أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - في الردهة














المزيد.....

في الردهة


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 1971 - 2007 / 7 / 9 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
في كل مرة يضيع جزء منه ، كلما دهمته ألأزمة وأستحالت مخلبا يحفر اخاديد في الرأس تختبيء بصديدها الديدان
ولكن أ ليس غريبا انه فشل في التآلف مع وحشة المكان بعد كل هذه السنين ؟ كان يحاول لم شعث افكاره حين تناهى صوت زميله
يقول كالمعتذر :
- آسف ساحاول ان اخفض صوتي ..ولكن من قال ان العبودية انتهت؟ انها تغير ثوبها فقط وكلنا في النهاية عبيد للقمة العيش .
أيد كلماته بهزات من رأسه .. نسائم الخريف تحمله الى زمن بعيد ، يوم وقعت عيناه اول مرة على هذه الجدران المقشرة ذات الرائحة النفاذة كلما اعادوا طلاءها ، وأصداء الاصوات الاليفة القديمة والجديدة ممزوجة بقرقعات الاطباق والملاعق الرخيصة ، والممرات التي تتعاكس على ارضياتها برك ضوئية تسقط في بؤبؤ العين مخلفة الوانا محترقة كامدة .
صوت من آخر الردهة ينبثق ليشترك بالحديث :
- أ نسيت ان هناك عبودية أمر وألعن ؟
سحبه الصوت الى دائرة الاهتمام فرد عليه :
- في كل عام تسقط ملايين النساء والأطفال في شباك أقدم تجارة في التاريخ . صوت زميله يرتفع بحماس :
- يقال ان تجارة مثل هذه تدر المليارات .. لا عجب اذن ان العديد من الدول تغض الطرف عنها.
علا صفير من آخر الردهة امتزج بصوت الشيخ الحزين وهو يشترك في الحديث :
- حين تبلغ الامور هذا المبلغ يصبح باطن الارض خيرا من ظاهرها .. صوت صديقه يعود ليملأ الارجاء ..
- سنظل نتخبط في وحل المستنقع ونكرر حماقاتنا بعناد لنتبادل الادوار بين ظالم و مظلوم .


صوت العجوز ، الذي يبدو انه فقد اهتمامه بالموضوع ، يأتي خشنا عبر سعاله المخنوق ليقول :
- لم يعد في الزمن متسع .. وما أراني الا مغادركم عما قريب .
احدهم قال بتهكم :
- منذ سنين وانت تردد ذات الجملة .. اطمئن ستعيش لتشهد رحيلنا الواحد تلو الاخر .
الشيخ وقد خنقته العبرات :
- بودي لو ارى ابني لمرة واحدة اخيرة .
قال جملته وهو يتثاءب ثم مدد جسمه المتيبس فوق السرير ليعلو شخيره خلال ثوان تاركا المكان فريسة للرتابة والملل .
رنا اليه بعينين حائرتين كطفل تاه في طريق العودة الى البيت .. زم شفتيه وطوى ساقيه ليحوطهما بذراعيه كعادته كلما هم بأستجداء الطمأنينة ، وحدث نفسه :
- ما نحن الا ارقام محشورة في خانات بلا معنى .. بلا مستقبل ، وأن كان هناك مستقبل فهو بلا مغزى .. نسكب اناتنا في جرار الصمت ونقتاد الى ساحات الموت بلا حول ليقتل بعضنا بعضا .
تنهد وهو يسترجع قصته القصيرة النارية معها .. لم تغفر له ضعفه ، تركته دامعة العينين وهي تعلم أن كسر الغصن يذبله ببطء و قد يقتله .. الوقت خواء بدونها : تلك الليلة بكى على اوراقه المستسلمه فوق المنضدة القديمة ، ولولا ذبالة من كبرياء لسمع نشيجه كل من في الردهة .
معه حق الشيخ لم يعد هناك متسع .. ها هي الشعيرات البيضاء تخط فوديه .. ترى من سيحمل الثاني ومن سيعتذر للآخر نحن ام الايام ؟ وهذا الصبر الذي علقناه تميمة على جدار العمر ترى من سيتهاوى قبل الآخر؟ مازال يستشعر لمسة يدها الخجلى حين همست له اول مرة بكلمة احبك .. كان شيئا كألتقاط النجوم .. احتراق البخور .. انهمار المطر .. عذب الصدى كأرتطام الحلي بسطح القمر .
عندها رمقها بنظرة حب وحشية و...
انبثق صوت كالشهاب من قلب السكون ليسأل :
- من معه سيكارة ؟ رد عليه صوت ممازح :
- السكائر تضر بالصحه وتقصر العمر ننصحك بالامتناع عنها .
كم حياة عاش كم مرة سيموت ؟ وعجلة الايام الحجرية في دورتها الازلية لا تعرف التوقف ولا المهادنة
قال في سره .. أن الناس لا يموتون فعلا الا اذا فقدوا مبرراتهم في الحياة .
صوت من قلب الظلمة ينبثق :
- بالمناسبة ما رأيكم في الادراة الجديدة ؟ يبدو أن الأمور تبشر بخير هذا ما أستشعرته من خطبة المدير الجديد .
رد عليه زميله بلا مبالاة :
- الكلام سهل والعبرة بالتطبيق .. رأيي انه لن يكون أفضل ممن سبقوه .
وجد نفسه يقول كمن يحدث نفسه :
- لايمكن للفوضى ان تأتي من الخارج انها تخرج منا تولد فينا من بذرة طمع او خنوع .. قاطعه زميله قائلا :
- او جهل مدقع او تحيز اعمى .
الصوت البعيد :
- عالم تنظمه الفوضى وتحكمه الاطماع .. يا الهي ماذا فعلنا بأنفسنا ؟
صوت زميله يقطر مرارة :
- عالم يسير بخطى حثيثه بأتجاه تدمير نفسه .. نحن فيه ضائعون بين نوايا لا نسميها وشرود يشدنا الى الهاوية .

