أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء حبيب - الفنان كريم الوالي يستعيد حياة شارع المتنبي















المزيد.....

الفنان كريم الوالي يستعيد حياة شارع المتنبي


علاء حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


هذا الموضوع خاص بجريدة المدى وايضا الكاتب هو لؤي حمزة عباس

إن واحدة من أهم ميزات التشكيل العراقي الراهن هي إمكانيته على اقتراح سبل وأساليب قادرة على الارتقاء باللوحة عبر وعي قابلية عناصرها على الحركة والتحوّل والانتقال، لتكون ديناميكية اللوحة ميّزة مهمة يختبر التشكيلي من خلالها فاعلية منجزة، مثلما يختبر قيمه التجريبية وهو يجعل من لوحته سؤالاً معرفياً يغتني بالطبيعة الإشارية في فعل مراقبة مستمر لعناصرها المكوّنة ـ وقد دخلت هذه العناصر منذ وقت ليس بالقصير في فضاء المعاينة والسؤال ـ ولطبيعة العلاقات الناشئة فيما بينها، مثلما يقترح قيمه الخاصة في قراءة مراجع لوحته وهي توسع على نحو واضح حقول محفزاتها الذهنية والبصرية، وقد شكلت (البنية التدوينية) فضاءها الخاص في منجزالتشكيل العراقي الراهن بوصفها حقلاً جمالياً يتأسس على استعارة شكلية يكون الكتاب مادتها الأولى،

