً، كذلك بعد السعودية. والأهم هو أن روسيا هي الدولة الأولى المنتجة للغاز الطبيعي، وصاحبة الإحتياطي الأكبر منه في العالم، حيث تحتوي أراضيها على أكثر من 25 بالمئة من الإحتياطي المكتشف من الغاز في العالم. وهي، بالتالي، الدولة الأولى من حيث حجم الإحتياطي من الغاز، بمسافة عن الدولة الثانية، التي هي إيران، في حين تأتي الولايات المتحدة في المرتبة السادسة فقط، بعد ثلاث دول عربية أخرى، هي قطر والعربية السعودية والإمارات المتحدة. علماً بأن الغاز الطبيعي أصبح مورداً هاماً للطاقة في بلدان العالم، بحيث يؤمن زهاء ربع الطاقة المستهلكة في عالم اليوم. وتستورد بلدان أوروبا، الغربية والوسطى خاصةً، كميات كبيرة من هذا الغاز الطبيعي الروسي.
ومع أن روسيا في عهد فلاديمير بوتين ما زالت بلداً يعتمد اقتصاد السوق الرأسمالي، إلا ان الإجراءات التي اتخذت في السنوات الأخيرة، منذ مطلع القرن خاصة، أدخلت بعض التنظيم في وضع الإقتصاد الروسي، الذي كان يتسم في التسعينيات بدرجة عالية من الفوضى وسيادة المافيات المحلية النهّابة وتعديات وتجاوزات رأس المال الخارجي. بحيث تحولت روسيا، خلال هذه السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، من دولة كان بعض خبرائها يعتبر أنها انزلقت في التسعينيات الى مصاف دولة من دول "العالم الثالث"، الى دولة استعادت ثقتها بنفسها ومكانةً متقدمةً نسبياً في الإقتصاد العالمي، لتحتل في ترتيب دول العالم المرتبة الثامنة من حيث الناتج الداخلي الإجمالي الفعلي، أي القائم على احتساب القوة الشرائية الفعلية للعملة وليس القيمة الإسمية.
فالإقتصاد الروسي نما منذ مطلع القرن الجديد بنسبٍ سنوية تتراوح بين 6 و7 بالمئة، و6،7 تحديداً في العام الماضي 2006، بحيث تضاعف حجم الناتج الداخلي الإجمالي للبلد. ولا يعود هذا النمو الإقتصادي، وفق مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، الى عائدات تصدير النفط والغاز فقط. بل إن هذه العائدات وفَّرت الأموال الضرورية للإستثمار في قطاعات الإنتاج الأخرى المختلفة، التي شهدت تطوراً ملحوظاً أيضاً، بما في ذلك في مجال تحديث البنى التحتية للبلد، واستخراج المعادن المختلفة وتطوير الصناعات الثقيلة، التي باتت تشكل نسبة مهمة من صادرات روسيا الى البلدان الأخرى.
ولا شك أنه لا زالت هناك مشكلات عدة أخرى تحتاج الى متابعة للنهوض بوضع البلد الى المصاف التي يطمح شعبه لها، وهي العودة الى مكانة قريبة من تلك التي كانت للإتحاد السوفييتي في عالم ما بين العامين 1945 و1991، من حيث النفوذ الكوني، وليس بالطبع، بالنسبة للشرائح الحاكمة على الأقل، من حيث النظام الإقتصادي.
وهذه المشاعر المتطلعة لاستعادة مكانة البلد العالمية، وروسيا كانت تشكّل الجسم الأكبر، مساحةً وسكاناً، بين الجمهوريات السوفييتية السابقة، هي الآن، حسب المصادر المتابعة للشأن الروسي، مشاعر قوية جداً في الشارع الروسي، وخاصة لدى الأجيال الجديدة، التي تقول بعض التقارير الغربية أنها أخذت تعيد النظر حتى في مناخات النقد السلبي الواسعة، التي سادت في التسعينيات، للمرحلة السوفييتية.
على أية حال، فإن اللهجة النقدية المتصاعدة، خلال الأشهر الأخيرة، التي طبعت تصريحات بوتين ومسؤولين روس آخرين حول السياسات الأميركية في العالم، وحول نشر الصواريخ وشبكات الرادار في أوروبا، وقضايا أخرى، تؤشر، من جهة، لهذه الثقة المتزايدة بمكانة روسيا المستعادة جزئياً، على الصعيد العالمي، ومن جهة أخرى، الى المزاج الشعبي المتنامي الداعي الى مزيد من الدفاع عن مكانة البلد ومصالحه في مواجهة الأطماع الخارجية، وتحديداً الأميركية، تجاهه وتجاه محيطه. وسياسات بوتين الجديدة هذه هي التي توفر له هذه الشعبية الكبيرة التي ما زال يحظى بها داخل روسيا، بعد أن حقق في انتخابات العام 2004 الرئاسية نسبة أصوات فاقت الـ70 بالمئة، منذ الدورة الأولى. علاوة على كون الإنتعاش الإقتصادي للبلد قاد، بالطبع، الى تراجع نسبة الفقر بشكل كبير ورفع مستوى دخل ومعيشة قطاعات متزايدة من السكان، وخاصة الفئات الوسطى.
