أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - قصة - هذيان محموم-














المزيد.....

قصة - هذيان محموم-


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 11:08
المحور: الادب والفن
    


اية معركة خاسرة سأختار لأبرر اندحاراتي امام نفسي ؟ اي عذر انتحل كي لا اقع فريسة خيبة تورث اشد الناس تفاؤلا الاكتئاب ؟
اعترف ان السعادة لاتأتي من الخارج انما تنبع من الاعماق – الا اذا ربطها ضعفنا بالاخرين او بما هو خارج عن ارادتنا - انها مختزنة داخل عقولنا كالمياه الجوفية بانتظار ارادة تفجرها ، ولعلها نائمة في تلافيف عقولنا كعروق الذهب او مغيبة بأديم ايامنا كأحجار كريمة يصعب فرزها الا بغربال يمتلكه امثالك !
تسألني هل عرفت السعادة يوما ؟ بصراحة في تلك الايام اجل اعترف اني شعرت ببهاء الكون من حولي وعجبت كيف لم الحظ من قبل كل هذا الجمال .. بل كدت اعتذر للدمامة لأن جمالها لم يظهر لللعيان كما يجب . كان لدي شعور بوجود من يشاطرني حياتي افكاري دهشة ايامي التي صارت تتدفق دافئة كالحليب احتفاء بحياة جديدة .
لا انكر جنون ذلك الاحساس حين رغبت في الانطلاق كسهم بأتجاه الشمس قاطعا كل تمددات التردد التي لم تسمح لي قبلا بالاقتراب من الخطوط الحمراء .
اجل هذه المرة كان الامر مختلفا ، لقد قمنا انا وانت بتدريب طويل في الصبر على فوضى العدم وكان لنا وهم ان نعيش في عالم يدعي الحياة .
انجذبنا لخدعتها انجذاب الفراش للهب ، واندلقنا بسذاجة جدول غرير انحدر سراعا ليفرغ ماء قلبه في جوف نهر لعوب ، دون ان يتوقف برهة لسؤال نفسه هل رآه النهر هل شعر به ؟ لكأن قدرنا فرحة الظمآن في البيداء لمرآى سراب ؟ فهل بمقدورك تتخيل شعور رجل في الاربعين يعاقر الحزن والتدخين ، راهن بحياته كلها على امل خادع ؟
قبل لحظات كدت تتسرب مني كماء في مغربال .. اية قسوة جامحة تحملين في اعطافك ايتها الحياة ؟ الان تتململ تئن وانت تحت رحمة هذه الاجهزة المعقدة ما بين انبوب اوكسجين وزجاجة مغذ .. وتريدني ان اجاريك في اندفاعك المجنون ، لاتحاول اطلاق افاعيك الناعمة تجاهي بقصد الالتفاف حولي وتكبيلي من جديد .
ان ماحدث كان رهيبا زلزل الارض وكاد ان يلقي بكلينا في اتون التهلكة ، لذا قدرت ان انزوائي انما هو انعطافة عاقلة لقصة لم يقدر لها ان تنتهي نهاية سعيدة ، فالنوايا الطيبة لوحدها لا تكفي كما تعلم ، وقد تجرح .
ها انت تهمس ثانية بجمل مثل ( ان تكون او لا تكون ) اجل قد تواجه لحظة تكون الفصل بين ان تبقى مسمرا مكانك كالأبله على حافة النهر ، او تقفز نزقا بثيابك عندئذ ، ستكون اما م خيارين لاثالث لهما فأما ان تمضي سابحا مقاوما شدها لك بأتجاه القاع ، او ان تتخلص من اغلبها وعندها سيكون الامر مضحكا ومثيرا للشفقة معا .
كان بودي لو اشعل سيجارة لكنني مضطر لمراعاة وضعك الصحي .. أتدري .. أتساءل احيانا اذا ما كان لزما علينا معاناة الموت ليولد فينا انسان جديد ، انسان بمقدوره النظر بعيني خبير لما حوله ، يمتلك ارادة الرفض او الاختيار والتغيير لقوالب باتت تهدد بسحق عظامه واعتصار آدميته دون ان يخشى ( الاخرين) ممن يطلقون على هكذا مغامر مسميات مجحفة مثل ( الخروف الاسود او المغرد خارج السرب ) اما انا فأعني به نفسا جديدا للحياة ونبضا باهرا يستحق الاحتفاء والتبجيل . سأسرك امرا في سورة غضبي فكرت ان احرق الدغل اخضر واظل قربه حتى يخنقني بدخانه .. آه غدوت اتنفس بصوت مسموع .. حتى التنهد صار عبئا ... المهم في لحظات بعينها ينتاب المرء شعور بأنه مقطوع عن كل ما يربطه بالعالم .. سائب في فراغ زئبقي ، مكشوفة جذوره للريح .
أتعلم ان الاشجار تظل سامقة بكبرياء حتى وهي تعلم انها تموت ؟ لذا اخترت ميتتها ، كأنها لاتعبأ بالموت ولا تخشاه بل تراه نتيجة حتمية لتداعيها بفعل الزمن ونحن اولا واخيرا ساعات بيولوجية اقتت على موعد بعينه ، ولكن قل لي بربك لماذا نحتاج الحب اكثر كلما اقتربنا من الموت ، ولماذا لانجده حين نحتاجه ؟
لا اكتمك اكثر من مرة فكرت بصب جام غضبي عليك بأعتبارك صديقي القديم اللدود لكنني قدرت انك مضخة في النهاية ولعلك ضحية مثلي ضحية سراب آسر خادع .
أكاد اسمعك تنشج وتنتفض وانت تنبري لتكديس الاعذار كعادتك .. لن تكسب تعاطفي هذه المرة لا تحاول ، لذا كف عن التباكي .
حقيقة لم يعد بمقدوري المضي في تبجحي حتى النهاية .. انه لقاس ان تسمو بمشاعرك حد الذرى لتجد نفسك ملقى في قاع بحر مالح بلا ماء ، مجردا الا من الحقيقة المرة ، عاجزا عن اتمام ما بدأت والأدهى من كل هذا .. ان تموت وحيدا ..
اوه .. لا ... لا احب كلمات المواساة .. مريح ان نتقبل النهاية برحابة صدر دون ان نغرق انفسنا وسوانا بسيل من الاسئلة الساذجة او الدموع البلهاء ، اذ من حقنا ان نستريح .. كل شيء اماميا بات واضحا شفيفا كدمعة ، الآن سأتركك لترقد بسلام ، اما انا فمعذرة لانني لن ابكيك .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان - الحلزون -
- قصة قصيرة
- كلمة رئيسة منتدى نازك الملائكة الادبي في الاتحاد العام لادبا ...
- الاليات الداعمة لحركة المرأة المبدعة
- قصص قصيرة جدا
- انعكاسات امرأة
- مع أول خيوط الفجر
- مع أول خيوط الفجر
- نقد نظرية السرد / الحداثة ومابعدها في العمل الروائي
- تحت المطر
- تداعيات الاختزال في القصة القصيرة


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - قصة - هذيان محموم-