وهي استعارة ذات جانبين، كما يشير الباحث والتشكيلي صدام الجميلي، شكلي يتحدد بما يحمله الكتاب من بنية تدوينية قابلة للتبدل أو النمو عبر تراكم الأشكال وفق آلية التراتب، والتصفح، والاستبدال، أو ما يمكن أن يسمى بـ ( النسخ البصري) ، فيما ينهض الجانب الثاني عبر الإستعارة الميتاشكلية بما يقترحه النص من متن قادر على الإفضاء بمحتواه، كما في الاستعارة الفعلية للكتاب بوصفه خامة قابلة لإنتاج شكل تصويري جمالي مكتف بذاته.
إن تجارب عراقية عدّة أنجزها فنانون مختلفون مثل: ضياء العزاوي/ تدمير المتحف، هناء مال الله/ كتاب يوم بغدادي، كريم رسن/ احتراق بغداد، محمد الشمري/ كتاب بغداد، سامر أسامة/ كتاب الزقورة، غسان غائب/ كتاب السفر، نديم كوفي/ كتاب الدفء، إسماعيل فتاح الترك/ كتاب العائلة، قاسم سبتي/ قناع النص، تضعنا بمواجهة السؤال حول طبيعة التجربة وهي تقترح سبيلاً معرفياً لإنتاج اللوحة وتطوير ممكناتها عبر تأمل خاماتها التي اعتمدت ، في الغالب، خامات إنتاج الكتاب نفسها من أوراق، وجلود، وخيوط، وأصماغ، وعناصره التدوينية والتزيينية من حروف، وعلامات ترقيم، وزخارف، مثلما أفادت من سمات المخطوطة وخصائص سطوحها اللمسية واللونية للأرتقاء بوعي اللوحة لعناصرها الزمانية، فلم تعد اللوحة تقدم نفسها بوصفها منتجا مكانياً محضاً بقدر تعويلها على ما تحمله البنية التدوينية من عناصر زمانية عمل الفنانون على مقاربتها عبر شحن أعمالهم بالدلالات التاريخية بأساليب متباينة ابتداء من الحرف العربي بتنويعاته التي تملك أن تشير إلى أبعادها التاريخية، وصولاً إلى الوثيقة التي حضرت بأكثر من شكل كما في تجربة ضياء العزاوي، لتؤكد قيمتها الزمنية في بناء اللوحة وهي تنتقل بالشكل نفسه عبر احتواء الكتاب/ اللوحة على مخطوطة عربية إسلامية احترقت حواشيها، إلى فضاء تعبيري واسع لا تكتفي الوثيقة معه بدلالاتها التاريخية بل تمنح عناصرها التاريخية دلالات مضافة.
وربما كشفت التجربة التدوينية عن رغبة الفنان العراقي " في التخلص من مأزق اللوحة التقليدية من جانب، والرغبة في إحالة اللوحة الى شكل أكثر فاعلية، عبر الشكل القابل للنمو والتناسخ والاستبدال وفق آلية البناء المتراكم" ، وإذا كان سؤال الكيفية يقدم مواجهة أولى لتأمل التجربة ودراسة خصائصها الجمالية، فإن استشراف مستقبل التجربة وملاحظة متغيراتها تدعونا للوقوف عند تجربتي رافع الناصري ونزار يحيى وهما يعملان على تطوير النموذج التدويني والخروج به إلى بنى شكلية جديدة تهيء له مجالاً لاختبار التجربة واستنطاق محمولاتها، فنموذج الستارة أو الأكورديون لدى رافع الناصري، ونموذج الكاميرا لدى نزار يحيى يعملان على توجيه التجربة وجهة جديدة تفيد من قوة الشكل ولا تقف عند حدوده إذ يغذي الفنان رافع الناصري عمله ( كتاب الشعر) بمقاطع شعرية تعيد للعمل قيمته الكتابية وتحافظ على صلته مع المدوّنة التي اغتنت بالطبيعة الحركية للشكل وهو ينفتح على مساحة غير محددة، إن التحوّل والتغيّر يمنحان الشكل مع كل حركة منظوراً مختلفاً، حيث تعيد العناصر التكوينية إنتاج ذاتها، وتنظم فاعلية إشاراتها في فضاء متغير. مثلما يعمل نزار يحيى عبر عمله ( يوم تدمير بغداد) على تأكيد حضور الوثيقة، لا بالوثيقة نفسها بل بآلة الالتقاط والتدوين، فلا تتحرك الكاميرا في عمل نزار الى مدلولها الفوتوغرافي بل تمضي عبر مقاربة شكل الكتاب لتقول زمنها الخاص، زمن انتهاك المدينة الذي لم تعد الصورة الفوتوغرافية كافية للتعبير عن عنفه وبشاعته، الكاميرا نفسها تحولت في عمل نزار الى قيمة تعبيرية، ومجال واسع لحركة الأخيلة وتوليد الأفكار.
لم تنفصل التجربة ، منذ أول أشكالها، عن إرادة الحدث الراهن في بعديه التاريخي والمعرفي، وقد سعت عبر أفضل نماذجها للإرتقاء بالتاريخي الى فضاء معرفي واسع يمكن من خلاله استيعاب الحدث بما يحكمه من حضور معرفي وقراءته قراءة واعية، الأمر الذي منح العمل الفني حضورا مؤثراً ينتمي للحدث ، حيث يمثل الأخير محفزاً حراً ومرجعاً مهماً من مراجع العمل، ويرتقي به في آن، يغنيه ويغتني به، على النحو الذي تقترحه تجارب كريم الوالي وهي تستعيد لحظة تاريخية يحفزها الواقع وينميّها الأثر، فعبر ( احتراق شارع المتنبي) يعمل الوالي على استحضار الفلم الخام بقياسات مختلفة (240x40سم) و( 220x35سم) ليقوم الفلم مقام اللوحة نفسها، وهويملك بتعدد مقاطعه أن يولف بين لوحات متعددة تشكل كل منها لحظة جمالية خاصة، ليجعل من العمل نفسه منظومة اشارية تحكي حدثاً، وتستحضر واقعاً، وتنظم بنية رمزية تغتني بعناصرها المنفردة منها والمتكررة، فإن شارع المتنبي في عمل كريم الوالي لا يُستحضر بوصفه مكاناً منقطعاً خارج فضائه المعرفي ولحظته العراقية الراهنة، على الرغم من وشاية العنوان، بل يستثمر مجمل خصائصه الزمانية منها والمكانية في لحظة فاصلة في حياة الشارع وحياة الثقافة العراقية بما يمثله الشارع من بعد مركزي فيها، متوجهاً عبر مواجهة واقعة التفجير الى قراءة تأريخية الشارع بما يحمله من ممكنات جمالية يعد الكتاب ركناً مهماً من أركانها، الكتاب الذي يظل عنصراً مهما من عناصر العمل على الرغم من غيابه الواقعي، إنه ميتا شكل العمل بفضائه المرجعي الواسع، فلا تنفصل تجربة كريم الوالي عن تجارب البنية التدوينية التي تستلهم الكتاب مادة تكوينية وفضاء جمالياً، إذ تعمل اللوحة على رصد وإنتاج علاقات الشارع الجديدة داخل المكان بما يميّزه من غنى إنساني تعيد قراءته عبر عناية كل مقطع من مقاطعها بلحظة معرفية محددة مع الإبقاء على قاسم مشترك بين اللوحات ـ المقاطع الفلمية يشكله المثلث بتنويعاته الحركية واللونية وهو ينتج قيمته الزخرفية وسط عوالم التدمير.
إن شارع المتنبي في تجربة كريم الوالي لايقف عند لحظة التفجير ولا يتحدد بها، بل يجعل منها لحظة قراءة وتجلٍ تفتح أمام التجربة تاريخ الشارع وتضيء راهنيته بظلالها الإنسانية مثلما تتطلع إلى مستقبله، مستقبل الحياة العراقية الذي تشير إليه الطبيعة غير النهائية للفلم الخام وهي تمنح اللوحة سمة لا نهائية، فالفلم يمتد إلى ما وراء القطع والإيقاف، بعيداً في الذاكرة والشعور الإنسانيين، مواصلاً التقاط إشاراته وتنظيم حضورها في دفق زمني يلعب الحرف فيه دوراً مؤثراً وهو يخرج من إسار الوثيقة إلى فاعلية الحياة، الحرف الذي يملك بقوة حضوره أن يواجه قوة الدم ويحد من ثأثيره ، لتحرّك اللوحة بذلك بعدها الدرامي وتؤمّن قيماً متباينة ترصد من خلالها حركة الراهن وتستجلي ما ينطوي عليه من عنف ووحشية. إن كل مقطع في لوحة كريم الوالي هو حياة شاخصة تغتني بالقيمة الإشارية لعناصرها اللونية والحرفية والزخرفية فضلاً عن واقعة الحرق نفسها وهي تترك شمسها السوداء في أحد مقاطع العمل، مثلما يسعى في عمله الثاني على استحضار لحظة التفجير بما خلفته شظاياها من ثقوب على الشريط ـ الحياة، ليقترب هذه المرة بترابية ألوانه ووحشية إحالتها من عنف الحدث وقد غُيّبت مجمل وحداته التزيينية ، في محاولة منه للإنفتاح على الراهن العراقي بقسوته ولا معقولية حوادثه.




#علاء_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباً .. جثث الفقراء لم تعد مكان لها ...
- كريم الوالي
- نصوص قصيرة
- الأعلام المرئي والسلطة الرابعة ..
- سني لو شيعي
- بلا عنوان
- رسالة الى أخي لذكرى مرور عامه العشرين
- الحكم بالأعدام على الصحفي علاء حبيب
- الأسلام والجنون الجمعي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء حبيب - الفنان كريم الوالي يستعيد حياة شارع المتنبي