قلق من بوادر التقارب بين الصين وروسيا..
ولا شك أن العلاقات المتنامية بين الجارين العملاقين الروسي والصيني، وصيغة التعاون والتعاضد التي تم ترسيمها بإقامة "معاهدة شنغهاي للتعاون" في العام 2001 بين روسيا والصين وأربع جمهوريات سوفييتية سابقة في آسيا الوسطى، هي كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزيا، تثير المزيد من الإنزعاج، غير المعلن دائماً، من قبل الولايات المتحدة. خاصةً بعد أن بذلت واشنطن أقصى الجهود، خلال قرابة العقدين الماضيين بعد تفكك الإتحاد السوفييتي، من أجل تعزيز حضورها السياسي والإقتصادي والعسكري في جمهوريات آسيا الوسطى، وخاصة تلك المحيطة ببحر قزوين، إحدى مناطق النفط والغاز متزايدة الأهمية في العالم، تحت راية دعم "حربها العالمية على الإرهاب"، باعتبار أن بعض هذه الجمهوريات لديها حدود مع أفغانستان، وتحديداً أوزبكستان وطاجيكستان، بالإضافة الى تركمانستان، التي ليست عضواً في منظمة شنغهاي. وبعض المتابعين الغربيين للوضع في هذه المنطقة الأورو-آسيوية يرون في منظمة شنغهاي مشروعاً لإطار مستقبلي موازٍ لحلف شمال الأطلسي. وإن كان من المبكّر المراهنة على تطور سريع بهذا الإتجاه حالياً.
والصين، كما ذكرنا، مصدر قلق أكبر بالنسبة لمخططي السياسات الأميركية، نظراً لصعودها السريع، وتحوّلها، خلال عقدين من الزمن، من بلد من بلدان "العالم الثالث" الفعلي، الى الإقتصاد الرابع في العالم من حيث القيمة الإسمية، بعد الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، وفي واقع الحال الإقتصاد الثاني، من حيث القيمة الفعلية لناتجها الداخلي الإجمالي، بعد الولايات المتحدة مباشرةً.
فأرقام المؤسسات الدولية تعطي حجماً من الناتج الداخلي الإجمالي للصين خلال العام 2006، بالقيمة الفعلية، يصل الى أكثر من 10 آلاف مليار دولار، مقابل زهاء 13 ألف مليار للولايات المتحدة، وحوالي 4،2 ألف مليار لليابان، التي تأتي هكذا بعيدة عن الصين في المرتبة الثالثة، وعلى مسافة قريبة من الهند، التي تأتي في المرتبة الرابعة، بناتج داخلي يزيد عن 4،1 ألف مليار، وعلى مسافة أبعد من ألمانيا التي تأتي في المرتبة الخامسة مع ناتج إجمالي بلغ 2،6 ألف مليار دولار.
وهذه الأرقام تشير الى الواقع العالمي الجديد الناجم عن صعود الصين الصاروخي، من جهة، وكذلك، بدرجة أقل، صعود الهند، وهما الدولتان المرشحتان للتحول الى مصاف القوى العظمى خلال القرن الحالي. بحيث يتوقع الإقتصادي اليساري الألماني، أندريه غوندر فرانك، أن هذا القرن، خلافاً لرغبات واشنطن التي تريده قرناً أميركياً آخر، كما قال الرئيس السابق كلينتون مساء الدخول في القرن الجديد، سيكون "قرناً آسيوياً".
وبهذا التطور المتوقع، ستتمكن الصين والهند من استعادة المكانة التي كانت لهما على صعيد الإنتاج والتجارة العالمية خلال القرون التي سبقت القرن التاسع عشر، أي حتى نهايات القرن الثامن عشر، أي تلك القرون التي سبقت مفاعيل الثورة الصناعية في أوروبا والموجة الإستعمارية التوسعية التي رافقت مرحلتها المتقدمة.
ومن المرجح أن يكون التهافت المحموم الذي أبدته إدارة بوش- تشيني الأميركية على مناطق النفط والغاز الكبرى في العالم، وخاصة منطقة الخليج ومنطقة بحر قزوين، الى حد خوض الحروب الطاحنة في سياقه، أن يكون غير بعيد عن محاولة استباق تنامي القوى الجديدة الصاعدة التي تهدد إستئثار الولايات المتحدة بالقوة الكونية العالمية، وخاصة تلك التي تعتمد على استيراد كميات متزايدة من النفط والغاز من دول العالم الأخرى. وهذا ما ينطبق بالدرجة الأولى على الصين التي باتت الدولة الثانية المستهلكة للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة. فبالرغم من كونها دولة منتجة للنفط بكمية تزيد عن 3 ملايين برميل يومياً، فإنها باتت تستورد زهاء نصف استهلاكها من النفط. والأمر ينطبق الى حد أقل على الهند، التي هي الدولة السادسة المستهلكة للنفط في العالم والدولة التاسعة المستوردة له.