- تصور .. ينفق سنويا على التسليح ما يكفي لجعل العالم الفقير في رخاء .

الصوت الساخر من جديد :
- هل جننت وماذا سيفعل تجار السياسة والسلاح حينها ؟
أجابه احدهم:
- يأتون هنا .. الضحكات تطرز الاجواء لثوان قبل أن تذوب في صمت محزون .
- لم تلعب الصدفة دورا يذكر في حياتنا، وكل مايجري ان هو الا نتاج اغراض تولد وتتشكل عن ارادة ترى بعين واحدة .
صوت يتساءل :
- أتراه عالم مجنون ام نحن ...؟ صوت زميله يعلو ..
- مالفرق قد تبلغ نسبية الاشياء حد احتواء النقيضين .
- طغت الحواشي على المتون .. وضاعت الحقيقة بين فكي وحش نتن الانفاس .
- لاغالب اليوم ولا مغلوب .. الكل يغالب عثرته .. ادركنا متأخرا ما كناه وما فعلناه .
وجد نفسه يقول بنبرة استفزازية :
- هل تعلمون ان ثلاثة ارباع موارد الكرة الارضية يذهب الى ربعها الشمالي.. والربع الباقي يوزع على الثلاثة ارباع الباقية من الارض ؟
صوت يتساءل من بعيد :
- ماذا ..ماذا يقول ؟
جاره يهمس في اذنه :
- انه هكذا مذ تركته خطيبته .
صوت مخمور بالنعاس ينبثق من اقصى الردهة ليخرسهم جميعا :
- كفى لغوا .. ودعونا ننام .. نريد ان ننام .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواء ذئب
- - النمرة - قصة قصيرة
- حوار مع القاصة ايناس البدران
- أشارات ضوئية
- - على حافة الرحيل - قصة قصيرة -
- جدائل الشمس - قصة قصيرة
- الجدار - قصة قصيرة
- وجه السماء - قصة قصيرة
- -الاكتواء بثلوج كلمنجارو - قصة قصيرة
- -صورة من زيت وماء - قصة قصيرة
- - حين اكلنا التفاحة - قصيدة نثرية
- مقابلة صحفية مع القاصة ايناس البدران
- قصة - هذيان محموم-
- قصة قصيرة بعنوان - الحلزون -
- قصة قصيرة
- كلمة رئيسة منتدى نازك الملائكة الادبي في الاتحاد العام لادبا ...
- الاليات الداعمة لحركة المرأة المبدعة
- قصص قصيرة جدا
- انعكاسات امرأة
- مع أول خيوط الفجر


المزيد.....




- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء
- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - في الردهة