أما روسيا، فلديها مصادرها الخاصة من الطاقة، كما ذكرنا. ولذلك تواصل الإدارة الأميركية محاولات استمالتها وتحييدها... بقسط قليل من النجاح حتى الآن، كما رأينا. وهو ما تحاوله أيضاً مع الهند، مع العرض الذي قدمه بوش خلال زيارته الأخيرة لها والقاضي بالتعاون معها في المجال النووي، على سبيل المثال. بحيث تبذل واشنطن جهدها لمنع تلاقي هذه القوى الثلاث الصاعدة، أو حتى اثنتين منها، ويتم الإستفراد بالصين، التي يبدو واضحاً انها، بالرغم من كل التداخل في العلاقات الإقتصادية والتجارية بينها وبين الولايات المتحدة، ما زالت، في نظر أصحاب القرار في واشنطن، المنافس الإستراتيجي الرئيسي المحتمل لاستمرار الهيمنة الأميركية المنفردة على الصعيد الكوني.
ولا شك أن الفشل الأميركي شبه المحسوم في العراق وما يمكن أن يجره من انحسار للنفوذ الأميركي في هذه المنطقة وغيرها، كما توقّع كل من مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، زبغنيو بريجينسكي، ومدير مركز العلاقات الخارجية في واشنطن، ريتشارد هاس، في مقالين نُشرا مؤخراً، الى جانب تراجع النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية مع تصاعد قوة اليسار المحلي الإستقلالي، وخسارة رصيد واسع من سمعة واشنطن في العالم، كما أظهر استطلاع مؤسسة "بيو" الأميركية الأخير الذي أُجري في 47 بلداً من أنحاء العالم، كل ذلك أضعف الولايات المتحدة خلال هذه السنوات القليلة الماضية. إلاّ ان قوتها الإقتصادية والعسكرية ما زالت ذات شأن.
وطموح شعوب العالم راهناً هو الخلاص من هذه المرحلة البائسة من الإستئثار الأميركي بالقوة الكونية، عبر تشكُّل نظام عالمي جديد متعدد القطبية، وأكثر توازناً واحتراماً لحقوق الشعوب وللقوانين والأعراف الدولية، مما أظهرته الولايات المتحدة خلال هذه السنوات القليلة، التي تصرفت خلالها كدولة متجبّرة، مستخفّةً بالقوانين والأعراف الدولية، ومستهترةً بالهيئات العالمية ومواقف دول العالم الأخرى وشعوبها. وهو استهتار شجّعته واشنطن لدى حليفتها الإسرائيلية، التي تصرفت بشكل موازٍ ومشابه تجاه الشعب الفلسطيني، وشعب لبنان، وتجاه حقوق سوريا في أرضها وحقوق وقضايا شعوب المنطقة الأخرى، بحيث تصرّف المسؤولون الإسرائيليون باستهانةٍ واحتقارٍ كاملين للقوانين والمعاهدات والقرارات الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن، المفترض أنها ملزمة، وتوصيات محكمة العدل الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مطمئنين الى حماية واشنطن المستمرة لهم من أية محاسبة دولية.



#داود_تلحمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود الصين وتنامي استقلالية روسيا...يؤشران لتوازنات عالمية ج ...
- ملاحظات على هامش إنتخابات الرئاسة في فرنسا
- اليسار يرسم خارطة جديدة لأميركا اللاتينية، ومشروع عالم بديل
- تحديات تواجهها المساحة العربية في عصر العولمة الرأسمالية
- اليسار الجذري والديمقراطية التعددية هل يلتقيان؟ فنزويلا قالت ...
- الأيديولوجيا والسياسة... إستقلال نسبي، وضوابط ضرورية
- إنتصارات اليسار في أميركا اللاتينية -الخلفيات والآفاق
- داود تلحمي في حوار مع العربية ضمن برنامج السلطة الرابعة
- المؤرخ والعالم الاجتماعي مكسيم رودنسون... نموذج مختلف للإستش ...
- بعد خمسين عاماً من الانتصار التاريخي في - ديان بيان فو
- نحن والإنتخابات الأميركية: -إزاحة- اليمين المتطرف... وبلورة ...
- بعد صدور القرار 1515 لمجلس الأمن حول -خارطة الطريق
- في ذكرى ثورة (7 نوفمبر) الاشتراكية، وفي ظل تنامي قوة المارد ...


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - داود تلحمي - القرن 21 سيكون قرناً آسيوياً؟